أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منعم زيدان صويص - كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت؟















المزيد.....

كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت؟


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 3202 - 2010 / 12 / 1 - 02:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يواجه العالم الإسلامي في القرن الحادي والعشرين مع الغرب مشكلة من نوع خاص، وهي تختلف عن المشاكل القديمة التي نشأت عن المنافسة على المعتقد الديني، أو الحروب الدينية، كالحروب الصليبية وحرب الإمبراطورية العثمانية ضد أوروبا، أو الاستعمار الغربي، أو المشاكل المعاصرة التي نتجت عن ما اصطلح على تسميته بالإرهاب، أو "الإهانات" التي وجهها غربيون للإسلام. واعني بهذه المشكلة الجديدة تعرض المسلمين لأفكار غربيه تتضمن انتقادات وتحليلات للدين تعطي الانطباع أن اللادينيين وحتى الملحدين أناسا محترمين. والمشكلة الجديدة أصبحت واضحة تماما بعد تطور الإنترنت فقد أحدثت الآراء التي لا تتعامل مع الدين باحترام هزة عميقة في المجتمعات الإسلامية وبين المتعلمين والمثقفين وكل من يقرأ ويكتب أو يستعمل الانترنت في العالم الإسلامي، و هؤلاء يعدون الآن بالملايين أو بمئات الملايين ويزدادون بسرعة هائلة. لكننا لا نعرف ولا نستطيع أن نتنبأ بما ستؤول إليه الأمور أو بما ستنتهي إليه هذه التيارات اللادينيه التي بدأت تظهر بخجل وأحيانا بالسر بين المسلمين والتي لا تجد لها متنفسا سوى المواقع الالكترونية. وكمثال صارخ بهذا الخصوص نُذكَر بالخبر الذي تم تداوله أخيرا بخصوص نظرية ستيفن هوكنغ، والذي يُعتقد انه أشهر واكبر عالم معاصر، والذي يستنتج من هذه النظرية أن هناك أكوانا عده غير كوننا وانه لا ضرورة لوجود خالق. وليتخيل القارئ عنف الصدمة التي تلقاها المسلم المؤمن من جراء هذا الرأي وكيف كانت ردود فعل المسلمين العاديين الغاضبة وغير المتزنة على هذا الكلام. ويظهر أن هوكنغ الذي لا يستطيع أن يتحرك على الإطلاق من جراء مرضه لا يساوره أي خوف على آخرته إذا ثبت انه مخطئ مع انه مقعد بسبب مرض لا يستطيع معه تحريك أي جزء من جسمه. فهو لا يؤمن بما قال المعري:

قال المنجم والطبيب كلاهما لا تحشر الأجساد قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما

بعد عصر النهضة الأوروبية اكتسبت الاعتقادات الدينية الغربية مرونة كبيرة وهذه المرونة غريبة عن الثقافة الإسلامية فأي تعبير يشتم منه الشك في أي معتقد أو فكره دينية يخلق مشاكل لا حد لها وهو غير مقبول في المجتمع على الإطلاق. فبينما نجد الأفكار الحرة عن الدين منتشرة في الغرب منذ ثلاثة قرون أو يزيد نجد أن مثل هذه الأفكار نادرة ومحاربة بشكل كبير في العالم الإسلامي ولا يكاد التاريخ يذكر المشككين أو الاأدريين أو اللادينيين وخاصة في قرون الانحطاط الطويلة المظلمة -- من القرن الرابع عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر -- إلى أن دخلت الشمس إلى المنطقة من الغرب. ولكننا نعرف أن الذين بحثوا في الأديان بطريقة لبراليه كانوا كثيرين في عصور النهضة العربية ولم تمت بعض كتاباتهم رغم محاربتهم و التعتيم عليهم وعلى أعمالهم.

فنحن نذكر ما قاله أبو العلاء المعري عن الأديان:

هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضللة
اثنان أهل الأرض: ذو عقل بلا دين وآخر دينٌ لا عقل له

وقال:

في القدس قامت ضجةٌ ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح
كل يؤيد دينه يا ليت شعري ما الصحيح

وقال أيضا:

عجبت لكسرى وأشياعه وغسل الوجوه ببول البقر
وقول اليهود الهٌ يحب رشاش الدماء وريح القتر
وقول النصارى الهٌ يذل ويظلم حيا ولا ينتصر
وقوم أتوا من أقاصي البلاد لرمي الحجار ولثم الحجر


ولكن كتب الأدب العربي نادرا ما تذكر هذه الأبيات الآن وحتى لو ذكرت لا يتداولها الناس. فالبحث الحر في الدين كان ممنوعا أو معدوما. أما الآن، وبوجود الانترنت، يمكن لأي شخص، دين أو غير دين، أن يتعرض لهذه الأفكار عند تصفحه الشبكة العنكبوتية. ولا شك أن المسلمين تعرضوا ويتعرضون الآن لهزات عنيفة من الناحية الدينية وهذه الهزات وتأثيراتها العميقة سوف تظهر خلال سنوات عندما يكبر الشباب ويصبحون بالغين ويبدؤون بالتفكير الجدي بما يقرؤون. وهناك مشكلة أخرى وهي أن الإسلام يعترف بديانة المسيحيين واليهود لأنها سبقته تاريخيا ويجد حرجا حتى عندما ينتقد هؤلاء دياناتهم.

إن الفكر الديني في الغرب فيه الكثير من المرونة ولذلك فان نقد الدين والحديث عنه بشكل حر وطبيعي وأحيانا بشيء من عدم الاحترام لا يحدث الأثر الكبير الذي نراه في الدول الإسلامية. ويعتبر فولتير في القرن الثامن عشر، قبل الثورة الفرنسية، من أوائل من انتقد الدين والتعصب له. وكان روبرت غرين انغرصول، 1833 - 1899، من اكبر اللادينيين أو بالأحرى الاأدريين في القرن التاسع عشر وكان يركز في نقده على الديانتين المسيحية واليهودية بنقده للإنجيل -- العهدين الجديد والقديم. وهو الذي قال العبارة المشهورة: "ألإله الجيد هو أحسن شيء صنعه الإنسان." وقال أيضا، مستخفا برجال الدين المسيحي: "أن رجال الدين يعرفون أني اعرف أنهم يعرفون أنهم لا يعرفون." ومع أن محاضراته وأفكاره انتشرت في القرن التاسع عشر والعشرين إلا أنها اختفت الآن من المكتبات العادية في أمريكا. ولكن لحسن حظ الباحثين والمفكرين الأحرار استطاع المعجبون به أن يضعوا كل أعماله على الانترنت. وكان هجومه الأشد على العهد القديم أو التوراة. والحقيقة انه كان أيضا من أشهر الخطباء في تاريخ أمريكا.

وكان برنارد شو الايرلندي الأصل، الذي يعتبر اكبر مسرحي وكاتب في اللغة الانجليزية في تاريخ بريطانيا بعد شكسبير، وبرتراند راسل، الفيلسوف وعالم الرياضيات الانجليزي الشهير، من أشهر من انتقد الدين المسيحي. لقد ألف رسل كتابا سنة 1927 سماه: "لماذا أنا لست مسيحيا؟" وفي التسعينات من القرن الماضي نشر كاتب باكستاني سمى نفسه "ابن وراق"، مقلدا رسل، كتابا اسماه: "لماذا أنا لست مسلما؟"

الفرق الكبير بين العقيدة المسيحية واليهودية من جهة والعقيدة الإسلامية من الجهة الأخرى أن المسيحيين واليهود لا يعتقدون أن كتبهم الدينية منزله مباشرة من عند الإله الذين يؤمنون به. فمثلا هم يقولون أن أول أربعة أسفار كتبها موسى، و فيها قصص تتشابه مع القصص الموجودة في القرآن . والمسيحيون يقولون إن الأناجيل الأربعة التي يؤمنون بها كتبها تلاميذ المسيح، أو من يسميهم المسلمون بالحواريين. هذا معناه أن الغربيين يستطيعون أن يكونوا مرنين في تفسيرهم وتحوير كثير من المعاني. أما المسلمون فيعتقدون أن الإله الذي يؤمنون به أملى القرآن بنفسه ومعنى ذلك انه لا يقبل الخطأ وعلى المؤمن أن يقبله كله أو يرفضه كله.

يجدر بعلماء المسلمين أن يتنبهوا إلى هذه المسألة في أسرع وقت ممكن وان لا يهملوها إلى أن تدمر نفسيات الشباب. إن المسألة خطيرة جدا وإذا لم تعالج من الآن، أولا بأول، فإنها ستحدث كارثة فكرية و اجتماعية وثقافية لا تحمد عواقبها. والسؤال هنا: هل يستطيع علماء المسلمين أن يخلقوا عند شعوبهم، وخاصة الشباب، المرونة الكافية بحيث تمر هذه الموجه العارمة عليهم بدون أن تدمر معتقداتهم وخصوصيتهم؟

منعم زيدان صويص



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منعم زيدان صويص - كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت؟