|
الفنان سيدي عبد السلام ياسين
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 3206 - 2010 / 12 / 5 - 19:31
المحور:
كتابات ساخرة
بعض الزوايا في المغرب، تبدأ أسماؤها هكذا: سيدي بنور الزحتاني، سيدي ميمون الزهواني، سيدي، سيدي... واغلب هذه الزوايا تقام فيها مواسم يحيى فيها الطر والرقص(الجدبة) أياما معدودة، أي انها تتضمن بعض الحفلات الموسيقية الشعائرية او الصوفية والروحية، مناسبة هذا الموضوع هوا التالي: في بعض الأحيان تقرأ بعض المواضيع المؤرقة في النيت، خصوصا عندما تقرأ مقالا لأحد أعمدة مفكرينا الكرام المكثفة ببنية تفكيرة ولغوية مع إشارات متعددة ناهيك عن بنيتها المفاهيمية المعقدة، بحيث تشدك الفقرة الواحدة فقط لحظات طويلة لتجد نفسك أمام عنوان لكتاب كامل، لا يمكن تخطيه، وهو غالبا ما يمنع على المرء أن يثير تعليقا فيها، بينما تلقى أن مقالا مبسطا وسطحيا، يحظى بذيول من التعليقات قد لا تنتهي في أسبوع، والجميل في هذه المقالات، صراحة هو ما تبعثه من فسحة وفانتازيا وتنكيت يدلي بها بعض القراء والتي قد تغني الموضوع أكثر مما تقدم به كاتبه، لكن ليس دائما أن المرأ يلتجيء إلى مثل هذه المقالات للترويح على النفس، فأحيانا تعشق مرحا في التشاط مثلا كأن تدخله باسم امرأة مسنة لتكتشف هول الدناءة التي تلقاه النساء ولو كن مسنات وعليه، عليك تحمل كل ما سيقال لك دون انفعال وستكتشف العجب الغريب الذي تتحمله نساؤنا من مجتمعنا الذكوري على العكس تماما لو دخلته باسم رجل، وهو عموما موضوع يستحق مقالا ودراسة لوحده، لكن ليس هذا أيضا مااقتادني إلى إثارة هذه الفتحة، الذي اقتادني هو دخولي إلى اليوتوب قصد الإستماع إلى آلة العود أو آلة الوتر المغربية، وبالتحديد كانت تعجبني الأغاني التلقائية غير الرسمية، أي تلك التي تسمى عندنا بالمغرب «الجلسة» وهي غالبا أغاني تؤدى في حفلات الأصدقاء وبدون مناسبات وتضمن مشاركة كل من يريد الغناء وهي غير مقوننة بشروط المنتج وغير خاضعة لرقابة معينة، وغالبا ما أفضل منها أغاني الستينات و السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وبالتحديد تلك الأغاني التي تؤسس لانتقال مجتمعنا بالأطلس المتوسط من مجتمع رحالي إلى مجتمع مستقر والتي تؤسس له أيضا من حيث انتقاله من السكن في الخيام إلى الإستقرار بالمنازل وهو ما يؤسس تاليا الإنتقال من نمط إنتاج رحالي يعتمد الرعي والقنص والتنقل بين منطقة السهل ومنطقة الجبل في إطار الملكية الجماعية للأرض او مايسمى بأراضي السلالات إلى الملكية الخاصة للأرض والإستقرار بها في إطار دور السكن، هذه العملية من الإنتقال صاحبها انتقال أيضا في العادات والتقاليد، فالغناء في هذه المنطقة كان في إطار المجتمع الرحالي غناءا جماعيا على شكل حلقة دائرية تسمى أحيدوس، وهو يعكس شكل حلقية الخيام نفسها التي كانت تقام بشكل دائري تتوسطه زرائب الماشية وهي مايعني حضور هواجس الترقب و التأمين من هجمات محتملة حيث تتوزع المراقبة اشعاعيا في كل الإتجاهات،قلت بأن الغناء في هذه الفترة انتقل أيضا من شكله الدائري الجماعي في الهواء الطلق، إلى الفضاء الداخلي داخل البيوت حيث ستظهر عندنا آلات جديدة كآلة الوتر والكمان وغيرها بعد ذلك، وسيتحول آحيدوس من شكله الدائري إلى الجلسة، أو القصارة، داخل مربعات البيوت، وبالتدريج سيتحول الغناء الجماعي إلى أن يصبح غناء خاصا يؤديه فقط المتخصصون، وتظهر تسميات جديدة، سيصبح الفنان شيخ والفنانة شيخة، مع أن هؤلاء الفنانة لم يتجاوزوا الأغاني القديمة على مستوى النظم والإبداع، بل كانوا طيلة هذه الفترة يعيدون في إقاعات مختلفة نفس أغاني أحيدوس أما الإضافة كما أشرت فهي دخول آلة الوتر والكمان. ليس هذا أيضا ما اقتادني إلى هذا الموضوع قادتني إلى هذا الموضوع إحدا المصادفات العجيبة، دخلت إلى منطقة اليوتوب، كتبت اسم أحد الفنانة المعروفين بالضرب على هذه الآلة، وطبعا وكما هو معروف سيمدك اليوتوب بلوائح من الفنانة المسجلين في الموقع، فكلمة العود مثلا ستمدك بلوائح كل الذين لهم علاقة بالعود، لكن أغرب ما يمكن أن تجده في اليوتوب، في لائحة المرح والطرب، هو أن تجد شيخا من نوع آخر. في الصورة صورة لرجل جالس القرفصاء، بجلباب أطلسي معروف بالمغرب،يرتضيه أيضا شيوخ الطرب، بلحية سوداء يتخللها بعض الشيب، لكن هذا الشيخ لا يحمل في يديه لا آلة كمان ولا وتر، تحت الصورة كتب: لقاءات سيدي عبد السلام ياسين 1989 ومباشرة ستضغط على الصورة لتكتشف أن الشيخ هو نفسه الشيخ عبد السلام ياسين بلحمه وعظمه يلقي درسا في تربيعة البيت حول الدين ومواعظه، حاولت اتمام الشريط فربما الشيخ يقوم بتجويد القرآن وهو عمل فني قد يتشابه لدى القائمين على اليوتوب وهم في الغالب من الكفار والمجوس، لايميزون بين التجويد والغناء، لكن لم يكن في الشريط أي تجويد بل حديث عن إمام قتله الحجاج، ولم أتبين صراحة هل هم حجاج البيت أم الحجاج بن يوسف الجبروت لأني كنت أنتظر التجويد. أعدت الصفحة وراء لأتأكد من أن الصفحة التي طلبت هي صفحة الفنان الذي طلبت واسمه ليس عبد السلام بأية حال ولم أكتب كلمة الشيخ حتى يتبلد اليوتوب كما أني لم أكتب كلمة سيدي حتى يختلط في النيت سيد الزوايا بسيد الإسلام السياسي بسيد الطرب، بل كتبت اسم فنان بعينه، لأكتشف أن الصفحة هي نفسها التي طلبت، والشيخ عبد السلام وحيد فيها، وما أن تنقر في صورته حتى تتغير اللوحة كليا من يوتوب الطرب إلى يوتوب الوعظ والترشيد، ولن تجد استثناء فيها من أن يكون فيها مطربا واحدا، بل كلها عذاب القبر والترويع وعذاب النار، أي أنك ستتحول مباشرة من حالة المرح والطرب وهي من خاصيات الترويح عن النفس إلى حالة من الهلع والجحيم والوعيد وكل مايسقط السماء على الأرض يوم القيامة. الموضوع-المصادفة أيضا هو هذا السحر المكمون في كلمة الشيخ في انتقالها عندنا من الشيخ في الفقه إلى الشيخ في الفن، إلى الشيخ في المخزن، اي حاصي الأنفس، وهي من شاخ، كبر، في الدين تقال للمتمكن من فقهه ودينه، وتعني أيضا في نفس الوقت الغر في دينه، ويستدل بها للتعبير عن الضعف والوهن والهرم، مقرونة بالخرف، يقال حديث شيخ بمعنى أن روايته غير قوية، بعبارة هي كلمة جامعة لكل المتناقضات، فهي تعني قوة المعرفة الدينية كما تعني ضعفها في نفس الوقت كما تعني كلمة شيخ(ة) الهرم والفقيه والمطرب(ة)(كم هو جميلة ان تواتي هذه الكلمة مادونا ويقال لها الشيخة مادونا) ورجل المهمات المخزنية الكبيرة. وبالعودة إلى مطربينا هؤلاء في سنوات الستينات والسبعينات كانت أغلب أغانيهم منفلتة من الرقابة الأخلاقية كما كانت تتناول المحذور بشكل تلقائي من حيث كانت موضوعاتها خارقة للمقدس كالتغني بالخمر،وانتقاد اللاهوت والسخرية من الدين وما إلى ذلك،مما يجعلها عرضة للهجوم الأصولي وبالتالي تصنيفها هي واللغة الناطقة بها في دائرة العار، وكانو يتغنون بكل شيء، كانو يحتفظون بنفس المقامة الغنائية، لا التزام بوحدة الموضوع، بل الموضوع غالبا هو موضوع اللحظة يستند إلى الذاكرة الشفهية الجماعية ويستنبض منها ماقيل ويناسب موضوع اللحظة، وفي حالات كثيرة يبدعون قصائد لحظية على شكل كوبلا التي تغنى في موشحات الفلامنكو الأندلسية (ويقال أن أصلها المغرب،لكن الكثير من الأندلسيين ينكرون ذلك رغم دفاعهم المستميت في أن تتبنى اليونسكو غناء الفلامينكو كأحد أمهات الفنون الإنسانية)، قلت يبدعون قصائد لحظية، لكن لا يتبناها أحد، بل تصبح مباشرة موروثا شفهيا وشعبيا.كانت المفارقة إذن هي أن يلتقي شيخ الدين وشيخ الطرب في اليوتوب في نفس التصنيف مع أني تعمدت عدم نشر هذا الموضوع أياما معدودة للتأكد من طيش اليوتوب.ليتبين فيما بعد أن اختراق الإسلاميين للمواقع تجاوز كل الحدود بحيث يمكن أن تجد شيخا وعظا آخر في موقع الإباحة الجنسية ولا حرج في ذلك إذ لا حياء في الدين.وهنا تحضرني قصاصة طريفة من الدانمارك حول مجموعة من النواب طرحوا على طالبي الدخول إلى بلدهم اقتراحا هو أن تعري امرأة عن ثدييها أمام كل وافد من الجنوب (الدول العربية والإسلامية بالخصوص) فإذا رفض النظر إليها حرم من الفيزا وإذا لم يرفض جوزي له بها وهو من المفلحين الشيء الذي اعتبرته في تعليق حول هذه القصاصة بأنه ترف في التشريعات الدانمركية الذين لو عرفوا نكتة مغربية حول الموضوع لما تجرؤوا بهذا الإقتراح وهي حول امرأة متبرجة أرادت أن تدخل إلى التوبة وتعتنق الإسلام فقصدت إماما تسألة عما يمكنها عمله في الأمر هذا، فلما رأى أنها في لباس التبرج، ألح عليها في الحين أن تخلعه عنها حيث بدأ بالقول: اخلعي عنك هذا وهذا وذاك حتى ما بدت عارية تماما مد لها صدره قائلا: والآن عانقي الإسلام.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كلمة الرفيق رزكار عقراوي
-
عبوزان الصغير
-
إيه يا داحماد حين تأتينا بثورة بغلة (عن جبل سكساوة)
-
وداعا الرفيق أبراهام السرفاتي
-
حول دور الحزب الشيوعي (2)
-
حول دور الحزب الشيوعي
-
تيط إفسثن: العين الصامتة
-
مأزق الديموقراطيات
-
هنيئا للحوار المتمدن
-
دور الآلة في الإنتاج الرأسمالي: رد على تحريفية فؤاد النمري
-
سجين ملحمة العبور
-
حكايا من المهجر: بيترو إفانوفيتش
-
ضاعت مرة أخرى ملحمة جلجامش
-
المغرب وإشكالية اللغة 2
-
المغرب وإشكالية اللغة
-
حكايا العبور
-
العلاقات المغربية الإسبانية
-
خواطر سياسية: كل الاحزاب المغربية أحزاب الملك
-
تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم
-
حكايا من المهجر: لاموخنيرا (2)
المزيد.....
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|