أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد وجدي - التوحيد في جزيرة العرب قبل الإسلام















المزيد.....

التوحيد في جزيرة العرب قبل الإسلام


محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)


الحوار المتمدن-العدد: 3192 - 2010 / 11 / 21 - 09:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم يكن التوحيد بالغريب على جزيرة العرب .. بل كانت الجزيرة بحكم موقعها القريب من بلاد الشام وفلسطين - مهبط الديانتين المسيحية واليهودية – مليئة بأصحاب الديانتين الإبراهيميتين الكبيرتين .

اليهودية والتوحيد : -

- كانت يثرب حاضرة ومركزا ً ليهود الجزيرة الذين نزحوا من فلسطين إبان السبي البابلي وهدم الهيكل السليماني ، وارتضى كثير منهم بأرض العرب بديلا ً ، فاستقروا بها كوطن ثان لهم ، ونقلوا إليها كتبهم المقدسة وأسفارهم .

- وكانت العبادة اليهودية تنص على التوحيد من أولها لآخرها ... فقد كانت الليتورجية في المجمع اليهودي " الكنيس " تبدأ بصلاة الشماع : " شماع يسرائيل أدوناي آحاد " ( اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ) ، وكان عزرا النبي هو من رتب تلك الصلاة المستقاة حرفيا ً من سفر الخروج بجعلها جزءا ً من العبادة السبتية ولازمة من لوازمها .

- وكانت أول الوصايا العشر من الرب لموسى النبي وشعب إسرائيل في لوحي الشريعة هي النص على التوحيد والبعد عن اتخاذ الآلهة الأخرى معه تبارك اسمه " أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر ، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ، لا تصنع لك تمثالا ً منحوتا ً ولا صورة ً ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من أسفل ، لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الجيل والثالث والرابع من مبغضي " ( سفر الخروج الاصحاح العشرون الآيات من 2 – 5 ) .

- وكان تعليم تلك الوصايا يبدأ للطفل اليهودي منذ حداثته ونعومة أظفاره ، وتوضع كقلادة في عنقه ، وتعلق الوصايا العشر على حائط بيت اليهودي كتذكار أمام عينيه دائما ً ليعرف العهد الذي قطعه الرب مع آبائه عن طريق موسى النبي والشعب في البرية لما اجتازوا في برية سيناء خارجين من مصر ( انظر السنن القويم في تفسير العهد القديم – بقلم مجموعة من اللاهوتيين – طبعة مكتبة المنارة – القاهرة ) .

- وملأ اليهود جزيرة العرب بصرخاتهم التوحيدية – رغم نظرتهم المحصورة على أنفسهم كشعب مختار وأمة مقدسة غير قابلة لدخول غير الإسرائيليين فيها .. إلا أن نتائج السبي واختلاطهم بالأمم وتعليم الله لهم أن يعلنوا اسمه للأمم جعل هذا الحاجز ينزاح نوعا ً ما ، فتهود كثير من العرب .
- ولما حلوا بجزيرة العرب وتكلموا بالعربية كان لزاما ً عليهم أن يترجموا لأبنائهم الأسفار المقدسة باللغة الجديدة التي اكتسبوها ، وهذه الحقيقة كان لها صدى في كتابات كل المؤرخين حتى المسلمين أنفسهم .. فإن " ابن هشام " يذكر أن " ورقة بن نوفل " الراهب النسطوري وأسقف نجران كان يقرأ التوراة والإنجيل بالعربية والعبرانية " انظر السيرة لابن ه شام – باب بدء الوحي " .

- وكان الخارج عن شريعة توحيد " يهوه " ( معنى يهوه الكائن الذي يكون ) " انظر قاموس الكتاب المقدس " والزائغ وراء آلهة أخرى يُقتَل قتلا ً بلا رحمة ولا هوادة حسبما نصت عليه شريعة موسى في سفر التثنية " إن أغراك أخوك ابن أبيك وأمك بأن تزيغ وراء آلهة ٍ أخرى فلا تشفق عينك عليه ولا ترحمه إياه تقطع من وسطك "
المسيحية في جزيرة العرب

المسيحية في جزيرة العرب : -

- كان تأثير المسيحية في جزيرة العرب أعم وأشمل من التأثير اليهودي .. فقد كانت المسيحية ديانة أكثر شمولا ً واتساعا ً وقبولا ً لدخول أقمشة من أمم مختلفة في ثوبها الواسع الفضفاض الرحب غير المتحيز لجنس بعينه .. فمن بدء تأسيس الكنيسة وانتشارها في يوم الخمسين " يوم حلول الروح القدس " ( انظر سفر أعمال الرسل الأصحاح الثاني ) كانت الكرازة والبشارة لليهود وغير اليهود من كافة الأمم الذين كانوا يجتمعون في أورشليم في الأعياد الكبيرة في الهيكل .. ونجد في الاصحاح الثاني تلك الحقيقة : " وكان يهود رجال أتقياء من كل أمة تحت السماء ساكنين في أورشليم ، فلما صار هذا الصوت اجتمع اليهود وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته ، فبهت الجميع وتعجبوا قائلين بعضهم لبعض أترى ليس هؤلاء جميع هؤلاء المتكلمين جليليين ( يعني من الجليل ) فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي وُلِد فيها . فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين وكبدوكية وبنتس وآسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله " . ( أعمال الرسل 2 : 5 – 12 ) .

- لذا فقد كانت المسيحية في الجزيرة العربية أكثر انتشارا ً في جزيرة العرب كما قرأنا أنه كان من بين من سمعوا عظة بطرس الرسول الأولى عربا ً كذلك ، وقد حملوا هم بشارة الإنجيل للعرب لما رجعوا من أورشليم إلى أراضيهم .
- ثم إن سفر أعمال الرسل يذكر لنا في وقت لاحق ارتحال بولس الرسول إلى العربية بنفسه في وقت لاحق ، ولا جرم أنه قد بشر هناك كعادته في كل مكان يرتاده .


المسيحية والتوحيد

لم تزغ المسيحية قيد أنملة عن شرعة الوحدانية الموسوية .. فإن السيد المسيح له المجد قد أعلن تلك الحقيقة بنفسه في التجربة مع إبليس " مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( انجيل لوقا الاصحاح الرابع الآية الثامنة ) ، وعندما سأله أحد اليهود عن أي الوصايا أعظم فقال " إن أول الوصايا وأعظمها هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك " .
- وقد كرر رسل المسيح نفس الأمر .. فإن بولس الرسول يعلن نفس الحقيقة قائلا ً " لنا رب واحد " ، وكذلك يعقوب الرسول في رسالته " أنت تؤمن أن الله واحد حسنا ً تفعل " ... فصار الأمر لا يقبل الجدل .
- ولما انعقد مجمع نيقية الذي صيغ فيه قانون الإيمان الإنجيلي كان مفتتحه " بالحقيقة نؤمن بإله واحد " فكان التوحيد هو عصب الحياة المسيحية وجوهرها ، وإن اختلفت المسيحية مع اليهودية في فهم طبيعة الله الواحد أهي وحدانية جامعة كانت أم وحدانية مطلقة .

الهرطقات المسيحية في جزيرة العرب : -

بعد دخول اليهود والأمم في المسيحية ظهرت مشكلة جديدة .. إذ أن اليهود الذين تنصروا كانوا قد احتفظوا بجزء كبير من معتقداتهم اليهودية ، وأبوا أن يقبلوا الإيمان المسيحي كاملا ً ، بل وحاولوا أن " يهودوا " المسيحية لتتناسب مع خلفياتهم التي جاءوا منها ونشأوا فيها .
فكان منهم من يقول بوجوب الختان كلازم من لوازم الدخول في جماعة الرب ، واشتط منهم في وجوب حفظ الناموس حفظا ً كاملا ً فحاربهم بولس الرسول بإعلان الفكر الكتابي الصحيح " لا يحكم عليكم أحد من جهة أكل أو شرب أو هلال أو عيد " .
وخرجت طائفة منهم في أواخر القرن الأول الميلادي لتنكر الولادة المعجزية للسيد المسيح وتقول بولادته ولادة طبيعية من زواج طبيعي من مريم العذراء القديسة ويوسف النجار ، وبالتالي تنكر طبيعة المسيح الإلهية السابقة لتجسده ، وهؤلاء هم من سموا " بالأبيونيين " ( انظر تاريخ الكنيسة القبطية للأب منسى يوحنا – باب هرطقات القرن الأول – طبعة مكتبة المحبة – القاهرة – مصر ) .

وهؤلاء الأبيونيون انتبهت لهم الكنيسة مبكرا ً .. فكتب عنهم يوحنا الرسول في رسائله وحذر منهم ، وكان فكر الكنيسة وحماس المؤمنين قادرا ً في تلك الفترة أن يحجم نشاطهم .. فلم يجدوا في حاضرة الكنيسة الأولى مجالا ً متسعا ً لاحتضان أفكارهم فخرجوا إلى مكان يقبل شططهم فكانت بيئة الجزيرة العربية الأمية مرتعا ً خصبا ً لهم للاستقرار .

