|
لإختِبَاء وَراءَ الأسمَاء اللمّاعة
فرياد إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 12:01
المحور:
الادب والفن
الإختِبَاء وَراءَ الأسمَاء اللمّاعة بقلم: فرياد إبراهيم ( الزّبَرجد) أرى جليا ان حكم السامع او القارئ على الكلام الشفهي والمكتوب يتأثر كليا أو جزئيا بقائله وكاتبه لا بمضمونه ومحتواه. فلو القيت نكتة أو فكاهة " فاهية" وقلت انها من نفسك فلسوف لن تُضحِك أحدا . ولكنك لو نسبت نفس النكتة أو الظريفة – الطريفة الى جحا ( ملا نصر الدين) فسترى كيف ينفجر صاحبك مقهقها. فالاسم في هذه الحالة هو الذي اضحك لا المسمى. وبعنى آخر: جحا هو الذي أضحك لا ما قاله " جحا". وهذا الذي أبكى في حال مجنون ليلى. فكم من شاعر اسند اليه نظمه اجحافا وجزافا لا من اجل شئ الا من اجل التأثير وتخليد قول القائل تحت اسم غيره معروف. وأظن أنّ شيئا مماثلا قد حدث لأحاديث الرسل والانبياء والأولياء والعلماء والحكماء. فكل من اراد التأثير على السامع وإقناعه بقول أو عمل لسبب ما أو لآخر أسند فعله أو نظريته الى هؤلاء الموثوق بكلامهم. وهذا التكتيك مفضل خاصة لدى القادة وتجّار الدين . وهذه الظاهرة لهي أشد وضوحا وأكثرشيوعا في عالم النشروالتأليف. فالمؤلفون يبذلون قصارى جهودهم لتأليف كتاب يبلغ به القمة. وحالما وضع احدهم قدمه على القمة فليس هناك قوة قادرة على زعزعته من مكانه حتى ولو كان ما قدمت يداه لا شئ سوى ترهات وخزعبلات لا تسمن ولا تغني من جوع. أذكرعلى سبيل المثال لا الحصر رواية الخيميائي التي اوصلت باولو كويلهو الى القمة. اما رواية نفس المؤلف: إحدى عشرة دقيقة فقد كادت تطيح به الى الحضيض لولا وجود اسم باولو على غلاف الكتاب مطبوعا بحروف اكبر بأربع مرات من عنوان كتابه هذا. فهذه الرواية تتناول في مجملها الجنس والممارسة الجنسية وإباحية خارجة عن حدود الحشمة واللباقة والحد الأدنى من الأدب الذي يجب ان يتحلى به كاتب بلغ منتصف الستينات من عمره. وهكذا صدرت رواية دافنشي كودا- شيفرة دافنشي- بعنوان كبير بحجم رأس دان براون ، مؤلف الرواية، نفسه. وذلك لأن اسم ليوناردو دا فينشي كان حينها أكبر بكثير من اسم المؤلف. فبعدما بلغ المؤلف مبلغ الشهرة صدر كتابه التالي الردئ جدا المعنون: Deception Point– وقد غطى اسم المؤلف صفحة الغلاف كلها طولا وعرضا ، سكوب ملون. وكأني به يخفي شكلا قبيحا معتما وراء اسم لامع ساطع. فنفذت جميع نُسخها من الأسواق كسابقتها بفترة زمنية قياسية . وهذا الأمر واضح في عالم الغناء بصورة اكثر بروزا. فقد يحدث وتوصل اغنية ما مطربا ما الى القمة وكانت التالية لتفاهتها لتوقع به في الحضيض لولا اسم المغني الذي لمع وذاع صيته وصار معصوما عن السقوط منيعا . فالاسم هو الذي صار يغني بعد الشهرة لا الكلمات ولا اللحن. انها حالة نفسية ، فلو عاش فرويد الى اليوم لأسسس في أغلب ظني نظرية جديدة تحت عبارة: (عبرت الشط على مودك، وانا باعشقك أكبر من كاظم الساهر وميادة الحناوي.) حتى ولو كان ما غنى وغنت بعد تلكما الأغنيتين لأشبه بجعجعة رحى تطحن قرونا. وهل هناك من لا يعرف فوائد المشي. سمعت سيدة تذكر فوائد المشي وتعدد محاسنها لسيدة شقراء أخرى والتي كانت مرتابة ومترددة في تصديق قول محدثتها طوال الوقت. فكانت هذه تفضل رياضة ركوب الدراجة. وفجأة عزّزت فكرتها بشاهد متين فقالت: " يقول الفيلسوف الألماني، نيتشة : إن كل الأفكار العظيمة يمكن فهمها أثناء المشي." فما أن لفظت السيدة الأولى اسم نيتشة حتى انتفضت الأخرى كعصفور بلله القطر وهي تهتف بحماس ودهش: " نيتشه ؟! هل قلت نيتشه؟!!---" ثم أردفها مصدقة منصاعة مستسلمة: " نعم، وأيمَ الحق، نعم ، هذا تماما ما احسست به في المرة الفائتة عندما كنت امشي في الغابة." وحتى الامور الصغيرة في حياتنا اليومية تقع تحت تأثيراسماء لمّاعة معروفة شعبيا ورسميا. فابنتي الصغيرة ، ياسمين ، مثلا، لم تبتهج كثيرا بهديتي المتواضعة التي اهديتها اليها يوما ما. وفي المرة الثانية أشتريت لها الشئ ذاته – بالأتفاق مع أمها ولأثبات نظريتي- وقلت لها مداعبا، وعلى مبدأ الكذبة البيضاء: " انها من سنتر كلاس ( Sinterklaas-- ( قديس يظهر في هولندة ويوزع الهدايا على الأطفال بمناسبة أعياد الميلاد وهو بديل سانتا كلوز أو بابا نويل - فاتسعت حدقتاها إتساعا وفمها انفراجا تحت تأثير القدسية التي غلفت عربة باص عادية، ملاعيب لم تعر لها اي اهتمام في المرات السابقة المجردة من اسم القديس. وها نحن هذه الأيام نقوم بإهدائها الهدايا الصغيرة تحت اسم سنتركلاس فتغدو عظيمة . نشتريها نحن و يتلقى هو الثناء والدعاء وعبارات المحبة والرضوان. ويا من تعب ويا من شقى- نغني والغصة في الحلق! لابأس بهذا ولكن.... هذه الظاهرة- او ما يمكن تسميتها بعقدة الاسم اللامع- كثيرا ما تجعلنا نستكره الجميل ونستقبح الطيب لبا وجوهرا ونستحسن القبيح والزائف المزوق ظاهرا ومظهرا. ونغتر بخضراء الدمن! --------- فرياد إبراهيم- الزّبَرجَد- هولندة www.Freeyad Ibrahim.nl [email protected]
#فرياد_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|