فضائح -خير القرون- السلفية(12)

حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3205 - 2010 / 12 / 4 - 10:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

مقدمة ذات صلة :

لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر جديد.

أمل دنقل


الوليد بن يزيد (125ــ 126)، العاشر في ترتيب ملوك خير القرون السلفية، كان رحمه الله ملحدا !


كان الوليد بن يزيد ملحدا مجاهرا بإلحاده، فقد كان يستهين في شعره بالصلاة و من ذلك قوله :

ألا حبذا سفري و ان قـــيل انني كلفت بنصرانية تشرب الخمرا
يهون علينا ان نظل نهارنا الى الليل لا ظهرا نصلي و لا عصرا

برر بن كثير ذلك الإستهتار بقوله" قيل أن هذا وقع قبل أن يلي الخلافة ! " و لكنه سرعان ما افادنا أن الملك الأموي لمّا " أراد الحج قال اشرب فوق ظهر الكعبة الخمر"!! أي انه أراد الحج للمجاهرة بكفره ! كما سجل قول القاضي ابي الفرج :" و قد جمعت شيئا من سيرته و اخباره، و من شعره الــذي ضمّنه ما فـــجر به من جرأته و سفاهته و حمقه و هزله و مجونه و سخافة دينه، وما صرّح به من الإلحاد في القرآن العزيز والكفر بمن أنزله و نزل عليه " (البداية و النهاية ج 9 ص 419) و قد اشتهر عن الوليد بن يزيد تمزيقه المصحف الشريف بقوسه حيث فتحه يوما فوجد قوله تعالى(( و استفتحوا و خاب كل حبار عنيد)) فوضع القرآن كهدف ثابت ثم رماه بقوسه و هو يقول:

أتوعد كل جبار عنيد فـــها انــا جــــبّار عنيد
اذا لقيت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليد(1)

مقتل الوليد بن يزيد:

سرعان ما قتل الوليد من قبل العائلة المالكة، لا لفسقه و لا لتجاوزه احكام الشرع الحكيم لأنه لم يكن بدعا في ذلك، و لكن لضرورة المرحلة التي لم تعد تسمح بوجود ملك سكير، لأن جيوش العباسيين قد بدأت تتحرك للإطاحة بالأسرة الأموية.

و قد جاء في حيثيات المحاكمة العاجلة التي اقامتها عائلته قولهم له قبيل اعدامه " ننقم عليك انتهاك حرم الله و شرب الخمر و نكاح امهات أولاد ابيك واستخفافك بامر الله"... و لما قتل و قطع راسه و جيء به الي يزيد، نصبه على رمحه فنظر اليه اخوه سليمان بن يزيد فقال: بعدا له اشهد انه كان شروبا للخمر ماجنا فاسقا و لقد راودني عن نفسي " (السيوطي، تاريخ الخلفاء ص 221. و البداية و النهاية ج 9 ص 418) و قد ورد في مسند أحمد:" ليكوننّ في هذه الأمة رجل يقال له الوليد لهو أشد على هذه الأمة من من فرعون لقومه" (السيوطي222) و لكن بن حنبل لم يـرو في مسـنده ما جاء عن السفاح و المنصور و سائر الديناصورات العباسية، لأن ذكر رموز "العهد الجديد" كان سيثير حفيظة أسياده و أولياء أموره العبّاسيين .

و لكنني أشهد الله تعالى،أن احمد بن حنبل و اضرابه من المزلّقات السلفية اشد اضرار بالإسلام من الوليد بن يزيد و من هو على شاكلته، لأن سكوت بن حنبل عن مواجهة الظلم و تحسينه سبل المجرمين قد مكن هؤلاء الملوك من رقاب المسلمين مما أضاع البلاد و العباد.

و رغم كل النماذج الملكية المقززة التي مررنا بها، نجد سلفييّ زماننا اشد ما يكونون اصرارا على ذكر هؤلاء الحقراء بكل تقدير و اجلال، حتى انهم نسبوا لكل واحد من الفاسقين حديثا نبويّا زعموا أنه قد راوه حتى يرفعوا بها خسيسته و يضفوا عليه قداسة مزيفة. كما نجدهم يستميتون في الدفاع عن النظام الملكي الكريه، بحجة أن الصنم السلفي محمد بن عبد الوهاب قد زكّى النظام الملكي مشترطا علي حليفه محمد بن سعود ان يكون الحكم في" الصالح من اولاه" ! متجاهلين حقيقة ان ذلك" الصالح من أولاده "( هذا لو صلح) سيسلّمها آليا الي طالح من نسله. كما نجد اليوم دوابّا اخوانية تصرّ على تبنّي النظام الملكي الذي جلب لنا المعرات و اورثنا الندامة و الحسرا ت، فقد صرح جوزيف القرضاوي صنم الإخوان و مفتي الأمريكان لصحيفة دير شبيجل الألمانية قائلا : يجب أن تتوحّد الأمة الأسلامية في شكل فيدرالية أو ملكيّة او جمهورية"!. ولعلّ الأدهى من كل ذلك و الأمرّ، مطالبة كبار كهنة السلفية المسلمين بالإعترف بذلك التاريخ الملكي الحالك السواد، بل والإعتزاز بكل المسوخ الشائهـة التي نحن بصدد التأذّي بنتونة سيرتها، باعتبارها" خير القرون"، أي باعتبار رموزها المهترئة قدوتـنا!! كل ذلك تحت طائلة الحرمان السلفي و الطرد الرسمي من طائفة السنة والجماعة، ألا ساء ما يحكمون !



الملك الأموي يزيد بن الوليد 126/126

وثب على الخلافة و قتل بن عمه الوليد، ثم وقع اقتتال داخلي بين الأسرة الأموية، قبل ان يستتب الأمر ليزيد لكنه سرعان ما توفي بالطاعون، و لم تمض على ملكه ستة أشهر، ثم خلفه ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك الذي حكم سبعين يوما، ثم وثب عليه مروان بن محمد آخر ملوك الأسرة الأموية في المشرق .

مروان بن محمد آخر الأمويين في المشرق 126/132

" كانت مدة مروان كلها مملوءة بالفتن والإضطرابات منذ بويع الى أن قتل. و أول ما كان من ذلك، خروج عبد الله بن معاوية بن عبد الهب بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة داعيا الى نفسه[...] ثم كان بالشام ما هو افظع من ذلك، وهو الخلاف المتوالي على مروان من أهل الأمصار الكبرى فانتفض عليه أهل حمص و كانت له معهم واقعة هائلة انتصر فيها عليهم و قتل منهم مقتلة عظيمة. ثم خالف عليه أهل الغوطة فحاربهم و انتصر عليهم. ثم خالف عليه أهل فلسطين فكانت له معهم وقائع انتصر فيها عليهم. ثم ثار عليه سليمان بن هشام بن عبد الملك فلاقاه بأرض قنسرين و كانت النتيجة ان انهزم سليمان و جنده واسر سليمان منهم عدد عظيما فقتلهم و يقال انه أحصيت القتلى من جند سليمان فبلغت ثلاثين الفا... ثم لم تقف الإضطرابات عند هذا الحدّ، بل ..خرج الضحاك بن قيس الشيباني و أتى الكوفة فاستولى عليها من يد أميرها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز... ثم التقي مروان والضحاك و كان مع الضحاك نحو من مائة الف فحصلت بين الفريقين موقعة عظيمة قتل فيها الضحاّك[...] و من الذين خرجوا على مروان وشغلوه المختاربن عوف الأزدي المشهور بابي حمزة[...] كل هذه المشاغل والفتن التي كانت بالشام، شغلت مروان على خراسان و ما كان يجري فيها فكان ذلك اعظم مساعد"(2) للعباسين على استيلائهم على خراسان ثم العراق حيث بويع في الكوفة لأبي العباس السفّاح الذي ارسل عمه عبد الله بن علي في طلب مروان بن محمد حيث حدثت بينهما موقعة كبيرة على نهر الزاب انتهت بهزيمة مروان الذي هام على وجهه طريدا فتتبعته قوات عبد الله بن علي فقتلته في أوخر ذي الحجة 132هـ و بمقتله انزل الستار على الحكم الأموي في المشرق ليفتح عن سلسلة أخرى سوداء من ملوك عبّاسيين يتبرأ ابليس نفسه من نسبتهم اليه، على الرغم من دعواهم الإنتماء الى العائلة النبوية على صاحبها أزكى الصلاة و أزكى السلام .


و قد اجمع المؤرخون على أن سبب انهيار المملكة الأموية هو افراطها في تقدير الجنس العربي على حساب العناصر الأخرى مما ولد ثورات عديدة استغلها العباسيون لتأسيس ملكية جديدة على أساس عنصريّ ايضا !!
ـــــــــــــــــــــ
(1) لو رويت هذا الحادثة لسلفي لحكّ مؤخرته ثم قال: الحمد الله الذي رزقنا اليوم ملوكا و رؤساء بلغ من تمسكهم بالدين حدّ التعفف عن شرب الخمر فوق سطح الكعبة، وعن رمي بيت الله بالمدفعية الثقيلة!
(2) الشيخ محمد الخضري بك. تاريخ الدولة الأموية ص 204/209.

يتبع

#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات