|
القرآن والمرأة
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3192 - 2010 / 11 / 21 - 17:51
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
هذه المقالة تنويه وإشارة للحالة التي عليها المرأة المسلمة في عصرنا الرآهن ، وهي إشارة تذكرنا بإن هذا القرآن - الموجود بالفعل - هو كتاب ذكوري بأمتياز ، قام في كتابته وصياغته الذكر حسب مقاساته ومعتقداته ، ولهذا نرى لغته وخطابه وكل مفرداته جاءت في صيغة ذكورية محضة .
والمرأة لم تكن فيه إلاّ على الهامش أو في خدمة الذكر ، هذه هي الحقيقة وهي إشكالية معرفية خطيرة فيما لو نسبناها إلى الله ، لأنها تعني التفرقة والتحيز منه وهذا مالانقبله على الله وعلى عدله ونظرته تجاه الخلق جميعاً ، ومن هنا فنحن نشك حتى في تسميته وفي تسمية ملائكته ، فالله مذكر كما إن الملائكة ذكور فكل الملائكة من غير إستثناء أسماء مذكرة ليس فيهم أنثى واحدة .
قد يقول قائل : إن ذلك كان وفقاً لماهو موضوعي وسائد في تلك الأزمان ، وغلبت الذكور على كل شيء .
أقول : هذا صحيح فيما لو أعتبرنا إن القرآن هو تعبير عن حالة زمانية معينة ، وليس كما يقال إنه لكل زمان ولكل مكان ، ولفظة كل هنا تعني صلاحيته لكل زمان ولكل مكان ، وهذا إدعاء كبير يلزمه التوافق بين اللفظ ومعناه في كل حين ، ومن لوازم ذلك الأولية ان يكون خطابه في صيغة عامة ، وليس في صيغة خاصة تكون فيها الغلبة لطرف على أخر .
ناهيك عن ان كثيراً من النصوص في القرآن وردت في صيغة تحط من قيم المرأة ومن إعتبارها ، ويكفي في التذكير التبكيت الوارد في القرآن على نحو : إن شهادة الرجل في مقابل شهادة أمرأتين ، في متلازمة لفظيه تقول : - إن تضل أحدهما تذكر الأخرى - !!! ، وهذا إضعاف متعمد لعقل المرأة كذلك ولإرادتها وموقفها ، ولايعقل إن تكون شهادة مريم أم عيسى وفاطمة بنت محمد في مقابل شهادة معاوية أو عمرو بن العاص أو سين من الناس ، !!!!!! هذه مغالطة ودين على هذا النحو لا يستحق الإحترام ، كما لا يمكن من باب التنزيه نسبة هذه إلى الله لأن فيها مغالطة تكوينية مقصودة منه وهذا ما لايجوز القول به ، ذلك لأن التكوين الفسيولوجي للمرأة هو من قبل الله ، ولايجوز نسبة النقص إليها دون ذكر المكون ، إذ يلزم إعتبار النقص فيها هو منه ، وفي ذلك يكون هو طرفاً مناقضاً لها إن أعتبرنا ذلك نقصاً ، لأن فعل النقص مع العمدية ضد للعدل ومقتضياته .
كما يجب التنويه إلى دور المؤوسسة الذكورية في ذلك الحين ، عندما أستثنيت المرأة من المشاركة في كتابة القرآن فكان الكتبة ذكور فقط ، مع إن التاريخ يذكر إن بعض النساء كن يُحسن القراءة والكتابة في ذلك الوقت وكن من المسلمات ،
إذن فالمرأة لم تشارك في كتابة القرآن أسوة بالرجل ، حتى عائشة التي ذاع صيتها لم تكن سوى راوية أخبار ، ومعظم أخبارها ليست صحيحة ، لأن أخبارها التي أنتشرت إنما جاءت بعد الخلاف مع علي وقتاله ، وكان للدولة الأموية أثر في نشر أخبارها لحاجة في قلب يعقوب ، أقول : حتى عائشة لم يتح لها ان تكتب القرآن أو تكون واحدة من اللجنة التي أشرفت على إعادة كتابته في عهد الخليفة عثمان ،
وهذا يجعلنا نقول إن ذلك يخضع لأحد أمرين :
الأول : إما ان يكون هذا القرآن الموجود بالفعل هو هذا في صيغته الإلهيه وكما نزل ، وهنا نقول : إن كان ذلك كذلك فهذا أمر مناقض لعدل الله في المساوات بين الذكر والأنثى ، ولايجوز على الله ان يخلق شيئاً ناقصاً ويكون هذا الناقص وعاءاً للشيء الكامل ، فهذا تناقض مرفوض وممنوع .