وتبعهم الآريوسيون والنساطرة في هذا المكان ، والآريسيون والنساطرة قللوا من شأن لاهوت الابن ( على خلاف في الهرطقتين الا أن هذا هو مضمونهما ) ، ورأوا أن أقنوم الابن أقل من أقنوم الآب ، وقد انتقلوا إلى أماكن مختلفة لما فضحت كنيسة الإسكندرية ضلال مذهبهم فارتحل قوم منهم إلى جزيرة العرب – وبالذات النساطرة – فكانت لهم أسقفيات – ومنها أسقفية نجران والتي كان أسقفها في وقت النبي محمد " ورقة بن نوفل " .

وكانت القبائل العربية عند ظهور النصرانية تقطن منذ أمد بعيد في منطقتي حوران وشرق الاردن، وهي منتشرة بين الشعوب الآرامية واليونانية.
وانتشرت المسيحية بين عرب الشام منذ العصور الأولى. واشترك في مجمع نيقية ( سنة 325 ) خمسة أساقفة من المقاطعة الرومانية العربية.

عرب اليمن : -
من المرجح أن المسيحية دخلت إلى أرض اليمن في القرن الرابع، في أيام الدولة الحميرية الثانية ( 300 – 525 ) وقامت في عدن وظفر ونجران كنائس، وازداد انتشار المسيحية فيها بازدياد نفوذ الأحباش المسيحيين في مطلع القرن السادس.

ولجأ ملوك اليمن إلى يثرب أثناء الاحتلال الحبشي الأول، فتأثروا فيها بالديانة اليهودية، ويبدو أنَّ بعض ملوك التبابعة قد اعتنقوا اليهودية.
وفي عهد الدولة التبعية كان تنافس اليهودية والنصرانية قد بلغ أوجه. واستولى يوسف آخر ملوك التبابعة الملقب بذي نؤاس على الحكم ( 510 – 523 ) في اليمن واضطهد المسيحيين وأجبرهم على التهود وفتك بهم فتكاً شديداً، وأحرقهم في الأخدود في ظفر ونجران ( 523 ). واستشهد منهم كثيرون، وأشهرهم الحارث ورفقته. فقام الأحباش بحملة تأديبية إلى اليمن سنة 525 بقيادة القائد ارياط فانتقم من ذي نؤاس وألجأه في إحدى الروايات إلى أن يخوض البحر بفرسه فينتحر. وهذا هو الاحتلال الحبشي الثاني لليمن ( 525 – 570 ) .

وتولى الحكم بعد ارياط ابرهة الأشرم حتى عام 570. وثار على الأحباش أمير يمني يسمى سيف بن ذي يزن، والتمس مساعدة الروم في بادىء الأمر، فلم يلقَ منهم المعونة فلجأ إلى الفرس. فأرسل كسرى أنوشروان إلى اليمن جيشاً، فطرد الأحباش وبقي الفرس يحكمون البلاد بدلاً منهم. إلى أن جاء الاسلام وخلف الجميع.
واشتهر بين خطباء العرب قس بن ساعدة أسقف نجران الذي كان يعظ في سوق عكاظ قرب مكة في أواخر القرن السادس .

عرب نجد والحجاز:-

تسربت النصرانية وأفكار التوحيد إلى عرب شمال الجزيرة العربية، لاتصالهم بالعرب المسيحيين في الشام والعراق. وأشهر القبائل المتنصرة في نجد هي كندة وبكر وائل وتغلب وطيء.

وتأصلت المسيحية في البحرين وعمان، وكانا تابعين للنفوذ الفارسي وفيهما عدة أبرشيات، أهمها هجر قاعدة البحرين، وكلها خاضعة لبطريرك ساليق النسطوري.
ونشأت في مجن شمال الحجاز بعض الأسقفيات ذُكر لنا منها العقبة وتيماء ( بلد السموأل ) ودومة الجندل ( الجوف ) وانتشرت النصرانية في وادي القرى.
أمّا في قلب الحجاز فقد كان عدد المسيحيين ضئيلاً. ففي يثرب ( المدينة ) كان النصارى أيام الهجرة بضع مئات فقط، وكانوا في مكة والطائف أفراداً، من النخبة الروحية، يعرفهم الناس بأنهم أهل الكتاب وقد نشروا فكرة التوحيد. على أنه رغم قلة عددهم في قلب الحجاز فقد عرف العرب عنهم الكثير من التعاليم المسيحية المحيطة بالجزيرة العربية من جميع أطرافها.

ويتضح لنا من كل ما سبق أنَّ النصرانية قد تسربت إلى أغلب القبائل العربية، ومن لم يقبل المسيحية منها، فقد سمع بالإله الواحد. غير أنّه لم يكن العرب في الجملة أصحاب شعور ديني عميق، ولم تكن ثقافتهم الدينية متأصلة فيهم، وخصوصاً لدى الرحَّل منهم. فلم تنشأ قبل الإسلام كنيسة مسيحية عربية ذات طابع قومي، لها كتبتها ولغتها وطقوسها وعاداتها، كما نشأت مثل هذه الكنيسة القومية عند السريان والأرمن. وكان غسان ولخم وحمير وهي من أنصار الروم أو الفرس أو الأحباش، أقوى الكتل المسيحية وقد تضاءل نفوذها في سائر القبائل العربية في أواخر القرن السادس حتى انهارت هذه الدول فانتقات الزعامة إلى قريش.

القصص التوراتية والإنجيلية في شعر المتنصرين : -

كان شعر العرب مليئا ً بالقصص التوراتية والإنجيلية ومنه ما جاء في شعر أمية بن الصلت ( على خلاف إن كان من شعراء النصرانية أم الأحناف أو إن كان نصرانيا ً ثم تحنف ولهذا نذكره نحن في شعراء النصرانية لكثرة ما اشتمل عليه شعره من قصص كتابية توراتية وإنجيلية ) .. فهو يروي قصة الخلق وقصص الأنبياء
يقول سيد القمني عن أمية بن الصلت فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
تصله أمه رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف ببيت عبد مناف بن قصي (ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 206 .) وهو صاحب القول المأثور :

كل دين القيامة – إلا دين الحنيفية - زور !!

وكان يحاور أبا سفيان ويقول له : " .. والله يا أبا سفيان ، لنبعثن ثم لنحاسبن ، وليدخل فريق الجنة ، وفريق النار "
(ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 209 .) ،

وحول عقيدته في البعث والحساب يقول :

باتت همومي تسري طوارقها ** أكف عيني و الدمع سابقها
مما أتاني من اليقين ولم ** أوت برأة يقصي ناطقها
أم من تلظي عليه واقدة النار ** محيط بهم سرادقها
أم أسكن الجنة التي وعد الأبرار ** مصفوفة نمارقها
لا يستوي المنزلان ولا الأعمال ** لا تستوي طرائقها
هما فريقان : فرقة تدخل الجنة ** حفت بهم حدائقها
وفرقة منهم أدخلت النار ** فساءتهم مرافقها

(جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 280 و281 . وانظر ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 208 و209 . وانظر أيضا ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج2 ، ص 206 : 208 .)



وقد روي الإخباريون قصصا عن التقاء أمية بالرهبان ، وتوسمهم فيه أمارات النبوة ، وعن هبوط كائنات مجنحة شقت قلبه ثم نظفته وطهرته لمنحه النبوة (جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 280 و281 . وانظر ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 208 و209 . وانظر أيضا ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج2 ، ص 206 : 208 .)

وأمية هو القائل : -
إله العالمين وكل أرض ** ورب الراسيات من الجبال
بناها وابتني سبعا شدادا ** بلا عمد يرين ولا حبال
وســـــواها وزينهـا بنور** من الشمس المضيئة الهلال
ومن شهب تلألأت في دجاها ** مـــــراميها أشـد من النصال
وشـق الأرض فأنجبت عيونا ** وأنهارا من العذب الزلال
وبارك في نواحيها وزكي بها ** ما كان من حرث ومال

وقد مات أمية بن الصلت سنة تسع للهجرة بالطائف كافرا بالأوثان وبالإسلام (لويس شيخو : شعراء النصرانية ، ج2 ، ص 223.) !!


وقد كان تأثر أمية بن الصلت بقصص الأنبياء ظاهرا ً في شعره فيقول :

فعن إبراهيم وابنه إسماعيل ؛ يحكي قصة الذبح والفداء

ابني إني نذرتك لله شحيصا ** فاصبر فدا لك خالي
فأجاب الغلام أن قال فيه ** كل شئ لله غير انتحال
فاقض ما قد نذرته لله واكفف ** عن دمي أن يمسسه سربالي
وبينما يخلع السراويل عنه ** فكه ربه بكبش حلال

وعن يونس يقول :

وأنت بفضل منك أنجيت يونسا ** وقد بات في أضعاف حوت لياليا
وعن موسى وهارون ولقائهما بفرعون مصر يقول :
وأنت الذي من فضل ورحمة ** بعثت إلى موسى رسولا مناديا
فقلت له أذهب وهارون فادعوا ** إلى الله فرعون الذي كان طاغيا
وقولا له :
أأنت سويت هذه ** بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا
وقولا له :
أأنت رفعت هذه ** بلا عمد ، أرفق ، إذا بك بانيا

وعن عيسي وأمه يقول :
وفي دينكم من رب مريم أية ** منبئة بالعبد عيسي بأن مريم
تدلي عليها بعدما نام أهلها ** رسولا فلم يحصر ولم يترمرم
فقال :
ألا تجزعي وتكذبي ** ملائكة من رب عاد وجرهم
أنيبي وأعطي ما سئلت فإنني ** رسول من الرحمن يأتيك بانبم
فقالت : أني يكون ولم أكن ** بغيا ولا حبلى ولا ذات قيم
فسبح ثم اغترها فالتقت به ** غلاما سوى الخلقة ليس بتوأم
فقال لها : إني من الله أية ** وعلمني ، والله خير معلم
وأرسلك ولم أرسل غويا ولم أكن ** شقيا ، ولم أبعث بفحش ومأثم

ويقول جواد علي ما نصه :
" وفي أكثر ما نسب إلى هذا الشاعر من أراء ومعتقدات ووصف ليوم القيامة والجنة والنار ؛ تشابه كبير وتطابق في الرأي جملة وتفصيلاً ، لما ورد عنها في القرآن الكريم ، بل نجد في شعر أمية استخداما لألفاظ وتراكيب واردة في كتاب الله والحديث النبوي قبل المبعث ، فلا يمكن – بالطبع – أن يكون أمية قد اقتبس من القرآن ؛ لم يكن منزلاً يومئذ ، وأما بعد السنة التاسعة الهجرية ؛ فلا يمكن أن يكون قد اقتبس منه أيضاً ؛ لأنه لم يكن حياً ؛ فلم يشهد بقية الوحي ، ولن يكون هذا الفرض مقبولاً في هذه الحال .. ثم إن أحداً من الرواة لم يذكر أن أمية ينتحل معاني القرآن وينسبها لنفسه ، ولو كان قد فعل لما سكت المسلمون عن ذلك ، ولكان الرسول أول الفاضحين له "
(جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 384 و385 . )


وفى وصف الملائكة

ملائكة لا يفترون عبادة -- كروبية منهم ركوع وسجد
فساجدهم لا يرفع الدهر -- رأسه يعظم رباً فوق ويمدَّد
وراكعهم يحنو له الدهر خاش -- عاً يردد آلاء الإله ويحمد
ومنهم مُلفٍّ في الجناحين رأسه -- يكاد لذكرى ربه يتفصّد
(شعراء النصرانية - ص 227)

ولكنه لا يروي من نبع كتابي صاف .. بل تشوبه التأثيرات الأبوكريفية كما رأينا سابقا ً ، وتشوبه المعلومات الخاطئة فمثلا ً ذكر أن الذبيح إسماعيل وليس إسحاق ، وغيرها من الأمور .









#محمد_وجدي (هاشتاغ)       Mohamed_Wagdy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحج في جزيرة العرب قبل الإسلام
- الصيام في جزيرة العرب قبل الإسلام
- مشكلة الحديث عند المسلمين - 5- صفات الله في الأحاديث
- مشكلة الحديث عند المسلمين - 4- البخاري ومسلم في نظر المعاصري ...
- الصلاة عند الصابئة ومقدماتها
- مشكلة الحديث عند المسلمين - 3- شخص النبي الأقدس
- دولة ال 80 مليون وحكم القائد البالون
- مشكلة الحديث عند المسلمين - 2- السند
- يا وطنا ً يحكمك الجهل
- مشكلة الحديث عند المسلمين
- المتنصرون : مأساة مستمرة وقضية لا تنتهي
- أمنية البحر ..... تسبقها تعاويذي – قصيدة نثر
- ادلة تاريخية ومنطقية تنفي امية محمد
- تلميحات قرآنية تنفي أمية محمد
- سِفر ميم واو - شعر
- إليكِ - شعر
- وطن ٌ للبيع - روبابيكيا
- كتاب الجحيم - قصيدة نثر
- محاورات ٌ بيني وبينه - قصيدة نثر
- وطن ٌ


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد وجدي - التوحيد في جزيرة العرب قبل الإسلام