|
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع العربي ( مطلوب المشاركة في الحوار ).......( 4 )
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 23:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
الإشكالية الرابعـــة : تتمثل الإشكالية الرابعة بكونها تاريخية ، وذلك من حيث مايبدو أن مسار نموها الطبيعي للمجتمع قد توقف منذ قرون مضت ، فأتخذ مسار حركة هذه المجتمعات ( العربية ) – كل مجتمع عربي عند آخر تشكيل اجتماعي – اقتصادي خاص به – اتخذت مسار أشبه بالدوران في الفراغ ، وذلك يؤكد ماسبق أن اشرنا إليه بأن التاريخ منذ آخر لحظة انقطعت فيه مجتمعاتنا عن النمو بشكل طبيعي علم بأن التاريخ اللاحق يصاغ – تسجيلا وواقعا – وفق ماتفرضه سلطة الحكم – خاصة وأن طابع المجتمعات العربية وموروث حكمها مبرقش بين سيادة نمط الأبوية الاجتماعية وفردية السيطرة للحكم الموسم بين اللاهوتية ورافعة الحكم عبر القوة القسرية – وهو مايفرض واقعا مستقبليا مبنيا على قسرية إعادة إنتاج القديم على الدوام ، وتصبح الأشكال والأنماط الاجتماعية الجديدة المتولدة ضرورة بفعل المعاصرة الزمنية خاضعة لسيادة الجوهر القديم المتحكم بالمجتمع ، وممارسة طابعها ووسائلها وأدواتها عبر المرخص به – والتي هي في العادة ليست جوهرية تفرض واقع الانقلاب التاريخي للمجتمع ، ولكنها تلك التي يمكن للجوهر القديم أن يلبسها رداء للمعاصرة والحداثة ، فينتج عن ذلك واقعا مسخيا مشوها وقيما زائفة – مادية وروحية – يصعب من خلالها التمييز بين الأنماط والتشكيلات والأفراد . . الخ ، خلطا يصبح معه الجديد – السطحي – غير قادر على تحمل مهام التغيير الفعلي ، والقديم – المتجذر بزي حديث – يفرض قوته على الدوام على إعادة إنتاج القديم ( بأردية شكلية متجددة ) ، وهنا جوهر هذه الإشكالية الراهنة لمجتمعاتنا العربية ، أنها متوقفة تاريخيا عند آخر عقد اجتماعي عرفه المجتمع العربي المعني – مثلا البلدان العربية ( مصر مثلا ) ذات المساحة الواسعة والخصائص الجغرافية التي تهيئ لمجتمعاتها درجة عالية من الوفرة والاستقرار والتحضر ، وكانت قد انتقلت تاريخيا وبصورة عن حضارة مكتملة من النظام العبودي – الرقي ودخلت في النمط التاريخي اللاحق – الإقطاعي ، إلا أن خصائص تمزق ملكية الأرض بين الأفراد منع تحقق بناء تلك الإقطاعيات الشاسعة ، وهو مالم يمكن الطبقة السائدة – الإقطاعية – من أن تقوم بمهامها الثورية التغيرية أنذك ، فأصبح النمط التاريخي للمجتمع شبه إقطاعيا – وليس إقطاعيا – وهو ماجعل السلطة الحاكمة ذات الطبقية الإقطاعية تجتر الجوهر الأقدم للحكم – بطابعه الفردي بقوة التسلط ،وتغطيه في فترات القمع بالصبغة الدينية أو اللاهوتية ، وينضاف إلى ذلك إنعام الاستقرار المجتمعي الطويل بفعل سلاسل الحروب الخارجية والداخلية من أجل الحكم وأيضا الاستعمار الخارجي بكل أشكاله عبر التاريخ ، من هنا فبلد مثل مصر يتمثل دورانه في الفراغ خارج المسار الطبيعي للتطور الاجتماعي عند آخر عقد اجتماعي كان معمول ، والمنحصر بالعقد الإجتماعي الناقص ذات الطابع التاريخي للمرحلة الإقطاعية ، ومثلها بلدان عربية أخرى بمعنى من المعاني – كلبنان ، سوريا بفعل انتسابهما لحضارة أوروبية إغريقية قديمة ، والمغرب من حيث كونها كانت بعيدة من مركز الحكم الإسلامي واقرب تأثريه بفعل الجغرافية السياسية للغرب إضافة بفعل الاستعمار ، وتشترك كل هذه الأخيرة بربطها بالتاريخ الإسلامي للإمبراطورية العثمانية ، التي بالنسبة لتركيا استكملت بمعنى من المعاني مهام التاريخية الإقطاعية للمجتمع التركي ، وإن هيئت خصائص الانتقال بالمجتمع إلى البرجوازية ، إلا أن قوة الإمبراطورية القديمة فرضت على المجتمع واقعا غير قاطع لحضور القديم اجتماعيا كنمط قابل للتعايش مع الجديد ولكن يحضر قويا في إطار المعتقد ، ومن هنا تعاني تركيا من إرهاصات راهنة في قيام عقد اجتماعي – برجوازي وضعي كامل ، حيث أن مخلف الإرث القديم للإمبراطورية الحاضر قويا على صعيد الوعي والمجتمع هو مايقيم تلك الإرهاصات المعيقة لتحقق قيام دستورا علمانيا كاملا ومجتمعا برجوازيا طبيعيا – وهي مسألة وقت وطبيعة صراع اجتماعي وقتي يتحرر بعدها المجتمع التركي من إرث القديم ، أما بالنسبة لتلك البلدان العربية سابقة الذكر ، وانتقالها بالتبعية لسلطة التحكم الاستعماري الخارجي – العثماني والأوروبي – أحدث لمجتمعاتها فعل القطيعة التاريخية مع الأنماط التاريخية ماقبل العبودية ، ولكونها بلدان تابعة أي طرفية بالنسبة لبلدان التحكم الاستعماري ، فإن مهام الإنجاز التاريخي للعقد الاجتماعي التاريخي – للإقطاعية – لم يتحقق واقعا بفعل وجود لهوية نمطية - اجتماعية تاريخية غير مؤهلة ماديا ولم تمتلك الاستقلالية المجتمعية وغير مستقرة بفعل الحروب الدائمة ، ملكها إرث الارتباط بالحضارة الإغريقية والتأثر الغربي ، سمات الطواعية في التشكل الهجائني المتعدد بين الإقطاعية والبرجوازية المجتمعية المجترة تاريخ مفهوم القوة لفعل التسيد الاجتماعي من المورث الديني والحماية المجتمعية للمجموعات والأفراد عبر ماحمله إليهم نظام الحكم الإسلامي – السياسي بطابع نزعات ماقبل الإقطاعية – النزعات البدوية كالطائفة والعرقية والدينية كهوية تمييزية اجتماعيا لا كمعتقد تصوري ذهني – إيماني ، مجتمعات مثل هذه البلدان العربية لم تتوقف محطة تطورها الذاتي عند مرحلة تاريخية معلمة بوجود عقد إجتماعي – إقطاعي غير مستكمل تاريخيا ، بل يظل تعبيره الإجتماعي ممثلا بدستور – واقعي نافذ موضوعيا – ملطخا كرقعة فسيفساء بين كل أشكال العقد الإجتماعي المعلم لكافة مراحل التاريخ – القديمة والحديثة ، أما بلدان الجزيرة والخليج – بما فيها اليمن ، فإنها لم تعرف عقدا إجتماعيا مؤصلا يتجاوز مرحلة العشيرة ويدء تكون الأمة ، ولكونها تعد بلدان المركز للدعوة الإسلامية ولبلد الحكم الإسلامي الأول ، فإن مشروع إنجاز بناء العقد الإجتماعي لمعبر السيادة الإقطاعية – كمرحلة تاريخية – لم يستكمل بفعل كثرة الحروب الخارجية التي إنشغلت بها الدولة الإسلامية فيما عرفت بالفتوحات الإسلامية ، وبفعل نشوء حكم التوريث والصراعات حول الحكم وتفكك وتفتت الدولة المركزية الإسلامية أنذاك ، وبفعل تحول مركز الدولة من المركز إلى الاطراف ، أدى ذلك إلى تشارك كل من سلطات الحكم المتتابعة ، والمجتمع الذي لم يتحقق له أية إنتقالات مادية لطبائع العمل ، هذه المتشاركة كانت على الدوام تفرض واقعا إعادة إنتاج القديم – نظام حكم ومجتمع – عبر كل من سلطات النظام الحاكمة وأناس المجتمع ، وهو مايشي إلينا بحقيقة واقع اجتماعي محلي لدينا في بلدان الجزيرة والخليج ، يعاد فيه بإحكام إنتاج جوهر القديم بصورة طوعية – عبر السلطة والمجتمع – وماصور الحداثة الشكلية ليست سوى إرهاصات يفرضها واقع العصر وطبيعته ، وهي ليست سوى طبائع غير نوعية وغير أصيلة يقبل بها القديم لقابليتها للارتداء ، بحث يتمظهر القديم بزي الحداثة ، ويفرض واقع الحداثة بجوهر القديم لا الجديد ، ومن هنا فإن بلدان كالسعودية ودويلات الخليج تلعب الطفرة النفطية دور التخفيف للإعاقة المجتمعية لحل المشكلات ، وحتى تزول آثار هذه الطفرة فإنها لاتبتعد كثيرا عن اليمن ، الذي تتمثل فيه واحدة من أهم الإشكاليات التاريخية العالقة ، بأن توقف نموه التاريخي لم يتأصل جوهرا باستكمال إنجاز العقد الاجتماعي ( الكامل ) لمراحل ماقبل الإقطاعية ، بل أنه يعاني من القسرية الاجتماعية والسلطوية النافذتين عليه بإعادة إنتاج الخصائص المجتمعية إلى ماقبل العبودية ، حيث تحضر فيه القبيلة والعشيرة والحاكم الفرد – كإله ارضي مطلق – وتحضر العلاقات الاجتماعية – المسيدة قسرا – لمجتمع وواقع ماقبل الدولة البدائية ، حيث يكون الحاكم الفرد وأسرته وحاشيته وصولا إلى الو لاءات الفردية عند من هم في أدنى السلم الاجتماعي من التحضر والتعليم ، يكونون جميعهم فوق الدستور والقانون ، ويصبح المجتمع مدارا راهنا بسلطة بديلة عن الدولة ، وتدار الحياة اليومية بالية التسلط الفردي المزاجي والمصلحي ، الذي يصبح هو القانون النافذ واقعا لا التشريعات المكتوبة . وبملخص القول ، أن إحدى الإشكاليات التاريخية ( الأكثر أهمية ) التي تدمغ مجتمعاتنا العربية ( الراهنة ) من حيث عدم قدرتها على حل المعضلات ، تتمثل بأن حقيقة هذه المجتمعات متوقف نموها الطبيعي في مراحل متقدمة من التاريخ ، وبقدر أن عودتها لمسار التطور الطبيعي مثل بقية المجتمعات التي عبرت مراحل التطور التاريخي الطبيعي يتطلب تحقق فرزا اجتماعيا وقيام عقد اجتماعيا معبرا عن ذلك الفرز ، لتتحقق بعده المقدرة التاريخية لحل المشكلات أو المعضلات الراهنة ، وبدون قيام مثل هذا العقد فإن البلدان العربية ستظل – بأنظمتها ومجتمعها – تحاول حل الأزمات الخاصة بها من خلال وجود جوهري رهني لخصائص المجتمع القديم ونظم حكمه ، حيث تظل العلوم المعاصرة ووسائل الحل التي تمتلكها مرهونة بإنسان مقدم فيه الفرد ومصالحه قبل المجتمع ، وإنسان مرهونا في وجوده الاجتماعي ومكانته للولاء للحاكم الفرد لا المجتمع أو الدولة ، وإنسان يرتهن ضعفه من قوته ليس لما يمتلكه من علم أو معارف أو خبرات أو لمجال عمله وطبيعته ، ولكن يرتهن لما يمتلكه من قوة مسنودة بالسلطة أو العشيرة ، وأخيرا إنسان نفوذه الاجتماعي ليس محمولا بقوة القانون أو يحميه الدستور أو بقوة العلم ومنطقه العلمي ، ولكن بقابليته التعامل واقعيا وبشكل يومي بلا وجود للدولة ، ولا وجود لمن يحاسبه مادام محميا بفعل ولائه لسلطة الحاكم الفرد .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرار
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح
...
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح
...
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح
...
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح
...
-
احزان الزهر البري
-
سفرخلال النافذة
-
بلد اليباب نثر شعري
-
بوابة الحقيقة والبركان قصة قصيرة
-
مقترح مشروع تحديثي في البناء التنظيمي لمنظمة الحزب الاشتراكي
...
-
أنا . . والقصيدة نثر شعري
-
خوف نثر شعري
-
من بلاد . . سجن الأمراض النفسية من يمنحني . . هواء إنسانيا
-
الصلصال
-
وكر الأشباح قصة قصيرة
-
مغايرة في ال 7 المضطربة نثر شعري
-
الهاتف
-
حمى
-
إشهار المرصد العربي لمكافحة السرطان
-
( ورقة العمل بفكر الضرورة ) مشروع التحرر الإنقاذي اليمني (ال
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|