جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 01:59
المحور:
كتابات ساخرة
لكل أمة من الأمم منهاجا فكريا أو سياسيا, ولا يخلو طيفا من أطياف الحياة إلا وبه تنظيم سياسي أو ثقافي , ولكل طيف أتباع يمثلونه في كل مكان سواء أكان هذا التمثيل بالبر أو بالبحر أو في المنتديات والنشاطات الإنسانية ونحن نعرف أن هؤلاء الممثلين هم أنفسهم يعترفون بأنهم الممثلون الرسميون للفكر الذي ينتمون إليه ويعترفون بأنهم هم وغيرهم كانوا الممثلين لهذا الفكر, ما عدى الفكر الإسلامي فهذا الفكر الإسلامي العربي ليس له ممثلون يمثلونه , وفي نهاية كل تجاوز ديني نكتشف في أحد من نعتقد أنه يمثل التيار أو الفكر والعقيدة الإسلامية أنه لا يمثل الإسلام ولا المسلمين في شيء.
وعملت قبل مدة لدى مهندس شيخ رئيس لجنة بناء مسجد وقام بالنصب وبالاحتيال على شخصي وأكل أجري لكي يضعه في المسجد وحين سألته عن السبب قال (يا رجل هذا مسجد لله) طبعا سرق أجرتي وأدخرها لنفسه في البنك فقلت له: شو يعني أجوع أنا على شان الجامع؟ فقال :لك عند ألله, وبغض النظر عن طول اللحية والحكاية فإنه قد أكل حقي عينك عينك في وضح النهار وأمام خلق الله والناس أجمعين والموضوع ليس أكل حقي فأكل الحق شيء عادي في الإسلام وفي المسلمين أما الموضوع المهم وغير العادي هو أن كل الناس يعرفون هذا الشيخ الأردني النصاب ويحذرونه ما عدى أنا فأنا هذه المرة أو التجربة الأولى معه والأخيرة, فكما قلت لكم الموضوع ليس هنا بل هنالك عند الذين قالوا لي عنه بأنه لا (يمثل الإسلام)فقلت للناس: دخيل الرب قولوا لي من هو الممثل الرسمي للإسلام وأنا سأشكوا إليه؟.
حين ننتقد الإسلام من خلال انتقادنا لرئيس لجنة مسجد ينصب ويحتال باسم الله فإن النصابين والجهلة يقولون لنا (هذا لا يمثل الإسلام) وإنما يمثل نفسه وحين نوجه النقد للإخوان المسلمين فإن الناس يقولون لنا مدافعين عن الإسلام (الإخوان لا يمثلون الإسلام) وحين ننتقد مثلا حزب التحرير الإسلامي فإن الناس يقولون لنا بأن (حزب التحرير لا يمثل الإسلام) وحين ننتقد القاعدة فإن الناس يتشدقون بجملة معروفة عندنا وهي (القاعدة لا تُمثلُ الإسلام) وكذلك المثقفون الإسلاميون يقولون بأن فردا أو شخصا بتصرفاته لا يمكن أن نعتبره مُمثلا للحزب أو للإسلام أو للمؤسسة التي ينتمي إليها وهذه ظاهرة غريبة لا توجد إلا في الفكر الإسلامي, وهي أنه لا يوجد إطلاقا للإسلام من (يُمثله) في المجتمعات العربية ,وفي التاريخ ,وفي الحاضر ,وفي الماضي, فهذا الفكر الإسلامي كل الناس تتهربُ منه ولا أحد يريد الاقتراب منه ولا أحد يستطيع أن يعبر عنه أو أن يمثله أمام الناس في الشوارع والمرافق العامة, فلا أحد يتصرف أمام أبناءه كمسلم حقيقي وننتقده وبالتالي يقول لنا شخصٌ آخر بأن ذاكَ الشخص لا يمثل الإسلام وإنما يمثل نفسه ويعبر عنها ,ويبدو أن الإسلام لا يرغب أي أحدٍ في تمثيله كما هو الحال في معظم التيارات الفكرية, فلمعظم التيارات الفكرية من يمثلها فتجد مثلا شخصا يتحدث باسم الحزب الجمهوري أو الوطني أو الديمقراطي وفي نهاية حديثه يقول لك (أنا الممثل لهذا الحزب) وفعلا يكون الممثل له ومسئول بتصرفاته أمام الناس وكل ما ينطق به ما هو إلا تعبير عن الحزب الذي ينتمي إليه,إلا الإسلام فمعظم أفراده في نهاية كل جريمة يرتكبونها يقولون لك (نحن لا نمثل الإسلام) أو ذلك الشيخ لا يمثل الإسلام وكذلك أي ديانة في العالم أصحابها يمثلونها بتصرفاتهم فلا يقول لك غير المسلم بأن الشخص الفلاني من الناس لا يمثل إلا نفسه .
وحين ننتقد دولة مثل الأردن فإن الغيورين يقولون بأن الأردن أو رئيس الحكومة الأردنية لا يمكن أن يكون الممثل الرسمي للإسلام, وحين ننتقد المُفتي أو وزير الأوقاف فإن الغيورين على الوزارة يقولون بأن هذا الوزير لا يمثل الإسلام, وأحتار أنا في ذلك وأقول: إذاً من الممثل عن الإسلام هل هو سكرتيرة رئيس الحكومة أم سكرتير وزير الأوقاف ؟أم مراسله أم سائقه, وحين ننتقد الشيخ الشعراوي فالكل يقول (صحيح هو كان يدخن 3 باكيتات دخان في اليوم ولكنه لا يمثل الإسلام) وحين ننتقد شيخا أردنيا مسئولا يقول المدافعون عنه بأنه لا يمثل لا الإسلام ولا الأردنيين وبالتالي تصبح الدولة الأردنية المسلمة كلها بكافة تشكيلاتها من شتى الأصول والمنابت لا تمثل الإسلام وبنفس الوقت تجتمع يوم الجمعة للصلاة في المسجد الذي لا يمثلون تياره الديني , فما هذا التناقض؟ وكذلك حين ننتقد سماحة خادم الحرمين الشريفين فإن الغيورين على الخادم يقولون بأن الخادم لا يمثل الإسلام ويا طويل العمر كل شخص يمثل نفسه, وحين ننتقد المؤذن أو الخطيب أو الإمام فإن الغيورين يقولون بأنه لا أحد مما ذُكر من الجائز أن نعتبره ممثلا للإسلام فننتقد الإسلام بناء على انتقادنا لتصرفاته, فإذا كان إمام الحرمين لا يعتبر الممثل الرسمي للإسلام فمن هو الممثل الرسمي للإسلام؟!...ودائما ما نشاهدُ ممثلين عن دولهم في الأمم المتحدة فنعرف من خلال تصريحاتهم أن أولئك يمثلون الدولة التي انتدبتهم عنها في المحافل الدولية وحين نلتقي مثلا بشخص من تيار الحزب الجمهوري ونستمع إليه وهو يغبر عن وجهة نظر الحزب فإننا نتشكره ونشكر في تصريحاته ونعرفُ أنا وأنت من خلال ذلك بأن هذا الشخص هو الممثل الرسمي لهذا التيار المحافظ أو اليميني, وهنالك لأي فكر ناطق إعلامي ينطق بلسان التيار الحزبي أو ناطق ينطق بلسان الحزب مهما كان اسمه حتى أن لأي حكومة ولأي مؤسسة مجتمع مدني ناطق إعلامي ما عدى الإسلام فأنا من يوم يومي وأنا دائم البحث عن أي شخصية تمثل الإسلام لي فأقوم بالانحناء إليها احتراما أو بانتقادها وبمتابعتها وبالركض وراءها ومناقشتها في معظم القضايا العامة والخاصة, والغريب في الموضوع أن (الرسول ) نفسه لا يعتبر بتصرفاته وسلوكياته ممثلا رسميا للإسلام فأنا مثلا لا أستطيع أن أبقي على ذمتي 11 امرأة لأن هذا هو فقط عمل الرسول الكريم وكذلك لا أستطيع فعل بعض الأمور التي اختص نفسه بها لذلك الرسول نفسه لا يمثل بتصرفاته وسلوكياته الإسلام ولا حتى صحابته الأجلاء فأنا ممنوع عليّ من يوم يومي أن أتحدث عن تصرفات معاوية بن أبي سفيان أو عن ابنه يزيد بن أبي معاوية لأقول (هذا هو الإسلام) لأن شخصا غير جدير بالاحترام سيقف ليقول لي (معاوية لا يمثل الإسلام) ولا حتى ابنه أي أن أبناء جِلدة الإسلام لا يمثلونه, لذلك أنا أقترح بأن نستورد من دول أوروبية ممثلين يمثلون لنا الإسلام كما نستورد مدربي فريق كرة القدم والطائرة والسلة والسباحة وسباق السيارات.
إذا أريحوني وقولوا لي (من هو الذي يمثل الإسلام؟ومن هو الذي يدعي الرحمة ومن ثم لا يخفض جناحه للناس ولأهله ومن ثم يأتينا رجلٌ يسعى من أقسى المدينة أو القرية ليقول لي ولك (هذا لا يمثل الإسلام) هو لا يمثل الإسلام؟ إذا من هو الذي يمثل الإسلام؟.
فإذا كان مهندس شيخ إسلامي مسئول عن بناء مسجد ولا يمثل الإسلام فمن هو الممثل الرسمي للإسلام؟ أو من الذي يريده المسلمون ممثلا للإسلام؟ هل يريدون (الفراش-المراسل- الآذن- القهوجي) الذي يعمل عند الشيخ بأن يمثل الإسلام؟أم العامل المسكين؟
وفي الحقيقة فإننا بمعرفتنا له نكون قد وضعنا يدنا على الجرح وهي حقيقة مرة فهذا الشيخ الذي نَصَب على شخصي واحتال عليّ هو الممثل الشرعي للإسلام لأن النظام الإسلامي هكذا هو فلماذا نخبأ الشمس بالغربال أو بعملة نقدية غيرة, إن رئيس لجنة المسجد هو الممثل عن الإسلام وهو بأكله حقي قد اتخذ غيره من الصحابة ومن الشيوخ قدوته الأولى والحسنة في هذه الدنيا , ومعاوية بن أبي سفيان يمثل الإسلام وأبنه يزيد يمثل الإسلام وكلهم اتخذوا من خالد بن الوليد قدوتهم وخالد اتخذ محمدا قدوته في صفية وأم قرفة, كلهم تابعون لشيخ واحد ورئيس واحد, وكلهم درسوا على بيضه ورغيف عند شيخٍ واحد.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