|
من يقود الحروب الصليبية اليوم؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3220 - 2010 / 12 / 19 - 13:20
المحور:
كتابات ساخرة
الصليبية الجديدة، والحروب الصليبية الجديدة، كما يلهج الإعلام إياه بهذا الخطاب في جرعاته اليومية العالية لتخدير القوم المساكين، والمؤلفة قلوبهم، وإلهائهم عن همومهم ومشاكلهم اليومية التنموية والصحية والتعليمية والغذائية والاستحقاقات الحضارية التي ينبغي دفعها كي لا نبقى في ذيل الأمم كما هو الحال، وصرف انتباههم عن الاستحقاقات الأخرى الكثيرة التي تتهرب أنظمة المنطقة من تلبيتها لشعوبها الغارقة في الدجل والخبل والجهل المطبق، هذه الصليبية الجديدة هي المشذب التي يعلق عليه الخطاب الصحوي كل أزمات المسلمين، وهي كناية عن الحروب التي تشنها وشنتها أمريكا في غير مكان من العالم، وتستعد لشنها اليوم، وتمهد لها في إيران، وسوريا وغيرهما من البلدان. ويرد الخطاب الدعوي التزييفي مجمل مشاكل ما يسميه بالأمة، ألى الصليبية الجديدة التي تحاول إقلاق راحة العرب والمسلمين والتنغيص عليهم وفرملة مشروعهم، أو مشاريعهم "الحداثية" العظيمة، ويا حرام. ولكن لو تمعنا قليلاً في جذور وأصول هذه الصليبية الجديدة ومنابعها، ومم تتغذى، والتي تشن حروبها المتتابعة على العرب والمسلمين، وإن كنا نتفهم إلى حد ما القصد الدعوي بشيطنة "الصليبية" كاتجاه ديني، لفوجئنا بأن الواقع ليس كذلك أبداً، ولما وجدناها-الحملات الصليبية- بعيدة أبداً عن نفس أولئك الذين يصدرون خطابها ويخوفون الناس منها. فمن حرب الخليج الأولى التي شنها المهيب الركن، وحتى اليوم تشتعل المنطقة، وتقبع على فوهة بركان لا يبقي ولا يذر. ومن كان وراء هذه المحرقة البشرية البشعة والفظيعة، التي حصدت أرواح أكثر من مليوني قتيل على ضفتي الصراع، هم أهم حلفاء "الصليبيين" في المنطقة لباريس ولندن وواشنطون، ناهيك عن هدرهم لمئات المليارات من الدولارات في حرب عبثية خرج الجميع منها خاليي الوفاض، إلا من الشعارات القومية العروبية الحزينة والمبكية كعادتها، وقصيدة لسعاد الصباح، عنونتها بسيف العرب، كانت تتمنى فيها الزواج ضمناً من حارس البوابة الشرقية، وبطل القادسية الثانية، ستظل شاهداً على ازدواجية ونفاق الفكر والشعر العربي ومقاصده وغاياته النبيلة أصلاً، باعتبارها فعل تحريضي وتثويري، التي حولها شعراء العرب تاريخياً إلى مجرد مديح وإطناب وافتنان بالقتلة والسفاحين والديكتاتوريين والمجرمين عبر ما يسمى بالتاريخ العربي. على جبهة موازية، كانت الدولارات النفطية، مدعمة بالمجاهدين، تتدفق على جبهة أفغانستان التي كانت تخوض حرباً جهادية لإرغام البلاشفة الروس على الخروج من أفغانستان تحت رايات مقدسة طبل وزمر لها الإعلام، إياه، كثيراً وأثمرت تلك الحرب، عن اندحار الجيش الأحمر من أفغانستان وتعليق نجيب الله على حبل المشنقة في أحد شوارع كابول، وبروز "الصليبية" الجديدة، بعدها، كقوة وحيدة وأوحد في العالم، قضت على أي بصيص وأمل وأفق علماني ويساري وإنساني في جغرافيات الظلام، وكله بفضل دولارات البترول المقدسة التي تخوف الناس فوق الطاولة من الصليبيين واليهود وحروبهم وتتحالف معهم من تحت الطاولة. ونفس الأمر ينطبق على حرب الخليج الثانية، وحرب الخليج الثالثة التي أدت إلى تدمير العراق، وأصلت