|
قراءة أدبية في ..جريمة حب ..؟!!
سلام كوبع العتيبي
الحوار المتمدن-العدد: 3232 - 2010 / 12 / 31 - 13:42
المحور:
الادب والفن
قضية شغلت الرأي العام الغربي شهورا طويلة كان فيها المتهم ( رغم اعترافه بما ارتكب ) محط عطف للجميع خاصة تعاطف الجنس الرقيق ماعدى اصحاب المصارف وعشرات الضحايا .. ضحايا البارون كران فاني . ترى من هذا الرجل الذي خرج الان من أحد مصارف باريس الشهير ؟. انه يمشي مثل الطاوس متجها الى الشاطيء لنهر السين . الجو بارد ؛ ونحن في نهاية الخريف عام 1905 يقف الرجل امام بيت انيق من طابق واحد ؛ يخرج المفتاح من جيب الصدر الانيق و.. يفتح الباب . ولا أحد في الدار . انه متعب جدا . بثيابه يستلقي على الفراش ويغوص فى نوم عميق . في الخامسه تماما وكأنه ساعة من صنع الطبيعة ؛ يستيقظ . ياخذ حمام سريع ثم يبدأ في التعطر ؛ ويسمع طرقات سريعة كثيرة .. يفتح الباب للطارق .. الطارقة جميلة وانيقة . عندما دخلت سبقها عطرها المميز . عندما تراقب هذين الحبيبين تشعر ان الحب الكبير جميع بينهما بالرغم من فارقن السن الواضح . فالرجل في الاربعين من المعر والحلوة الرقيقه في العشرين . قالت .. اوه ياعزيزي .. انك تغرقني في بحر كرمك مثلما اغرقتني في بحر حبك .. حقا ؟ . عرفنا بحر الهوى ؛ فماذا عن بحر الكرم ؟. المبلغ ؛ الذي اضفته الى حسابي اليوم في البنك . هذا اكبر مبلغ أودعته منذ .. منذ تقابلنا . أوه ! . لقد صرات ثرية . هذا اقل مايجب ان افعله لك يا حبيبتي أنطونيا . واين سنتناول العشاء الليلة .؟ أ .. الليلة عيد ميلادك .. وعلى هذا .. فأنني أ .. أوه ياحبيبي الغالي ها انت تتذكر عيد ميلادي قيما نسيته انا تماما .كل ما يخصك ياحبيبتي مثل قلبي وعقلي فكيف انساه وعلى هذا فبرنامج الليلة كله مفاجأة وغدا مفاجأة المفاجأت ؛ لحظه حتى ارتدي ثيابي وأعود اليك ياحبيبتي . ****** وانتهزنا فرصة دخوله غرفة النوم ؛ لنحصل من الكونتيس ميريللي على كل مانريد من معلومات عن الرجل .. عن البارون كران فاني سألها : • كيف عرفتيه ؟.قالت : • في غابة بولونيا هذا الصيف . حب من النظرة الأولى . انا متيمة به وهو مولع بي . أنه أنيق كما رأيت . وثري .. ثري جدا .. جدا جدا . • وما عمله ؟ . • يعمل في مجال السيارات ونصف مصانع سيارات ايطاليا ملكه .. وأستأجر هذا البيت ليقاك فيه ؟.. ولما لا ؟. هو يحبني . أي عيب في هذا ؟... وما عيب الزواج ياسيدتي ؟. .. اه لا يستطيع ؛ انه متزوج في روما . وسوف يحصل في يوما ما على الطلاق . فلم العجله ؟. انه يعيش معها في روما ولكنه يأتي الى باريس خلسة من أجلي . • و.. بالمناسبة . هل يعرف ماضيك ياصوفيا . كيف عرفت اسمي ؟. ارجوك لا تتكلم في هذا . ثم .. ثم لاشيء في حياتي يسيء الى الفتى .. هل عيب ان اعمل في المسرح الغنائي ؟. . انا لا اعني هذا ؛ اعني ذلك اللقب الذي تنتحلينه الكونتيس ميرللي . بحق السماء لاتفضحني . لااريده ان يعرف انني مجرد فتاة عاديه من فتيات نابولي . انا .. انا ايطالية مثله . هؤلاء الأثرياء مولعون بالالقاب . لايقعون في غرام الا من كانت بارونة او كونتيس أو .. أو اميرة . • وغادروا الدار . انتقى اشهر مطعم في باريس . فور دخوله ؛ اسرع اليه كبير الخدم في حفاوة بالغة ؛ وقادهما الى غرفة منفردة اسدلت ستائرها بباقات الزهور . • تماما حسب طلبك ياسيدي البارون . ان سيدتي البارونه ستذوق الليلة الذ طعام صنعه من اجلها خصيصا كبير الطهاة . نفس الاطباق التي قدمناها للامير زوج الملك فكتوريا يوم جاء الى باريس .... شكرا ياجاك .. شكرا أ .. لاتنسى الموسيقى . سيدي البارون ؛ فرقة خاصة للمناسبة الخاصة . لا اقل من هذا . • ******* • و ..