أقبال المؤمن
الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 05:26
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
للاسف الشديد في زمننا هذا اصبحت الكلمة الطيبة نادرة جدا وتقاس بميزان الذهب هذا ان وجدت أصلا , واصبح السب والقذف ونكران الجميل من باب الشهامة وصفة عصرية يتغنى بها بعض الادباء والشعراء وكتاب المقالات على حد سواء . فالوقت اذن قد حان لكي نفرق ما بين النفاق والمجاملة او الكلمة الطيبة والتي تحسب كالصدقة لمن يقولها او على الاقل ننصف بها من يستحق الانصاف على اقل تقدير . طبعا النفاق هو من اسوء الصفات المنبوذة التي يبتلى بها المرء , لان المنافق بنفاقه يحول الامور من سيئ الى اسوء ويقلب الموازين ويخلط الاوراق ويجعل من المزيفين رموزا يحتذى بهم , فهي أذن حالة مرضية تهدم المجتمع و تخلط الحابل بالنابل وتشوه الحقائق , وبمعنى ادق المنافق يضفي صفات غير موجودة وينسبها للشخص الذي يريد ان يتقرب منه , اما المجاملة او الكلمة الطيبة فهي عكس النفاق او (التملق ) لانها تقوم بتجسيد حسنات الشخص وتنصفه لما قام به من اعمال جيدة , وهذا يعني عندما نقول للبخيل انك كريم وللمجرم انك ملاك لغاية نبتغيها فهو النفاق بعينه .
اما عندما نثمن عمل الكريم اونذكر حسنات شخصا ما ونشكره عليها فهي من باب المجاملة والكلمة الطيبة والانصاف على اقل تقدير , نعم الكلمة الطيبة التي يستحقها كل من يقوم بعمل الخير فأنصافنا لهم يدفعهم الى الامام لكي يحققوا المزيد من الافعال الطيبة التي نحتاجها في عصرنا هذا وتدخل ايضا في باب الثواب والعقاب او الشكر والعرفان وعليه فهذه المجاملات الصادقة و ذكر الصفات الجيده التي هي موجودة اصلا لدى الشخص المعني وتثمين افعالهم الجيدة لا تعني اننا بهذه الكلمات المنصفة نصنع الدكتاتوريات حسب رأي الكثير من الاخوة الصحفين والكتاب , عندما نشيد بجهود بعض الساسة لما يقومون به من اعمال في خدمة شعبهم ووطنهم ماهي الا من باب الشكر و العرفان و هي نفس الاعمال والجهود التي من الممكن ان يخلدهم شعبهم عليها ولو بعد حين.
فالكثير ممن خدموا العراق قد رحلوا ولكن للاسف لم ننصفهم ولا حتى بكلمة شكر عما فعلوة للعراق أما من انصفناهم بعد فوات الاوان اصبح انصافنا لهم له معنا اخر وطعما اخر لم يتذوقوه اطلاقا .
الحقيقة الانسان كله على بعضه مجموعة من الافعال وهذه الافعال هي التي تجعلنا نحكم على فاعلها بأنه انسانا او لا . فأذا كانت افعالة تخدم ابناء جنسة وشعبه فهو من خيرة الناس واذا حدث العكس فهو لا يستحق حتى ان يحسب على البشرية بأي شكلا من الاشكال .
وعليه حدثت في المدة الاخيرة وبالذات ما بعد الانتخابات الكثير من المتغيرات على الساحة السياسية العراقية و التى تدعونا ان نقف عندها و نذكرها من باب الشكر والعرفان لانها تخدم العراق وشعبة ولابد ان نشد على ايادي من قاموا بها بكل ثقة لاننا في امس الحاجة الى التأخي والتفاهم بعد ان ولت الدكتاتوريه ومصادرة حق الاخر والخوف والتملق المقيت والنفاق القاتل , وننتظر من الاخرين ان يعملوا ليذكرهم التاريخ .
أأكد هنا نحكم على الافعال التي نراها بعد ان نتحقق من صحتها ونلمس اثارها الفعلية على الحركة السياسية بالذات .
