|
عيد الميلاد وفهم الاخر
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3226 - 2010 / 12 / 25 - 12:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يرتكز الخلاف بين المسيحيين والمسلمين على موضوع ( التثليث ) وطبيعة المسيح ، وهو أمر اختلف فيه المسيحيون أنفسهم طويلا ، وانقسم على ذلك الأمر ، وخرجت فرقة دعيت ( بالابيونين ) حيث قالت ان للمسيح طبيعة واحدة ، وانه ليس آله ، وكان من هؤلاء القس ورقه ابن نوفل وهو ابن عم خديجة بنت خويلد ، زوجة محمد الأولى والاهم في مجرى حياته ووالدة وبناته ومنهن فاطمة ، وهو من ترجم التوارة الى العربية ، وكان يبشر بقناعاته وشجع محمد على إشهار دعوته . وقد كان لورقة تأثير هام في الدعوة الإسلامية بموجب قناعته والتي جاءت مترجمة كما هي في القرآن ، وعليه فأن الخلافات المسيحية قبل وبعد مجمع ( نيقية عام 325 ق.م ) بقيت كما هي وان هرب البعض خوفا بعد ان اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية وادخل هو أيضا عليها مجموعة من أفكاره ، وقد اورد ( الفتح العسقلاني ما يلي : (( القس ورقة ابن نوفل كان احد ابرز عناصر الفرقة التي لم تزعم ان المسيح آله يُعبد مع الله وهم ( النصارى ) الموحدون او المتنصرين اليهود في فلسطين ، وهم الأقرب لتعاليم المسيح ، استناداُ الى تلميذه بطرس ، وفي المقابل كانت فرقة اخرى بقيادة شاؤول الذي تحول الى المسيحية وكان من مضطهدي النصارى الى زعيم يدعو لإلوهية المسيح ) ، ومن جهته ورقة تمسك مع مجموعته الابيونين بالتوحيد وأنكروا تأليه المسيح ، وقد تعرضت هذه الفرقة للاضطهاد وفروا بيدنهم خارج فلسطين بعد ان سماهم شاؤول ( هراطقة ) ومنهم من وصل الى جزيرة العرب / ( انتهى الاقتباس ) وهذا __ايضا_ ما توصل اليه الشيخ محمد الغزالي وحسب زيد بن عمر بن نفيل .... كانوا __يعاقبة- يخالفون المذهب الرسمي لكنيسة الرومان . ومن المعروف ان خلافا وقع بين بطرس وبولس ( شاؤول ) طال لسنوات واهم ما فيه ان بولس دعى الى تبشير الأمم ، وبطرس اكتفى بتبشير تعاليم المسيح بين اليهود ثم عادل والتحق ببولي في روما واستشهد الاثنين هناك . وفي مجمع افسس نوقشت الطبيعتان في المسيح عام 431 وكان بطريرك القسطنطينية ( نسطوريوس ) سوري الأصل مستمك بالموقف الابيوني وكذلك ظهر المذهب ( المونوفيزتي ) القائل بذوبان الطبيعة البشرية في الطبيعة الإلهية . من هنا يظهر ان الكنيسة المسيحية واجهت انقسامات عقائدية كثيرة ولم يكن صدور ( قانون الإيمان ) عام 350 عن المجمع النيقاوي بزعامة قسطنطين الإقرار وإعلانا وحدة الموقف الإيماني المسيحي وفي ذلك اشارة الى القاعدة التي تستند اليها الكنيسة ، وبقي هو الناظم للعقيدة المسيحية حتى بعد انقسامها الكبير، ويتضح أيضا ان تلك التفاعلات أحدثت اثرها في المجتمع العربي قبل الإسلام حيث كانت الاغلبية ( الحنفية ) كما كانوا يدعونها بدين ابراهيم بمعني موحدون ، حتى ظهور الاسلام واشتماله هلى االعقائد التي كانت سائدة ومنها الحج والتوحيد وبالتكايد عقيد الابيونيين بتاثير واضح من ورقة ابن نوفل . وبسبب تلك العقيدة ، والاختلاف حول طبيعة المسيح ، واخد الإسلام بالعقيدة الابيونيه ، دعي المسيحيين بالكفرة وذلك حسب ما ورد بالقرآن : لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة / المائدة 73 / وفي آيه أخرى / لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ان مريم / وهذا بينا واضح بان الإسلام يكفر المسيحين وبذلك يتضمن تحريفا واضحا لان الكافر في الإسلام ( يحد ) وتعامل لا يتساوى فيها مع المسلم بأي حال من الأحوال ، وقد يحاول البعض التخفيف بالاستناد الى سورة الكافرين حيث جاء / لكم دينكم ولي دين / ولكنها جاءت ظرفية وكانت موجهة لكفار مكة قبل الهجرة . ان الإسلام اخد بالاعتبار قضايا