|
تحية حب وإعتزاز كبيرَين لتشكيل التيار الديمقراطي في ألمانيا.. ولكن
مصطفى القرة داغي
الحوار المتمدن-العدد: 3226 - 2010 / 12 / 25 - 22:53
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أعلن قبل أيام في العاصمة الألمانية برلين، عن إنعقاد الإجتماع التأسيسي لتشكيل التيار الديمقراطي في ألمانيا، والذي يمثل جزئاً من مبادرة تقوم بها وتوجه عام تسعى اليه بعض الشخصيات والقوى السياسية العراقية العلمانية المؤمنة بالديمقراطية لتشكيل مجموعة تيارات ديمقراطية داخل العراق وخارجه تسعى لنشر الديمقراطية وتفعيل آلياتها في المجتمع، والذي حضرته مجموعة من رجال الفكر والسياسة والثقافة العراقيين. وفي الوقت الذي نثمن ونبارك قيام هذا الجَمع الكريم لأساتذتنا الذين نعزهم ونجلهم بمثل هكذا مبادرة،نود أن نشير لجملة ملاحظات تبادرت لإذهاننا ونحن نتابع الخطوات التحضيرية لتشكيل هذا التيار والإعلان عنه، نتمنى أن تجد لها آذاناً صاغية تسمعها وصدوراً رحبة تستوعبها،وربما تأخذ بها لتجاوز ما يمكن وصفه بإخفاقات نرى أنها رافقت تأسيس التيار، والتي نخشى أن ترافق عمله في الفترة القادمة، وهو عمل نتمنى أن يكون فعالاً ومثمراً، ومن هنا جاء حرصنا على كتابة هذه المقالة. بدئاً نود أن نسأل..من أين جائت فكرة تأسيس هذا التيار؟ هل هي فكرة مجموعة شخصيات سياسية وثقافية وأكاديمية عراقية؟ أم إنها فكرة أحزاب معينة ترعى مثل هذه التوجهات، أو تريد منها أن تكون واجهات جماهيرية لها؟. طبعاً نتمنى أن يكون الجواب هو الأول حفاظاً على إستقلالية عمل التيار وتوجهاته، لكن حتى إن كان الجواب هو الثاني فنتمنى أن لا يكون الدافع خلق واجهات وإنما الإيمان بالديمقراطية والسعي لنشرها في المجتمع. في كلتا الحالتين نسأل.. لماذا تم إستبعاد الشباب وهُم أهَم وأخطر شريحة في المجتمع العراقي بل وأي مجتمع وغاب من يُمثلهم ويُمثل صوتهم شخوصاً أو تجمعات علمانية ديمقراطية ليبرالية ولم يتم إشراكها وتمثيلها بمراحل التحضير والتأسيس لهذا التيار؟ نتمنى وكلنا أمل أن لا يكون السبب هو تلك الطريقة من التفكير التي قادت لما حدث في بعض منظمات المجتمع المدني العراقية بالخارج، التي ما إن يبزغ فيها فجر جيل جديد من الشباب (نقصد بهم من تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والخمسين) لأخذ زمام المبادرة والنهوض بعملها الجماهيري المدني وتطويره بدَعم من بعض أعضائها الرواد التقدميون الحداثيون، حتى يهاجمهم كهَنة التعصب الفكري، وسَدَنة الوَهَم كما يَصِفهم أستاذي وصديقي العزيز الكاتب لطيف الحبيب، بل ويَرمونهم بشتى الإتهامات والباطيل، فمرة يصفونهم بالإسلاميين (رغم أنهم بغالبيتهم أبناء شرائح المجتمع العراقي المتمدنة المتحضرة وإلا ما كانوا ليتواجدو في منظمات مدنية ذات توجهات ثقافية تقدمية حداثية على عكس بعض من لازالوا يَدّعون زوراً بأنهم حداثيون وتقدميون إلا أنهم في الحقيقة طائفيون وصَوّتوا للأحزاب الإسلامية في الإنتخابات الأخيرة والتي سبقتها)، ومرة أخرى يصفونهم بالبعثيين(وكأن من أُجبِر على العيش بزمن سلطة البعث كمَن يعرف حقيقتها وفكرها ورغم ذلك وضع يده بيدها وشكل معها جبهات وتحالفات واصفاً زعيمها بكاسترو العراق وكان سيبقى بنظرهم كذلك لو قُدِّر لهذه التحالفات النجاح ولم تنتهي الى حمامات دم !). نعود لنسأل.. لماذا شُكِّل هذا التيار؟ وما الدورالذي ينبغي أن يلعبه في المجتمع العراقي؟ وهل سينجح في لعب هذا الدور والقيام بما يتوجب عليه فعله ؟. فلقد أشار المجتمعون الى أن (الديمقراطية ليست وصفة أو لافتة، لذا ينبغي على قوى التيار أن تشتغل في الممارسة العملية على تطوير ديمقراطيتها هي وتتفحصها باستمرار، من خلال تفاعلها مع بعضها البعض ومع الناس)، كما أشاروا الى (ضرورة أن تذهب قوى التيار الى الناس لتتعرف على مشاكلهم وما يشغلهم، وتكون لسانهم الناطق بمعاناتهم ومطالبهم. فبهذا وحده يستعيد الديمقراطيون دورهم ويخرجوا من حال "النخبة" إلى التيار الشعبي المؤثر.). وهو كلام جميل لا غبار عليه، ولكن أين ممارسته العملية في الإجتماع التأسيسي للتيار ولجنته التنسيقية، التي ومع كل حبي وتقديري وإحترامي لشخوصها وتأريخهم الأكاديمي والسياسي وفكرهم الحداثي التنويري إلا أن أغلبهم أن لم يكن جميعهم من جيل واحد ومَيّالين لفكر وتيار سياسي معين، بالتالي لايمثلون التنوع الفكري والسياسي والعُمري للعراق وهو ما سيجعل مبادرتهم تولد مَيّتة ! إن مشكلة العراق الحالية هي ليست مع شريحة كبار السِن من الأجيال السابقة الذين لايشكلون اليوم غالبية في مجتمعه، فهؤلاء لايمكن أصلاً التأثير عليهم وقد حَسَموا أمرهم منذ زمن، إما بتبَنّي الفكر العلماني وهُم بغالبيتهم إما شيوعيون أو قوميون، أو بتبَنّي الفكر الإسلامي المُتعَصِّب بشقيه السني والشيعي، ولايمكن تغيير قناعة هؤلاء حتى من قبل أبناء جيلهم. لذا الدور الأكبر الذي ينبغي أن يلعبه هذا التيار هو التأثير في الشريحة الأكبر والأخطر بالمجتمع وهي شريحة الشباب من الأجيال الجديدة، فهؤلاء هم المشكلة، لأنهم ولدوا وتربوا في ظل ظروف إستثنائية إجتماعياً وسياسياً، ونشأوا وعاشوا أجواءً شاذة من دكتاتورية الى فوضى إستقطابات طائفية وقومية ودينية والتي توصف اليوم خطأً بالديمقراطية وتأثروا بأفكارها، وهؤلاء لايستطيع التأثير عليهم سوى من هو بعُمرهم ومُقارب له وعاش جزئاً من ظروفهم ويعرف الطريقة التي يفكرون بها والأسباب التي دعتهم لذلك، ولايستطيع من هو أكبر منهم بعشرين أو ثلاثين سنة وإبن زمن غير زمانهم ولايعرف كيف يفكرون ولماذا أن يؤثر عليهم. لهذا سيصبح تشكيل هذه التيارت عبثياً لا طائل منه من دون إشراك من هو قريب من هذا الجيل وعارف بدواخله وأسراره، لأنه سيبقى عملياً وحاله حال أغلب مبادرات الماضي بلا تأثير،حبراً على ورق وتنظيراً على صفحات الإنترنت وداخل