لقد ظهرت شخصيات سياسية عراقية تفاعلت مع الاحداث بكل مسؤولية وحولت مجرى الامور المنحرف او كاد ان ينحرف الى مجرى صحي ديمقراطي في ظل ظروف كادت ان تدفع بالعملية السياسية و التجربة الديمقراطية الفتية الى طريق اللاعودة وكادت ان تجر البلاد الى التهلكة وكنا والله يعلم في حيرة وترقب وذهول لا يحسد عليه لاننا اعتبرنا تجربة الديمقراطية في العراق هي فسحة الامل للمنطقة العربية كلها وراهنا على أن نكون او لا نكون , أما بلد ديمقراطي حر او نبقى بلد فوضي لا تقوم له قائمة.
واذا بهم المالكي و الجعفري واسامة النجيفي و صفية السهيل وقناة الطائي الفضائية ( الفيحاء ) نموذجا رائعا يحتذي بهم .هم من انصفوا العراق والعراقيين وسدوا الباب في وجهه التطرف واللامساوات وجعلونا نجزم ان العراق بالف خير رغم كل الظروف والمعانات فهم من نقلوا السياسية العراقية نقلة نوعية كل من موقعه وحكمته واشاعوا روح التفائل و التفاعل والتواصل مع الجميع وخاصة ما بين الكتل السياسية المتناحرة وهذا لا يعني ان السياسة العراقية اصبحت فوق كل الشبهات ولكنها كانت اول البشائر .
فالماكي احتوى الازمة بكل عنفوانها وهمجيتها وارهابها وحولها لصالح العراق بردا وسلاما وبكل مسؤولية . فكلنا يعرف ان التشكيلته الحكومية الجديدة ليست هي الطموح وبنفس الوقت لا يوجد البديل لان الساحة السياسية العراقية (المحاصصة )هي الحكم والفصل في ذلك وبالرغم من كل شئ , اي برغم التناقض والتنافر والخلافات الفكرية اقر المرشحين وحمل لواء المسؤولية لانقاذ العراق , ولكن يمكن ان تكون هذه التشكيلة هي الطموح لو اعطوا هؤلاء الوزراء لانفسهم فرصة خدمة العراق بصدق وامانة واخلاص واعطاء حق منتخبيهم مايستحقونه من خدمات مادية ومعنوية والتعاون فيما بينهم على خدمة العراق وبنفس الوقت ان نعطيهم فرصة للعمل ونساعدهم على ذلك عسى ولعل تفاجئنا الايام بطاقاتهم التي لم نعرفها بعد ونرى ولائهم للوطن فوق كل عقيدة واذ حصل العكس فللمالكي هنا الدور الحاسم والنهائي وكلمة الفصل في البحث عن البديل وستمكنه من ذلك سرعته واصراره المعهودتين ليمكننا من الحل و أنقاذ الموقف وليجعل من الشعب والبرلمان هذه المرة عونا له لا فرعونا عليه لان البلاد والعباد لا تتحمل المزيد من المعاناة .
أما الجعفري فكان غصن زيتون السلام السياسي العراقي فبدبلوماسيته الذكية حطم الثلوج المتراكمة بين الكتل منذ سنين لتهل علينا بركات السلام والهدوء المفقودة بين الساسة والكتل السياسية منذ 2003 .
المفاجئة الاخرى الفاعلة في الحركة السياسية اسامة النجيفي ودوره المتميز في ادارة جلسات البرلمان فهو من جعلنا نستمتع بجلسات البرلمان بعد ان كانت الصراعات بين النواب والكتل تتصدع لها الرؤوس وتدعو للغثيان والنفور .
اما الدور الرائد والدؤوب المكمل لبناء الديمقراطية الفعلي وأنقاذ ما يمكن انقاذه بالطرق السلمية هو دور صفية السهيل فهي تعمل كنحلة لانقاذ بنات وطنها من التهميش والا مساوات في الحقوق ودعوتنا الخالصة لها ان تلتقي بكل المحرومات والارامل والمتعففات وتنقل معاناتهن للبرلمان وتشريع ما يمكن تشريعه لانقاذهن وليس فقط النضال هو الحصول على الكراسي ومن الممكن ان يكون الاصوب هو التقرب من معاناة الشعب وخاصة معاناة النساء وأيجاد الحلول المناسبة لها ومفعول هذا التقرب وخدمة الشعب هي اقوى مفعولا من الكرسي الوزاري بكل المقاييس .
