أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الهجوم وسيلة للدفاع















المزيد.....

الهجوم وسيلة للدفاع


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 12:48
المحور: كتابات ساخرة
    


الهجوم هو أفضل وسيله للدفاع ,طبعا هذه نظرية الكل يعرفها , وهنالك نظرية أخرى لزحلقة الشحاذين (الشحاتين-الشحادين- المتسولين) وهي : أن تشحد من الشحاد نفسه وذلك لكي يهرب منك , طبعا أنا بعملها دائما وخصوصا حين أكون جالسا في باصات النقل حيث ينزل شحاذ من الباص ليصعد آخر وهكذا دواليك , أما أنا فقبل أن ينطق الشحاذ بكلمة فورا أشكو له سوء حالي فيقرف مني ومن اليوم اللي شافني فيه ومنهم من يخرج من جيبه منديله ليمسح دموعه ومنهم من يقول لي:اللي بشوف مصيبة غيره بتهون عليه مصيبته, طبعا أنا صادق فيما أقول ولكن غالبية اللي معاهم مصاري كذابين وهذا هو المغزى من كلامي.

وصدقوني في مره شحاذ كان يشحذ هو وابنته قد قالوا لي: اليوم اللي بنصبّح فيه بصباحك النكد بنقطع فيه رزقنا , وكانوا وما زالوا كل ما شافوني بهربوا من الشارع اللي أنا ماشي فيه وهم يتمتمون في قلوبهم: ول عليك شو قطيع رزق بده يشحد منّا !.

طبعا كلكم تعرفون أصدقائي على الحوار المتمدن وخصوصا صديقي نبيل العدوان الذي يملك أيضا سلاح الهجوم للدفاع و الذي لا يمكن أن أتخيل أي مقال لي على الحوار المتمدن دون أن يظهر اسمه عليه كمعلق نشيط جدا ومؤيد لكل أفكاري التحررية التغييرية ومعارضته للمعلق الأنيق(أبو شريف) ولكنكم لا تعرفون بأنه قد وعدني بأن يرسل لي بجهاز حاسوب لاب توب 2010م من أمريكيا متطورٌ جدا , وفي كل أسبوع أقوم بتذكيره بوعده لي فيقوم بعد قائمة كبيرة من أحزانه وصراعه في المحكمة مع....إلخ مما يجعلني أشعر بالحزن عليه مرة وبالخجل من نفسي مرات عده فأنسى الموضوع كله على الخالص,وأحيانا أعود لأسأله عنه فيعود أيضاً هو للملمة جراحه وقذفها في قلبي مما يجعل صدري يمتلئ حزنا وألما عليه فتراودني نفسي بأن أجمع له بتبرعات مالية من الأردن وإرسالها له إلى الولايات المتحدة الأمريكية, ولا تستغربوا لأنني أعتبره في بعض الأحيان منطقة منكوبة لكثرة ما يشكو لي علما أنه لا يشكو لي إلا حين أطالبه بجهاز اللابتوب أو بتنفيذ وعده لي ...واليوم حزنت عليه جدا لكثرة ما شكا لي عن أوضاعه المالية السيئة فقلت له: أي صدقني غير أتبر علك أنا بجهاز لاب توب من الأردن ولو أنك الآن أمامي غير أمد إيدي على جيبتي وأعطيك ربع دينار أردني , طبعا هو ضحك جدا ولم يغضب مني وهو يعلم بأن هذه مداعبة وخفة دم من خفة دمي المعهودة دائما في الأفراح وكل المناسبات القومية والوطنية على الصعيد الوطني والقومي والعالمي.

وكمان أبو شريف الذي أطلق حملة ذات يوم لدعمي قلت له : طيب وانت شو ناسي حالك؟ فقال: أنا يا أبو علي وضعي ..1..2...3..إلخ وعدد عدة نقاط مهمة في حياته فقلت له: صدقني يا رجل لو أنك الآن أمامي غير أمد إيدي على جيبتي وأعطيك نصف دينار أردني,يا رجل والله انك قطعت قلبي خلص أسكت (لا تشكيلي ببكيلك),وفعل معي ما فعلته أنا ذات يوم مع احدى الشحاذات المتسولات بس قبل ما أحكيلكم عنها لازم أولا أحكيلكم عن امرأة أرمل كبيرة في السن بعض الشيء سمعت عنها بأنها ذهب لجمع تبرعات من رجال أعمال حقيقيين لكي تكمل بناء غرفتين لأولادها الأيتام وكانت كل ما تجلس مع واحد فيهم , يصير يشكيلها عن سوء الأوضاع في (وول استريت ) بنييورك وعن إفلاس شركة (جنرال موتورز) طبعا وكل واحد يقوم بتعداد قائمة من المصطلحات الاقتصادية التي لا تفهم فيها تلك المرأة الأرمل مثل أن يقول لها أحدهم (الاكتتاب)والفوركس .. وسندات الخزينة وسندات القبض والصادر والوارد والحائط المالي وعجز في ميزانية المدفوعات وسمعت بأنها قالت لأحدهم ساخرة منه : خذ هذه 5 خمسة دنانير مني تبرع لك لكي تعود وتقف على قدميك, وكانت نفسها تراودها بأن تدفع تبرعات من جيبتها الخاصة لكل رجل أعمال كذاب ذهبت إليه, وكان آخرهم طبيب جراحة حيث شكا لها عن سوء أوضاعه المالية وبأنه لا يستطيع أن يكسب في اليوم ثمن الشاي الذي يشربه وراتب الممرضة التي تعمل في عيادته.


