محمدعبدالمنعم
الحوار المتمدن-العدد: 3198 - 2010 / 11 / 27 - 16:48
المحور:
الادب والفن
نشـــــــــأة الأوبـــــــــرا بقلم : د / محمدعبد المنعم - قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة الاسكندرية
مع نهاية القرن السادس عشر كان غناء المادريجال هو النمط الموسيقى السائد فى أوروبا بألحانه المتعددة المتشابكة التى أدت إلى ضياع كل أثر لألفاظ الغناء بسبب ضخامة العمارة الموسيقية، إذ كان المادريجال يقوم على أسلوب البوليفوني .
ولم تكن البوليفونية عند ظهورها أسلوب تعقيد وتعجيز، بل كانت إبداعات العقل الموسيقى التى أمتعت محبى الغناء والموسيقى خلال مراحلها الأولى، ولكنها بعد فترة من الزمن فقدت بساطتها إلى التعقيد والتركيب ومحاولة استظهار البراعة فى التأليف لأكثر من ثلاثة أصوات متزامنة ووصل الأمر إلى ثمانية، مما أدمج الشعر فى الكيان الموسيقى أولاً ثم إذابته إذابة كاملة بعد حين.
الأثر الفنى لجماعة الكاميراتا
اجتمعت مجموعة من المفكرين والشعراء والموسيقيين ومن المهتمين بالفنون وعلومها فى قصر جيوفانى دى باردى فى فلورنسا بإيطاليا قرب نهاية القرن السادس عشر ومشارف القرن السابع عشر، فى شكل جمعية أدبية فنية تضم بين أعضائها :
المغنى كاتشينى Caccini (1550-1681).
الموسيقى بيرى Perri (1561-1623).
الشاعر رينوتشينى Renoccini (1562-1621).
وعلماء فى نظرية الموسيقى أمثال جاليليو الأب Galileo.
كانت تسمى هذه الجماعة "بالكاميراتا Camerata" وقد استهدفت الرجوع إلى مبادئ التأليف الموسيقى للدراما الإغريقية التى تتمثل فيها بساطة اللحن مع العناية بالنص الشعرى وتسخير الموسيقى لخدمة الشعر، حتى لا تطغى الموسيقى على الجانب الأدبى وتحطمه نتيجة لتشابك الألحان وتعددها.
وهو ما كان قائماً وقتذاك فى مؤلفات عصر النهضةالبوليفونية النسيج.
أى إنهم أرادوا أن يعيدوا للشعر سيادته ومجده التليد، ويُرجعوا الموسيقى إلى موقعها الذى اختاروه لها خادمة للشعر، بمعنى أنها تزيد من خفقاته ونبضه عن طريق سيادة الميلوديا، حيث يسود خط لحنى واحد أو صوت لحنى واحد على ما يصاحبه من أصوات وآلات.
فاهتدوا إلى الحل الذى وجدوه فى أسلوب الأداء فى المسرح اليونانى القديم، حيث كان الغناء يُؤَدَى بوضوح تام مع مصاحبة موسيقية بسيطة، واتجه تفكيرهم إلى كتابة أعمال درامية لتُلحن بهذه الطريقة الواضحة والبعد تماماً عن البوليفونية.
فكتبوا عدة أعمال تعتمد على الإلقاء المُنَغَّم Recitative، وبذلك قادهم البحث إلى شكل موسيقى جديد لم يخطر لهم على بال، إذ تمخض عن محاولاتهم هذه ميلاد شكل فنى جديد يمزج بين الدراما والموسيقى سمى "بالأوبرا"، وقد جَسَّدَ مونتفردى أحلام هذه الجماعة، وخرج بأبحاثهم من عالم التنظير إلى واقع التطبيق الفعلى مقدماً أول أوبرا ناضجة فى الوجود بالمعنى الاصطلاحى للكلمة.
بقلم : د / محمدعبد المنعم
قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة الاسكندرية
#محمدعبدالمنعم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