أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!














المزيد.....

بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3217 - 2010 / 12 / 16 - 22:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اليوم السابع. تصوروا أن يكون عنوانُ المقال، هو أحدَ التعليقات المخجلة التي وردت في خبر بثّه "اليوم السابع" عنوانه "مبنى من 3 طوابق بـ"العمرانية" يتحول إلى مسجد"؟ دعك الآن من العنوان وهذا التعليق السخيف ولنعد إليه لاحقًا، وباستفاضة.
عندما وصلني خبرُ هذا المسجد، اتصلتُ برئيس تحرير "اليوم السابع" الأستاذ خالد صلاح وطلبتُ إليه أن يرسل أحد الزملاء ليتحقق من الأمر بالوثائق كي أكتب مقالي على بيّنه. وبالفعل أرسل صحافيًّا ومصوّرًا وكتبت الزميلةُ رانيا فزّاع الخبر والتحقيق على موقع الجريدة الإلكتروني بتاريخ 10/12. وبالطبع انهالتِ التعليقاتُ وعمّتِ الزغاريدُ هنا وهناك، كأنه المسجدُ الأول في مصر، أو كأن نصرَ الله المبين قد عمّ أرضَ مصرَ، وشاعتِ الديمقراطيةُ واختفى الجوعُ والفقرُ والمرضُ والفساد من بين جنباتها! ورغم أنني، في البدء، كنت أنوي الكتابة عن موضوع التزامن المريب بين تشغيل هذا المسجد فجأةً وفي ليلة واحدة، رغم عدم اكتمال إنشائه ووقوعه في بركة من القمامة ومياه الصرف، واعتماره 500 مسلم لصلاة الجمعة، وبين أحداث العمرانية المؤسفة، وعن التناقض العجيب بين سهولة حصول المسجد على تراخيص، إن كان ثمة تراخيص كما زعم إمام المسجد، في مقابل عُسر استخراج تراخيص كنيسة، الذي يقترب من الاستحالة، وعن اليافطة الضخمة التي عُلِّقت على المسجد، وصور الأطفال وهم يشيرون بعلامة النصر أمام المسجد، وبإصبع الإبهام المنكّسة أمام الكنيسة كعلامة استنكار، وعن ظاهرة تعمّد إحاطة كل كنيسة في كل حيّ بخمسة مساجد توجّه ميكروفوناتُها صوبها، وتعمّد أن يصرخ مؤذنوها في نداء الصلاة، الذي من شرطه أن يكون جميلا وعذبًا وهادئًا ورصينا كما يليق بنداء على صلاة. فالكلمة المهموسةُ في مكبّر الصوت تُسمع أفضل من الصراخ الأجش الخشن الذي يُنفّر بدل أن يُبشِّر بجمال الصِّلة بالله، كنتُ أنوي الكتابة حول كل هذا، إلا أنني وبينما أطالع الخبر لأدوّن ما أحتاجه من معلومات حول الأمر، اصطدمتُ بهذا التعليق الكارثيّ الذي أربكني وعَقَلَ عقلي بالحزن والقنوط، فتركتُ مكتبي، وتوقفتُ عن كتابة المقال!
عدتُ الآن إلى نفسي وإلى التزامي. التزامي نحو البحث عن الجمال الذي نذرتُ نفسي له حتى الرمق الأخير من عمري، وكذا التزامي المهني نحو الجريدة. عليّ أن أترك القنوطَ جانبًا وأستكمل المقالَ الآن، لأنني لابد أن أرسله للجريدة صباح السبت (يعني بعد ساعات قليلة والوقت تجاوز الخامسة فجرًا) لكي يُنشر في النسخة الأسبوعية الورقية التي تصدر يوم الثلاثاء.
