فضائح -خير القرون- السّلفية (7)

حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3200 - 2010 / 11 / 29 - 11:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

القرن الأول
عهد عبد الملك بن مروان 65 / شوال 86

بويع عبد الملك بن مروان بالخلافة في حياة ابيه على السنّة التي ارساها معاوية( الوراثة و التعيين القسري). و كان جبارا عنيدا و سكّيرا فريدا " قالت له أم الدرداء بلغني يا أ مير المؤمنين انك شربت الطلاء[ الخمر] قال أي و الله و الدماء قد شربتها" ( تاريخ الخلفاء للسيوطي) .

و من مآثره الستالينية، قوله لمن أمره بتقوى الله عز وجلّ :" و الله لا يأمرني احد بتقوى الله بعد مقامي هذا الا ضربت عنقه !"( لو اقسم بفرعون ذي الأوتاد بدل قسمه برب العباد لكان انسب لفحوى ذلك القسم الذي لا يضاهيه غير قول احد الممثلين المصريين للنادل" و النبي[هات] واحد ويسكي !".

صراع أموي ــ أموي على السلطة :

" سنة 69 كان فيها مقتل عمرو بن سعيد الأشدق الأموي، قتله عبد الملك بن مروان" بسبب إستحواذه على بيت المال و محاولة انقلابه عليه" فحاصره عبد الملك و قاتله الأشدق مدة ستة عشر يوما ثم اصطلحا على ترك القتال وعلى أن يكون[ الأشدق] وليّ العهد بعد عبد الملك " بعد أن طمأنه عبد الملك بقوله" ارجع لي بيعتك و لك علي عهد الله و ميثاقه. و حلف له بالإيمان المؤكدة انك ولي العهد من بعدي و كتبا بينهما كتابا فانخدع له عمرو و فتح له ابواب دمشق فدخلها عبدالملك"( البداية و النهاية ج8 ص 715) لكن سرعان ما برهن الجبار الأموي[ عبد الملك] أن" قوله كبوله"، وان شهوة الملك أفضل من مراعاة ألف عهد، فما لبث ان تولى ذبحه بنفسه حين وفد عليه في قصره .

الناس على دين ملوكهم ! :

ازاء رقة دين الملوك او غيابه اصلا، و ازاء وصولية الحكام اصبح شعار الشعب" الحلال ما حلّ في اليد، و جارية على الفراش أفضل من ألف حورية في الجنة" و هاكم هذا المثال " لما انصرف حمزة [ لا يهمنا من حمزة ذاك و لا من اين انصرف، بقدر ما يهمنا مغزي الحادثة المروية] لم يقدم على ابيه مكة بل عدل الى المدينة فأودع [ مالا كان بحوزته] رجالا فكلّهم غلّ[ استولى على] ما اودعه و جحده سوى رجل من أهل الكتاب[!] فأدّى اليه أمانته! " البداية و النهاية ج8 ص 699) .

قبــل مرور ستة عقود عن وفاة الرسول، الأمويون يدفعون الجزية للروم وهم صاغرون!:

" قال بن جريج [ مؤرخا لسنة سبعين] ثارت الروم وقووا على المسلمين لإختلاف كلمتهم فصالح عبد الملك بن مروان ملك الروم على ان يؤدي اليه في كل جمعة ألف مثقال[ من ذهب] وهو أول وهن دخل على المسلين والإسلام "(شذرات الذهب ص 141ج1). أن الزعم بان دفع الجزية، "كان أول وهن دخل على المسلمين" ليس سوى حجة سلفية أبرد من جليد القطب الشــمالي ،لأن توريث الحكم و الإستيلاء على الأموال العامة، و التهاون في تطبيق حدود الله، والإستهانة بدماء و اعرض المسلمين، كانت في واقع الأمر هي "اول وهن دخل على المسلمين" ولولا الخطايا الملكية السالفة لما ذل المسلمون و دفعوا الجزية صاغرين.

مقتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه و خلوص الملك لبني امية ( 73 هـ):

كتب النووي في شرح مسلم " مذهب اهل الحق ان ابن الزبير كان مظلوما و ان الحجاج و رفقته خارجون عليه "( شذرات الذهب 147ج1). قببل ان نعجب من اقرار سلفي عتيد كالنووي الخروج على حكام بني امية، لا بد ان نضع في الإعتبار استثنائية الوضع، فقد شفع لإبن الزبير كونه صحابي ولد صحابيين جليلين هما الزبير بن العوام و سمية بنت ابي بكر رضي الله عنهم جميعا ولولا ذلك لوصف بالخروج وإثارة الفتنة. و كان ابن الزبير قد أعاد بناء الكعبة لأنها"كانت قد تهدمت و تشعثت من حجر المنجنيق الذي كان يرمي به الحصين بن نمير و اصحابه "(شذرات 148ج1) ولعلنا لن نعدم راحلة سلفية تبرر ذلك القصف الوثني لبيت الله الحرام بحجة أن" ما لايتم به الواجب فهو واجب "أو وفق القاعدة السلفية " الضرورات الملكية تبيح المحظورات الدينية"! أو وفق قاعدة اقرار ولاية المتغلب (الإنقلابي المنتصر)، المؤسسة على المثل الشعبيّ :" من سبق أكل النبق"(ثمرات شجرة بريّة )

سنة 86 للهجرة :

شهدت سنة 86 بيعة عبد الملك لولده سليمان[ لو كان في قلب عبد الملك ذروة ايمان لحملته بعد قصف الكعبة و إسالةالدماء انهارا على الإنسحاب من السلطة توبة الى الله، لا ان يعهد بها الي جبار عنيد من فصيلته]، ثم لما انتهت البيعة الى المدينة، امتنع سعيد بن المسيب ان يبايع في حياة عبد الملك لأحد[ بيعة الملوك الوراثيين حرام و لا شرعية لها سواء تمت في حياة عبد الملك أو بعد هلاكه].. فضربه نائب المدينة ستين سوطا و ألبسه ثيابا من شعر و اركبه جملا و طاف به في المدينة ثم سجن. فلما علم عبد الملك كتب : ما ينبغي الا ان يبايع فان لم يبايع ضربت عنقه"!! (بن كثير 73/9 ) عبد الملك هنا، يتكلم بثقة كبيرة في شرعية التوريث و البيعة لأنه كان يعلم جيدا أنه يضرط من طيز عريضة، رغم ان قانون التعزير السلفي لم يصدر رسميا، قانون يبيح للحاكم قتل من يشاء تحت مظلة الإجتهاد و السياسة الشرعية و هو عند الله اجراء ستاليني مخالف لدين محمد الذي يحظر قتل نفس الا بالحق .

في سنة 95 كان هلاك الإرهابي الكبير الحجاج بن يوسف:

" و في سنة اربع و سبعين سار الحجاج الى المدينة و اخذ يـتعنت على اهلها و يستخفّ ببقايا من فيها من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ختم في اعناقهم وايدهم[ جعل فيها السلاسل و الأغلال] يذلّهم بذلك كأنس و جابر بن عبد الله و سهل بن سعد الساعدي فإن لله و انا اليه راجعون" (السيوطي تاريخ الخلفاء ص 190).

لما اخبر الحسن البصري بموت الحجاج سجد شكرا و قال اللهم كما امته أمت سنته "( شذرات الذهب ج1 ص 198) . مع الأسف، لم تقبل دعوة حسن البصري, فلم تمت سنة الحجاج، بل ازدادت تألقا، لأن سواد الأمة رضي بامثال الحجاج بن يوسف ووقف في صف الملوك خصوصا بعد تــدوين الحديث الذي اعترف رســميا بالنظام الملكي وأناخ الشعوب الإسلامية لكل طالب سلطة. مما اوقع الخارجين علي الحكام في حرج إذ اعتبروا جماهيريا من أعداء الله لا من أعداء الملك، بعد ان صورتهم المرويات السلفية في هيئة الرافضين للهدي النبوي الذي يقتضي من المسلم تلقّي الضربات الملكية و المظالم السلطانية برحابة صدر ( أطع أميرك ولو سلب مالك و جلد ظهرك)..." و قد حفظ عن الحجاج قوله: و الله لو اخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا[ أي لو قتلت سكان تونس بذنب ارتكبه سكان مصر لكان ذلك لي حلالا !! انظروا مدى تبجّح الحجاج. و استهانته بدماء المسلمين ثم يواصل مهدّدا] و لو امرت الناس ان يخرجوا من باب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم و اموالهم[ انظروا مجرد عصيان أوامر تافهة يستوجب القتل!! ثم يواصل] و لا اجد احدا يقرأ على قراءة ابن ام عبد [ عبد الله بن مسعود]الا ضربت عنقه[ أي أن مجرد قراءة القرآن بغير القراءة الرسميّة يوجب الإعدام... بالله عليكم كيف اذا ضبط القارىء وهو يقرا منشورا سريا ضد الحكومة... لا شك ان كل قبيلته ستصفّى ثم يواصل الحجاج] ولأحكنّها[ أيات القرآن] من المصحف و لو بضلع خنزير[!! السلفية الغبية تجعل من مآثر الحجاج تنقيطه حروف المصحف... نفس المصحف الذي سيلوثه بدماء الخنزير!] (البداية و النهايةج9 ص 155) "؟

