|
أوّلُ الغيث : هدف برازيلي في مرمى الشرعية الدولية
رائد الدبس
الحوار المتمدن-العدد: 3208 - 2010 / 12 / 7 - 02:41
المحور:
القضية الفلسطينية
النقاش الذي يدور حول الخيارات والبدائل المتاحة أمام شعبنا في مواجهة حالة الاحتباس السياسي وانقطاع الغيث، بدأ يتبلور ويتمحور حول خيار أساسي لا بد منه، ألا وهو الحصول على أوسع وأكبر اعتراف دولي ممكن بالدولة الفلسطينية المستقلة، ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، وذلك قبل إعلانها من جانبنا كفلسطينيين. يقولون في بلادنا : أول الغيث قطرة . ويمكننا أن نقول اليوم، بعد أن طال انتظار الغيث وطالت حالة الاحتباس السياسي فوق أرضنا وسمائنا : أول الغيث برازيل. وأن نقول أيضاً أن البرازيل التي اعتادت على تسجيل الأهداف الرياضية الرائعة، قد سجلت هدفاً سياسياً أروع في مرمى الشرعية الدولية. لماذا البرازيل؟ البرازيل هي من أوائل الدول التي تمّ التوجه إليها بطلب الاعتراف، وقد لبّت الطلب الفلسطيني الذي قدمه الرئيس الفلسطيني إلى نظيره البرازيلي في غضون عشرة أيام فقط، منذ تلقيه الطلب. ثم تلتها الأرجنتين وسوف تليها حتماً، كثير من الدول الأخرى. يقولون في بلادنا : أول الرقص حَنْجَلة. ثبت أن أوّل الرقص سامبا ثم تانغو، وقد يتبعه الفلامنغو والوالس أيضاً. السؤال المشروع الذي يطرحه الكثير من الفلسطينيين : ما جدوى حصولنا على اعتراف دولي جديد، طالما أن منظمة التحرير الفلسطينية أعلنت في العام 1988 قيام دولة فلسطين وحصلت آنذاك، على اعتراف حوالي مائة دولة، ولكنّ دولتنا الفلسطينية العتيدة، لم ترَ النورَ بعد؟؟ كان ذاك الإعلان التاريخي الهام الذي صاغه الشاعر الراحل محمود درويش، وأعلنه الرئيس الراحل ياسرعرفات، بمثابة إعلان الشعب العربي الفلسطيني عن حقه في تقرير مصيره واستقلاله في دولة فلسطينية فوق أرض فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف. وقد أثمر ذلك الإعلان الذي حدث لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني، عن اعتراف الغالبية العظمى من دول العالم، بحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير ولاستقلال ضمن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس . ما تطلبه منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية من دول العالم اليوم، هو اعتراف رسمي مُعلَن، بحدود الدولة افلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ضمن خطوط الرابع من حزيران عام 1967.
الفوارق النوعية بين إعلان الاستقلال عام 1988 وما تلاه من اعتراف دولي، وبين ما تطلبُهُ منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية من دول العالم اليوم، تتجلّى أولاً باعتراف دولي يحدد حدود الدولة الفلسطينية وينزع أيّ شرعية إسرائيلية عن عمليات الاستيطان التي حدثت وتحدث منذ عام 1967 . وثانياً، أن هذا الاعتراف الدولي المُحَدّد بحدود الدولة الفلسطينية وبعاصمتها، هو اعتراف تتجاوز آثارهُ الأبعادَ السياسيةَ والمعنويةَ للاعتراف بإعلان الاستقلال، وينشأ عنه ويترتب عليه آثار قانونية دولية مُلزمة، خصوصاً بعد أن يكتمل، إما بالحصول على اعتراف ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن ثم التوجه بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد تحت بند ميثاق الأمم المتحدة الشهير بإلزامية قراراته، وهوبند الاجتماع لأجل الحفاظ على السلم العالمي، أو بالحصول على قرار من مجلس الأمن، وهو الاحتمال الأضعف بسبب الفيتو الأميريكي المتُوَقّع. هنالك كتاب جديد فائق الأهمية من حيث مضمونه وتوقيته، صدرعن مطبعة جامعة كمبردج في أيلول الماضي كتاب بعنوان : دولانيّة فلسطين: القانون الدولي في صراع الشرق الأوسط . بالإنجليزية : (The Statehood of Palestine- International law in the Middle East Conflict). تكمن أهمية الكتاب، حسب ما تمّ التعريف به حتى الآن، في ما يقدمه البروفيسور كويغلي من خلاصات من بينها قرائن تعود إلى عصبة الأمم صاحبة قرار الانتداب في العام 1924 حول هوية فلسطين كدولة. وفي هذا الصدد يرى المؤلف أن كل ما حدث لاحقا لم يغيّر من الوضع القانوني لدولة فلسطين، ولا من حقها في الاستقلال. وفي تعليقه على الكتاب يقول الدكتور نبيل العربي، العضو السابق في محكمة العدل الدولية: " إن كتاب دولانيّة فلسطين شامل، يأتي في التوقيت الصحيح، ويمثل إضافة قيّمة إلى الدراسات الخاصة بوضعيّة فلسطين، في وقت يشهد مداولات بشأن الدولة الفلسطينية في أكثر من محفل دولي". أما جون دوغارد، المبعوث الخاص السابق حول حقوق الإنسان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة فيقول في تعليقه على الكتاب: "فلسطين ليست دولة، ليس لأن إسرائيل تقول إنها ليست دولة، القول الذي تتردد أصداؤه في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية. ولكن لأن الوضع كما يبيّن لنا كويغلي أعقد من هذا بكثير. ففلسطين تستجيب لكل مواصفات الدولة، وهي بالتأكيد مؤهلة أفضل من كيانات قُبلت كدول مثل كوسفو، ومكرونيزيا وجزر مارشال وبالاو". يمكننا أن نضيف إلى أسماء الكيانات التي ذكرها جون دوغارد، والتي تمّ الاعتراف بها كدول، قائمة طويلة تتجاوز كوسوفو وميكرونيزيا وبالاو، وما أدراك ما "بالاو".. فهنالك الكثير من الكيانات القبليّة المرشحة جداً للاعتراف بها كدول، والحبل على الغارب، كما يُقال في بلادنا . لكن كل هذا الواقع الدولي المرير والمختلّ لصالح دولة الاحتلال، لن يمنعنا ولن يُثنينا عن مواصلة الكفاح لأجل الحصول على حقنا في دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. نحن إذاً، أمام معركة سياسية وديبلوماسية جديدة وصعبة ومفتوحة على كل الاحتمالات. ستلعب فيها مزايا الإرادة السياسية والمثابرة المهنيّة النضالية الذكية وطول النفس، دوراً حاسماً. فما أحوجنا اليوم لتنظيم وتوحيد صفوفنا وترتيب أوراقنا. وما أحوجنا اليوم ونحن نستعدّ لخوض هذه المعركة الديبلوماسية الدولية، أن نستعيد ذكرى شهدائنا الأبطال جميعاً، وخصوصاً أؤلئك الذين دفعوا حياتهم ثمناً لتحقيق هذا الهدف ، خلال عملهم كديبلوماسيين فلسطينيين مناضلين. نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر : د. نعيم خضر، وائل زعيتر، محمود الهمشري، والقائمة طويلة.. نذكرهم اليوم ليس من باب الوفاء لهم فحسب، بل للتذكير أيضاً، بحاجتنا الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى ديبلوماسية فلسطينية مناضلة و ذات كفاءة مهنية راقية .
#رائد_الدبس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ويكي ليكس : لعبة الأمم والعولمة الماكرة .
-
في الذكرى السادسة لرحيله: كي تبقى العرفاتية فكرة حيّة .
-
خصوصيات ثقافية حمّالة أوجه.
-
فيروز أسمى من قرار المنع
-
سلوك القطيع وسيكولوجيا الحشد
-
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وفزّاعة التوطين!!
-
سياسة العمق الاستراتيجي لتركيا وحصار غزة
-
ما بعد رياح السماء ودلالاتها.
-
محاكم التفتيش الجديدة والثقافة الاعتباطية.1-
-
حوار الأديان -3 :دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا
...
-
حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)
-
حوارُ الأديانِ : هلْ يستطيعُ الفارسُ أن يجريَ أسرعَ منْ جواد
...
-
مقال
-
السباحة في بحر الفيسبوك
-
تأملات في قضية المرأة .
-
الثقافة الوطنية وحالة - أمير حماس الأخضر-.
-
فولكلور سياسي
-
دروس دبي.
-
إسرائيل ومسلسل كيّ الوعي الفلسطيني.
-
أطراف نهار -الأيام- الفلسطينية ونقطة ضوئها.
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|