أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد حسنين الحسنية - الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية














المزيد.....

الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 3186 - 2010 / 11 / 15 - 11:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من خلال المتابعة - في بعض أوقات الفراغ - للبرامج العلمية التي تبثها بعض القنوات التثقيفية ، لاحظت أن هناك ولع لدى القائمين على شئون تلك القنوات بنظرية الكوارث الطبيعية كمسبب رئيسي لإنهيار الكيانات السياسية ، و الحضارات .
ربما يكون ذلك صحيحا - بدرجة أو أخرى - في بعض الحالات ، و لكن لا يمكن أن تعد الكوارث الطبيعية ، سبب أساسي - أو حتى فرعي - في معظم الحالات ، و لهذا فإن تلك الحالات النادرة - إن وجدت - لا يمكن أن تكون مقياس عام .
من وجهة نظري أرى أن السبب الذي يثير شهية أصحاب نظرية الكوارث الطبيعية و علاقتها بسقوط الكيانات السياسية ، و الحضارات ، القديمة ، هو غياب الوثائق الأثرية التي توثق الفترات السابقة مباشرة على سقوط تلك الكيانات ، و الحضارات ، الموغلة في القدم .
مثال على ذلك سقوط الدولة القديمة الفرعونية ، و قيام عصر الفوضى ، الذي يطلق عليه : عصر الإنتقال الأول ، تم تفسيره على يد أصحاب تلك النظرية ، بسبب تغير مناخي أدى إلى جفاف ، مما أدى لسقوط الدولة القديمة .
أصحاب تلك النظرية حين طبقوها على مصر ، أهملوا أن فترات إنخفاض النيل كانت فترات شبه معتادة طوال التاريخ المصري ، و إن أتت في معظم الأحيان على فترات متباعدة .
نجد أمثلة لفترات القحط التي ألمت بمصر في القرآن الكريم ، و في التوراة ، و كذلك في بعض الوثائق الفرعونية ، و تدل عليها المقاييس النيلية التي أقامها فراعنة مصر في أنحاء مصر المختلفة ، و لكنها لم تؤد إلى سقوط الكيانات السياسية القائمة في مصر ، و الدليل إننا حين ننتقل إلى عصور و صلت إلينا عنها معلومات أكثر ، مثل في الحقبة الرومانية ، و في أيام الدولة الفاطمية ، و كذلك في أيام الدولة المملوكية ، و الحقبة العثمانية ، نجد أدلة على أن معظم الكيانات السياسية التي كانت تحكم مصر ظلت قائمة برغم فترات القحط ، و المجاعة ، و أن السلطة لو كانت حكيمة فإنها كانت مستعدة للتعامل مع تلك الظروف ، سواء بتخزين الحبوب في أوقات الرخاء ، أو بإستيرادها من الخارج كما كان يحدث في مصر في العصور الوسطى .
لقد تحملت الدولة المملوكية ليس فقط المجاعات التي حدثت في زمنها ، بل أيضا لم تسقط بسبب وباء الطاعون الذي أصاب مصر ، و بعض مناطق آسيا ، و أوروبا ، و هو الذي عرف بالفناء الكبير .
أغلب أسباب سقوط الكيانات السياسية ، و الحضارات ، هي أسباب بشرية ، و كمثال على تلك الأسباب :
أولا : الجمود التقني ، و نجد له مثال في التاريخ المصري الفرعوني ، و مثال أحدث نسبيا في الدولة المملوكية البرجية ، أو الثانية ، التي أهملت التطور الكبير الذي حدث في ميدان التسليح ، فكان أن سقطت على يد كيان أكثر تقدما منها ، و أعني الدولة العثمانية ، و هو المثال الذي تكرر مرة أخرى مع مماليك القرن الثامن عشر الميلادي في مواجهتهم للغزو الفرنسي في 1798 .
ثانيا : أسباب إقتصادية تؤدي إلى نضوب ، أو شبه نضوب ، لموارد الدولة ، مثل تغير طرق التجارة ، كما حدث أيضا مع الدولة المملوكية الثانية ، حين إنتقلت معظم تجارة أوروبا مع آسيا إلى طريق رأس الرجاء الصالح .
ثالثا : تحلل النظام الحاكم من الداخل ، و هو تحلل يؤدي إلى أحد طريقين :
الطريق الأول في حال عدم تعرض الدولة لغزو خارجي أقوى منها ، عندها يبدأ عصر الفوضى ، و هو ما حدث في مصر و أدى إلى سقوط الدولة القديمة ، و له أمثلة أيضا في تاريخ الصين ، وهو عصر ينتهي بعودة ظهور السلطة المركزية القوية ، و قد يقوم بمهمة إستعادة السلطة المركزية القوية شخص واحد ، كما حدث على يد مؤسس الأسرة الثانية عشرة الفرعونية الذي أنهى عصر الفوضى ، أو تدريجيا كم حدث في فرنسا على يد ملوك فرنسا الذين بسطوا نفوذ السلطة المركزية تدريجيا ، و أحيانا كانت ما كانت جهودهم تتعرض لإنتكاسات تعيد الوضع الفرنسي الداخلي للوراء ، قبل أن تعاود السلطة المركزية محاولاتها الدائبة .
الطريق الثاني في حال تعرض الدولة لغزو خارجي أقوى منها في فترات الفوضى ، عندها يأتي الإحتلال ، كما حدث في نهاية عهد الإنتقال الثاني ، حين غزا الهكسوس مصر ، و مع الدولة العباسية في العراق التي سقطت على يد المغول .
رابعا : لا يلزم لسقوط الكيان السياسي أن يمر بفترات تحلل طويلة الأمد ، فقد يكون السقوط نتيجة ضربة مفاجئة قوية ، من الخارج كما في حال تعرض الكيان لغزو خارجي أقوى منه ، و برغم تماثل طرفي الصراع في المستوى التقني ، و مثال على ذلك سقوط الدولة الخوارزمية على يد المغول ، أو بضربة من الداخل مثل بالإنقلابات الداخلية ، كما حدث مع نظام أسرة محمد علي في مصر ، أو بثورات شعبية ، كما حدث في فرنسا في القرن الثامن عشر للميلاد .
خامسا : أن يدرك الممسكين بدفة الحكم ضرورة التغيير ، و يؤدي هذا التغيير إلى سقوط النظام ، كما حدث مع الإتحاد السوفيتي .
كما نرى ، فإن معظم الأسباب التي تؤدي لسقوط الكيانات السياسية هي أسباب بشرية ، و يؤكد ذلك إنه و كلما إزدادت المعلومات المتاحة عن أي حقبة تاريخية ، ضعفت نظرية الكوارث الطبيعية كمسبب أساسي لسقوط الكيانات السياسية ، فمثلا لم يفسر مؤرخ يحترم نفسه سقوط الدولة الرومانية في الغرب ، أو الشرق ، بسبب الكوارث الطبيعية .
ما يغري بعض شركات الإنتاج التلفزيوني على الترويج لنظرية الكوارث الطبيعية ، هو ما لتلك النظرية من تشويق ، و لما تبعثه من خوف في نفوس بعض المشاهدين ، و هو تشويق مفقود ، و خوف لا وجود له ، حين يعرض على المشاهد الأسباب الحقيقية لسقوط الأنظمة ، فيعلم الإنسان أن مصير الكيانات السياسية ، و بالتالي رفاهيته ، هو في يد البشر في معظم الأحوال .

المنفى القسري : بوخارست رومانيا

15-11-2010



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى و لا أتحسر على سقوط أسرة م ...
- غرس و تنمية الوعي الديمقراطي هدف هذه المرحلة
- بدون عنف ، لكن لا يجب أن تمر في هدوء
- دولة ولاية الفقيه لم تنفع متبعي الفقيه الجعفري
- الإندماج كله فوائد و غير مكلف
- عندها يجب محاكمة أبو جيمي و سيده
- تذكر أن والدك كان لاجىء و أن جدك كان مطارد
- علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها
- حتى لا يرث جيمي مبارك نفس العقدة
- د. بيار زلوعة و فكرة النقاء الجيني الذكري الفينيقي
- هل ستغلق القلوب أيضا ؟
- إنه قصور في الرؤية لدى حماس
- هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
- كان أفلح مع عرابي و عبد الناصر
- برغم ذلك سنظل ندعم الاتحاد من أجل المتوسط
- الغاز المصري أولى به المصنع المصري
- بشار الأسد و جمجمة الناصرية
- الميه يا ريس ، النيل يا ريس
- أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
- السفر بدون جواز سفر


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد حسنين الحسنية - الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية