|
هل العرب آخر الإرهابيين؟
شاكر النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 3233 - 2011 / 1 / 1 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
-1- من المؤكد أن الإرهاب في التاريخ البشري على مر القرون الماضية، كان أكثر كماً، وأفظع إجراماً مما هو عليه اليوم. ولكننا لم نقرأ عنه الشيء الكثير، ولم نعلم عنه إلا في أضيق الحدود. وهذا ناتج عن أن وسائل الإعلام في الماضي لم تكن متوفرة ومتطورة كما هي اليوم. وكان المؤرخون والرواة القلائل، هم الذين ينقلون إلينا أخبار الإرهاب. وكانت هذه الأخبار كما هي اليوم، تخضع لضغوطات سياسية ودينية واجتماعية. فتتلون أخبار حوادث الإرهاب بألوان هذه الضغوطات المختلفة. المهم، أن ما وصلنا من أخبار جرائم الإرهاب الشيء القليل واليسير، علماً بأن جرائم الإرهاب في القرون الماضية، كانت أكثر كماً وافظع إجراماً مما عليه اليوم كما قلنا، وذلك نتيجة لعدة أسباب منها: 1- أن التعصب الديني كان على أشده، وخاصة في الغرب المسيحي بين الكاثوليك والبروتستنات. وكانت الكنيسة تحارب العلوم والفلسفة. وقد لاقى العلماء والفلاسفة من الكنيسة وأحكامها الجائرة العذاب الأكبر. ومن يقرأ "موسوعة العذاب" لعبود الشالجي بأجزائها السبعة، سوف يتقزز ويقرف ويستفرغ ما في معدته، من هول ما يقرأ، وما كان يفعله السلاطين، والخلفاء، والأمراء، والملوك، والبابوات، والقساوسة، والقضاة في الشرق والغرب من فنون التعذيب والإرهاب لأعدائهم. كذلك، فمن يقرأ كتاب الدكتور إمام عبد الفتاح إمام (الطاغية)، وكتاب عبد الغفار مكاوي (جذور الاستبداد) وكتاب (المستبد) للباحث العراقي زهير الجزائري عن عهد صدام حسين، سوف يدرك كما هو إرهاب اليوم (الإرهاب الجمعي الديني المتشدد) عبارة عن نزهة ربيعية، لا تتعدى أكل بيضة مسلوقة، وسماع أغاني فيروز، وتقشير برتقالة، أو تفاحة حمراء. 2- كانت المؤسسة الدينية الإسلامية والمسيحية في القرون الوسطى في أوج قوتها، وتسلطها، وجبروتها، وعداواتها للفكر والمفكرين، وللإبداع والمبدعين. ولم يكن هناك ما يحول بينها وبين التنكيل والقتل لأي مفكر وعالم ومبدع. فلم يكن ما يُعرف اليوم بمنظمات حقوق الإنسان. ولم يكن هناك مجلس أمن، ومنظمة أمم متحدة، تُقيم المحاكم الدولية لمحاكمة القتلة. ولم يكن هناك صحافة ولا "صحافيون بلا حدود"، للدفاع عن الأحرار. ولم يكن هناك من وسائل لمعرفة القتلة والمجرمين من الإرهابيين. وكان الدم يضيع بين القبائل، دون معرفة وإمساك الجاني الإرهابي. 3- لم يكن الإنسان غالياً في الماضي كما هو الآن. وكان قتل الإنسان أهون من قتل ذبابة. لذا، فقد انتشر القتل والإرهاب الفردي والجماعي. وكذلك انتشرت الحروب الإرهابية الكثيرة. ويكفي أن يشعل إرهابي واحد كهتلر، أو مسوسوليني، أو ستالين، أو صدام حسين حرباً، ليفني الملايين. فقد أشعل هتلر الحرب العالمية الثانية وأرهب ودمَّر أوروبا، وقتل أكثر من عشرة ملايين شخص. وأشعل صدام حسين حرب الخليج الأولى 1980 وقتل أكثر من مليون شخص. وقتلت إسرائيل مئات الفلسطينيين بسبب الإرهاب الصهيوني، الذي مارسته على الشعب الفلسطيني منذ 1948. كذلك مارس الفلسطينيون المتطرفون عمليات إرهاب ضد مدنيين إسرائيليين. ولكن أخبار هؤلاء وأولئك، كانت تنتشر انتشار النار في الهشيم نتيجة لثورة الاتصالات والمعلومات الحالية. وكان العالم يُدين الطرفين. ويدعو إلى المقاومة السلمية. ولكن التطرف الديني من قبل الطرفين، كان هو الغالب