أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسين القطبي - جنوب السودان.. استقلال ام انفصال؟














المزيد.....

جنوب السودان.. استقلال ام انفصال؟


حسين القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 3196 - 2010 / 11 / 25 - 07:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قرى بدائية تنتشر على تفرعات النيل الابيض، وجدت نفسها في العام 1958، بعد جلاء القوات البريطانية جزءا من دولة شكلت على عجل باسم السودان.

ولم تكن بريطانيا لتوافق على شرط استقلال السودان بهذه الخارطة، والمساحة الشاسعة (6 أضعاف مساحة العراق)، لولا موافقة زعماء الجنوب في مؤتمر جوبا في العام 1947م، وبالمقابل تعهد الشماليين بالمحافظة على تمايز شعب جنوب السودان، ولغاته واديانه.

الجنوبيون يقولون ان مشاريع التعريب والاسلمة، واقتطاع الاراضي الغنية بالبترول، والذي بلغ الذروة ابان فترة حكم الرئيس نميري اثناء اسلمة الدستور زاد من حدة الصراع ومهد لولادة "الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان"، ونجاحها في كسب الاستفتاء على "حق تقرير المصير" في شهر يناير القادم.
والحكومة تقول ان امراء الحرب، المرتبطون بالاجنبي، في الجنوب يبحثون عن مزايا مادية ومناصب وثروات على حساب الحكم المركزي.

ووسط هذا الصراع يرى السودانيون انفسهم وهم يتابعون خارطة البلاد على وشك الانكسار بعد اعياد الميلاد القادمة.

ومن الضروري التطرق للمحة من تاريخ هذا الصراع، فقد وافق الجنوبيون على ان يكونوا جزءا من السودان الحديث بشرط ان يدار اقليمهم بشكل فيدرالي، وذلك قبيل الاستقلال، في مؤتمر عقد في ديسمبر 1955م، بحضور المستعمر البريطاني، قبل عشرة ايام من اعلان الاستقلال.

الا ان حكومة الاستقلال هذه، التي نشأت في العام التالي، لم تفي بالوعود، ولم تطبق الفيدرالية، وبدأت عمليات التعريب والاسلمة بصهر عرقي وديني. اذ قام الجنرال عبود بانقلاب عسكري في نفس العام الغى فيه كل مظاهر الديمقراطية التي تركها الانجليز في البلاد، لتدخل السودان منذ عامها الاول عهد الديكتاتوريات الصارمة، ويصبح سكان تلك القرى البدائية، والرعاة في سهول الدينكا، هدفا لمخططات دولة متفرغة.

وازاء هذه السياسات تراجع الجنوبيون عن مطلب الفيدرالية او الحكم الذاتي وطالبت جبهة "انيانيا" رسميا بالانفصال، ومن اجل الحصول على العون الخارجي، ولان الدول العربية ستقف مباشرة مع السودان، فانها حاولت مد الجسور مع اسرائيل لتحقيق هذا الغرض.

وكاد القدر ان يبتسم للسودان قليلا، فقد الت احداث ثورة عام 1964م الى تبنى اجراءات اكثر تسامحا، فقامت بتقريب جبهة "الجنوب" كجناح اكثر اعتدالا، ودشنت مفاوضات بين الجانبين برعاية دولية في مارس 1965، ولكن مواقف حسن الترابي الدافعة باتجاه صياغة دستور اسلامي جامع يفرض على الجنوب المسيحي، ومن ثم مواقف الصادق المهدي في العام التالي قد سدت الطريق امام التوصل للحل انذاك.

ورغم ان الامور تطورت ايجابيا بعد ما عرف بثورة مايو الناصرية في 1969م وما اثمر ذلك عن اتفاقية في اديس ابابا العام 1972م التي ضمنت حكما ذاتيا للجنوبيين، وانعشت مظاهر الحياة المدنية نسبيا، الا ان ظهور النفط في الجنوب دفع الامور الى الانتكاسة.

تبنى النميري في 1980م مطاليب حسن الترابي باسلمة القوانين وزيادة وتيرة التعريب في المنطقة، بل وتغيير الخارطة الادارية واقتطاع مناطق نفطية جنوبية لصالح الشمال منها منطقة "بنتيو".
تبعها بعد ثلاث سنوات بالغاء اتفاقية اديس ابابا والحكم الذاتي، ليبدأ مذ ذلك عهد جديد من الصراع نشأت معه "الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان" بقيادة جون غرنك.

