محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 962 - 2004 / 9 / 20 - 09:11
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
بما يقول قائل إن مقالاتنا عن آل مكتوم في السنوات الخمس الأخيرة محاولة تلميع مدفوعة الأجر على حساب الحكومة المركزية في أبوظبي!
والحقيقة التي لا يعرفها أحد تقريبا من الذين تابعوا كتاباتنا عن دبي لأكثر من عقد من الزمان أن آل مكتوم لا يحملون لهذه المطبوعة أي ود, وأن علاقتنا صفر بكل مسؤولي العاصمة الاماراتية الثانية, بل أحسب أنني لو أرسلت رسالة تهنئة أو عزاء لآل مكتوم فلن يصلني رد ولو بعد حين.
لكن الأمانة الاعلامية تقتضي منا الكتابة بحياد وايجابية ومن منطلق واقع لا نستطيع تجاهله, فعبقرية الحكم في دبي تجعل هذه المدينة تحتفل مع اشراقة كل صباح جميل بمشروع ضخم, أو تطور اعلامي, أو افتتاح معهد بحث علمي, أو منافسة أي مدينة أخرى أو انشاء مؤسسة علمية أو ثقافية أو اعلامية أو اقتصادية أو تربوية أو تعليمية أو رياضية أو سياحية ...
المراقب للدولة التي مثلت أنجح اتحاد عربي في العصر الحديث ( باستثناء توحيد اليمنين بمدافع علي عبد الله صالح ) يلاحظ أن صراع الأشقاء في أبوظبي يتجه إلى تمزيق الدولة, وأن أبناء الشيخ زايد الذين يحيط بهم أباطرة النفاق من محترفي الاحتيال من مدراء مكاتب وحراس شخصيين وكتبة مأجورين يتقاسمون إرثا وكأن والدهم على وشك مغادرة دنيانا إلى عالم الحساب والعقاب والثواب والحشر.
الغريب أن دبي لم تكن راغبة في الانضمام للإتحاد منذ عقدين, لكنها الآن الأكثر تمسكا به, واحتراما له, وتقديرا لمكتسبات الوطن.
عشرون أو أقل أو أكثر من أبناء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يمسكون زمام دولة, وينامون في حضن ثروات هائلة تكفي لو تم توزيعها لانهاء البطالة في الخليج برمته, ويتصارعون على المنصب الثاني والثالث , ورائحة دسائس القصر تصل إلى كل شبر في الاتحاد مع لمسات نسائية تختار فيها الأم الشيخة أقرب أولادها ولو كان لا يصلح لتسيير العمل في محطة قطارات قديمة, فتضعه في المنصب الوزاري الذي يروق لها, وتتولى ترتيب سلم الأولويات أملا في أن يصبح يف يوم ما رئيس الدولة أو نائب الرئيس.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لم يعد يحكم الدولة, ويمنعه مرضه من اصدار قرار حاسم واحد, في وقت يراقب آل مكتوم صراع الأبناء في وجود النساء والطابور الخامس من الوصوليين الذين أصبح كل منهم ساعدا أيمن لأحد أبناء رئيس الدولة, وأكثرهم للأسف الشديد من جنسية عربية واحدة لم يتعلم أبناؤها درس التدخل في شؤون الآخرين, وكيف تنقلب الطاولة عليهم في نهاية حفل الدسائس.
الشيخ عبد الله بن زايد مثلا يسيطر عليه إبراهيم العابد, واحد من المقيمين في الدولة والذين يعرفون أسرارها أكثر من شيوخها, بل إن كثيرين منهم يحكمون فعلا الدولة من مكاتبهم في قصور الشيوخ ومكاتب الوزراء.
حماقة استضافة مجرمي بغداد, وفي مقدمتهم محمد سعيد الصحاف, عميد الكذابين والملوث بدماء الأبرياء, هي من بنات أفكار مساعدي أبناء الشيخ زايد في تحد وقح لمشاعر العراقيين والكويتيين, وأرواح الشهداء الذين قام نظام المجرم صدام حسين بتصفيتهم بعد تعذيبهم عذابا لم يعرفه بشر من قبل.
إننا نخشى على الدولة الاتحادية من التمزق, والتفكك, والانفلات, وانفراط عقدها لتصبح دولتين, دبي من ناحية, والامارات الأخرى بقيادة أبوظبي في ناحية أخرى.
نعم هناك سلبيات في دبي, وليس كما قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للكويتيين بأن يحذوا حذوه, فالكويت ليست دبي, وكرامة الكويتي تسمح له أن يعارض رأس السلطة, ويتحدى وزيرا أو شيخا, ويعود إلى بيته آمنا مطمئنا, بعكس المواطن الاماراتي الذي لا يستطيع أن ينظر في عيني شيخ من آل نهيان أو آل مكتوم أو القاسمي أو حتى مدير مكتب أحدهم.
لكننا نعترف, رغم تحفظنا على غطرسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وكبريائه واستبداده, أنه عبقرية إدارية واقتصادية ويستطيع هو أو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم أن يحفظ للاتحاد قوته, ويجعل من دولة الامارات قوة مالية واقتصادية ومركزا للاعلام وعالما مستقلا بذاته للتجارة الحرة, ومفخرة لكل عربي.
لن يقبل أبناء الشيخ زايد تقاسم السلطة مع آل مكتوم, ولن تسمع آذانهم من مستشاريهم العرب كلمة مديح واحدة في حكام دبي, فانتقال السلطة للعاصمة الثانية سيطيح بكل امتيازات آلاف الذين يأكلون على موائد آل نهيان وينهبون مليارات من أموال شعبنا.
لا يمر يوم إلا وفيه بصمة انفتاح وانفراج وتقدم وتطور بيد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولو حدثت المعجزة وتسامى الجميع من أجل الوطن, وتراجعت النسوة وقطعن أياديهن وقلن حاشا لله, وانتقلت السلطة سلميا ليصبح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيسا لدولة الامارات العربية المتحدة فستكتب للدولة صفحات جديدة ومجيدة في تاريخ الأمم المعاصرة.
هذا لا يقلل من تحفظاتنا على خطر التواجد الآسيوي الكثيف, أعني احتلال الفقراء, فبعض شوارع وأحياء دبي لاتسمع فيها كلمة عربية واحدة كأنك في دلهي أو كلكتا أو لاهور, ومن رغبتنا أن يتم التعامل مع أبناء شعبنا الاماراتي من موقع مساواة مواطنية وانسانية, فالله تعالى لم يخلق حكام الامارات من ذهب وفضة, وأفراد الشعب من طين وأوحال.
الخطر الكبير في الامارات ليس فقط التواجد الآسيوي المسيطر على الشارع والمحل واللغة والسيارة وتربية الطفل الاماراتي في حضن خادمة آسيوية, لكنه في سذاجة الاماراتيين وارتكابهم خطأ وجود فئة من الوصوليين والنصابين والنهابين يعملون في المكاتب والقصور ويطلعون على أسرار الدولة, ويحددون سياستها من وراء الستار.
ولكن لماذا لا يكون الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم هو رئيس الدولة بدلا من محمد بن راشد؟
يبدو للمتابع أو المراقب أن الشيخ مكتوم لا يطمح للحكم, وأنه يوافق ضمنيا على أن يكون محمد بن راشد رأس الدولة وحاكمها وحافظ وحدتها.
وهذا لايقلل اطلاقا من شأن الشيخ مكتوم أو عبقريته في الحكم أو اخلاصه للاتحاد أو مشاركته محمد بن راشد إدارة الامارة في تخطيط لم يسبق له مثيل.
نحترم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم, ونتمنى عليه كثيرا من التواضع وقليلا من الكبر, وندعمه متعاطفين معه ككثيرين غيرنا, وربما أيضا معظم أبناء شعبنا الاماراتي, لينقذ الدولة, ويحافظ على الاتحاد, ويوقف صراع الأشقاء بعد رحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان, وينهي المظالم التي وقعت على كثيرين من جراء إنصات أبناء الشيخ زايد للوشاة والأفاقين ومدراء مكاتبهم.
ألم يقم الشيخ عبد الله بن زايد وزير الثقافة والاعلام بايحاء من إبراهيم العابد بالاستغناء عن خدمات عشرات من الاعلاميين والصحفيين الاماراتيين والمصريين واللبنانيين , وخرب قراره الظالم بيوتا, ودمر عائلات, وجعل الكثيرين يكفرون بالعدل في الدولة؟
إنقاذ الامارات في أيدي حكامها, ولكننا لسنا متفائلين بقدرة أبناء الشيخ زايد على التسامي فوق صراعاتهم, ولا نحب أن نقرأ خبر تخلص واحد من شقيقه, أو دس السم له, أو ذبحه في القصر, أو الاستيلاء على الحكم في غيابه خارج البلاد.
كلمة جارحة, وصريحة, وهي على لسان معظم أبناء الدولة ولكن النطق بها يحمل مخاطر جمة على صاحبها! إنها الرغبة الشعبية العارمة في أن يتولى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئاسة الدولة بعد وفاة الشيخ زايد, فهل هي أضغاث أحلام أم تشخيص أمين للواقع؟
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