|
قاعدون... قاعدون
سهيلة بورزق
الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 09:59
المحور:
الادب والفن
, أنتظر الميترو في قلق، كنت على موعد مع مسؤول التوظيف، طلبت قبل أيام العمل كنادلة في مطعم شهير في احدى شوارع واشنطن، بصراحة الوظيفة مغرية وحساسة، لأنني سأتعامل مع زبائن من شكل خاص. ماذا يعني ذلك؟، لا أدري فأنا مغامرة في اختياراتي رغم أنّه لم يسبق لي العمل كنادلة من قبل،لكنّني سأكذب على مسؤول التوظيف وسأكتب في ملف المعلومات انني حائزة على شهادة تدريب متخصصة في التعامل مع الزبائن ثقيلي الّدم … طبعا لن أضيف هذه الجملة حتى لا أفهم خطأ، فمشكلتي مع الرّجال أنّني دائما أفهم خطأ. تأخر الميترو اللّعين، بداية سيئة ، سيفهم المسؤول أنّني غير مبالية…ياااه … تذكرت ، فأنا حقا امرأة غير مبالية، عندما تقدمت في السن أصبحت الأمور الحياتية كلّها لها طعم تافه…،أصبحت أكره كلّ ما له علاقة بالتنظيف مثلا،رغم أنّ زوجي هددني بالطلاق أكثر من مرّة اٍن أنا تماديت في قلة اهتمامي بتنظيف البيت، كنت أجد العملية تافهة، وبدل المسح والكنس، كنت أجلس في شرفة المنزل أتأمل العصافير وهي تنتقل من شجرة اٍلى أخرى، أو أستمع اٍلى موسيقى” موزار “…ولا أدري لماذا خلقن النّساء وحدهن لتنظيف الأمكنة.
قرأت صحيفة ” واشنطن بوسط ” كلّها ولم يصل الميترو بعد، في الجانب الآخر من الرّصيف كان رجلا أصلع الرأس يراقبني باشتهاء، كنت يومها أرتدي تنورة قصيرة جدا بالمقاييس العربية، حتى أغري مسؤول التّوظيف، تفكير مخل أليس كذلك؟ لا أدري بالتحديد بماذا هو مخل، لكن العقلية العربية ترجح كلّ شيء اٍلى الأخلاق، ورغم ذلك تبقى هي الوحيدة التي من دون أخلاق… عيب… عيب..الأصلع ، المقرف يشير اٍلى عضوه باٍصبعه، ماذا سأفعل في حالتي هذه، هل أقفز اٍليه من رصيفي وألطم وجهه بصفعة ؟ أم أتصل بالرقم 911
وصل الميترو أخيرا، جلست على أوّل كرسي صادفته، وبدأت أفكر فيما سيدور بيني وبين مسؤول التّوظيف، قيل لي اٍنّه من جنسية آسيوية، له أكثر من عشرين سنة خدمة في المطعم، أنا مضطرة للخوف وللحذر اٍذن…مضطرة للكذب بشكل ذكي حتى أقنعه بمواهبي…
اقترب منّي الأصلع وطلب اذن الجلوس بجانبي، لم أرد عليه، لكنّه جلس وعاد يتحسّس عضوه بشكل مقزز، كانت التنورة تفضح ما فوق الركبة بكثيييير، ، أسمع دقات قلبه تعلن الطوارىء، والغريب أنّه راح يسألني عن جنسيتي قلت له ورأسي في الصحيفة، أنا من بلد بعيد لا يعرفه من الصين؟ لا …أبعد غريب وما الغرابة في ذلك؟ أي بلد بعيد هذا؟ هل تعرف قاعدون، قاعدون؟ لا أنا من هناك لم أسمع بهذا البلد من قبل لأنكم أنتم الأميركيون لا تعرفون اٍلا أنفسكم أنا لست أمريكيا ولما؟ أنا من أصل آسيوي أنت أشقر أمي بريطانية اممممم هل تعملين في واشنطن دي سي؟
عندي موعد مع مسؤول التوظيف للعمل في مطعم مشهور وهل سبق لك العمل في مطاعم من قبل؟ بصراحة لا، لكنّني سأكذب وأقول غير ذلك وماذا اشتغلت من قبل خادمة عند زوجي يضحك وطوال سنوات زواجي منه لا يتوقف عن تهديدي بالطلاق اٍن نسيت غسل آخر ملعقة في المطبخ من أي جنسية هو؟ من القاعدين يضحك طبعا لا تعرف أين تقع يضحك والأدهى أنك تضحك من دون سبب يضحك أوووف وصل بنا الميترو اٍلى المحطة، كنت على عجل من أمري، فأنا متأخرة بنصف ساعة على الموعد مشيت مسرعة، والأصلع مايزال يلهث خلفي هل هذا هو طريقك؟ نعم، أنا متأخرة هو طريقي أيضا اٍلى أين أنت ذاهب؟ اٍلى العمل الآن؟ نعم هل تعمل بعد الرابعة مساء؟ ليس دائما وصلت وجدته يدخل معي المطعم ويبتسم اٍلى أين أنت ذاهب؟ هنا عملي يا سيّدتي طيب اختفى بعدها… اقترب منّي شخص وسألني اٍذا كنت أريد مساعدة، فأخبرته أنّ لي موعدا مع المسؤول الفلاني، طلب مني الانتظار في ركن خاص كان المطعم بورجوازي الهندسة والديكور، وشكل الزبائن المغري يدعوني للتلصص على أحاديثهم، كنت أتأمل المكان وأحلم بالوظيفة جاءني من الخلف صوته… أهلا بالقاعدين استدرت…هو الأصلع بشحمه ولحمه وعضوه ارتبكت… أنا موافق على توظيفك بشرط واحد…وعضوه يكاد يمزق فتحة السروال قلت له… أنا لم أعمل من قبل في أي مطعم، ولا أجيد التّعامل مع الزبائن، واقامتي في أمريكا غير شرعية، وعندي سوابق…
وخرجت… يومها نظفت البيت أكثر من مرّة وقررت التّوقف عن الجلوس في الشرفة، وقررت الاستماع اٍلى صوت زوجي بعينين مغمضتين وهو يزمجر قاعدا !
#سهيلة_بورزق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقص اللغة الأجنبية
-
مدافن جماعية للجوع
-
غفوة
-
ركعة واحدة
-
أسئلة حول منهجية التّعليم
-
مع حرية الفكر
-
تراجع المقروئية عند العرب
-
بين قوسي مصر والجزائر
-
موقع فوبيا للأدب والجنون يدعوكم للكتابة
-
الثقافة وطن
-
رسالة اٍلى جسدي
-
دونجوانية الجسد
-
أنا في أمريكا
-
الرجل العنكبوت
-
غواية نهد
-
ألو يا جزائر
-
ما تقتله التكنولوجيا في رمضان
-
شهرة الكاتبة العربية
-
شرف الرّجال
-
تقاطع
المزيد.....
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
-
ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك
...
-
حكاية امرأة عصفت بها الحياة
-
زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
-
أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
-
تجنيد قهري
-
المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|