|
المواصفات العامة للشخصية
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3196 - 2010 / 11 / 25 - 18:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا يمكن عدّ الشخصية الذات الحقيقية وإنما بمثابة الوجه الآخر للذات الذي يرتضيه المجتمع والمنصاع إلى قيم عقلانية المجتمع، وليس سهلاً أن يظهر الفرد بذاته الحقيقية غير المنسجمة مع قيم المجتمع لأنه سيرفض اجتماعياً ومن ثم لا يمكنه التواصل مع الآخرين. لذلك يجب أن تكون شخصية الفرد مكتسبة لعضوية المجتمع ليجري التعامل معها بعدّها ذاتاً متفاعلة مع أقرانها فتقبل بقبولها للآخرين، على خلافه فإن الذات غير العضوية تعدّ ذاتاً منعزلة وغير متفاعلة مع أقرانها لرفضها الانصياع لقيم مجتمع العقلانية. وليس بالضرورة أن تعكس كل ذات شخصيتها المزيفة ليجري قبولها في المجتمع، ولا يمكن قسر الذات على لبس قناع يرتضيه المجتمع ليعدّ الفرد كائناً عضوياً، لاختلاف حراك الفرد كثيراً عن ذي قبل فلم يعدّ بحاجة إلى اقامة علاقات مباشرة مع أقرانه في المجتمع ليكون كائناً عضوياً لأن عامل الزمن وتطور التقنيات ووسائل الأتصال المتنوعة جعل الفرد يستغني عن الاحتكاك المباشر مع الآخرين، ولم يعدّ شغله ارضاء المجتمع لقبوله عضواً فيه بعدّه كائناً عضوياً يكتسب الاعتراف بالذات من المجتمع. إن آليات الحاضر وتقنياته ووسائل الأتصال والمعلومات المتباينة أصبحت الآليات البديلة للتواصل والحصول على المعلومات الهائلة لانتقاء الأفضل ليس بعدّه فعالاً في المجتمع وإنما بعدّه منتجاً معرفياً يمثل الواجهة المعرفية للتعريف بالمجتمع كله بعدّه مجتمعاً عضوياً في المجتمعات البشرية. وبذلك فإن الشخصية لم تعدّ تقتصر على الذات لاكتسابها الاعتراف الاجتماعي وإنما أصبح لكل مجتمع شخصية ما يعبر خلالها عن ذاته الحضارية والثقافية والمعرفية لاكتساب الاعتراف به من المجتمعات البشرية ليس بعدّه شخصية مزيفة لذات محجوبة عن الواقع وإنما كتلة بشرية تسعى إلى المساهمة في الرفد الحضاري لتنال مرتبة معرفية أعلى لذاتها في سلم المعارف البشرية. عموماً شخصية الفرد العضوي يجب أن تنال الاعتراف الاجتماعي وتقبل الانصياع إلى القيم العامة لمجتمع العقلانية شريطة أن تمتلك كل المؤهلات الذاتية للتواصل مع أقرانها على نحو مباشر أو غير مباشر لتحقيق ذاتها من خلالهم وتحقيق ذوات الآخرين من خلالها بعدّها شخصية مرنة تقبل بإشتراطات الواقع الاجتماعي. يعتقد (( أ. بتروفسكي )) أن مواصفات الشخصية تتمحور حول المحاور التالية : 1 – " أن تكون ذاتاً لحياة خاصة وتقيم الاتصالات الحيوية مع الآخرين عن طريق الجوانب الجسدية، والسيكوفيزيائية، والنفسية، والاجتماعية... وكل ما يمت بصلة للعلاقة المتبادلة بين الإنسان ومحيطه الطبيعي الاجتماعي. 2 – أن تكون ذاتاً سهلة المعاشرة ولها تأثير متبادل، وتأثير انعكاسي في حياة الآخرين. 3 – أن تكون ذاتاً للنشاط المادي بعدّه كائناً فعالاً. 4 – أن تكون ذاتاً للوعي الذاتي بعدّها خاصية تكوينية للشخصية فهي مفهوماً للذاتية الواقعية، بوصفها لحظة من لحظات التشكل والانتقال إلى الحالة التي تجعلها تتناسب مع ظهور الشخصي في الإنسان ومفهوم الذاتية المنعكسة، فالذات الحقيقية لا يمكن أن تكون ذاتاً لأجل ذاتها، إضافة إلى أنها ذات لوجودها من أجل الآخر ". تعدّ الغريزة الدافع الأقوى للإنسان للتواصل مع أقرانه البشر لأن غريزة القطيع الكامنة في الذات خلال ملايين السنيين أصبحت جزءاً من السلسلة الجينية المكتسبة من بيئة المحيط، لذلك ليست المصلحة المتبادلة مع الآخرين تدفعه بالأساس