أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد عبد المجيد - ابتسم فأنت في سلطنة عُمان















المزيد.....

ابتسم فأنت في سلطنة عُمان


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 962 - 2004 / 9 / 20 - 05:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


يعيش دعاة التغيير من القاعدة الشعبية أحلاما وأوهاما بينها وبين الواقع العملي بُعد المشرقين.
التاريخ يشهد في كل مكان وزمان أن الرجال يصنعون الأحداث, ولعلي لا أبالغ إن قلت بأنهم أيضا يصنعون الشعوب.
يتولى رجل قيادة شعب, فيحوله إلى عبيد أو أسياد, ويستخرج من أعماقه الرحمة أو القسوة, ويقتل الابداع أو يفسح المجال للمتخلفين والمعوقين ذهنيا والمتأخرين عقليا لقيادة مسيرة هزيلة تكتب عنها الصحف كأنها معجزات.
لا أخفي تعاطفي مع القيادة الرائعة للسلطان قابوس بن سعيد, وأتخيل أحيانا زعيما آخر مكانه يتولى السلطة في بلد مترامي الأطراف, تجاوره مناطق ساخنة أو مشتعلة, وموارده لا تكفي نصف أحلام الرفاهية, وليس به غير مدرستين, ومستشفى, ويغرق في أمية وفقر وجهل وحروب واستقطاب من أباطرة العنف في اليمن الجنوبي.
دعاة التغيير من القاعدة لن يفهموا النهضة العمانية التي أعاد بها رجل واحد شعبا إلى التاريخ والجغرافيا والحاضر.
لا يحب العمانيون مقارنتهم بغيرهم حياء وخجلا وتواضعا, وخشية سوء الفهم من أن يوحي الوشاة لقيادات البلاد الصديقة أنه موقف رسمي عماني.
لكن الصمت أيضا شهادة زور, والمقارنة دائما في صالح سلطنة عمان التي سارت على نهج مدهش وضعه السلطان قابوس ليشمل الانسان والمواطنة والحقوق والواجبات والأمن وسلام الوطن والحفاظ على الثروة واللحاق بركب الحضارة والابتعاد عن الحروب والنزاعات ومناوشات الحدود والانتصارات الفاشلة التي يغطي بها القادة الآخرون اخفاقاتهم في تحقيق أماني وآمال شعوبهم.
نظرة واحدة على الجزء الأكبر من عالمنا العربي ليكتشف المرء بعدها أن عبقرية القيادة للسلطان قابوس هي التي أعادت صناعة دولة, كانت بالفعل قائمة, لكنها غائبة بكل المقاييس.
تولى السلطان قابوس الحكم بعد عام من ثورة الفاتح من سبتمبر. اختار العقيد معمر القذافي المظاهرات والحروب وتبديد الأموال ووضع كتابه الأخضر موضع قداسة لينينية, وبدلا من السلام والتسامح والأمن, رأى القائد الليبي نهضة بلده في التدخل في شؤون الآخرين, وبناء المعتقلات, وتصفية الخصوم, والانفاق بدون حساب من عشرات المليارات على النزوات والمنافقين والتهريج, وتحولت ليبيا إلى سجن كبير.
الجزائر التي كان من الممكن أن تتحول إلى واحدة من أغنى دول البحر المتوسط, اغتالها الارهاب, وسرطن فيها التطرف, وأشاع الفساد فيها روح الموت, وخسر الجزائريون استقلالهم من جديد بعدما انتزعوه بمليون ونصف المليون شهيد.
لا نريد أن نسهب في الحديث عن كوارث ومصائب الدول العربية الأخرى, فالهدف من الاشارة الانتباه إلى قضية القيادة الحكيمة.
والشعوب لا تصنع قيادتها, لكنها تأتمر بأوامر حفنة من الرجال, قد يخرج منهم مستبد أو طاغية أو فاشي أو قوي أو ضعيف أو منقذ للوطن.
وتستجيب الشعوب فورا للقيادة والسلطة, وتبدأ عملية بناء خط الدفاع الثاني عن كرسي العرش, أو أن تصل إلى المحيطين رسالة واضحة بأن الرجل الأوحد يملك نهجا وخططا طموحة واخلاصا, وفي هذه الحالة يمكن الحديث عن تقدم وتطور وخيرات ورفاهية.
معجزة النهضة في سلطنة عمان تكتشفها بسهولة العين المدربة على النقد واكتشاف السلبيات وتتبع الفكر الاداري للزعيم.
إنها معجزة العقل الجماعي الذي اكتشفه السلطان قابوس كمدخل وحيد للنهضة, ولهذا لا يخرج عن النهج المستقيم إلا قلة نادرة , وتجنبت عمان مئات القضايا والمشاكل والأزمات التي تسببها فوضى الابتعاد عن العقل الجماعي.
والعقل الجماعي يشبه تماما الثكنة العسكرية التي لا تحجر على التفكير, لكنها في النهاية تلتزم بأوامر قائد يخوض معها ولها معاركها حتى النصر.
يتعجب الكثيرون من خشية قوى الارهاب الاقتراب من سلطنة عمان, والحقيقة أن نجاة عمان من آفة العصر لم يكن بفضل اليد الحديدية للأمن, أو قوة رجال الدين وجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, أو بالوعي الثقافي المؤثر من بعض المثقفين والمفكرين وعدة مطبوعات وندوات لا تغني ولا تسمن, إنما يعود السبب إلى تحريم الطائفية والمذهبية وصراع الجماعات والميليشيات على أرض السلطنة.
كيف يمكن للارهاب أن يجد طريقه إلى المواطن العماني؟
كل الطرق مسدودة, وحتى مزايدات القوى الدينية سيرفضها العقل الجماعي الذي يحرك حاسة استشعار الخطر, ولم نسمع أن داعية ديني في عمان رفض تعيين سفيرة في هولندا, أو اعترض باسم الدين على حقوق المرأة, أو تظاهر ضد سماح الدولة بحفل غنائي لنانسي عجرم أو حتى شاكيرا.
العمانيون ليسوا دعاة لدينهم في مناخ مسلم, لكنهم مستنهضون من أجل الوطن, ولم تنتقص لاهتمامات والهموم الوطنية من التمسك العقيدي المعتدل للمواطن دون تفريط أو تهاون.
عندما تركت السلطة الشرعية والتنفيذية في السعودية الفكر الديني المتشدد يحل محل الدولة, والمطاوعة مكان رجال الأمن, والنصوص القديمة لمفكري القرن الثالث الهجري بدلا من الفكر المعاصر والفنون والاداب والجمال والفلسفة, خرج المارد المخيف محاولا دفن الوطن حيا, ومطاردا الأبرياء, ومستخدما النصوص المقدسة في الترهيب والتخويف والتكفير.
وكل هذا كان في ذهن السلطان قابوس بن سعيد وهو يحاول النجاة بالوطن في صورة التسامح المتغلغل في العقل الجماعي للشعب العماني.
وعندما عزفت المعارضة البحرينية على وتر الطائفية, كانت تملك, قبل تسلم الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم, أوراقا رابحة من جمعيات حقوق الانسان التي تملك تحفظات عن ظلم في التعامل بين الطوائف في هذا البلد الصغير.
لكن سلطنة عمان بعيدة تماما عن الوقوع في شرك التفرقة أو الطائفية أو انتزاع حقوق الآخرين أو الدعوة لمذهب الأكثرية من أبناء الوطن.
في تونس يصيب الحديث عن التدين الرئيس زين العابدين بن علي بأرق شديد, وتشمر قوى الأمن عن سواعدها, وتفتح السجون والمعتقلات أفواهها وزنزاناتها المظلمة والمخيفة والجحيمية. وفي سلطنة عمان عقل جماعي يعتبر التدين المعتدل في صالح المنظومة الأخلاقية, بل يراه السلطان منسجما مع النهضة, وحاميا للوطن من الفساد, وسلوكا متحضرا ما لم يؤذ الغير.
إذا أردت أن تتعرف على سلطنة عمان فيمكنك أن تدلف إلى روحها المتحدية لكل الصعاب عن طريق الأخبار الصغيرة والمحلية والتي يمر عليها الكثيرون مر الكرام.
ندوات وفعاليات وأنشطة في طول البلاد وعرضها, حتى تعزيز الخط الساخن لوزارة البلديات الاقليمية والبيئة وموارد المياه, ويمكنك أيضا أن تتابع حلقة عمل تطبيقية للأداء المدرسي, ثم تشاهد حملات نظافة على كل المستويات, وبعدها تقرأ عن جائزة الابداع البيئية التي حصلت عليها سلطنة عمان, ولا يتوقف الأمر عند تعلم السلوك المروري, والتعرف على منتجات ومحصولات التربة العمانية, أو دورة للكشف عن المواد الممنوعة لأمن المطار, أو عشرات الدورات في الحاسب الآلي, ولا تختتم مع التعريف بالعمل الصحي والارشاد النفسي لمرضى الايدز. دولة بأكملها في حالة استنهاض للهمم, لا يتأخر فيها أحد, ولا تتعطل خطة خمسية, ولا تأكل البيروقراطية ابداعات المواطنين.
سلطنة عمان حالة من الفرح في عالم الحزن العربي, ومن التسامح في ثورات الغضب, ومن اليقظة في زمن الموت السريري لمعظم أجزاء الوطن الكبير. أليست هذه أسباب مقنعة لتبتسم إن زرت عمان.. عرس دولة في سرادق حزن وطن كبير.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذ حذرك فالاستخبارات الأردنية تتعقبك
- النقاب حرام .. حرام .. حرام
- نيلسون مانديلا ومنصف المرزوقي انطباعات شخصية
- انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان
- دعوة لتنازل الملك فهد عن العرش
- لا شرعية لنظام حكم عربي لا يغلق المعتقلات
- لماذا أحب الفلسطينيين؟ لماذا يكرهني الفلسطينيون؟
- لماذا لا يشتري العربُ موريتانيا
- صديق الغربة .. الصديق المفترس
- التدين البورنوجرافي
- رسالة مفتوحة إلى أم الدنيا.. ماذا فعل بك هذا الرجل؟
- ولكن الرقيب سيظل احمقا .....
- خالص العزاء لشعبنا التونسي .. ربع قرن جديد تحت حذاء الرئيس
- لماذا لا يبيع العقيد الليبيين؟
- انتهاء المهلة المحددة للافراج عن الشعب السوري
- سنوات الذل والقهر في المغرب .. ولكن إبليس كان أكثر رحمة من ا ...
- الدخول إلى المنطقة المحرمة.. أقباطنا شركاء الوطن، حقوقهم واج ...
- رسالة مفتوحة إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. فلسفة الصم ...
- فتاوى العلماء والفقهاء ليست ملزمة للمسلمين
- حوار بين زنزانتين في سجن عربي


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد عبد المجيد - ابتسم فأنت في سلطنة عُمان