من جرائم الحجاج تفضيله حاكمه الدموي (عبد الملك) على اكرم المرسلين!:
" عن بزيع بن خالد الضبي قال سمعت الحجاج يخطب فقال في خطبيته[ متسائلا] رسول احدكم اكرم عليه أم خليفته في أهله ؟ فقلت في نفسي: لله علي ان لا اصلي خلفك صلاة ابدا. و ان وجدت قوما يجاهدونك لأجاهدنك معهم[ وقد وفي بوعده] ( البداية و النهاية 158/9 ) . قال عمر بن عبد العزيز لو تخابثت الأمم فجاءت كل امة بخبيثها و جئنا بالحجاجة لغلبناهم و قيل لسعيد بن جبير خرجت على الحجاج؟[ بمعنى لماذا تمردت على الحجاج] قال اني و الله ما خرجت عليه حتى كفر"

تبريرات سلفية باردة:

أفزع بن كثير كفر الحجاج، لأجل ذلك كتب مبيضا صفحته الدموية " وقد روينا انه كان يتديّن بترك المسكر و كان يكثر تلاوة القرآن [!!]، و يتجنب المحارم [!!] و لم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج[ بالله عليكم ماذا يعنينا عدم شرب الحجاج الخمر وعدم زناه ما دام قد اولغ في دماء المسلمن و انتهك حوق الإنسان و رمى بيت الله بالمنجنيق ثم هل يعنينا كثرة تلاوة الحجاج اللعين للقرآن المبين من عدمها، ما دام يقتل اهل القرآن و مادام ينكل بالصحابة الذين سمعوا القرآن الكريم يتلي من فم رسول الله ؟!! انه الغباء السلفي القاتل، والمبرّر لما لا يمكن تبريره. لأجل ذلك استغل الحكام العلمانيون عاطفية الدواب السلفية، من اجل خداع المسلمين، عبر توزيع جوائز حفظ القرآن الكريم على اطفال و شباب المسلمين بمناسبة و بغير مناسبة، وكأنهم ليسوا هم انفسهم من يعذب المسلمين المطالبين بتحكيم كتاب الله و ينتهك اعراضهم في سجونهم و معتقلاتهم الرهيبة. ثم يواصل بن كثير: و ان كان [ الحجاج] متسرّعا في سفك الدماء[ أي ان تسرّع الحجاج في سفك الدماء يعدّ من الأعمال الهامشية التي يزجي بها فراغه، لأن الأصل لديه هوالإشتغال بقراءة القرآن و تجنب المحارم، والتعفف عن شرب الخمور و تجنّب التلطخ بالفروج الحرام ! ثم يواصل :] فالله تعالى اعلم بالصواب و حقائق الأمور و ساترها و خفيات الصدر و ضمائرها" ( بن كثيرص 160 )[ يريد ان يقول: اذا كانت كل جرائم الحجاج منبعها حرصه على وحدة المسلمين وإطاعة ولي الأمر ففي المسألة نظر. ثم ما يدرينا لعل كل اعمال الحجاج وفظائعه ستحسب له لا عليه اذا اعتبرت جرائمه من قيبل الإجتهاد المأجور !

دفاع سلفي عن الحجاج:

" كان الحسن البصري لا يجلس مجلسا الا ذكر فيه الحجاج[ بسوء] فدعا عليه. قال[ ابو سليمان الداراني] فرآه في منامه[ حسن البصرى رأي الحجاج] فقال له انت الحجاج؟ قال انا الحجاج قال ما فعل الله بك؟ قال قتلت بكل قتيل قتلته ثم عزلت مع الموحدين. فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه" ( البداية و النهاية م 9 ص 167). تأملوا كيف اصبح مصير طاغية أهالك هو أم ناج، أهم لدي أمتنا المنكوبة بامثال بن كثير، من مصيرملايين المسلمين المكتوين بنار القهر والظلم والخصاصة...( ستبني على أمثال هاته الرؤي الركيكة و المفبركة دون ادنى شك روايات عديدة تبيّض وجوه الهالكين من الملوك الظلمة و اعوانهم من شيوخ السلفية المتواطئين، وقد سقطت تلك المنامات في حضيض لا قرار له، حين صححت احاديث كاذبة بعد أن تمّ عرضها في المنام على النبي مباشرة !"

نعي قياديّ ملحد من أهل القبلة!:

في سنة 96 هــ " قلع الله تعالى قرّة بن شريك القيسي أمير مصر، و كان عسوفا ظالما. قيل انه كان اذا انصرف الصنّاع من بناء جامع مصر دخله فدعا بالخمر والملاهي، و يقول: لنا الليل و لهم النهار!" (شذرات الذهب ص 202/1).


يتبع

#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات