أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - صلاح الدين الأيوبي كمجرم حرب













المزيد.....

صلاح الدين الأيوبي كمجرم حرب


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3228 - 2010 / 12 / 27 - 13:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنت قد وصفت في مقال سابق تحت عنوان لماذا لا أريد الذهاب إلى الجنة، صلاح الدين الأيوبي بمجرم الحرب المبشر بالجنة، وطبعاً لم يكن ذلك من منطق كيدي أو حاقد أو كره لشخص بعينه، وإنما وضع الرجل وغيره الكثيرين، ممن يسمون بالشخصيات التاريخية العربية والإسلامية، في سياق مادي تاريخي، وتحت المعايير الحقوقية والإنسانية والمدنية والعصرية، والأهم الأخلاقية، سيجعل منهم جميعاً مجرمي حرب ومجرد قتلة وسفاحين. وهذا الاستنتاج متأت أيضاً وفق سلسلة طويلة من المتابعة والقراءة وبناء التصورات والأحداث وتقليبها وتمحيصها مما ارتكبها وقام بها هذا المجرم وغيره من رموز التاريخ الدموي الأسود إياه.
وطبعاً شهادتنا بهذا المجرم وغيره، "منقوصة ومجروحة"، ولكن ماذا لو أتت من قلب المؤسسة الدينية الأزهرية، ومن مصر بالذات حاضنة الصحوة اليوم، إذ صدرت بالتزامن مع مقالنا، تصريحات مثيرة ونارية لرجل الدين الأزهري المصري المعروف، المتشيع لاحقاً، وهو سليل عائلة أزهرية مصرية، الشيخ أحمد راسم النفيس، تؤكد "زعمنا" حول الرجل، وذلك في مقال كتبه على مدونته، ونقلته عنه مجلة اليوم السابع المصرية، وتجدونها على الرابط التالي:
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=324154&
ومما قاله هذا الشيخ : "أن صلاح الدين الأيوبى دمر مصر كلها ولم يقم بتدمير تاريخ الفاطميين والشيعة فقط، حيث إن تدميره لمكتبة دار الحكمة والتي كانت تحوى أكثر من 2 مليون كتاب وبيعه لكتب الفاطميين بالبخس يعد بمثابة جريمة حضارية في حق المصريين جميعاً. كما قام ذاك المجرم: "بهدم أهرامات الجيزة، والتي كان عددها 18 هرماً بجوار الأهرامات الثلاثة الموجودة حالياً والتي لم يتمكن من هدمها، مضيفاً أن صلاح الدين قام بتسريح الجيش المصري والإبقاء على فرق الحرس الجمهوري الخاص به". وفجر النفيس مفاجأة جديدة بقوله: "إن دولة إسرائيل تأسست على يد صلاح الدين، حيث إن الاستيطان اليهودي بدأ في فلسطين على يد صلاح الدين، مشيراً إلى أنه لم يكن هناك أى يهودي على أرض فلسطين قبل الاحتلال الصليبي للقدس". و قال النفيس: "إن صلاح الدين كان مرتزقاً تابعاً للسلاجقة الأتراك الذين حكموا بغداد، وكانت قبائلهم قائمة على السلب والنهب، مضيفاً أن المقريزي قال إن صلاح الدين هو الذي قام بتحويل الفلاح المصري إلى "عبد قرار" أي لا يملك بيع أو شراء نفسه".
