|
أسرار الجراح المبدعة والناشرة
دينا حنفي
الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 21:52
المحور:
الادب والفن
أسرار الجراح المبدعة والناشرة بقلم : دينا حنفي
ــــــــــــ
أسرار الجراح، صاحبة الملامح الهادئة والإطلالة الرومانسية، يعرفها القاريء في مشرق الوطن العربي ومغربه، وهي حالة إبداعية استثنائية فهي شاعرة غزيرة متنوعة المذاهب الشعرية فهي تكتب الشعر الفصيح بأشكاله العديدة والشعر اللهجي الخليجي والمصري وهي فنانة تشكيلية ترسم البورتريه وتنظر إلى العالم من خلال لوحاتها نظرة واقعية حانية أما في الرواية فقد قدمت للمكتبة العربية واحدة من أكثر الروايات العربية النسائية جرأة وهي روايتها " حنين الغراء " بالرغم من كونها كويتية قادمة من المجتمعات المحافظة لكنها تملك من الوعي والاكتساب الثقافي والمعرفي والقراءات المتنوعة في الإطروحات السردية الحديثة عربيا وعالميا مما جعلها تقتحم بجرأة غير معهودة في الكتابات النسائية مناطق شديدة الحساسية وتبوح بمشاعر الأنثى بصراحة إيروتيكية تحسد عليها
ولدت " أسرار الجراح " في الكويت وتلقت تعليمها الأولي في مدارسها ومنذ سنواتها الأولى استطاعت أن تلفت انتباه مدرسيها حيث بدت طالبة غير عادية تطرح الأسئلة التى لا تتناسب مع طفولتها وتحصد إعجاب المدرسين بخيالها الخصب وقدراتها البلاغية خاصة في مواضيع الإنشاء وسرعان ما اكتشف من حولها موهبتها الشعرية حيث تفجرت قصائدها علي لسانها كالماء بعفوية وسلاسة وعذوبة، لكنها كانت حتى هذه الفترة تكتب لنفسها ولصديقاتها ولا تنشر في المجلات والجرائد، ثم أخذتها الحياة العلمية عندما سافرت لأمريكا لتدرس الطب الرياضي وعادت لبلدتها أكثر نضوحا وتفتحا بعد إتمتمها لدراساتها الطبية، لكنها فعلت مثلما فعل الدكتور يوسف إدريس الذي آثر أن يمتهن الكتابة ويبتعد عن ممارسة الطب، وقد اختارت أسرار الجراح القاهرة للإقامة فيها وفيها طهرت مواهبها حتى أصبحت من أشهر المبدعات العربيات في غضون ثماني سنوات فقط، وأصبح اسمها مقرونا بالجدة والتميز، وهكذا اعتنقت الإبداع والفن وغاصت في بحور الكتابة المترامية الشواطيء مما جعلها من أكثر الكاتبات غزارة حيث أصدرت حتى الآن أكثر من عشرة دواوين شعرية لعل أبرزها ديوان " سمت الصبايا " حيث تبدو فيه أكثر حنكة وامتلاكا لمفرادتها اللغوية والموسيقى الخليلية التي يهجرها غالبية الشعراء، تقول أسرار الجراح في قصيدة " انصفيني"
قلتُ انصِفيني أنتِ يا كلَّ النساءْ هيا اكسِريني وانثُري فوقي الرثاءْ حسنائي قد دُمِّرْتُ من هذا الجمالْ فلتجمعي الإنسانَ بي بعد العناءْ خلف السطورِ رقَصتِ كِبْرًا بانتشاءْ تتمايلين كما الغصونِ بلا انحناءْ فليحتويني الحضنُ دفئًا وظلالْ فكرامتي تهوِي تهدِّدُ بالبكاءْ ولتُظهري من شَهدِ قولِكِ ما أشاءْ ولتَبْقِي لي بدري ونجماتِ السماءْ هيا اروي قلبي لذيذَ عشقٍ كالزلالْ فلتنصفيني منكِ يا كلَّ النساءْ
أما رواتها الرائعة الجريئة " حنين الغرباء " فهو رواية تغوص في أعماق النفس البشرية المعقدة والمركبة حيث تحكي المؤلفة من خلال ثلاث عشر فصلا رحلة فتاة تعيش أم لاهية وأب قواد لكنها تحلم بالطهر وتعلق مصيرها على مصير الطائر الحبيس وعندما تقرر الهروب تكتفى المؤلفة فقط بأن تقوم أماني بطلتها المؤرقة بإطلاق سراح الطائر لتبدأ رحلة أخرى بين أحراش المدينة التى لا ترحم وبتوالي الأحداث تسقط مقاومتها لتغدر بدورها بأقرب الناس حنوا عليها واحتواء لها، رواية قد تبدو للوهلة الأولى عادية ومكررة لكنها بمساحاتها الوجدانية العالية ولغتها الراقية وقدرتها التصويرية الفائقة تتحول لعمل إبداعي فاتن أما عن تصوير اللقاءات الجنسية فقد تفوقت الكاتبة على نفسها وقدمت نصا روائيا شديد الجرأة ولعله الأجرأ في تاريخ الرواية العربية الحديثة، وعن هذه الرواية يقول الناقد الأدبي الدكتور علي حسن الموسوي لا بد ان اسرار الجراح قد قرات كثبرا في الفلسفة العالمية الاغرقية والفرنسية وخاصة الصينية فيما يتعلق بالرؤية الايروتيكية للابداع
أما في مجال شعر العامية المصرية فقد قدمت أسرار الجراح أكثر من ديوان لعل أهمها على الاطلاق هو هذه التجربة الجديدة على الشعر وهي " المقاربة الشعرية " وذلك من خلال ديوانها " وجوه بين صوابعي " الذي كتبته كمقاربة شعرية لديوان " الواحدون " للشاعر الكبير الأستاذ السماح عبد الله فاتحة بذلك بابا جديدا للولوج أمام قبيلة الشعراء ونظرا للموسيقية الواضحة التي تتحلى بها قصائد أسرار الجراح فقد عرفت طريقها للغناء وتغنى بأشعارها الكثير من المطربين المصريين والعرب مثل أسماء المنور ومي كساب ومحمد الجراح ومشاري هلال حيث وصل رصيدها من الأغاني قرابة العشرين أغنية
ولعل مشروعها الجدير بالاحترام والتقدير هو مؤسسة دار التلاقي للكتاب التي أسستها في القاهرة مع الشاعر الشهير الأستاذ السماح عبدالله ويبدو نبل المقصد من خلال هذه السلسلة المعنونة بـ " الخطوات الأولى " حيث تتبنى الإبداعات الشابة لأسماء جديدة تنشر للمرة الأولى حرصا منها ومن إدارة المؤسسة على اكتشاف المواهب الأدبية الطالعة على امتداد الوطن العربي تحية للإنسانة المبدعة الجميلة أسرار الجراح التي اجتازت مؤخرا جراحة دقيقة وهي الآن تمر بفترة النقاهة ومحبوها في انتظار جديدها الإبداعي
دينا حنفي
[email protected]
#دينا_حنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|