|
أنا شخص لا يحلم.. لكني حلمت..!!
كريم كطافة
الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 17:54
المحور:
كتابات ساخرة
لا أريد الإساءة لإنسانيتي وهل هناك إنسان لا يحلم.. حتى الحيوانات لها أحلام من نوع ما.. لكني قصدت أني لا أحلم خلال نومي.. نادراً ما حلمت وأندر منه تذكرت ما حلمت به.. لعل السبب؛ أني استهلك أحلامي في الصحو حتى لا أبقي لي منها زوادة للنوم ناهيك عن لوثة الكتابة وهذه مجرشة قادرة على جرش أحلامي وأحلام عشيرتي. على كل هذا ليس بكارثة ولا هو مرض يجعلني أهلع وأتوسل بهذا وذاك ليجد لي حلاً.. على العكس قد يكون رحمة متنعم بها على عكس كثير من الناس القريبين والبعيدين عني إذ أجدهم في حيص بيص لا يدرون كيف يتخلصون من كوابيسهم الليلية ولا حتى من تداعيات أحلامهم الوردية وما تخلفه في نفوسهم من أوهام يظلون بانتظارها لحين ما يحصلون على غيرها في حلم آخر.. وهكذا تتجاذبهم الأحلام والكوابيس الليلية حتى تنسيهم شؤون وشجون حياتهم الواقعية. رغم هذا، لقد حلمت البارحة والأغرب ما زلت أتذكره حتى أني استطيع كتابته. وكان حلماً شاذاً. لعل سبب شذوذه أني غير حريّف بالأحلام. لم تأت غرابة أو شذوذ حلمي لليلة البارحة من كونه مخيفاً بدرجة فوق التصور أو بهيجاً بذات الدرجة.. بل فقط كونه بعيداً عني بدرجة فوق التصور.. لا رابط من أي نوع يربطني بموضوعه.. وإلا بربكم ما هي علاقة شخص عراقي مثلي مبتلي بأكداس من هموم بلده بـ(مصر) والمصريين.. (يعني هي ناقصة..؟) ليس هذا فقط ، بل ما هي علاقته برئيس (جمهورية مصر العربية)..!! لكن، هذا الذي حصل. كنا جالسين على تخت عراقي من تخوت الستينات على شكل أريكة خشبية مفروشة بحصير من البوص أو الخوص.. هو مسترخي واضعاً ظهره على مسند التخت وأنا مثله مسترخي على المسند المقابل رؤوسنا متباعدة لكن أقدامنا متقابلة.. كنت حائراً كيف أخاطب الرجل المسترخي قبالتي.. عقلي الباطن ينبأني أنه السيد (حسني مبارك) رئيس أكبر بلد عربي.. كأنه سمع حيرتي؛ خاطبني هو: - معليش قول (يا حسني) وبس..!! اللعنة.. هل هذا معقول أنا أقول له (يا حسني وبس) وهو يخاطبني (يا كريم باشا).. إيه ده.. أنا فين.. هو في إيه.. يعني باختصار نسيت لهجتي العراقية الخشنة وصرت مصري قُح.. أذكر جاء رجل عجوز اشترى شيء من بسطية كانت قرب رأس السيد الرئيس لا أدري ما علاقة الرئيس بها.. لكن الرجل دفع حق ما أخذه من تلك البسطية التي لا أتذكر محتوياتها إلى الرئيس وكأنه هو صاحب تلك البسطية.. جذبت انتباهي (دردمة) الرجل وهو يكلم نفسه بعصبية وبصوت عال كأنه كان متذمراً من سعر ذلك الشيء الذي اشتراه.. قلت في نفسي (هذا الرجل لو يعرف هو على من يتكلم.. أكيد سيغمى عليه).. كنت في حلمي متردداً بين فعلين علي أن أفعل أحدهما؛ أما أرفع صوتي عالياً (يا ناس يا هو.. اللي قدامكم هنا هو السيد رئيس الجمهورية) أو أبلع حيرتي وأسكت.. كذلك كأنه سمع حيرتي وتفهم ترددي بين هذين الفعلين. رفع جسده قليلاً عن مسند التخت العراقي ودنا رأسه مني، سألني: - إي يا كريم باشا.. إيه رأيك..!!؟ أعتقد إن الخبراء في الأحلام والحريّفين يفهمونني إذ أقول لا أحد يسأل أحد عن مبررات الفعل والقول في الأحلام.. أنها تأتي هكذا كأنها مقطوعة الجذور ولا يسري عليها أي قياس.. سريعاً فهمت أن الرئيس يسألني عن أوضاع مصر. لكني ما زلت محرجاً من هذه الـ(باشا) التي حرص على استخدامها معي بينما يطلب مني أن أناديه بـ(حسني وبس). قلت: - حسني باشا.. مصر فيها فقر..! سألني بدوره لكن باندهاش واضح: - فقر..!!؟ أشهد أن ردة فعل الرجل كانت صادقة.. وبدا لي فعلاً لا يدري أن في مصر فقر. قلت، لكن داخلني الخوف هذه المرة: - نعم فقر.. لو فتشت ستجده واضحاً في الحارات الشعبية وفي الأرياف.. إلى هنا انتهى القسم الأول من حلمي الغريب هذا وكما يعلم محترفي الأحلام الليلية أن الحلم لا يأتي في سياق واحد منسجم على طول، بل تتخلله سياقات متنافرة لا علاقة لأحدها بالآخر.. وهكذا دخلت القسم الثاني وهذه المرة لم يكن حلماً بل كابوساً.. لأني كنت فيه طريداً شريداً خائفاً مرتجفاً من أن يعثر علي رجال المخابرات المصرية الذين لا أدري لماذا يحرصون على ارتداء النظارة السوداء حتى في الليل.. تجاذبني فيه (في القسم الثاني) هاجسان؛ الأول أن أعلن لهم عن نفسي طالما هم يبحثون عني لعل السيد الرئيس أوصاهم بي خيراً.. ألم تكن بيننا (ميانة) وصداقة في القسم الأول من حلمي..؟ والهاجس الثاني أن أبقى متوارياً لأن القرب من السلطان مهما كان ولأي سبب سيكون مهلكاً.. انتهى القسم الثاني ولا أتذكر أنهم مسكوني. والآن، بعد أن ذهبت السكرة ستأتي الفكرة.. فكرت كوني مبتلياً بلوثة الكتابة والسياسة.. لماذا أنا حلمت بهذا الحلم الغريب الذي لا علاقة لي به.. ألا كان أولى بي أن أحلم بوجه من وجوه سياسيي بلادي المبتلية بالفقر والإرهاب والفساد ونفاق ولصوصية رجال الدين الإسلامي وهم أكثر من الهم على القلب ومن طرفي المتراس المذهبي.. ماذا سيحصل لو صرت عاقلاً وحلمت بفخامة وضخامة ودولة وسعادة وأريحية وزير عراقي مثلاً.. ليكن وزير الثقافة هذه الوزارة المبتلية إلى يوم يبعثون بمن هم أعداء للثقافة.. على الأقل سيكون حلماً مثمراً.. أزيح به عن كاهلي سؤال مخيف: - لماذا يا فخامة الوزير.. على طول الخط لا يختارون للثقافة في بلدي إلا وزيراً لا تكون الثقافة إلا آخر طموح يمكن أن يفكر به أو حتى لا تكون ضمن طموحاته أصلاً.. كيف ستدير أيها السيد ملفاً أنت ببساطة تحمل له العداء والكره ولا تجد فيه إلا مفسدة للأمة..؟ أو حتى لأتنازل قليلاً وأحلم برئيس مجلس محافظة بغداد (المعاصر) وأسأله عن حواره الشهير مع المثقفين العراقيين المطالبين بصون الحريات العامة والخاصة وهو لا يريد أن يراهم غير سكيرين مخمورين على قارعة الطريق.. وكيف غلبهم بحجته الدامغة: - كم عددكم أيها المثقفون الآن وأنتم خابصين الدنيا.. عشرة.. مئة.. ألف.. انتظروني ساعة مو أكثر سأخرج لكم مظاهرة من مدينة الصدر.. مليون يهتفون ضدكم.. !! ألا ترتدعون وتعودون إلى أوكاركم الخبيثة.. ولكن لا تأتي الأحلام بما تشتهي السفن..
#كريم_كطافة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روايتي بين المطير والنمري..!!
-
دين الشيطان أخيراً...!!
-
بورصة الشرف والانتخابات..!!
-
شهادة رجل خرج من الموت تواً..!!
-
مركز وأطراف
-
وسائل الاحتجاج والنصر المؤزر..!!
-
ولايات وبدائل وبلاوي
-
باسم الله الرحمن الرحيم.. لماذا!!؟
-
إلى السيد فؤاد النمري.. مع التحية
-
شيخ ياباني.. شيخ تايواني..!!!
-
فئران الدين إلى أين..!!؟
-
دراجة السيد رامسفيلد..!! (*)
-
إعادة تحوير أمخاخ النساء
-
قبر لكل صحفي..!!!
-
الحاجوز
-
العراق بين ظهر النص وصدره..!!؟
-
من اللثام إلى الشفافية
-
محنتنا مع سارق الأكفان وولده
-
أخيراً.. أحدهم قد خجل
-
بيروكوست وحكايات صدام حسين
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|