أروقة منظمات المجتمع المدني النخبوية سواء في داخل العراق (هذا إن بقي منها شيء) أو خارجه،وسيبقى الشباب حطباً للقوى والأحزاب الإسلامية الراديكالية ولأفكارها الظلامية المتطرفة. في الختام أود أن أشير لأمر إستوقفني وأنا أقرأ إعلان الإجتماع التأسيسي للتيار، إذ يشير المجتمعون في إعلانهم وبفخر الى حضور رياض البغدادي ممثل مايسمى بالحركة الشعبية لإجتثاث البعث ومشاركته في إجتماعهم وإلقائه لكلمة فيه. هنا لابد من طرح سؤال مهم على اللجنة التحضيرية للمؤتمر والحاضرين من رجال الفكر والسياسة العراقيين الديمقراطيين.. ماذا يفعل ممثل هذه الحركة في الإجتماع ؟ هل هي حركة تمثل الديمقراطية أم هي جزء منها بفكرها الإجتثاثي؟ وهل هذه إشارة الى أن التيار ومؤسسوه يؤيدون فكرة الإجتثاث البعيدة عن الديمقراطية؟ وهل سيتبنى التيار هذه الفكرة ويجعلها جزئاً من أهدافه وأولوياته القادمة لنشر الديمقراطية في العراق،خصوصاً وأن ممثل الحركة قد طالب بكلمته مساندة التيار والإجتماع للحركة وتوجهاتها الإجتثاثية؟. أسئلة كثيرة نتمنى أن تجد إجاباتها سريعاً حتى لا يفقد التيار مصداقيته وهو في بدايات تأسيسه المبارك وبمثل هذا الوقت العصيب من تأريخ شعبنا الذي هو أحوج ما يكون فيه لتشكيل مثل هكذا تيار. الخطأ دليل العمل،فمن لايعمل لايخطأ ولكن العبرة هي بالإستفادة من الخطأ والفشل وعدم تكراره وتحويله الى نجاح.
#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا العجب يا مثقفينا من قرارات مجلس محافظة بغداد ووزارة ال
...
-
هل كان تشكيل التحالف الوطني إنقلاباً أبيض على العملية السياس
...
-
السيد المالكي وحزب الدعوة على خطى السابقين
-
لنختار مسيحياً و إيزيدياً و صابئياً لرئاسة جمهورية و وزراء و
...
-
ضبابية المصطلحات بين ثورات وإنقلابات
-
أما آن الأوان لمحاكمة قتلة العائلة المالكة العراقية وإعادة ا
...
-
عراق الأمراء.. من أمراء القصور الى أمراء الوحدات الى أمراء ا
...
-
السيد المالكي.. نعم (كدر واحد ياخذها) عبر صناديق الإقتراع فه
...
-
هل ستستجيب الأقدار لإرادة الشعب العراقي في الحياة ؟
-
ظاهرة المحسوبية في مراكز إنتخابات الخارج العراقية.. برلين نم
...
-
إنهيار المشروع الملكي في العراق .. التضحية بكرسي العرش مقابل
...
-
هيستيريا الإجتثاث.. ما ورائها ؟ وما أسبابها ودوافعها ؟
-
هيئة مساءلة وعدالة أم هيئة تسقيط وتصفية حسابات ؟
-
إبتلاع بئر الفكة بداية لإبتلاع ما هو أكبر
-
إنتخابات العراق المصيرية
-
العراق بين الإبتلاع الإيراني والإحتضان العرابي
-
بدعة الطائفية والعنصرية في تأسيس الدولة العراقية الحديثة
-
سفراء العراق.. أفلام هندية ومناصب أبدية
-
عراق مابعد 9 نيسان 2003 بين مأساة الداخل وتنظير وهلوسة الخار
...
-
أيها العراقيون.. ترَحّموا ولكن على من يستحق
المزيد.....
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|