أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - حفارو قبور*














المزيد.....

حفارو قبور*


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 3184 - 2010 / 11 / 13 - 10:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الذي يخيف حفاري القبور أكثر من الفرح؟ وأكثر من العافية التي تَعدُ بوجوه مشرقة بالحياة وعصيّة على الموت، ما الذي يجعل فرائص القيمين على المقابر ترتعد؟
في تقاطع المصالح بين الأضداد ينكشف الخزي، وخزي حفارو القبور ينكشف عندما تقف مصالحهم بالضد من مظاهر السعادة والصحة والحياة.. أفكر بهذه التفاصيل وأنا أتابع وقوف بعض مجالس المحافظات بالضد من انعقاد الفعاليات الفنية أو الترفيهية، كما حدث في محافظتي البصرة وبابل مؤخراً، وأسأل نفس: ما الذي يخيف رجالاً ـ يفترض بهم أن يكونوا رجال دولة ـ من الفعاليات الفنية، أو الترفيهية؟ ما الذي يجعل فرائصهم ترتعد من فرح يدلقه مهرج أو طرب يبثه فنان؟
بالتأكيد سيكون الجواب جاهزاً: أن الفعاليات التي تقام في السيرك والمهرجان تتنافى مع معتقدات وأعراف الجماهير التي يمثلها أعضاء مجالس محافظتي البصرة وبابل، ومن ثم فمن حق هؤلاء أن يمنعوا ما يجدون بأنه لا يتوافق مع ذوق أو أخلاق أو معتقدات ناخبيهم.
حسن إذاً فلماذا لا يكف هؤلاء الأعضاء عن اقتناء أجهزة التلفزيون، ويدعون ناخبيهم لهذا الخيار المنسجم مع وصايا الشريعة التي يؤمنون بها؟ لماذا لا يقاطعون، مثلاً، القنوات الفضائية التي تُبَثّ على القمر الصناعي الأوربي (الهوت بيرد)؟ ما الذي يمكن لنا مشاهدته أو سماعه في مهرجان فني أو سيرك ترفيهي ولا نجد مثيلاً له في القنوات الفضائية التي يتابعها القيمون على الدين في البصرة وبابل؟
ليس هناك شك بأن القنوات الفضائية تبيح من محضورات الدين أكثر مما يفعل مهرجان بابل أو سيرك مونتكارلو، لكن المشكلة تكمن بالازدواج الذي يقع فيه كل من لا يرضخ لحقيقة أن الكثير من تفاصيل الشريعة لا يمكنها الانسجام مع حاجات المجتمعات البشرية المتطورة، السياسيون الإسلاميون يعرفون جيداً بأن القنوات الفضائية تبث الكثير من البرامج والأفلام التي لا تبيحها الشريعة، لكنهم لا يستطيعون أن يمتنعوا عن متابعة هذه البرامج (التي يفترض بها أن تكون محرمة)، هم أيضاً يعجزون عن منع ذويهم أو ناخبيهم من متابعتها، وهكذا، ولأنهم لا يستطيعون أن يعترفوا بعجز الشريعة عن مجارات حاجات المجتمع المتجددة ـ لأن هذا الاعتراف يسلبهم كل مميزاتهم ومبررات انتخابهم ـ سيضطرون إلى الوقوع بفخ الازدواج المهين ويكتفون بالشعارات التي يخدعون بها بسطاء الناس، وفي النهاية تكون عملية متابعة الفن والترفيه محرمة على الأرض المكشوفة و(مباحة) في الغرف المظلمة، وهذا أبشع أنواع الازدواج، لأنه يخلق مجتمعاً منافقاً ونخبة دجالة.
كيف لا يخاف القيمون على المقابر من العافية التي يمكن لها وحدها أن تسلبهم الجدوى من وجودهم؟ وكيف لا يخاف القيمون على الكذب والخداع من انتشار الثقافة والتمدن في المجتمع؟ من سينتخبهم عندما تخلوا مجالس وعضهم من المنتحبين والخائفين والمغرر بهم؟ ومن سيحميهم من ملاحقة القانون لهم على جرائمهم وفسادهم عندما لا يعود هناك من يؤمن بقداستهم وعصمتهم؟
لا يعيش الطفيلي إلا على جسد مريض، لذلك سيقف وبكل ما أوتي من قوة بوجه أي مساع تذهب اتجاه زرع العافية وإيقاد الفرح والقضاء على برك الصديد التي يعيش هو على لعق بقاياها وامتصاص أقذارها.
* جريدة الزمان
11-11-2010



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربعة مقالات في الإيمان*: (3-4)
- اربعة مقالات في الإيمان: (2)
- اربعة مقالات في الإيمان (1)
- الوعي الانقلابي
- بغداد مهددة
- رصاصة المثقف
- ذنبكم لا يُغتفر
- بائعو ذمم
- ابو سفيان ومعاوية
- ثقافة التراضي
- حفلة تنكرية
- ميزوبوتاميا
- الفاسدون الكبار
- مفوضية حقوق الإنسان
- كرامات
- الاخلاق
- حكاية عن لص واعمى
- مسرحية الزعيم
- لماذا يا سيدي الكريم؟
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (14)


المزيد.....




- الشرطة الألمانية تعتقل شبانا حاولوا التسلق إلى كاتدرائية كول ...
- مستعمرون يقتلعون أشجاراً ويجرفون أراضٍ بالخليل وسلفيت
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأقصى ...
- مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
- الخارجية الأمريكية تطالب الموظفين بالإبلاغ عن حالات التحيز ض ...
- أحد الشعانين: مسيحيو غزة يحتفلون في -ثالث أقدم كنيسة في العا ...
- أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس ...
- عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا ...
- قائد الثورة الإسلامية: ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلح ...
- فتوى الجهاد المسلح دفاعاً عن فلسطين


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - حفارو قبور*