|
معارضة المعلّقات العشر (٣) مُعلّقة زهير بن أبي سُلمى
رياض الحبيّب
الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 10:11
المحور:
الادب والفن
أقتبس من الرابط المذكور أدنى بتصرّف: (كتب زهـير بن أبي سُلمى معلّقته في ظروف حرب داحس والغبراء التي احتدم أوارُها بين عبس وذبيان، استهلّها زهـير بالغزل ووصف الديار والأطلال الدارسة، ثم تحوّل إلى مدح هرم بن سنان وابن عمّه الحارث بن عوف صانِعَي السلام، وحمدهما على فضلهما في حقن الدماء وتحمّل تبعات الصلح بين الفريقين المتنازعين. وأردف زهير هذا المديح بحِكَمِهِ التي محض بها المتحاربين النصح ودعاهم إلى السّلم وحملهم على أن يرهبوا عواقب الحرب ممثلاً لهم أهوالها التي عاشوا في أتونها... إلخ) انتهى. والجدير ذكره في هذا المبحث- نقلاً عن ويكيـپـيديا: ١ قيل أنّ زهـير بن أبي سُلمى كان ينظم القصيدة في شهر ويُهذِّبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحَوليّات. ٢ قال التبريزي: إنهُ أحَدُ الثلاثة المُقدَّمِين على سائر الشعراء، وإنما اختُلِفَ في تقديم أحد الثلاثة على صاحبَيْه، والآخَران هما اٌمرؤ القيس والنابغة الذبياني. _____________________
وقد اٌخترت من معلّقة الشاعر الأبيات التالية:
أمِنْ أُمِّ أوْفى دِمْنة ٌ لمْ تـَكَلَّمِ -- فحَوْمانة الدُّرَّاجِ فالمُتثلَّمِ ودارٍ لهَا بالرَّقمَتينِ كأنَّهَا -- مَراجعُ وَشْمٍ في نواشِرِ مِعْصَمِ وقفْتُ بهَا مِن بَعْدِ عِشْرِين حِجَّة ً -- فلأيَاً عَرَفتُ الدَّارَ بَعْدَ توَهُّمِ فلمَّا عَرَفتُ الدَّارَ قلتُ لِرَبْعِهَا -- ألا عِمْ صَبَاحَاً أيُّهَا الرَّبْعُ واٌسْلَمِ تبَصَّرْ خليلِي هَلْ ترَى مِن ظعائِنٍ -- تحَمَّلْن بالعَلياءِ مِن فوْقِ جُرثمِ جَعَلن القـَنان عَن يَمِينٍ وحَزْنهُ -- ومَن بالقنانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِمِ بَكَرْن بُكُورًا واٌسْتحَرْن بسُحْرَةٍ -- فهُنَّ ووَادِي الرَّسِّ كاليَدِ لِلفمِ وَفِيهِنَّ مَلهَىً لِلَّطِيفِ ومَنظَرٌ -- أنِيقٌ لِعَيْنِ النَّاظِرِ المُتوَسِّمِ كأنَّ فُتاتَ العِهْنِ في كُلِّ مَنْزِلٍ -- نزلن بهِ حَبُّ الفـَنَا لمْ يُحَطَّمِ فأقسَمْتُ بالبَيْتِ الذي طافَ حَوْلهُ -- رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قرَيشٍ وجُرْهُمِ يَمِينًا لـَنِعْمَ السَّيدانِ وُجدتُمَا -- عَلى كُلّ حَالٍ مِن سَحِيلٍ ومُبْرَمِ تدارَكْتُما عَبْسَاً وذُبْيَانَ بَعْدَمَا -- تفانَوا ودَقُّـوا بَيْنهُمْ عِطرَ مَنشمِ فأصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلى خيْرِ مَوْطِنٍ -- بَعِيدَيْن فِيهَا مِن عُقوقٍ ومَأْثَمِ وقدْ قلتُمَا: إنْ نُدرِكِ السِّلمَ وَاسِعاً -- بمَالٍ ومعرُوفٍ مِن القوْلِ نـَسْلَمِ فمن مُبْلِغ الأحلاف عَنِّي رِسَالة ً -- وذبيان هَلْ أقسَمْتمُ كُلَّ مُقـْسَمِ فلا تكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفوسِكُم -- لِيَخفى وَمَهْمَا يُكتـَمِ اللهُ يَعْلمِ ومَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتمْ وذقتُمُ -- وَمَا هُوَ عَنْهَا بالحَدِيثِ المُرَجَّمِ سَئِمْتُ تكالِيفَ الحَياةِ وَمَنْ يَعِشْ -- ثمَانِين حَوْلاً، لا أبَا لَكَ، يَسْأَمِ رَأيْتُ المَنايَا خبْطَ عَشوَاءَ مَن تُصِبْ -- تُمِتهُ ومَنْ تُخْطِئِ يُعَمَّرْ فيَهْرَمِ وأعْلمُ عِلم اليَوْمِ والأمْسِ قبْلهُ -- ولكِنّني عَنْ عِلمِ مَا فِي غدٍ عَمِ ومَنْ يَكُ ذا فضْلٍ فيَبْخَلْ بفضْلِهِ -- عَلى قوْمِهِ يُسْتغْـن عَنْهُ ويُذمَمِ ومَنْ هابَ أسْبَابَ المَنايَا يَنَلنهُ -- وإنْ يَرْقَ أسْبَابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ ومَهْمَا تكُنْ عِندَ اٌمرِئٍ مِن خلِيقةٍ -- وإن خالهَا تـَخفى على النَّاسِ تُعْلَمِ لِسَانُ الفتى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فؤادُهُ -- فلمْ يَبْقَ إلا صُورَةُ اللَّحْمِ والدَّمِ http://www.almoallaqat.com
المعارضة ----------
رَحِيقُكِ أذكى ما تضَوّعَ في فمي – ورِيْقكِ أصْفى ما تسَرّبَ في دمي
وهَـمْسُـكِ يَسْـري نغمة ً ذاتَ نبرةٍ -- تليقُ بمَغـزى صَمْتِكِ المتكلِّمِ
بَيَانٌ وتبيينٌ يَحُوْطان مُقـلة ً -- إذا أدمَعَتْ زِيْنتْ بأحلى تبسُّمِ ١
ترَقـرَقَ فيها الدّمْعُ ما لِنقائِهِ -- مَثيلٌ على خدِّ الحَرير المُنعَّمِ
وقد ضاءَ فيها خيرُ بيتٍ لشاعرٍ -- تميّز في تصوير قلبٍ مُتيَّمِ
وفي وَصْف طيفٍ فائِقِ الحُسْن بَعْدَما – تدرّجَتِ الألوانُ فيهِ بسُلَّمِ
مُعلّقة ً ضَاهتْ جَنائن بابلٍ -- بمَنظرهَا مَا لمْ يسَعْ لوحُ مَرسَمِ
فصُوْرَتُكِ العَصْمَاءُ حُلْمي ويقظتي – وسِيْرَتُك السّمْحَاءُ حَرفُ ترنّمي
***
تعالـَيْ نـَسِحْ فوق الطّبيعة والمَدى – لننشُرَ هذا الحبّ في عالَمٍ ظَمِي
وننسى جبالاً مِّن هُمومٍ كثيرةٍ -- ألا ليتها تنزاحُ مِثلَ المُقطَّمِ
يقولون أنّ الأرض للهِ وَحْدِهِ -- فأنّى نطأْ فوق البَسيطةِ نـَسْلـَمِ
هنالِكَ في روما جَمَالٌ ورَوعَة ٌ -- وتاريخُ شَعْبٍ ناهِضٍ متقدّمِ
كمَا في أثِينا والشّواهدُ لمْ تزلْ -- مَعَالمُها الغرّاءُ لمْ تتهدّمِ ٢
هنالِكَ سَاحَ الناسُ مِن كلّ أمّةٍ -- ومِنهمْ مُقِيمٌ في عُقـوقٍ ومَأثـَمِ
ومِنهمْ كريمُ النّفْس يَشهدُ للنَّدى – وللغَيْرِ مأسُوراً بفضْلٍ ومَكْرُمِ ٣
ذهَبْتُ إلى هذي وتلكَ ومُنْيَـتي – زيارةُ أقداسٍ لهَا الرُّوحُ ينتمي ٤
هَلُمَّ إلى قانا الجليل وكأسِها – هَلُمَّ إلى مَهْدِ المَسِيحِ المُعَلِّمِ ٥
هَلُمَّ إلى قُدْسِ البشارةِ عَلّهُ – يُبشّرنا بُشرى المَلاكِ لمَرْيَمِ
بمِيلادِ صُلحٍ مُستقيمٍ وشاملٍ -- يَعُمّ جَمِيعَ الناس دُون تظلّمِ
كذا تحضُنُ الأرضُ الجَمِيعَ بخيرِها – إذا مَا اٌتقى ناراً كنارِ جَهَنّمِ