للتواصل بقدر ما الطبيعة الغريزة الكامنة في الذات التي تفرض سلوكاً موحداً على الآخرين الانصياع إلى غريزة القطيع للحفاظ على الذات ومن ثم القبول بكل قيم القيطع وأعرافه ليجري قبول الفرد عضواً في مجتمع القطيع. إنسان الحاضر لم يعدّ يخشى على ذاته من قوى الطبيعة الخفية الذي توهم أنها تسعى إلى القضاء عليه من دون أن يتمكن قسرها على القبول به بعدّه أحد مكوناتها الأساس، لكن مع تطور العلوم والتكنولوجيا وتوسع مدارك الإنسان في فهمه لقوى الطبيعة التي لم تعدّ خافية عليه وشغله المتواصل على قسرها الانصياع لذاته وتجييرها لخدمته أزالت خشية الغريزة الكامنة في ذاته من الطبيعة ومحاولة مواجهتها بالانصياع إلى قيم مجتمع القطيع عن طريق تكتل الكائنات في مجموعات كبيرة لتوهم ذاتها أنها أكثر قوة على مواجهة قوى الطبيعة للحفاظ على ذاتها. إن تفسيرات علم النفس للشخصية ودورها وفعاليتها في المجتمع تبحث في تأثير العوامل الظاهرة في الواقع على الفرد وما تتركه من أثر سلبي على سلوكها العام يتضررمنه الفرد والمجتمع معا، وفي الوقت ذاته تغفل دور العوامل الكامنة في الذات الإنسانية، الجينات والرواسب الكامنة، التي تعدّ المحرك الأساس للنزعات غير المرئية المنصاعة للواقع وما تفرضه من سلوكيات عامة بعدّها الأساس في تشخيص الحالة السوية للشخصية من غير السوية في المجتمع. معظم الفلاسفة والعلماء عبر التاريخ سلوكهم العام كان مخالفاً لتفسيرات علم النفس في وصف الشخصية السوية بعدّها شخصية اجتماعية متفاعله مع أقرانها، على العكس تماماً عزلة الفلاسفة والعلماء عن المجتمع وعدم انصياعهم لقيم غريزة مجتمع القطيع منحهم القدرة على انتاج معارف علمية ساعدت في تحرير الذوات المنصاعة لغريزة مجتمع القطيع على التحرر وخلق عوالم جديدة متحررة من قيم الجماعة الموحدة التي تعيق بإلتزاماتها تطور أفرادها على نحو منفرد. إن التطور الهائل للعلوم والتكنولوجيا الحديثة تسبب في تفكك منظومة القيم والمسلمات العلمية السابقة بعدّ شخصية الإنسان تكتسب الاعتراف من المجتمع كونها جزءاً غير منظور من شخصية المجتمع المنظور. على العكس تماماً أصبح المجتمع يكتسب الاعتراف بشخصيته من خلال شخصية أفراده المعرفية، وليس من كل أفراده بعدّهم كائنات منتمية إلى مجتمع القطيع. ومن ثم فإن المجتمع أخذ ينصاع على نحو ديناميكي إلى قيم شخصياته المعرفية بدليل مخترعوا البرامج الكمبيوترية رسموا ملامح شخصية أغلب المجتمعات وأجبروها الانصياع قسراً لقيمهم الشخصية وليس في مقدورهم بعد الآن مغادرة قيم الشخصيات المعرفية القليلة العدد في العالم بعدّهم كائنات مسيرة وليست مخيرة في رسم ملامح شخصياتها الذاتية وإلا فإنها تصبح خارج الواقع. الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصية الحقيقية والافتراضية
-
تأثير عوامل المحيط والذات على الشخصية
-
الشخصية وتحولاتها الزمنية
-
ماهية الشخصية
-
الحياة والموت
-
الحقائق وزيفها في الحياة
-
ماهية الحقيقة في الحياة
-
الشجاعة والخوف في الحياة
-
الصدق والكذب في الحياة
-
حالة الخطأ والصواب في الحياة
-
عوالم الحياة المختلفة
-
حالة الحزن في الحياة
-
دور العوامل الخارجية والداخلية في حياة البشر
-
الحياة الخاصة والعامة
-
ماهية الحياة
-
صدر في دمشق كتاب جديد للكاتب صاحب الربيعي بعنوان (( رؤية في
...
-
صدر في دمشق كتاب جديد للكاتب صاحب الربيعي بعنوان (( تقنيات و
...
-
صدق الفكرة في العقل واللاعقل
-
الفكرة الخلاقة والعقل اللاواعي
-
ميزات المعرفة
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|