الثاني : أن يكون هذا القرآن الموجود بالفعل قرآناً محرفاً ، وهذا ما اشار إليه عقلاء الأمة ومفكريها ، فالقول بالتحريف ليس خدشاً في القرآن ، بقدر ماهو تصحيح وضع ، والتحريف حدث حين كتُب القرآن بعد وفاة الرسول ، وربما حين أعادوا نشره من جديد ، إذ ليس بين أيدينا وثيقة تحدد لنا النسخة الأولى من القرآن ، فجميع النسخ قد حرقت ولم يبقى منها إلاّ نسخة عثمان المعدله والمصححه والمحرفه ، وهذه النسخة مشكوك فيها ، لأن المشرفين على صناعتها قوم لا يؤتمن منهم لأنهم كانوا أمويين ، وهؤلاء القوم ليس سوى جماعة أو بقايا جاهلية لاتعنيهم قضية المرأة إلاّ بعنوان المتعة والفراش ، ولهذا راج عندهم القول التالي : المرأة شر وشر ما فيها أنها لا بد منها ، كما أنتشر من خلالهم الخبر الزائف الذي يقول : كونوا من خيارهن على حذر ، أو شاورهن وخالفوهن ، أو المرأة ناقصة عقل ودين ، مبررين ذلك بالحيض والنفاس وما إلى هنالك من هذه الخزغبلات .
المرأة في القرآن هذا القرآن أعني قرآن عثمان هي ليست سوى كائن للتكاثر وللنسل وللفراش وللخدمة ، ولم نجد في القرآن نص يتحدث عن حرية المرأة إلاّ حينما نؤول هذه النصوص ، والتأويل كما تعلمون عند الفقهاء باطل وممنوع لأنه يذكر بالفرق الضالة والزنادقة ، فكل ذي عقل عند الفقهاء زنديق ، وكل مخالف لهوى السلطان زنديق ، وكل حامل رأي فيه عز وفخار زنديق ، هكذا كانت ثقافة المسلمين ، وهي الثقافة التي تسود في واقعنا وإلى يومنا هذا .
حتى رضت المرأة بذلك ولبست النقاب والحجاب لأجل مرضاة الذكر كما يريد ويشتهي ، وكلنا يعلم إن الحجاب والنقاب فلكلور تراثي لعرب الجزيرة ولحماية المرأة من حر الصيف ولهيب السموم ، وليس هو لباس أراده الله للمرأة ، هذا هو الذي نعنيه ، في مسألة التحريف والتشويه للقرآن ، حتى صار من يفكر في رفع ظلامات المرأة محرفاً ومبتدعاً وخارجاً عن الملة والدين ، والمرأة هذه المسكينة رضت بالذل والهوان وفقدان الحيلة بحجة إن ذلك يقربها إلى الله زلفى ، وهي أحوج ما تكون للثورة على هذا الواقع المتخلف والثورة تبتدء من نفسها ، حين تفك أسوار الظلام وتتحدى هذا التراث السيء وتنظر للمستقبل ككونها الشريك بالفعل وبالقوة في صنع الحاضر والمستقبل ، ولن يكون ذلك ممكناً إلاّ بالحرية فبها ومعها تعيش المرأة إنساناً وليس أنثى وحسب ...
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
-
مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
-
الليبرالية في الفكر النبوي
-
شركاء يتقاسمون الخراب
-
كيف نفهم الليبرالية ؟
-
قول على قول
-
الليبرالية والحكومة القوية
-
واحد آيار عيد العمال العالمي
-
الحل في طهران لا في بغداد
-
إنتخابات الخارج ومشكل الوطنية
-
المثيولوجيا والدين 2
-
قول في الإجتثاث
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|