أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصرقوطي - المضمر من علامات الترقيم















المزيد.....

المضمر من علامات الترقيم


ناصرقوطي

الحوار المتمدن-العدد: 3226 - 2010 / 12 / 25 - 10:26
المحور: الادب والفن
    


سأحمل وزر هذا البوح إلى القبر ان نجوت من ميتة مجانية على أحد الأرصفة بمفخخة نصبها أحد الظلاميين فمنذ أربعة عشر يوماً ومازلت انطوي على مكنون هذا السر الذي ستنتفي سريته خلال قراءة السطور اللاحقة من هذه الورقات وأرجو منك أيها القارئ أن لا تتنصل من مسؤولية افتضاح هذا الأمر إذا كان صاحبه على قيد الحياة ونجا بأعجوبة من الانفجار الأخير في ذلك اليوم المشئوم صباح الخامس من آذار 2007 حين غادرت المقهى إلي البيت حاملاً معي كتاب السيمولوجيا وقد عثرت بين صفحاته على طرد أبيض فضضت المظروف فوجدت داخله ثلاث ورقات كتب في أول صفحة قصة قصيرة دون أن يثبت كاتبها اسمه عليها مع عبارة موجزة يرجو فيها إبداء وجهة نظري بما كتبه لكوني اعمل في مجال نقد النصوص الحديثة كما يأمل مني التعامل مع مخطوطته بسرية تامة وعليّ إعادتها ـ في حال تثبيت ملاحظاتي عنها ـ إلى حيث يلتقي الأدباء في مقهى "الشابندر" وأسلمها لصاحب المقهى وهو الأمين والكاتم على أسرار جميع رواد مقهاه من الأدباء والمتقاعدين.


ملاحظة: فاتـني ان انوه إلى ان صاحب القصة قد كتب مقدمة قبل نصه لابد من ذكرها للأمانة الأدبية.

المقدمة:
لست ضلعاً من ظهر أحد، ولا ضليع لغة ما حتى أتبارى مع "عظام" الآخرين في مسلخ الكلمات، بين قبور المفاهيم الكثيرة التي فقدت ملامحها وتداخلت مسمياتها من كثرة التداول والطرق تحت سنادين المعرفيين. ولكنها لحظات تجلي الصمت في الزوايا الخبيئة حين يصيب لساننا العي جراء ما يحدث على ارض الوطن، وتكون الرصاصة أكثر وقعاً على السامعين من الكلمة حين يبغي أحدكم إخفاء خيباته الكثيرة وهو يروي حلمه ليطلق طائره الوحيد في الضباب. وها انذا احني قامتي لجلال سحر الكلمات وسطوتها، مجرباً وعابثاً ببارود ما اعتاد عليه الآخرون ضارباً في عراء الورقة بإقدام بدوي يقتفي اثر كثيب رمل في تخوم رمال متحركة، نائياً عن جنس ـ القصة الحكاية ـ ، فان تطوحت على الجهتين فستسعدني لذة الاكتشاف والطواف بغابات تتداعي ثمار حروفها بين مسارب تيه لم تطأها قدم ، وان أصبت فستمد إلى شغاف الروح سراج ضوء آخر، سيدفع عيني الكليلتين على تعلم الإبصار والانبهار في اشد المناطق عتمة وحراجة. وفي الحالتين سيتوجني الوهم بأكاليل نصره عرفاناً لشرف المحاولة؟ أليس الشروع بالكتابة انغمار في الوهم، ولذة لكشف غموض المسميات في انتفاء الثوابت.





القصة:

ظل القلم يهتز بين السبابة والإبهام وراح يجيل النظر في الورقة البيضاء. منذ أيام عدة وهو يفكر بكتابة قصة عن وطنه الجريح والمستباح. فالكتابة في هذا الظرف العصيب تقتضي قوة إرادة هائلة لكنه حين يستغرق في التفكير وتطير به غمامات الأحداث بعيداً يرفع كفه عن الورقة حائراً وشاعراً بلا جدوى الكتابة. كان لا يري تحت عينيه على البياض الناصع للورقة إلا علامة استفهام كبيرة وعلامة تعجب وقوسين ونقطة حائرة في صمت الورقة. اطرق لحظات قبل ان يغرق في لجة اليأس رسم دائرة حول النقطة وكتب أمامها:

. تلاشي.. ألم.. وخزة دبوس.. رصاصة تخترق جمجمة وتحدث ثقباً في الجبين. أشنة رحم الكون.. بدء الخليقة.. صيرورة.. النطفة التي تخلق الجنين.. ذرق ذبابة.. قناع الظلاميين.. ذرة سوداء لحظة تكاثرها تغمرنا بالظلام.. نهاية المشوار.. خاتمة كل شيء إلا الكلمة فهي تقفز عليها.. تناورها لتخلق سطوراً أخرى لبداية جديدة لتكون الكلمة هي البدء الذي لن يتلاشي.
! اعتدال!! الإنسان اللغز!! قطرة مطر تهمي على أديم ورقة عطشى!! نصل يقطر منه دم الضحية!! حس الاندهاش بالأشياء!! طعنة خنجر بسويداء القلب!! دمعة امرأة تحفر أخدودا علي الوجنة!! زورق طوى شراعه!! فنار مقلوب!! صقر الوطن ينتصب على الشفير في ذروة الهواء الطلق يطل على عالمه الجديد ويذرق على هامة الظلاميين!
؟ اعوجاج؟؟ كهولة؟؟ عصى الأرمل؟؟ آلة سحب السفن والعجلات العاطلة؟؟ غرابة السؤال؟؟ عدم الفهم؟؟ ضمير المفخخ فوق رصيف الوطن؟؟ انف معقوف؟؟ قبر البعوضة في لسان الضفدع؟؟ شيخوخة غصن الشجرة؟؟ ذيل الكلب؟؟ الانحناء أمام الآخر؟؟ تملق ذوي الشأن؟؟ انطواء؟؟ انحناء الأم في مقبرة جماعية؟؟ حبل أنشوطة لم يكمل دورته؟
( ) كفان تطبقان على عنق المذنب ( ) سجن الآخرين ( ) قطبان متنافران ( ) أساور ( ) قيد المحكوم عليه ( ) شاربان مقلوبان
( ) فم ذكر الضفدع ( ) عصى قفز المسافات الطويلة ( ) زيجة فاشلة بين عنصرين ( ) تنافر ( ) جرحان غائران على بياض وطن الورقة ( ) كساح الساقين ( ) كهلان يهمسان لبعضهما بنزوات الشباب الغابرة ( )
. أنا أصل الأشياء.. بدوني لا تعنون شيء يذكر..
! لا تنسي من انك صفر وأنا أدوس بقدمي على هامتك!
؟ كلاكما مغرور ولا يقدر على نكران ذاته؟
! اصمتي! فما أنت إلا انحناء لظهري وتكرار لهذا الصفر النكرة!
( ) أنا الحضن الدافئ ( ) سجنكم جميعاً وحنوي عليكم ما هو إلا حفاظاً على أسراركم فأنا أقرب منكم إلى الوطن وكفاكم هذراً ( )
. ما الوطن بسجن يا كماشة العقرب.. الوطن منتهى.. منتهاي.
! اذا كان الوطن كلاكما فما أنا إلا شمعة مقلوبة على مائدة الورقة لما ترى من تخاصمكم!؟ ما الوطن إلا انحناء ظهري وسألتف على عنقي واشنقها جراء خزي صراعكم على الأولوية في المواطنة؟
لم يذكرني احد منكم وانتم تدورون في فلكي أنا طوق الذهب خاتم العروس وحبل مشنقة أنا أولكم بأحقية الحكم
. ما أنت إلا دوران أبله يبدأ من حيث انتهي وتكرار لجزء مني. أنا النقطة وليسقط الجميع .
دعوني أقل كلمتي أنا الورقة التي ألقيتم على ظهرها ثقل خلافاتكم أنا استصرخكم إليكم ففي بياضي تزدهون وعلى أديمي تمرحون سألفظكم ان لم تنصتوا ألا تذكر أحدكم صمت وحيرة رفيق دربي القلم الذي لم ينبس ببنت شفة ..
همس الكاتب حائراً:
ـ لا اقدر على كتابة حرف واحد من القصة أمام هول ما يحدث. / واتجه صوب النافذة على اثر صوت دوي انفجار هائل.
قالت الورقة:
ـ سأحترق وستحرقون معي جميعاً.
قال القلم:
ـ لن اكتب كلمة ولن يصدح فمي بمداده ما لم نمد اكفنا لبعض. فبالنقطة. والدائرة وعلامة التعجب! والاستفهام؟ والأهلة ( ) نقهر الظلام ونرسم أزهى صورة للوطن الجديد.
حين انتهيت من قراءة القصة ورأيت الرسمة كما تراها الآن ازددت حيرة أكثر من قلق وحيرة كاتبها المجهول فما جدوى الكتابة إذا كان صاحبها غدا رماداً في شارع "المتنبي" ومن ذا الذي سيغفر لي صمتي خاصة ان هناك من المنافسين الكثر ممن يرصد خطواتي كما ان لي العذر بعدم الرجوع إلي المقهى الذي غدا خراباً ونكب صاحبه بأولاده الخمسة جراء الانفجار الأخير من قبل أحد الدخلاء على الحياة.



#ناصرقوطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلوة حارس الكرسي الدوار
- انتظار الظل
- ليل الأبد
- حلم غريق
- لعبة
- حلم يقظة
- مايتبقى من البياض
- آخر العمق
- الأعور والعميان
- السلالات السعيدة
- فتيات الملح
- خضرقد
- غرباء
- أعماق
- الحائك
- ايقاع الأمكنة
- قصة
- المحنة
- عين النخلة
- وهم الطائر


المزيد.....




- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصرقوطي - المضمر من علامات الترقيم