عبد الجبار منديل
الحوار المتمدن-العدد: 3219 - 2010 / 12 / 18 - 18:37
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عندما كتب الكاتب الانجليزي الشهير (جورج اورويل) روايته الرائعة (1984) عن دور الاخ الاكبر في النظم التوتاليتارية كان في خاطره طغاة كبار من امثال هتلر وستالين وفرانكو وسالازار ولم يكن يخطر في باله قط بان روايته ستتطابق مع وضع الطغاة الصغار في محافظات عراقية مثل بغداد والبصرة والديوانية ولكن ها هي احداث العراق السعيد في بداية القرن الواحد والعشرين تأتي لتؤكد ذلك .
ان القرارات التي هي اشبه بالفرمانات الخاقانية للسلاطين والتي اصدرها بعض صغار الطغاة من مسؤولي المحافظات العراقية بتحريم الموسيقى والمسرح . وكل ما يمت للفن بصفة عامة انما هي بداية تدشنها بعض الاحزاب المحسوبة على الدين الاسلامي وهو منها براء لبسط الوصاية على حياة الناس وخياراتهم الشخصية واسلوب حياتهم على الرغم من مواد الدستور (الديمقراطي ) والذي (يطنطن) بديمقراطيته جميع المسؤولين في الدولة العتيدة .
نحن نخشى ان تكون تلك بداية لان يفرض (الاخ الاكبر) وصايته على المجتمع العراقي والتحكم بحياته اليومية .
اتذكر انه في سنة 1970 وجهت صحيفة النور التي كان يصدرها في بغداد حزب الاتحاد الكردستاني الى مجموعة من الكتاب ومنهم كاتب هذه السطور شخصيا استطلاعا للرأي حول دور الدولة بالوصاية على الثقافة والحياة اليومية للمواطنين . وكان الجواب هو ان الوصاية ما ان تبدأ فأنه يصعب ايقافها وان بداية الغيث قطرا ثم ينهمر . حيث تكون البداية عادة صغيرة غير محسوسة ولا خطيرة ولكنها سرعان ما تتضاعف مثل مرض سرطاني خبيث . وهذا ما حدث بالفعل .
خلال السنوات الاولى بعد انقلاب 1968 كانت سياسة البعث حذرة ومحسوبة . بل انها منحت هامشا صغيرا من الحرية الصحفية والسياسية ولكن لم تكد تمضي تلك الفترة القصيرة حتى فرض البعث نفسه بقسوة على كل شيء وفرض وصايته على الحياة بحيث اخذ يحصي على الناس انفاسهم وهم في بيوتهم .
ونخشى ان الدورة الخبيثة تعاد الان على ايدي الطغاة الصغار للاحزاب التي ترفع شعار الدين .
نذكرهم فقط بمصير طغاة البعث الكبار منهم والصغار لعلهم يعتبروا .
#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