اكلا . في جو من نسج كيوبك ؛ أخذ يتراقصان . الموسيقى ؛ تدير رأسيهما ؛ وكبير الخدم يقوم على خدمتهما في براعة وحرص وأبتسامة ذات معنى . يدخل ويخرج جاك كبير الخدم على اطراف الأصابع وعينه على السقف فقط .رئيس الخدم يريد لنا فيما يبدوا ان نتزوج .. لماذا لاتسعده ياعزيزي ؟. أ .. أنت تعرفين موقفي من الزواج الآن . .انه لايكف عن ان يناديني في كل مناسبة سيدتي البارونه .. سيدتي البارونه . هه هه . لقد اعتاد ان يفعل هذا مع أية سيدة أتى بها الى هنا .ماذا ؟.انا بارون ياسيدتي ؛ فيجب ان تكون معي بارونة ايضا . اذا ؛ فانت تصطحب الكثيرات الى هذا المطعم ؟... كان ذلك قبل ان اعرفك ياعزيزتي . الآن ؛ لا احد بعدك ياأنطونيا .وطوق معصمها الرقيق يسوار ماسي رائع . أو أوه يا الهي أوه هذا يساوي ثروة ! .. أ .. انه لاشيء في الواقع ياحبيبتي . .. هو لاشيء .؟ ثمنه لايقل عن عشرة الاف فرنك !. ..بل ثلاثين الفا ياعزيزتي !. اوه !. هه هه .. ولكن ماقيمة مبلغ تافه كهذا ؟. بالنسبة للكونتيس مثلي اوه ! . لاشك انك ثري جدا جدا يابارون كران فاني . كم تبلغ ثروتك ؟ عشرة ملايين ؟ عشرين ؟ . ثلاثين ؟. ..كران فاني ومصانعه وشركاته ؛ تحت قدميك ياحبيبتي ؛ من اجل رضا عينيك الجميلتين !. • ******** • اتما السهرة في احد المسارح . وفي صباح اليوم التالي كان كران فاني ؛ يعد لصاحبته المحبوبة مفاجأة جديدة . مفاجأت المفاجات . مفاجأة ؟. اين ؟. في ميناء الهافر . أوه !. جولة حول العالم ؟. الم تتمني هذا مرة ونحن في غابة بولونيا ؟. • في ميناء الهافر ؛ رأت انطونيا اجمل يخت وقعت عليه عيناها فأخذت تتجول في غرف السفينة الانيقة وممراتها ذاهلة مسحوره وفتحت الدواليب . ثياب رائعة حديثة ثمينة من كل طراز تماما على مقياسها . اخذت تحصي ثروتها الجديدة . 28 قبعه . 37 ثوب سهرة 40 ثوبا للصباح وبعد الظهر . 30 حذاء واعداد لاحصر لها من ادوات الزينة وقوارير العطر وفوق كل هذا خادمة خاصة وطبيب شاب للعناية بالعاشقين طول الرحلة البحرية حول العالم . لغرقها البارون العاشق في محيط حبه وحدبه وشغفه . واحست بصدق عاطفته وأنها لاتستحق مثل هذا الحب الكبير . يجب ان تعترف له بكل شيء . بكت على كتفيه ذات مساء واليخت يقترب من سواحل امريكا الجنوبية . قالت له : ياعزيزي . لااستطيع ان اخدعك بعد الان لانك الاطف واعذب رجل ويجب ان تعرف الحقيقة . ياعزيزتي انا اعرف كل شيء . تعرف ؟ تعرف ؟ ومع هذا صمت وغفرت لي .؟ كل شيء قبل ان اعرفك ؛ غفرته لك منذ زمن بعيد . تعرف انني مجرد فتاة عاديه من شوارع نابلي ؟ . نعم اعرف واعرف ايضا انك تزوجتي بحارا سكيرا هجرك بعد اسبوع من الزواج . لاشيء يهم ياحبيبتي طالما كنت الوحيدة في حياتي منذ تقابلنا . انت اشرف واعظم انسان في الدنيا كلها . اه ياحبيبي انت حبي الاول والاخير . لاشيء في الدنيا يساوي ساعة معك . • كانا صادقين في كل كلمة ؛ في كل همسه . في كل نبضة قلب رغم فارق السن والمركز والثراء . محبان في جنة الغرام . • حين اقتربت السفينة الانيقة سواحل البرازيل ؛ اعتكف البارون في غرفته . وحين اراد الطبيب الشاب فخصه . قال له لاداعي لهذا ياعزيزي كابلا . اعتن بالبارونه من فضلك . وحين رست السفينة في ميناء كومومو ؛ كان اول ماطلب البارون هي كل صحف اليوم وامس . ومرة اخرى اعتكف في قمرته . وتقدمت البارونة نحو الطبيب وسالته . ماذا جرى يادكتور كابلا ؟ . لعله مريض ؟. • لا انه ليس مريضا . • لماذا طلب كل الصحف ؟. أنه يفتش في كل جزء منها ؛ عن ماذا ياترى ؟. • اعتقد انه افلس منذ ابحرنا !. صفى اعماله واخترع لعبة الرحلة البحرية حتى يهرب من دائنيه . • لا اصدق هذا . سانزل واساله . لكن الطبيب سبقها الى الباب وناداها : انطونيا ! .