وهنا ايضا لايمكن اغفال دور قناة الطائي الفضائية الواعية ( الفيحاء ) وتميزها عن وبين الفضائيات الاخرى بالعمل الصحفي المسؤول والملتزم تجاه العراق وشعبه فهي من جعلتنا نواكب الاحداث بكل حيادية وشفافية بعيدا عن التطبيل والنفاق والابتذال فقناة الطائي يمكن ان اطلق عليها منبر لحرية الرأي المسؤول وصوت الممكن المسموع رغم كل الخلافات المطروحة في وجهات النظر .
علما انني لم التقي بهذه الشخصيات التي ذكرتها اطلاقا لكني ذكرتهم من باب الشكر والعرفان لاعمالهم التي بها انصفوا العراق والعراقيين في وقت كان من اصعب الاوقات في حياة الشعب العراقي والبناء الديمقراطي لانهم قاموا بدورهم المناط بهم حقا كعراقيين , ودعتوي لهم ان يستمرا بأعمالهم هذه في التقريب والتآخي لينقذوا السفينة العراقية من المخاطر والرياح العاتية التي تعصف به من كل حدب وصوب .
وعليه نرجو من السيد المالكي ان ينتبه الى وعلى الشعب العراقي بكل اطيافية ويكون عونا لهم ولكوننا على ثقة بأنه اهلا لذلك .فأملنا ان يواسي الشعب العراقي بكل مكوناته وان يتعرف على مأسي الشعب العراقي عن كثب .فالعراقيون يآنون من اوجاع الحياة بكل مرافقها من ماء وكهرباء وبطالة وفساد اداري وارهاب فأغلبه فاقدا للسكن والتعليم والصحة والعمل والامان والاطمأنان النفسي و وضعية المراة العراقية بالذات في تدهور مستمر و يأس يعصف بها من كل الجهات فتعاني من سلبيات النهوة و كصة بكصة و الامية و الفصلية و الزواج الغير متكافئ والتهميش والقتل بحجة غسل العار وقلة الحيلة بأسم التعصب الطائفي او الديني واستسلامها بالقدرية التي ستقضي عليها عاجلا ام اجلا ان لم يأخذ بيدها وباسرع ما يمكن وبأعتبارها نصف المجتمع لابد اذن من الحلول العاجلة والجذرية . ناهيك عن معاناة المغتربين ومكانة العراقيين المهدورة بين الامم وكيفة رد الاعتبار لهم والتعامل المتبادل بالمثل لنعرف معنى المواطنة حقا .
نعم كلنا نعرف انها تركة ثقيلة ولكن نحن ايضا على يقين أن اول الغيث مطر.
فالزعيم عبد الكريم قاسم فعل الكثير للشعب العراقي بصورة عامة وللمرأة بصورة خاصة فحقوقها في عهده كانت اكثر من حقوقها الان في ظل الديمقراطية فهو من ساواها بأخيها الرجل بالحقوق والواجبات واستوزرها وعرف قيمتها وقدر عملها وحضي الشعب العراقي بالكثير من المكتسبات في فترة حكمه وها هي مدينة الشعلة والثورة واحياء المعلمين والعمال والمستشفيات وجامعة بغداد في الجادرية وغيرها من بيوت الكادحين التي نشأت في عهدة ما هي الا دليلا صارخا على انصافه للفقراء والمظلومين من الشعب العراقي واهتمامه بالصحة والتعليم ولكننا لم ننصفه كما ينبغي رحم الله الزعيم قاسم فالشعوب فعلا تخلد من يخدمها و ينقذها من معاناتها ولو بعد حين والتاريخ كفيل بذلك .
أ.د.أقبال المؤمن
#أقبال_المؤمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