ظرفية كثيرة والمشكلة في التفسير والتأويل ، فقد اخد بالأعراف ، واهتم بالواقع الموضوعي كما ظهر ابان الهجرة الى الحبشة ، والتعامل مع / المقوقس / حاكم مصر وقبول هديته التي ضمت ماريا ، وغير ذلك من وقائع واسنادات ، وإنما الامر اليوم على غير ذلك خاصة مع انطلاق الوهابية والفكر العصبوي وصولا الى القاعدة ومن في عدادها ، ولا يعتد بتلك اللقاءات تحت عناوين الحوار الإسلامي المسيحي طالما ( لا اجتهاد في ما فيه النص ) والتي تبذل فيها اموال واحتفالات ومظاهر خادعة لكن الأهم يظل ان يتم تبني تفسيرات ( سنية ) موضوعية تتواءم مع العصر وتعالج حرية الرأي والمعتقد ، فلم يعد مفهوما امام الدنيا الدفاع عن الإسلام بانه يرفض الإرهاب ، وهناك وقائع وممارسات واستناد تخالف ذلك ، ا ن أولي الأمر مطالبين بتبني خطاباً مدروساً ومتوافقاً مع الحياة دون جمود ولا تنطع ، فالدول حتى تستقيم أمورها تستوجب العلمانية نهجاً وليس العودة حسب ما هدد حاكم السودان بالشريعة ولكن يبدو على طريقته يقول محمد عبده : لكنه دين أردت اصلاحه ..... أحاذر ان تقضي عليه العمائم وابن رشد يقول : الحسن ما حسنه العقل ، فليس الصواب البقاء في تفسيرات واجتهادات وفتاوى لمن هب ودب ، فالأمة العربية والإسلامية تواجه تحديات غير مسبوقة في الصناعة والتجارة و الابتكار والنهوض الاقتصادي بحيث اصبح عالما متعدد الأقطاب ولا تزال تخضع لفكر أنهك الأمة دون جدوى ، بل فلنتصور ان العرب لا ينتجون النفط اذن ما هو دورهم العالمي ، فقط سيودى الى تمزق البلدان العربية على أسس مذهبية نائية ، خاضعة لتفسيرات للحياة الراهنة بصلة رغم كل المكابرات الفارغة . لقد فسر الأفغاني الإسلام جنسية ولم يوافق على عروبة البلاد ، ودافع سيد قطب عن ذلك أيضا بل واضاف ان الإسلام يجب ان يجتاح العالم وان هناك فسطاطين حرب او سلام ،فكيف نطلب الى العالم ان يتفهم مواقفنا ، ونحن نستند الى فكر يعتمده للاستيلاء على العلم وتصويبه وإلغاء حضاراته المكتسبة وابتكاراته وتطوره ؟؟؟وحين أشاهد احتفالات عيد الميلاد وتلك الجماهير المحتشدة تستقبل البطريرك بالأهازيج والزينة ، لاحظت ان نسبة هائلة من المسلمين مشاركين باهتمام وفرحة وخاصة بالاحتفالات المصاحبة وهو منظر يؤكد تلاهم الشعب واغتراب وعاظ السلاطين .وان أدياننا تكتسب بعدا وطنيا ، ولعل الأهم فان الشباب المسلم في هذه المرحلة الراهنة ، لا تتوفر له معرفة واضحة عن المذاهب والأديان الأخرى وينظر الى المسيحية كحركة سرية ذات طقوس معادية لفكره ، وهذا ما يعمق الفجوة ويوتر الاجواء ، وهو ما يقتضي معالجة وطنية فورية .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هجرة المسيحين او الغربة الوطنية
-
الثورة هي الحل
-
الفضائية حالة نضالية متقدمة
-
مراجعات نقدية
-
الانغلاق الفكري الديني
-
ثقافة الفكر السلفي العصبوي
-
الراهن الفلسطيني والخيارات
-
حول منع العمل واستهلاك منتج المستوطنات
-
لا زالت الطبقة العاملة قاطرة التاريخ
-
المفاوضات والمرحلة الراهنة
-
المفاوضات والاستيطان
-
الحركةالنقابية الفلسطينية تاريخ واقع افاق
-
الضمان الاجتماعي للعمال الفلسطينين
-
القضية الفلسطينية حتى لا ننسى
-
قراءة في التجربة الشيوعية الفلسطينية
-
اتسع الرتق على الراتق
-
المطلوب رؤية فلسطينية ثورية
-
وحدة الموقف ووحدة الهدف
-
حزب شيوعي ام وحدة يسار؟
-
ليلغى قرار منع الانتخاب ولتستقل المجالس البلدية
المزيد.....
-
تسفي كوغان: الإمارات تقبض على 3 أوزبكيين بتهمة قتل الحاخام ا
...
-
في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدو
...
-
ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب
...
-
اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا
...
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|