ونجحت هذه الحركة في الحصول على اعتراف رسمي بحق الجنوب في تقرير مصيره في اتفاقية نيفاشا في 2005م، والاستفتاء الذي سيجري في مطلع العام القادم، مع احتفالات الذكرى الرابعة والخمسين للاستقلال، هو ثمرة تلك الاتفاقية.

من وجهة نظر الجنوبيين، لم يستطع المواطن الجنوبي البسيط ان يتحسس سودانيته مع كل هذه الاجراءات القمعية، وشكل هذا الاحساس بالغبن رافدا شعبيا قويا لكل الحركات الجنوبية التي قاتلت ضد الشمال، وهم يتوقون ليوم الاستفتاء من اجل التصويت لخيار الاستقلال.
ومن وجهة نظر الشمال (الرسمية) فان النفط قد اغرى الجنوبيين، ودفع الدول الكبرى الى تفتيت جسد هذه الدولة، طبقا لمصالحها واطماعها، فيحاولون ارجاء الاستفتاء او الغائه للحفاظ على خارطة هذه الدولة الفتية.

الا ان الزمن له احكام، ولم يعد من اليسير الاستمرار بالصراعات الاثنية والطائفية طويلا، في احد افقر البلدان اقتصاديا، واكثرها ثروات.
ولم يعد من المستساغ هذا الفارق في ميزان حقوق الانسان بين الدول المتخلفة في الشرق، والمزدهرة في الغرب، في ضوء هذا التواصل المعلوماتي المتسارع بين مجتمعات جنوب البحر المتوسط وشماله. فكان لا بد من نقطة انكسار.

ترى لو كانت الانظمة التي تعاقبت على حكم السودان ملتزمة بنهج ديمقراطي لا يميز بين المواطنين على اساس الدين والعرق واللون، وباحترام حقوق الانسان مثلا ، وساهمت بصدق في رفع المستوى التعليمي لابن الجنوب، هل كانت الامور ستؤول الى ما الت اليه في العام 2005، من اجبار الخرطوم على توقيع اتفاقية نيفاشا، التي نصت على حق الجنوبي في الاستفتاء على (الانفصال/الاستقلال)؟

والجنوب يسميه استقلال، والشمال يسميه انفصال، والعبرة ليست بالتسميات، فهنالك شعب تقر له حكومة شرق اوسطية، للمرة الاولى بالتاريخ، بحقه في تقرير مصيره، وليمارس بحرية تامة وضع اللبنة الاولى في طريق مستقبله بنفسه، وهذا هو المهم.

اما بالنسبة لقناعاتك، فان الامر متروك لتقديرك، ان تقف مع الحكومة وتطلق على ما يجري "انفصال"، ام مع الشعب المعني، وتسميه "استقلال"، وهو امر في غاية الاهمية.



#حسين_القطبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيمة سوداء تزحف على العراق
- كل حاج يمول ارهابي
- هل يصلح الطالباني -البشوش- لرئاسة الجمهورية؟
- على ضوء التفجيرات الاخيرة.. هل هنالك خلل في الدين؟
- مبادرة العاهل السعودي اما غير ناضجة او غير بريئة؟
- سيرك سياسي
- وثائق ويكي ليكس لم تأتي بجديد
- قصر المهراجا قرب مدينة الثورة
- زواج ابنة حجي چلوب
- لبوة تقتحم مجلس اللوياجيرغا
- العراق.. امية، تطرف ديني ومسلسلات هابطة
- هكذا تنكر الحزب الشيوعي لفاتحة الرفيق زهير ابراهيم
- مسلسل تركي جديد قبالة شواطئ غزة
- هل العراقي انسان أولا؟
- التزوير الحقيقي بدأ قبل الانتخابات
- ثلاثة انتهازيين لقيادة العراق الديمقراطي
- اجتثاث البعث ام اجتثاث البعثيين؟
- سمفونية جديدة للمالكي
- بئر الفكة النفطي ... من المستفيد ومن الخاسر من الازمة؟
- هل الاسلام يشجع على الجريمة ام الاسلامي السياسي متوحش?


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسين القطبي - جنوب السودان.. استقلال ام انفصال؟