لسنا في معرض تقييم الرجل من خلال الصراعات المذهبية والعشائرية والقبلية التي حملتها الثقافة البدوية أينما حلت وارتحلت، ولا تناول ما فعل صلاح الدين الأيوبي (1137-1193) من قتل وسفك للدماء وزهق لأرواح بريئة بناء على خلفيات عقائدية ومذهبية وهذه فاشية واضحة بكل المقاييس أن تقتل كل من يختلف معك بالرأي والمعتقد ناهيك عن تأسيسه لملك عضوض لا ديمقراطية ولا تداول للسلطات فيه، وإرسائه لسلالة قدرية عصبوية عنصرية مالكة أذاقت الشعوب الويل والقهر والعذاب، أو تناول العارض الأخطر في تقديس السفاحين وهو استيلاد وخلق وتكوين وعي عام مغلوط ومقلوب مشوه ومنقوص لدرجة تصيب وتنال شاعراً كمحمود درويش، ظهر كصاحب وعي تاريخي منقوص، حين يتساءل مستغرباً ومتفاخراً في ذات الوقت بهذا لمجرم إذ يقول في إحدى قصائده: "وهل أنا صلاح الدين أم عبد الصليبيين؟"، ولكن ما يهم في الخبر هو إحراقه لمكتبة دار الحكمة والتي احتوت على 2 مليون كتاب، بما فيها من كنوز ونفائس علمية وفلسفية لا تقدر بثمن وهذا بحد ذاته جريمة حرب لا تختلف كثراً عما فعله التتار في بغداد حين رموا بكل كتبها ونفائسها الفكرية في نهر دجلة الذي يقال بأنه بقي سبعة أيام أسود اللون بسبب حبر الكتب التي صبغته وتعبيراً رمزياً عن حزن انهر على تلك الجريمة التتارية الهمجية. ماذا تفرق جريمة صلاح الدين عن جريمة التتار؟ وهل جرائمه مباحة وجرائم الغير مدانة؟ لماذا ندين التتار ونشتمهم ليل نهار ونمجد هذا المجرم وننتج عنه مسلسلات تضعه في مراتب قدسية بين الناس ؟ ولماذا لا ننتج نفس المسلسلات عن هولاكو وتيمور لنك باعتبار أن ما فعلوه لا يختلف كثيراً عما فعله هذا المجرم الأفاك السفاك للدماء؟ كما أن تدميره لمعالم حضارية وأوابد تاريخية عظيمة كأهرامات مصر، يعتبر جريمة حرب موصوفة وبربرية وهمجية ضد الإنسانية، باعتبارها أصناماً، ومعالم حضارية، وكلنا علم ودراية بحقد وكراهية واحتقار الثقافة البدوية لكل ما هو حضاري وجمالي وشريف ونبيل، وليأتي بعد حاولي ثمانية قرون من الزمن من يقلده في ذلك من أحفاده من الطالبان في تدمير تماثيل بوذا في باميان في العام 2000.
إن إحراق المكتبات، وتدمير الأوابد الحضارية، هو جرائم ضد الإنسانية بحد ذاتها، وهي عمل فظيع ومدان بكل المقاييس، ولا يمكن تبريره بحال، ولا ترتكبه إلا نفس مجرمة منحرفة غير سوية، وحاقدة تشعر بعقدة دونية ونقص من الآخر المتفوق حضارياً ومدنياً. ومن الجدير ذكره في هذا السياق أن الكاتب أسامة أنور عكاشة، كان قد وصف مجرم الحرب البدوي الآخر عمر بن العاص أيضاً بأنه: " أحقر شخصية في الإسلام" وبأنه "أفّّاق"، وعلل ذلك بالقول إنه "أراد تشكيل أي صورة تاريخية ليتم تمثيلها في عمل درامي فإنه سيشكلها كما يراها هو وليس كما هي مثبتة في التاريخ". وأنه – أي عكاشة – يرى من وجهة نظره أن شخصية عمر بن العاص "أحقر شخصية في الإسلام". (الرياض. نت 28/5/2010)
وكان هذا "الفاتح" و"الصحابي الجليل"، هو الآخر، قد دمر وأحرق مكتبة الإسكندرية، حين اعتدى وغزا مصر، أيضاً بكل ما فيها من نفائس وكنوز علمية وفلسفية وفكرية لا تعوض، ولا ندري ما هو سبب حقد هؤلاء "الفاتحين" على الفكر والكتب والمفكرين، وسر العداء بينهم وبين الكتاب على مر التاريخ وحتى هذا اليوم، ولماذا العرب هم أقل شعوب اعالم قراءة وإنتاجاً فكرياً وأدبياً وعلمياً وثقافياً ومكتبياً، لكنهم، وبكل فخر، أكثر شعوب العالم إنتاجاً للأميين والجهلة والخزعبلاتويين والسحرة والمشعوذين واللصوص والعسس والقتلة والجلادين والاستبداديين والتكفيريين؟
وحين نقول لأطفالنا أن هذا المجرم وغيره أحرق كتباً وقتل بشراً وتلوثت يداه بالدماء، ودمر المعالم الأثرية والحضارية، ومن ثم نطلب منه تقديسه، والصلاة عليه، فلا شك أننا نرتكب جريمة أخرى لا تقل روعة عن جريمة المجرم الأكبر الأول، وعلينا ألا نستغرب، عندئذ، أو تفاجئ أن يخرج من بين ظهرانينا، زرقاوي، وأبو دجانة الخراساني، وتيمور عبد الوهاب، ونضال مالك حسن، والفاروق عبد المطلب والعوالقي، وأبو عمر البغدادي، وبقية سلالات العقل المضطرب المأزوم والفاهم والمركب بالمقلوب.