في مثل هذه الحالات. -2- في ظني، أن موجات الإرهاب رغم ظاهرة الطرود المفخخة الأخيرة، سوف تنحسر رويداً رويداً. فالأصولية والسلفية على السواء، بدأتا بالدفاع عن نفسيهما بدلاً من الهجوم الذي شهدناه في السنوات الماضية. وكثير من الشعارات الدينية التي يختبيء الإرهابيون خلفها كشعار "الإسلام هو الحل" بدأت تتساقط كأوراق الخريف، وبدأت حقيقتها وأغراضها السياسية تتكشف للشارع العربي، الذي غُرر به زمناً طويلاً بمثل هذه الشعارات. وفي ظني، أن دوائر الأمن العربية المتخصصة بمكافحة الإرهاب، قد اكتسبت الآن خبرة طويلة في كيفية مكافحة الإرهاب، بحيث لم يعد لفلول الإرهاب من منفذ غير منافذ القنافذ الضيقة والمحدودة. فنرى الإرهابيين يتساقطون اليوم، الواحد تلو الآخر في أيدي السلطات الأمنية في السعودية واليمن خاصة، في الوقت الذي تتراجع فيه القوى الدينية المتشددة، وتكفَّ عن خطابها الديني الذي ساد فترة التسعينات من القرن الماضي، والعشر سنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين الحالي. -3- ولكن تظل في الشرق الأوسط دول وأنظمة حكم مارقة كسوريا وإيران وأحزاب وسياسيون كـ "حزب الله" و"حماس"، تنفخ في بالونات الإرهاب الملونة، وتوهم الشرق والغرب بأنها قادرة على نشر الفوضى، وعدم الاستقرار في العالم. فهل إذا ما أزيلت هذه الدمامل من جسد الشرق الأوسط، لكي يتعافى الشرق والعالم من كوارث الإرهاب، سينتهي الإرهاب من الشرق والعالم؟ في ظني، إذا ما تمَّ ذلك، فسوف تخفُّ موجات الإرهاب العربي على الأقل. وسيكون العرب هم آخر الإرهابيين في الشرق الأوسط على الأقل.
#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب التي لم تكتمل: الديمقراطية في العراق
-
لا شمس تشرق على الجزيرة العربية كل يوم!
-
ما حاجة العراق لعقد مؤتمر قمة عربي في بغداد؟
-
ضرورة الحل السياسي للقضايا الثقافية
-
نسخة جديدة من (طالبان) في العراق
-
بين الدين والتنوير والحرية
-
أسباب وتداعيات سقوط -الإخوان- في الانتخابات
-
عاصفة على النيل!
-
من الإرهاب المسلح الى الإرهاب الإليكتروني
-
سقوط شعار -الولاء والبراء- في Starbucks
-
الديمقراطية وسيلة الخروج من قضبان الإرهاب والفساد
-
هل الديمقراطية عصيّة في الخليج العربي؟
-
هل سنشرب دجلة أو الفرات قبل ولادة العراق الجديد؟
-
أفكار الليبرالية الجديدة بعد خمس سنوات
-
دعونا ننتظر ماذا سيحدث في العراق
-
ضرورة تنجيد الليبرالية
-
لماذا يركع -العرق الجديد- الآن تحت قدمي خامنئي؟
-
لماذا نمنع المتاجرة بالشعارات الدينية؟
-
كلنا أرهابيون!
-
ما حاجة العراق للساعدين العربي والإيراني؟
المزيد.....
-
مصطفى شعبان بمسلسل -حكيم باشا- في رمضان
-
شاهد: أصدقاء وأقارب الأسيرة الإسرائيلية آغام بيرغر يحتفلون ب
...
-
حركة حماس تعترف بمقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف
-
القاهرة: لا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم
-
عمّان.. رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين
-
حماس تنعى عددا من كبار قادتها العسكريين وفي مقدمتهم القائد ا
...
-
سـوريـا: مـا هـي طـبـيـعـة الـمـرحـلـة الـجـديـدة؟
-
الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى نادي الدحيل متصدر الدوري ا
...
-
العراق ومصر يجددان رفضهما لتهجير الفلسطينيين
-
الجيش الفرنسي يسلّم آخر قاعدة له في تشاد
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|