|
المثقف العربي، بين نار الارهاب، وثلج امريكا
حسين القطبي
الحوار المتمدن-العدد: 965 - 2004 / 9 / 23 - 05:11
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
المال والسلاح ومن ينضوي تحت هذين الجناحين، عدة عصابات المافيا في الولايات المتحده لقرون، والتي استطاعت من قبل بناء هذا البلد الجبار، المفتول الجسد كالنمر تستخدم اليوم لمكافحة الارهاب، ليس في امريكا وحدها، بل وفي كل بقاع العالم.
المثقف العربي، الفقير، الاعزل، شبه المنعزل في "كانتونات فكريه" والذي يتحسس دورا اخلاقيا يطارده للمشاركه في الكفاح ضد هذه الظاهره بماذا يشارك؟ بالكلمة؟ غير مسموعه، فالقنوات الاعلاميه العربية، المقروءه والمسموعه والمرأيه مقفلة للمداحين الذين يرتدون اربطة عنق انيقه ويرددون ما يملى عليهم قبل ا لوصول الى الاستديو. احد نجوم البرامج الرسميه وهو رئيس تحرير جريده تصدر في الخارج، ويعتبر من وجوه و"اعيان" الثقافه العربيه في العالم يصف اسامه بن لادن بالشيخ اسامه!
هوة شاسعه بين ما تملكه امريكا وما يملكه المثقف العربي في مجاراة ذات الشبح، بل ان الهوة اوسع من الوسائل، انها تشمل الاجنده ايضا، الاجهزه الامريكيه لا يهمها من الارهاب سوى اعمال العنف التي تطال مؤسسات الغرب، وحّدها الزمني المتعلق بالان فقط.. بينما حرب المثقف عندنا اطول بكثير، فيها تداعيات اكبر و الحلبه تتخذ اشكالا وتضاريسا اعقد كما تمتد على مساحات زمنية اوسع..
الارهابي الذي يجابهونه يحمل المواد المتفجره للابراج والطائرات، وهذه يمكن كشفها بالاجهزة الدقيقه، اوالمخابراتيه، بينما يجابه المثقفون عندنا اوجه الارهاب الحقيقيه، التي لايمكن ازالتها بسهوله، وقد تكون منابع رئيسيه لنافورة الارهاب، ترسبات فكريه تشمل فئات واسعه احيانا بسعة المجتمع ذاته. تقاليد متجذره ليس اقلها شهوة الثأر وعبادة القوي الى ازدراء المرأة واهمال الطفولة ثم نزعة الاستبداد. يحارب الامريكان وهم فتوات الارض دون منازع، بينما يجهد المثقفون للخلاص من طوق الساسة الذين يذيبون العبيد باحواض الاسيد، ويحكمون على المفكرين بالاعدام تحت التعذيب، و يستعملون الامهات والاخوات رهائنا ليسلم المثقف نفسه طواعية. يجابه المثقفون عندنا رجال دين يبيحون ذبح انسان لمجرد انه من جنسية اخرى. وسوق الفتاوي عامر هذه الايام بهدر الحرمات، يساهم الجهل والتخلف والاميه المتفشيه في تسويقها. يجابه المثقفون عندنا روح التعصب الطائفي والقومي النازي التي تروجه وسائل الاعلام السلطويه وهذا ارهاب كامن بعيد المدى.
مازالت نبرة العداء للفرس باقية في اذهان البعض نتيجة التعرض للحملة الاعلاميه المكثفه على الذهنية العراقية ابان الحرب مع ايران (1980-1988). يجابه المثقف عندنا النعرات الطائفية والعرقية والقبليه والتي تثيرها في الغالب الدول المجاوره بعضها لبعض. اذ تنشط التنظيمات الكارتونيه خصوصا حين تنشأ ثمة ازمة في بلد ما لتصفية حسابات مع كتل سكانية معينه.
عدد الاحزاب التركمانيه اكثر من الاحزاب العربيه والكرديه في العراق رغم ان نسبتهم للسكان حسب اخر احصاء موثوق كانت 2% من مجموع السكان.
وفوق كل هذا يجابه المثقف العربي امريكا، التي وقفت حائلا امام وصول القوى ذات التوجه الانساني الى السلطة، بل دعمت الحكومات الفاشية القبلية وركزت دعائمها طوال عقود، تلك الحكومات التي عمقت النهج و التوجه الارهابي في المنطقة و ما كانت لتحكم لولا الدعم الامريكي بالذات.
وقد لا يضير الامريكان ان يستخدموا الارهاب في المعادلات السياسيه، فهو الاخطبوط الذي يهدد ويوحد الغرب الرأسمالي بعد وفاة الدب الروسي، ويؤمن قيادة سلسه للعالم دون صداع تنافس مع مراكز القوه في غرب اوربا وشرق اسيا. اي ان للارهاب وجهان، احدهما الخير الذي يساهم برص الصفوف وتوفير غطاء شعبي واخلاقي لمسيرة العولمه، وثانيهما الذي يربك الاسواق ويسبب اضطرابات ماليه تضر بالدوره الاقتصاديه لعموم العالم الراسمالي. اما الارهاب من وجهه نظر المثقفين الطامحين لبناء المشهد الخيالي الذي يسميه الشاعر عبد الكريم كاصد "سراباد" فهو كتله صخريه في الطريق تشدهم جاذبيتها الى الخلف وتثقل خطاهم المتعبه اساسا. اي انه الم دائم في الظهر.
بالمال والاساطيل تحارب امريكا ضد اليسار في امريكا اللاتينيه، وضد اليمين في اوربا، ضد الاشتراكيه في الصين، وضد الرأسمالية في اليابان وقد حسمت بهما معارك كبرى ومنازلات تاريخيه ليس اقلها القضاء على التشكيله السوفياتيه. بينما يتلضى المثقف العربي بين نار الارهاب التي تطارده، وثلج الامريكان الذي يحاول ان يجمده ...
والمثقف العربي ليس سوى تعبيرا رمزيا لمثقفي الكورد والفرس والاتراك وغيرهم من شعوب الشرق، اي ان هذه الهموم تبعا، تمتد لكتل سكانيه اكبر.
ومع كل هذا الفارق اللوجستي، والنفسي في الحرب على الارهاب بين مثقفينا وامريكا فان النتائج تشير الى نقاط هنا، ونقاط هناك.
#حسين_القطبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|