أ .. • كونتيس من فضلك !. • انطونيا ؛دعيني اخبرك بصراحة ؛ اني أحبك !. انت في مثل سني والمستقبل لنا . ومستثبلك معي وليس مع البارون كران فاني . لا زواج معه ياانطونيا . أمن أجل المال تضيعين حياتك ؟. • ليس من اجل المال ؛ اني احبه . • هراء !. انك تحبين فكرة الحب لا اكثر ولا اقل . هاهو الحب امامك ياأنطونيا في ثياب شاب في سني . • ارجوك لاتخاطبني هكذا بعاطفتك . ارجوك ياكابلا .. اعطني وقتا لافكر . • ولانها كانت تحب الحب ؛ غيرت مسار عاطفتها في بحر الاوهام وارادت ان تكون صادقة مع البارون . دخلت عليه الغرفة لتطلعه على حقيقة شعورها نحو الطبيب الشاب كابلا وتطلب اليه ان يحلها من عهودها . وجدته يكتب كلاما كثيرا في ورقة طويلة . قال لها : هذا التماس سأقدمه الى محافظ الميناء . سأطلب اللجوء السياسي . الم اخبرك ياعزيزتي ان السلطات في بلدي صادرت كل املاكي لاسباب سياسية . يجب ان اعيش في البرازيل بما استطعت ان اخرج به من مال . • عزيزي البارون كنت اود ان اخبرك اني .... • اعرف ؛ اعرف ؛ ستقاسميني حياتي في المنفى . اعرف ياعزيزتي . سانزل الآن الى الميناء لمقابلة المحافظ . • على رصيف الميناء ؛ اقترب من البارون رجل صارم التقاطيع قال له : اني المفتش بيشوك . بأسم القانون ؛ اقبض عليك ياجان كاليه !!. واقتاده الى قسم الشرطة . في القمره على اليخت كانت انطونيا تقلب الصحف التي كان البارون يقرأها . رأت صورته في احدى الصحف وقرأت : • جان كاليه ؛ الموظف البسيط في بنك القسم الباريسي ؛ يختلس مليونين من الفرنكات من حسابات العملاء . التحريات تؤكد انه انتحل شخصية بارون وتسمى باسم كران فاني الاقتصادي الايطالي الشهير ؛ وانه هرب على يخت اشتراه من المال المختلس ومعه صديقته المغنيه أنطونيا . ينتظر ان يتم القبض عليه في اول ميناء يرسو فيه اليخت !. • وقبضوا على انطونيا أيضا . وفي التحقيق اعترف جان كاليه أو البارون المزيف بكل شيء وانكر تماما ان لصديقته العزيزة اي دخل في الجريمة حتى حين علم انها وقعت في حب طبيب اليخت وقال : المهم ان تكون سعيدة . كان يحبها حقا . ولم يكف طوال المحاكمة من ان يردد : لقد اردت اسعدها . هذا هو دافعي الحقيقي الى الاختلاس . واقسم على انها لاتعلم اي شيء بما دبرت . • تعاطف الراي العام الفرنسي تعاطفا كبيرا وذلك بسبب انها جريمة من النوع الذي تميل اليه جريمة الحب . • انهالت عليه عروض الزواج من الكثيرات ؛ بعضهن من ثريات باريس . وكانت احدهن كريمة احد وزراء ذلك العهد الجميل . • وحين صدر الحكم ببراءة انطونيا مالت عليه في القفص وهمست بين شهقات البكاء : لن انساك ابدا ... لن انساك ابدا عزيزي . ساسمي أول اولادي كران فاني ..وذهبوا به الى السجن .
#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أصل السلالة الفاطمية ..2
-
بين القرامطة والفاطميين ..
-
عربان الويكيلكس .؟!!
-
تمشي رويدا فوق القمر .؟!!
-
من كان منكم صداما فاليعترف .؟!!
-
حتى الدنكه ..؟!!
-
نواب العوازة ... حكومة المادة اربعة ارهاب ..؟!!
-
عقد التحالف ؟!!
-
فانوس .... نوص ..؟!!
-
اسرائيل والممارسات الارهابية
-
أممية الحوار المتمدن .؟!
-
عراق .... بين قائمتين ..؟!!
-
دروب الرجاء .. وجني السوداني ..؟!!
-
سور الطين .. يحور العين ..؟!!
-
زيارات بوس الواوا ..وجرب الطاوه ..؟!!
-
بوس الواوا ... وجرب الطاوه
-
لا تنتخبوا الذين دفعوا لكم الدنانير .؟!!!
-
الناخب والمنخوب والوطن المنهوب ..؟!!
-
لا تعود لي .... ولا تحاول فأنا ...؟!
-
عذرا أقبح من فعل ..؟!!
المزيد.....
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
-
محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى و
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|