عَجبْتُ لأمْرِ الناسِ إنّ اٌختلافهُمْ -- مفيدٌ ولكنْ بَعضهُمْ جاهِلٌ عَمِ
أحَلّ لهُ ما لمْ يُحِلّ لغيرِهِ – وحَرّمَ ما للذاتِ غيرَ مُحَرَّمِ
هَلُمَّ إلى شِبْهِ الجَزيرةِ كي نرَى – لقومٍ ظِلالاً أو بقيّة مَعلَمِ
كظِلِّ يَهُودِيٍّ على باب خيبرٍ -- وظِلِّ مَسِيحِيٍّ على بئر زَمْزَمِ
يُقالُ: فتىً مَّا جَادَ فيها برَحْمَةٍ -- لنبحَثْ إذاً في صِدْقِ قولٍ ومَزعَمِ
كفى صَاحِبيْ إفكاً فقد سَخِرَ الورى – من الإفكِ أمَّا العُذرُ للمُتوَهِّمِ
لِنفتحْ طريقاً للتآخي بنَخْوَةٍ -- تُناطُ بإنسانٍ شقيقٍ وتوأمِ
وإلّا فمَا جَدْوَى الرِّياءِ وصِنْوِهِ؟ -- وإنفاقِ دِينارٍ لإصلاحِ دِرهَمِ ٦
------------------------------------------
١ اقتباساً من عنوان كتاب للجاحظ؛ حيث البيان: الدلالة على المعنى. والتبيين: الإيضاح ٢ حَظيَ الشاعر بزيارة أثينا صيف العام 1996 وبزيارة روما في مطلع العام 2001 ٣ المَكْرُمُ والمَكْرُمة، بضم رائِهِما، والأكْرومَة، بالضم: فِعْلُ الكَرَمِ- القاموس المحيط ٤ الرُّوحُ، بالضم: ما به حَياةُ الأنْفُسِ، ويُؤنَّث- القاموس المحيط ٥ قال سِيْبَوَيْه، نقلاً عن لسان العرب بتصرّف، أنّ هَلُمّ “ها” ضُمّت إِليها “لُمّ” وجُعِلتا كالكلمة الواحدة؛ هَلمَّ في لغة أهل الحجاز يكون للواحد والإثنين والجمع والذكر والأنثى بلفظٍ واحد، وأهلُ نَجْدٍ يُصَرِّفونها، وأمّا في لغة بني تمِيم وأهل نجْد فإنهم يُجْرُونهُ مُجْرَى قولك رُدَّ، يقولون للواحد هَلُمَّ كقولك رُدَّ وللأُنثى هَلُمِّي كقولك رُدِّي... إلخ ٦ وإنفاقِ دينارٍ لإصلاحِ دِرهَمِ: اقتباساً من مثل شعبي في العراق. _____________________
الحلقة الرابعة: مُعَلّقة عنترة بن شدّاد
#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معارضة المعلّقات العشر (٢) معلّقة طرفة بن العبد
-
معارضة المعلّقات العشر (١) معلّقة اٌمرئ القيس
-
فضائية التمدن- حلم يتحقق قريباً
-
معارضة الحبيّب لبُكائيّة مالك بن الرّيب
-
يا سارتاه
-
أخلاقيّة النقد الحُرّ- ردّاً على نقولا الزهر
-
نِعْمَ السّراجُ ونِعْمَتِ الأنوارُ
-
سيّدة النجاة
-
جائزة الجائزة
-
قصيدة الحوار وأسجوعة الكذب
-
سمفونية السيد المسيح
-
لقطات من ظروف الجوع
-
أُسجُوعة الإكتشاف
-
ضوء على تجربتي مع الحوار المتمدن
-
وينك يا زلمه؟ رسالة إلى جهاد علاونه
-
مِن مصادر كلمة «الرحمن» قبْل القرآن
-
باقة ورد- إلى سيمون خوري
-
وقفة حِيال اٌمرئ القيس وعُبَيْد بن الأبرص
-
ضِقتُ ذرعَينِ يا رقيبَ الحوارِ
-
حبيبتي حِرتُ كيف أقنِعُها
المزيد.....
-
فنان أمريكي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ إبادة جماع
...
-
-الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا
...
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|