طبعا أنا كمان تعرضت لهذا الموقف-ولكن أنا كلي صدق مش مثل الكذابين- من قبل امرأة شحاذة في الطريق والقصة تبدأ حين خرجتُ من منزلي مع ثلاثة أصدقاء لي ليس فيهم واحد من الوسط الأدبي بل جميعهم مهنيون وعند كل واحد منهم رأس مال (مِحرز) يعني رأس مال كبير جدا وأرصدة في البنوك وأرقام حسابات مختلفة,ولكن طريقة ارتداءهم للملابس طريقة رثة وليس فيها أناقة تحسبهم إذا نظرت إليهم بأنهم متسولون , وأنا مع أنني لا أملك رأس مال مثلهم غير أنني كعادتي كنت لابس بنطال جينز مكوي وقميص أزرق...إلخ وكان يبدو منظري من خلال طولي الفارع وخطواتي البطيئة والهادئة من أنني أغنى شخص فيهم ,وهذا عرفته حين مررنا جميعنا بالشحاذة التي لم تستوقف أي واحد منهم غيري أنا, ولا أدري كيف وقع اختيارها على شخصي علماً أنها أوضحت لي بأن منظري يختلف عن منظر أصحابي المتسولين فقلت لها كيف عرفت بأنهم متسولون: قالت من منظر ملابسهم...إلخ وعلى كل حال بدأت الشحاذة بقراءة ورقة لي مغلفة تغليفاً جيدا وفيها معلومات تؤكد بأنها تنفق على أيتام وعلى زوجها المشلول حركيا وهذا معناه أنه غير قادر على العمل فقلت لها:

- طيب ماشي ..الشغل مش قادر عليه: طيب الأمور الأخرى هل هو قادر عليها ؟ فقالت: 100 حصان, فقلت هذا معناه أن مزاجه رايق أكثر من محسوبك محسوبك أصبح من شهرين بربع حصان أو بفرخة دجاج...إلخ ...وشوفي يا بنت الناس..: صدقيني لو معي شيء ينفعك خلاف المصاري غير أعطيك إياه ,واللي معي فقط لا غير لسان حاد وماضي وقلب كبير وجريح من الذكريات المؤلمة.

فقاطعتني قائلة: إف...إف..إف منك كلامك مثل كلام المثقفين اللي كانوا في عائلتنا..ول هذا أنت شحاد أكثر مني !.

وأنا طبعا قاطعتها قائلاً:أنا يا بنت الناس 1...2..3 وبدأت أعدد لها نقاط ضعفي التي جعلتني فقيرا أكثر منها وقرأت عليها قائمة عريضة من تاريخ أحزاني وكيف أقوم آخر كل شهر بجمع ثمن فاتورة الكهرباء والمياه والإنترنت وباص المدرسة في فصل الشتاء لأن أولادي في فصل الصيف يذهبون إلى المدرسة مشيا على الأقدام , وشرحت لها كيف من خلال حصاله صغيره أضعها في غرفة نومي أقوم يوميا بإسقاط 50 قرشا أردنيا فيها وأحيانا دينارا كاملا أي 100 قرش أردني, ثم عادت لتقاطعني مرة أخرى وأنا أتكلم لتقول لي:

ول..ول والله يا رجل إنك حزنتني(أحزنتني) جدا ,معقول أنت هيك؟

-طبعا وما خُفي كان أعظم, انت بس أصبري اشوي خليني أكملك قصة حياتي .

-ول ول ول يا رجل ما فيش حدى بساعدك من أخوتك؟خلص لا تكملي قصة حياتك اتركني بدي أروح أشوف رزقي.

- لا والله ما أنت رايحه من هون حتى أحكيلك عن قصة أخوي اللي سرق أموالي ووضعها في البورصة وجعلني شحاد 100% ,عندي أخو واحد و حدث عنه ولا حرج.

-لالا بس أنا معناته وضعي أحسن منك أنا عندي أختي بتشحد في عمان وبتساعدني بس يكون يومي نكد وما فيش دخل, خلص بشوفك بعدين أو أعطيني رقم موبايلك وأنا سأتصل فيك , عسى أستطيع تقديم مساعدة لك.

طبعا أنا فهمت من كلامها بأنها هذا اليوم استفتحت بوجهي وهذا معناه أن يومها يوم نكد أو كله نكد بدون أي دخل لأنها قالت:

- بس يكون يومي زي هذا اليوم بتصل مع أختي وهي بتساعدني .

- -شايفه عاد نيالك ونيال أختك , أنا فوق ذلك أخوي بيجي آخر الليل يستقرض خبزات أولادي , ومره بيجي بده ملح ومره بيجي بده بندوره ومرات عده بده سُكّرْ, أي والله قرفني حياتي.

-طيب ما عندكيش دخل ثابت؟ باين عليك رجل من ملابسك كلك أناقه.

-الله يجبر بخاطرك زي ما جبرتي بخاطري, أي صدقيني من برّى ألله ألله ومن جوى يعلم ألله ..وبعد ذلك شرحتلها عن حالي وأحوالي فكانت تضرب بيدها اليمنى على يدها واليسرى أو بعبارة أخرى كانت كل ما أحكي سطر أو سطرين من الكلام كانت فعلا (تضرب الكف على أخوه) وتقول :اللي بشوف أمصيبته غيره بتهون عليه أمصيبته , وبعد ذلك استدارت وتركتني وأنا أتكلم وأرادت أن تتركني أتكلم لوحدي فقلت لها:وين بعدنا ما خلصناش حكي استني حتى أكفي السولافه ارجعي يا بنت الناس, فقالت لي: لالا خلص بدي أروح اليوم الظاهر إنه خسران من أوله , فاستحلفتها بأن تقف دقيقة معي فقالت لي: خلص يا زلمه هسع بجيبلك الشرطه وبتهمك بالتحرش بي, فقلت: شو؟؟ ول ول أنا بدي أشكيلك زي ما أنت أبتشكي لكل الناس , ومن ثم مدت يدها إلى جيبتها وأخرجت منها دينارا أردنيا وقالت لي: خذ أجرتك واتركني الله يرضى عليك بحالي بدي أروح اليوم أشوفلي رزقه في خلاف هذه المنطقه اللي كلها ناس شحادين أكثر مني.

طبعا لا تستغربوش أنا تخصصي أزهق الشحاذين حياتهم وأجعلهم يقرفوا اليوم اللي صادفوني به وهذه مش أول مره بخلي الشحاذ فيها يقرف عيشته, أذكر مرة وأنا شاب أعزب قبل 15 سنة كنتُ أدخن بشراهه وكان يلقاني رجل في الشارع ليقول لي : هات سيجاره , فكنت أعطيه سيجارة أو سيجارتين, ولكن حين تقدم بي العمر وتزوجت تراجعت أوضاعي المالية لذلك اخترت سلاح الهجوم كوسيله للدفاع وبما أنني رأيت المسألة قد طالت جدا فقد عمدت أنا كلما أراه بأن أطلب منه سيجارة قبل أن يطلب مني فيقول لي : حل عني يا زلمه أي هو أنا إملاقي سيجاره! فألحقه وأنا مصر بأن معه سيجاره فيحلف لي المسكين 100 يمين بأنه لا يملك بجيبه أي سيجاره, وأذكر أنه قبل أن يموت بسنة أو سنتين أذكرُ بأنه كان كلما يراني يهرب من الشارع الذي أنا به وسمعته مرة يقول لشحاذ آخر: منشان ألله خبوني منه هذا هسع بصير يقول أعطيني سيجاره أثقل من دمه ما شفتش في حياتي كلها, وكنت أنا أسمعه وأمشي في الشارع وأنا مبسوط منه وكان ذلك في آخر سنة له في الشارع والمدينة والحياة كلها حيث اختفى نهائيا فسألت عنه فقيل لي بأنه مات فجأة وهو نائم.

وصدقوني حتى اليوم كل ما اتشوفني الشحاذه تهرب وتختبأ عني ريثما أتوارى عنها أنا وظلي.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى الشعب الأمريكي
- تشابه أسماء
- ما زلتُ أنتظر الرحيل
- العقل السليم في الجسم السليم
- الكذب على الأطفال
- الانتخابات لعبة حقيرة
- الأرض المحروقة
- الشفافية مصطلح أردني
- فاقد حاسة الذوق
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا
- غير قابل للتطور
- أستطيع الإرضاع
- يا ديّان
- أكلت نصيبي
- سرقوا نظارتي
- أنا المستفيد من تخلف المرأة
- هزي يا نواعم
- وسام الحمير من الدرجة الأولى
- أمي توصيني على الحكومه


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الهجوم وسيلة للدفاع