حاله إلى ما هو عليه من بؤس وضياع وتفكك لن يعود به إلى سابق عهده. وللتذكير في هذا السياق، فقد أصدر شيوخ الصحوة، من حماة وحلفاء الصليبية الجديدة، الفتاوى بمنع التظاهر والاحتجاج ضد العدوان الإسرائيلي على غزة أي أن هناك سنداً شرعياً للعدوان الصليبي وللحملات الصليبية الجديدة ضد العرب والمسلمين، على اعتبار أن ذلك يلهي المسلمين عن الطاعة والعبادة ويدمر المتلكات. وقد كشفت لنا وثائق أو فضائح ويكيليكس الأخيرة، بشقها العربي، عن استمرار حلفاء "الصليبيين" في قيادة ودعم وتبني الحروب الصليبية الجديدة وتمويلها وإشعالها هنا وهناك، وهذه المرة عبر تأليب القوى العظمى، ليس على إسرائيل كلا وحاشاكم وحاشاهم جميعاً، بل على إيران الدولة الجارة المسلمة. وقد أعرب حلفاء الصليبية الجديدة عن تامين كل مستلزمات تلك الحرب من مال وسلاح وأراض وقواعد انطلاق، معتبرين أن القضاء على "رأس الأفعى" المسلمة أهم من القضاء على إسرائيل الحمل الوديع الذي لا يأتون على ذكره، أو إعلان الجهاد على الأمريكيين في العراق. (أليس من المستغرب أنه لم يقم أي نظام عربي، حتى الآن، وبرغم كثرة الدعاة والمفتين والوعاظ الرسميين الملحقين بالبلاطات بإصدار أي فتوى جهاد ضد أمريكا في العراق؟ برغم أنهم لم يتركوا لا شاردة ولا واردة إلا وأصدروا فيها فتوى حتى بقتل الفئران "الفويسقة" كما فعل الشيخ السوري الجليل محمد المنجد حفظه الله) الصليبية الجديدة وحروبها لن ولم تأت من الفاتيكان، ولم يعلنها أو يدع لها المرحوم بإذنه تعالى البابا يوحنا بولس الثاني، ولا البابا الألماني البنيديكتوس الألماني الكاثوليكي ويعني اسمه المحمود، بل عرب ومسلمون ما فتئوا من يومهم التحالف الوثيق مع أعداء المسلمين، ودعم اقتصاد الحرب الغربي، عبر شراء وتكديس الأسلحة الصدئة والمنسقة من الخدمة، وإشعال الحروب العبثية ودعمها مالياً ولوجستياً، والتي تحصد أرواح من حرم الله إلا بالحق، وممتلكاتهم، واستباحة أراضيهم التي لم يبق لأي منها أية حرمة، وكله بفعل حماة ورعاة وحلفاء الصليبيين في المنطقة. الحملات الصليبية مستمرة، وقادمة فانتظروها.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العشاء الأخير: القرضاوي أمام المحاكم القطرية
-
لا عَرَقَ في العراق
-
جلد النساء: وحشية ثقافة الصحراء
-
فضائية الحوار: الحلم المشروع والخطوة الضرورية
-
غزوات وهابية جديدة
-
الله يسوّد وجوهكم
-
رسالة إلى السادة قادة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي
-
العرب بين الويكيليكس وأوراق الكلينيكس
-
هل يفلح إعلان دمشق في بدونة سوريا؟
-
كيف يفكر البدو؟ الإسلام السياسي في الميزان
-
الإنترنت لكم بالمرصاد فاحذروه
-
لماذا يشيطنون حسن نصر الله ويقدسون ابن لادن؟
-
لماذا لا يباع الخمر علناً في الدول الدينية؟
-
إعلان دمشق كمشروع ماضوي
-
لماذا لا تنشئ الولايات المتحدة محكمة دولية لأحداث 11/9؟
-
خرافة الحجاب والنقاب: لماذا نزلت أمكم حواء عارية من السماء؟
-
أوقفوا جرائم التطهير الثقافي: في أصول الفاشية والإرهاب العرب
...
-
إعلان قندهار: الاستقواء بالسلفيين
-
هل يتخذ سعد الحريري قراراً شجاعاً؟
-
رفض الاندماج: لماذا يهاجر العرب والمسلمون إلى الغرب؟
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|