جاسم هداد
الحوار المتمدن-العدد: 960 - 2004 / 9 / 18 - 05:31
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
قام النظام الدكتاتوري المقبور , قبل سقوطه , بإطلاق سراح أعداد غير قليلة من عتاة المجرمين , والذين سارعوا بعد نيل حريتهم , الى اعادة تشكيل عصاباتهم المنظمة , والتي كان لها الدور الكبير في عمليات النهب والسلب , وإضافة لذلك سمح نظام الفاشست قبل سقوطه المشين , بدخول العناصر المتأسلمة تحت ذريعة محاربة قوات الغزو الأمريكية . وكان لقوات الأحتلال هي الأخرى دورها في تسهيل دخول قوى الأرهاب لبلادنا , عندما ابقت الحدود مفتوحة لفترة طويلة , ضمن سياستها الأستراتيجية لتجميع قوى الأرهاب في العراق , ثم محاولة القضاء عليها , أي بمعنى تحويل وطننا ساحة للمواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية , وقوى الأرهاب الدولي .
وليس خافيا على احد , ان قوى الأرهاب متعددة المشارب , يجمعها جامع واحد , هو تعطيل العملية السياسية وإيقاف مسيرة اعادة بناء العراق , وعرقلة المسار الديمقراطي الفيدرالي , ووضع العصي في عجلة إقامة دولة القانون . وترتكز قوى الأرهاب على ثلاثة ركائز . الأولى ويشكل عمودها الفقري , يضم ايتام النظام الدكتاتوري المقبور , والذين تضررت مصالحهم كثيرا , ويخشون من المسائلة القانونية لما اقترفوه من جرائم بحق شعبنا , و يملكون المال والسلاح والتدريب الجيد , وتشير التقارير الأستخباراتية الجديدة الى ظلوع هؤلاء البعثيين الفاشست بتدريب ووضع الخطط وقيادة المواجهات , التي تقوم بها قوى الأرهاب . وما يدل دلالة كبيرة على ظلوع هؤلاء في العمليات الأرهابية , هو الأسلوب الجديد الذي , يقوم بتنفيذه هؤلاء المجرمون , مثل الهجوم على مراكز الشرطة بقوة كبيرة تتجاوز الخمسين مجرما , واستعراض عضلاتهم بأعداد كبيرة تتجاوز الـ 150 شخصا, مثلما حصل في حي الأصلاح في الموصل يوم 10/9 . والركيزة الثانية وتضم قوى الأسلام السياسي المتطرف بشقيه الخارجي والداخلي , حيث يقوم ايتام النظام المقبور بتقديم الدعم اللوجستي لقوى الأرهاب القادمة من خارج الحدود , ويسهلون لهؤلاء مهماتهم في تنفيذ العمليات الأنتحارية الأجرامية , هذا اضافة الى التنسيق مع قوى الأرهاب المتأسلمة في داخل العراق , وهذا واضح جدا في الفلوجة وغيرها من المدن العراقية . اما الركيزة الثالثة فتضم عصابات الجريمة المنظمة , والتي تؤدي خدماتها لمن يدفع لها اكثر من خلال اعمالهم الأجرامية التي يقومون بها لصالح قوى الأرهاب , او التي يقومون بها لمصالحهم الخاصة فهم يساهمون بشكل مباشر في اشاعة الفوضى وعدم استقرار الأمن .
ولاشك ان تصاعد عمليات الأرهاب في الفترة الأخيرة وتزايدها بشكل يقلق جميع الحريصين على مصلحة وطننا , يتطلب من الحكومة العراقية المؤقتة القيام بإجراءات مكثفة وسريعة , ونعتقد انه يصبح من الضروري جدا القيام بالعديد من الأجراءات لأجل تجفيف منابع الأرهاب ومنها :
1ـ مكاشفة دول الجوار , وبكل صراحة , ووضع مصالحهم الأقتصادية , مقابل تعاونهم في منع دخول قوى الأرهاب من منافذهم الحدودية , وكذلك في عدم السماح لأيتام النظام المقبور المتواجدين على اراضيهم , بإمداد المجرمين القتلة بالمال والسلاح , فليس من المعقول ازدهار مصالحهم الأقتصادية في العراق , ويقومون بطعنه من الخلف .
2ـ تطهير جهاز شرطة الحدود والكمارك , من العناصر الفاسدة والمرتشية , لأن السيطرة على منافذ الحدود , مستحيلة بوجود هؤلاء , حيث يمكن ان تمرر كل ما تريد , بدفع مبالغ بسيطة , ويمكن لكل مسافر لبلدان الجوار ملاحظة ذلك .
3ـ تطهير قوات الشرطة والحرس الوطني من عناصر الطابور الخامس , التي تساهم مساهمة فعالة في إنجاح خطط الأرهابيين , وبنفس الوقت في إفشال تحركات الشرطة والحرس الوطني في تنفيذ مهامها .
4ـ تجهيز قوات الشرطة والحرس الوطني بالآليات والقدرات القتالية التي تؤهلهم للوقوف بوجه هذه العصابات الأجرامية , والتي تبدو بعض الأحيان اكثر جاهزية وعُدٌة من قوات الشرطة , وإشراك الأحزاب العراقية المشاركة في الحكومة العراقية المؤقتة في تزكية العناصر التي ترغب في التسجيل في قوات الشرطة والحرس الوطني والأجهزة الأمنية , لكي تتحمل هذه الأحزاب مسؤولية كل عنصر يتم تزكيته من قبلها , وتظهر خيانته بعد ذلك .