لا يمكن تبرير وتجميل وتقديس كل ذاك القتل والإجرام والتدمير والحرق والسحل والهمجية وزهق الأرواح لأي كان وتحت أية ذريعة، ولا يمكن النظر إليه، وفق مبدأ وحدة المعايير القيمية والأخلاقية، إلا وفق إجرام متأصل ونفوس مأزومة ومنحرفة وشاذة ومريضة عندها عشق غريب لرائحة الدم ونزوع فطري وشبق حسي لسماع أنين الأرواح المزهوقة والنفوس المسحوقة، ولا يجب استثناء أي كان منها، وإلا لوجب علينا أيضاً تصديق مزاعم ومبررات كل القتلة والسفاحين ومجرمي الحرب الكبار في التاريخ من قابيل وحتى ميلوزوفيتش.
والآن، وهو المطلوب، ماذا لو نزعنا القداسة والهالة التفخيمية والتمجيدية وتوقفنا عن تمجيد القتلة والقتل واللصوص والغزو ورموز العداء للإنسانية، ومتلازمة رضي الله عنه، عن الكثيرين مما تحشو به وزارات التربية والثقافة العربية عقول صغارنا الغضة البريئة لتدمر إنسانيتها وتشوهها، التي –الوزارات- باتت مفارخ ومداجن حقيقية لإنتاج وتربية وتسمين القتلة والإرهابيين والتكفيريين، ماذا لو نزعنا عنهم تلك الهالات ونظرنا إليهم في سياقات مادية صرفة، بل ماذا سيتبقى منهم سوى كونهم مجرد لصوص وقتلة وغزاة ومجرمي حرب كبار، يصطفون ويقفون، بشرف واعتزاز، جنباً إلى جنب، مع تيلور، وميلوسوفيتش وكارازيتش، وهولاكو، وصنوهم العربوي صدام، وماذا لو قلنا لأطفالنا، ولأنفسنا وبصريح العبارة، والفم الملآن، إن صلاح الدين الأيوبي، وأمثاله، ما هو إلا مجرم حرب وليس بطلاً فاتحاً أو فارساً همام.
إن ثقافة تبرر لـ، وتمجد، وتجمـّل وتقدس القتلة والسفاحين والبرابرة الزناة وقاطعي الطريق، لا يمكن لها إلا أن تنتج نفس الصنف من البشر الآدميين، أي نسخاً مصغرة ومشوهة و"مغشوشة" و"مضروبة" من أولئك القتلة والزناة البرابرة وقاطعي الطريق. ولا تستغربوا، بعدئذ، وولا تزعلوا، أو تشكوا وتبكوا، لان العالم لا يفهمكم ولا يفهم ثقافتكم، لأن بينكم هذا الجنرال ، أو ذاك العقيد، والشاويش، والماريشال السفاح ، والفريق علي المجيد، أو المهيب صدام ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيهما أولى بالنقد: المسيحية أم الإسلام؟
- الفقهاء والدعاء بالمقلوب
- لماذا لا يستجيب الله لدعائهم؟
- لماذا لا توضع الدول العربية تحت إدارة دولية؟
- لماذا لا أريد الذهاب للجنة؟
- من يقود الحروب الصليبية اليوم؟
- العشاء الأخير: القرضاوي أمام المحاكم القطرية
- لا عَرَقَ في العراق
- جلد النساء: وحشية ثقافة الصحراء
- فضائية الحوار: الحلم المشروع والخطوة الضرورية
- غزوات وهابية جديدة
- الله يسوّد وجوهكم
- رسالة إلى السادة قادة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي
- العرب بين الويكيليكس وأوراق الكلينيكس
- هل يفلح إعلان دمشق في بدونة سوريا؟
- كيف يفكر البدو؟ الإسلام السياسي في الميزان
- الإنترنت لكم بالمرصاد فاحذروه
- لماذا يشيطنون حسن نصر الله ويقدسون ابن لادن؟
- لماذا لا يباع الخمر علناً في الدول الدينية؟
- إعلان دمشق كمشروع ماضوي


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - صلاح الدين الأيوبي كمجرم حرب