تأملوا معي التعليقَ الركيك في عنوان المقال: "بالتي هي أحسن"، يخاطب أقباط مصر، كأنه ساديٌّ مريض يمسكُ عصًا يُرهب بها طفلا يتيمًا مهيض الجناح، لا أحد يناصره! علامَ استند كاتبُه، وبمَ استقوى ليكتبَ ما كتب من تجرؤ وجبروت وفاشية؟ نعرف الإجابةَ عن السؤال من الاسم الذي اختاره لنفسه في صدر التعليق: "مسلم في بلد مسلم"! هذا المواطن فقيرُ الوعي وفقيرُ الجمال وفقيرُ الروح يستقوي بالأكثرية على الأقلية! يستقوي بالبند الثاني من الدستور المصري، على أبناء البلد الأصليين، ناسيًّا أن ثمة إلهًا عظيمًا أكبرَ، فوق الأقليات والأكثريات، وفوق الدستور وفوق الحكومات، وفوق البشر! ثم تأملوا معي بقية التعليق الركيك: "انتوا للأسف عندكوا كنيسه على أرض مصر مساحتها أكبر من مساحة المسجد النبوي." كلمة "للأسف" هذه التي خرجت منه كما يخرج السعالُ الموبوء من صدر مدرون، وكما يخرج الغُثاء القبيح من لسان خَرِفٍ غير مسئول، كم تحملُ تلك المفردة العمياءُ من عنصرية وقبح وضآلة روح؟ هل أتى على المصريين حينٌ من الدهر تُلفَظ فيه كلمة "للأسف" مقرونةً بمفردة دار عبادة؟! لكِ اللهُ يا مصرُ يا درّةَ الشرق ومنارةَ العالمين! هذا المُعلِّق، كائنًا مَن كان، الذي اختار أن يتخفّى وراء اسم مستعار، شأن الجبناء المرتجفين الذين يمارسون الإرهاب من وراء أقنعة وألثم، لم يعلّمه أبواه أن يتهذّبَ في الكلام، وأن يتأدبَ حين يتكلم عن دار عبادة، وأن يحترمَ الآخرَ، كائنًا مَن كان، لأن هذا الآخر صناعةُ الله جلّ شأنه، وأن يزنَ كلماتِه بميزان الذهب قبل أن يهرفَ بها. وبعدما أخفق أبواه في تعليمه، أخفق هو في تعليم نفسه وتهذيبها والارتقاء بها من مرتبة الهمجي: أنا ومن بعدي الطوفان، إلى مرتبة الإنسان: أنا وأخي الإنسان ضد الطوفان.
أكاد أراهم الآن رأيَ العين. يرفعون سيفَ الإرهاب والترهيب والترويع في وجهي وفي وجه كل مصري يكره القبح والظلم ويفضح العنصرية ويحاول حتى النفس الأخير منعَ فتنة طائفية وشيكة، لا قدَّرها اللهُ، تلوحُ غيومُها السودُ في الأفق. أكاد أراهم يرددون ببلاهة مفرداتهم التي لا يعرفون سواها مثل: الاستقواء بالخارج، ومخططات الغرب، وأن من يحاول أن يكشف كم الظلم الواقع على المسيحيين "يبقى بيشعل نار الفتنة" وكل تلك الكلمات الشوهاء العبيطة التي لا تصدر إلا عن ذهن مشوش معطوب، والتي لم تعد تنصتُ لها إلا آذانٌ مهترئة معطوبة.
كنتُ أنوي أن أوجّه مقالي إلى محافظ الجيزة لينظر في شأن تراخيص المسجد الوليد، مثلما حشد جيوشَه لوأد الكنيسة. لكنني الآن أعترف أن المصيبةَ أكبرُ من محافظٍ وحكومةٍ وقوانينَ ولوائح. المصيبةُ تكمن في عاصفة رملية بدوية ضربت نخاعَ مصرَ الطيبَ فأفسدت فطرتها الكريمة ونخرت في وعي أدمغة شعبها. نحتاج الآن ثورةً ثقافيةً تعليمية تنويرية شاملة تحاول إصلاح ما أفسده المدُّ الوهابيّ من وعينا الرفيع السابق. نحتاجُ أن نصحو من غفلتنا ونجابه بشراسة غزوًا ظلاميًّا مُبشِّرًا بالويل والثبور.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ
- القتلُ الرحيم
- الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح
- حبيبتان، من مصر!
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال
- في صالون الرئيس مبارك
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي


المزيد.....




- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!