5ـ اعادة النظر بكافة المناهج الدراسية , وتنقيتها من الأفكار التي تحرض على العنف , والعنصرية والشوفينية , والأستعلاء القومي , حيث مارس النظام البعثي الفاشي طيلة السنوات الماضية عملية غسل دماغ للجيل الناشئ .
6ـ تطهير الهيئات التدريسية الجامعية والثانوية وغيرها من العناصر البعثية التي لا تزال سائرة في غيها , وتستغل مهمتها التدريسية , في التحريض على العنف , والتثقيف بالفكر البعثي الفاشي.
7ـ وضع الضوابط الضرورية التي تحد من استغلال خطباء الجوامع , لمنابر المساجد , في التحريض على العنف , بدلا من المساهمة في استقرار البلد , ونشر فكر التسامح , وما تدعو له العقيدة الأسلامية السمحاء , حيث تغلب على خطب البعض منهم دعوات مثل " الدفاع عن الأسلام ورفع رايته " و " تنفيذ ارادة الله والدفاع عن حاكميته " , وان من يناضل في سبيل ذلك هم " المجاهدون " , او غير ذلك من قبيل : ان " الشهيد " , ويعنون بالمجرم الذي يفجر نفسه في سيارة ملغومة او غيرها ويتسبب في قتل المدنيين الأبرياء , سيكون كما يزعمون باطلا , عشاؤه مع الرسول , وهو في صف النبيين ! , والكف عن ممارسة غسل ادمغة الشباب والمراهقين , وان تكون هذه المساجد بيوتا للعبادة , وإعفاء من لا يلتزم منهم بذلك .
8 ـ مصارحة الهيئات التي تدعي انها تمثل علماء المسلمين , بدورها السلبي الذي تلعبه في تخريب المجتمع العراقي , ومساهمتها في اشاعة عدم الأستقرار , وعرقلة إقامة دولة القانون , من خلال " رعاية " البعض منها لشؤون الخاطفين , وتسهيل مهامهم , ووضعها امام خيارين : فإما ان تكون هي هيئات لعلماء المسلمين أو هي هيئات لرعاية شؤون الخاطفين , وتقديم من كان له ارتباطات مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية للنظام المقبور , للمساءلة القانونية .
9 ـ اجراء التحقيق مع كل من ساهم في تسهيل مهمة الخاطفين , وقام بإستحصال الفدية , نيابة عنهم , مثل بعض اعضاء ( هيئة علماء المسلمين ) .
10 ـ اجراء التحقيقات القانونية وتقديم للعدالة كل من يثبت تورطه وتشمل التحقيقات :
أ ـ كافة العناصر التي كانت لها مسؤوليات في النظام الفاشي المقبور مثلا : ( كافة القيادات العسكرية للجيش والحرس الجمهوري , والحرس الجمهوري الخاص , وجيش القدس , والنخوة , والجيش الشعبي , وفدائيي صدام ) .
ب ـ كافة قيادات الأمن العامة والمخابرات والأستخبارات , والأمن الخاص , ومديري امن المحافظات , وكافة اعضاء الشعب الخاصة مثل : شعبة الأغتيالات , شعبة التفجيرات ...الخ
ج ـ كافة مرافقي مسؤولي النظام وموظفي الدوائر القريبة من ازلام النظام .
11 ـ الغاء القانون رقم 5 لعام 1975 واسقاط الجنسية العراقية من الطابور الخامس الذين حصلوا عليها بموجب القانون المذكور في عهد الطاغية البائد نتيجة خدماتهم التي قدموها له , ومصادرة الشقق السكنية التي منحها الدكتاتور لهم كـ " مكرمة " , وكمثال الشقق السكنية في شارع حيفا في وسط بغداد , وحي الجولان في الفلوجة , والتي لا تزال تشكل بؤر ومراكز لأنطلاق العمليات الأرهابية .
12ـ عدم الرضوخ والأستجابة لتهديدات وطلبات الخاطفين من الأرهابيين , لأن في تنفيذ طلباتهم يكمن التشجيع لهم , ويجعلهم يتمادون في غيهم , وهذا ما حصل بالضبط لعصابات الخطف , وكذلك لزمر البعثيين الفاشيين الذين طالبوا بتعطيل العملية السياسية وعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية وشرط ان تكون حصتهم فيه الـ 50% , وإعادة الجيش العراقي بكافة ضباطه وتشكيلاته ودون قيد او شرط , مع إعادة جهاز الأمن والمخابرات ( بكافة مجرميها ) .
13ـ تفنيد ومحاربة الأفكار والتي تقول بأن المخرج لحل الأزمة الأمنية ووضع حدا للمقاومة يكمن في عودة الضباط السابقين الذين يقودون الآن المجموعات المسلحة التي تقوم بالأعمال الأجرامية .
14ـ إعطاء انذار لجميع قنوات التضليل الأعلامي ( الجزيرة , العربية , المنار , العالم , وغيرها ) , بعدم التحريض على العنف , تحت ذريعة التغطية الأعلامية , وحرية الرأي .
15ـ البدء بحملة اعادة اعمار البنى التحتية للمدن المغضوب عليها من قبل نظام البعث الفاشي مثل ( الثورة , الشعلة وغيرها ) .
16ـ ايجاد فرص عمل للعاطلين والذين تجاوزت نسبتهم الـ 53% وفق آخر احصائية لوزارة التخطيط العراقية المؤقتة , وان " فقدان العراقيين الأمل , قد يدفعهم الى تغيير ولائهم الى جهات اخرى كالمتمردين والقبائل " وهذا ما اشار له تقرير عن مركز الدراسات الأستراتيجية والدولية في واشنطن نشر في جريدة القبس الكويتية في 9/9 .
#جاسم_هداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