إدريس الواغيش
الحوار المتمدن-العدد: 3218 - 2010 / 12 / 17 - 05:51
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة : التشظي
أدارت مفتاح باب الشقة ، ثم دخلت....
حركت مقلتيها في جمجمة رأسها ثم جالت بنظراتها المشتتة في أركان البيت ، كان ضوء خافت يشق طريقه إليها في الظلام ، كأنه قادم لتوه من زمن بعيد لم تعشه بعد . رمت بجلابيتها على السرير فتذكرته. ألقت نظرة خاطفة على المرآة ، تمثل لها بجبينه المقطب وشارب خشن كثيرا ما أدمى شفتيها النديتين ، وغاب تتبعه خطاه المتناغمة وصوته المرعب.
- أكرهك ...أمقتك...نعم أخونك ...لا بد أني يوما قاتلك...(هذا كل ما تتذكره الآن...)
- القتل بالقتل ، والبادئ أظلم...(لكنني على العكس... كنت أحبه ، لم أقتله ، هو من قتل نفسه....رددت بينها وبين نفسها).
تسمرت للحظات هائمة ثم.... ، ابتسمت / تذكرت / تشنجت ، أطلقت عليه عدة رصاصات في الرأس ، تصاعد دخان كثيف في الممر ، سمعت قهقهات تنحدر في السلالم . ولتشفي غليلها أكثر ، تبعته وأتبعته بطلقات أخرى في الظهر. تكسرت المرآة المثبتة أمامها وتطاير الزجاج من حولها ، تراجعت مذعورة في خطوة إلى الوراء ، أصابها ذهول وهي تسمع دويا قويا استيقظ معه سكان العمارة ، أحست أنها فقدت شيئا مهما من جسدها ، كان رأسها قد انفجر! .
تطايرت إلى مسامعها صرخات واستغاثة ، رجعت لتطلق عليه رصاصات (الرحمة) ، حملقت في المرآة ، لم يكن أمامها غير جسدها العاري ، وفي المشهد الخلفي ولدان مذعوران . أجهزت على ما تبقى من زجاج في المرآة ، ومسحت دمعة صافية من فوق خدها ، كادت تعري صلابة شخصيتها وقوة المرأة الساكنة فيها.
أعادت ولديها لسريرهما برفق الأمومة ، التفتت إلى صدرها النافر ، تحسست نهديها ، تذكرت يداه الخشنتان تمران فقهما بلا إحساس ، نزعتهما بعنف من جسدها ورمتهما في انفعال من الطابق العلوي .كانت (عشتار) تراقب من بعيد ، حاولت جاهدة أن تنقذ ما تبقى من رمز خصوبتها ، لكن إصرارها كان أقوى من إرادتها ، ارتطما بقوة مع الإسفلت ، أطل الجيران مذعورين برؤوسهم من النوافذ ، تذكروا أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تسوية جديدة لملف قديم ، فسحبوها بالسرعة التي أخرجوها بها.
#إدريس_الواغيش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