مفهوم المدينة العربية و تأثيراته

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3192 - 2010 / 11 / 21 - 16:25
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

بظهورمفهوم المدينة في المجتمع العربي ظهرت الحاجة الى رئيس عام لجميع مواطنيه لان القبائل بطبيعتها تقسم المجتمع الى احزاب و قطع تتصادم مصالحها عادة لاختلاف اهتماماتها و هناك نزاعات اكثر من الولاءات بين القبائل و ليست احزاب المدينة العصرية الا نوع حديث للتعويض عن الولاء للقبيلة و لكن مفهوم القبيلة ينسجم اكثر مع طبيعة الانسان خاصة في المناطق الصحراوية لانها نوعما صغيرة و لا توجد في داخل القبيلة الواحدة صراعات و نزاعات بالشكل الذي نراها في المدن - مركز المظاهرات ضد الحزب الحاكم والاصلاح و التغيير في الانظمة الديموقراطية والتقدمية.

مفهوم المدينة اذن حضاري يخلق مركزية و اتحاد في بلد معين فهو بذلك مفهوم سياسي اكثر من جغرافي فلذلك لايوجد في الحقيقة شيء يسمى (وطن) يعيش فيها مواطنون في مدن و قرى و ارياف مختلفة. المدينة تطور ثانوي اصطناعي تهمش القرية (النظام الاولي الطبيعي) و تركز ادارة بلد في اهم و احيانا اكبر مدنها و في يد عدد قليل او شخص واحد مما حدى بالدول الفيدرالية و الاتحادية اتباع سياسة التوازن والمراقبة و اللامركزية لاعطاء جميع المدن ثقل معين خوفا من تهميشها و تفاديا للمشاكل بين الولايات كما نجده في النظام الفيدرالي في المانيا التي اقتبستها من الولايات المتحدة الامريكية لان هناك فرق كبير في اللهجة و العادات و التقاليد بين الماني من شمال المانيا و الماني من الوسط ومن الجنوب تماما كالاختلافات التي نجدها في العراق رغم ان اختلافات العراق تزيد على اختلافات المانيا نظرا لاختلاف الطوائف و العناصر و لا نزال نسمع ان كلمة (عراقي) يشير الى العربي العراقي فقط يمحي بقية الطوائف و اذا كان المواطن كرديا فهو ليس عراقيا فقط و انما كرديا عراقيا اي تضاف كلمة كردي الى العراقي كأنما انه ليس من نفس البلد.

للمدينة طبعا مزايا ايضا لانها توحد الطوائف و القبائل و اللهجات المحكية لكنها تقضي عليها تدريجيا لصالح طائفة و لغة معينة. في الدول المركزية تهمش العاصمة المدن الاخرى ايضا و كأنما البلد يتكون فقط من مدينة واحدة. تعتصم في العاصمة الادارة و الحكومة نفسها داخل حائط او سور او حصن و المدينة تمدن القبائل البدائية و لكن ما معنى (وطن) و من اين اتت الكلمة العربية؟

اصطدم النظام القبائلي العشائري التي ساعدت القبائل العربية لتحدي الحياة الصحرواية بنجاح في الجزيرة العربية لفترة طويلة فجأة بالنظام المدني بعد الاسلام و اصبح الخليفة رئيس امة بدلا من رئيس عشيرة و لكن المشكلة هي ان المدينة العربية الجديدة لم تتحول الى ساحة للمعارضة و الاصلاحات كما في المدن الاوربية الغربية لربما بسبب جذور العادت العشائرية القديمة و العميقة بل تحولت الى مركز لحاشية الخليفة او الامير او السلطان او الحاكم لغاية هذا اليوم.

لربما تحاول المدينة العربية اليوم توديع النظام القديم و هي بدأت تدريجيا تتحول الى ساحة للمعارضة و الاصلاح و التغيير و عدم حصر السلطة في يد شخص واحد او جهة واحدة و ظهور جهات خاصة تراقب اعمال الحاكم و تقدمه للمحاكمة اذا دعت الحاجة الى ذلك لتتحول الى نظام التوازن والمراقبة كما نجده في الدول العصرية المتقدمة. و لكن الطريق لايزال طويل و شائك.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات