جدعون ليغي الصحافي الذي يزعج اسرائيل بكتاباته

جعفر هادي حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3183 - 2010 / 11 / 12 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من النادرأن يجد الإنسان اليوم صحفيا إسرائيليا ينتقد سياسة حكومته في الأراضي المحتلة أويدين معاملتها للفلسطينيين ، أو يتعاطف معهم فذلك يعتبر شذوذا عن القاعدة ، وخروجا عن المألوف ويحمل معه تبعات التهمة باللاوطنية من الحكومة والمجتمع الإسرائيلي على حد سواء. بخاصة إذا كان هذا النقد نهجا ينتهجه الصحفي ووجهة نظر يتبناها ، ويستمر في الكتابة عنها . ولكن الصحفي المعروف جدعون ليفي الذي يكتب عمودا أسبوعيا في صحيفة هارتس منذ ثمانينات القرن الماضي تميز بالجرأة ، وخرج عن هذا المألوف.وقد تحمل ردود فعل سلبية واتهامات مؤذية ، بعد أن استمر في نقد حكومته على إحتلالها للأراضي الفلسطينية ، وسياستها نحو الفلسطينيين وعلى ما يصيبهم من أذى من قبل الجيش والمستوطنين ، وهو يقوم بذلك منذ سنين. ولم يوقفه اتهام وزير سابق له بأنه خطر على الأمن أو أنه عدو إسرائيل، إذ نشر كتابين تضمنا أراءه في هذا الخصوص أحدهما في عام 2004 والآخر في هذه السنة بعنوان "معاقبة غزة". وهو يرى بأن ماتقوم به الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ، خطأ كبيرعواقبه وخيمة وثمنه باهض ، ونتائجه كارثية.
وقد جاء المؤلف إلى أوربا بعد صدور كتابه المذكور بالطبعة الفرنسية والإنجليزية للترويج له والحديث عنه وإعطاء المقابلات حوله. وهو يذكر في كتابه هذا كيف تغيرت نظرته نحو سياسة إسرائيل في الأراضي المحتلة ، و التي كانت قد بدأت عندما عمل في الضفة الغربية مراسلا لصحيفة هاارتس ، حيث كان شابا مغسول الدماغ كما يقول. وقد اعتقد وقتها أن قطع أشجار الزيتون والإعتداء على الرجال ومعاملة النساء المهينة عند نقاط التفتيش حالات استثنائية ، ولكن تبين له بعد فترة ، أن ذلك هو القاعدة وليس الإستثناء. ومنذئذ أخذ يهتم بالشأن الفلسطيني ويتابعه ، ويكتب عنه. وعلى الرغم من أن الكتاب يتحدث عن حرب إسرائيل على غزة ، التي قال عنها بأنها فشلت فشلا ذريعا ولم تحقق أي هدف من أهدافها ، وأنها جريمة حرب ، وجعله حصارها يخجل من كونه إسرائيليا ، إلا أنه يذكر قضايا كثيرة تتعلق بموقفه من بعض شرائح المجتمع الإسرائيلي نحو الصراع ، من مثقفين وعسكريين وإكاديميين وغيرهم. وهو ينتقد الإكاديميين على صمتهم نحو الإحتلال والمثقفين على تأييدهم لسياسة الحكومة – وفي الكتاب رسالة موجهة إلى الروائي المعروف أ.ب. يهوشع عى موقفه من حرب غزة- والقضاة على القرارات غير الإنسانية ، التي يصدرونها بحق الفلسطينيين. كما يسخر من مقولة أن الجيش الإسرائيلي هو من أكثر الجيوش في العالم تمسكا بالقيم ، بينما يقول هو إنه يُعلِم جنوده أن حياة الفلسطينيين وأملاكهم ليست لها أية قيمة ، وحيث يعترف جنوده بقتلهم للأبرياء للتسلي والمتعة . وهو يرى بأن الحرب على غزة زادت من كره الفلسطينيين لإسرائيل،وجعلتها أكثر عزلة في العالم. وهو يعتبر المستوطنين خطرا على الدولة ، والمستوطنات على الأراضي الفلسطينية من أكبر المشاريع الإجرامية في تاريخ إسرائيل.
ويعتبر سياسة أوربا الحالية تابعة للولايات المتحدة بل ولاتختلف عنها فهي تؤيد سياسة إسرائيل مهما كانت وهي بهذا كما يقول" ليس فقط تتجاهل القيم التي تدعيها بل إنها ستخسر فرصة التأثير بالمنطقة وهو شيئ ليس جيدا للشرق الأوسط".ومن رأيه أن المقاطعة التي تقوم بها بعض اتحادات العمال في العالم ، وبعض المؤسسات الإكاديمية والثقافية هي مشروعة وعادلة. وهووإن كان هو نفسه لايشجع عليها ولكنه يقول إن المقاطعين يجب أن يُشكروا على مقاطعتهم ، ولو أن الإسرائيليين قاطعوا حكومتهم ، لما كانت هناك حاجة للمقاطعة الدولية ولكن الإسرائيليين مصابون ب"العمى الأخلاقي" كما يقول.وهو يقول أيضا إن إسرائيل يجب أن تدفع ثمن إحتلالها وبغير ذلك سوف لايكون له نهاية، ولايحصل تغير في المجتمع الإسرائيلي ، إذ بدون ضغوط لاشيئ يتحرك في الشرق الأوسط . وهو يأسف لعدم وجود معارضة في إسرائيل سوى بعض المنظمات المتواضعة.

وهو يرى أن إسرائيل تتحمل المسؤولية الأكبر للإحتلال والأوضاع البائسة في الأراضي المحتلة وأن ماترتكبه من أعمال يجعلها لاتختلف عن أية منظمة إرهابية.
كما أنه لايرى حلا عسكريا مع حماس "مهما صرح السياسيون وإن الحل هوإجراء محادثات معها". وهو من دعاة الإنسحاب من جانب واحد دون مطالبة الفلسطينيين باية تنازلات "لأنه لايُطلب من إسرائيل أن تعطي شيئا بل يراد منها أن ترجع أراضي مسروقة" ويقول إنني دائما احاول ان اذكرأبناء جلدتي بان هناك احتلالا وان الفلسطينيين بشر مثلنا.
أما عن مستقبل الصراع فهو قال في مقابلة صحفية في شهر سبتمر/ايلول من هذه السنة إنه متشائم جدا حول مستقبل إسرائيل ، وهو قلق كذلك من أن ينهار اليسار حيث لايبقي وراءه إلا أحزاب من صوت واحد.ومما يزيد من قلقه كما يقول إن الناس في إسرائيل لايهتمون بما يدور حولهم ، مع أن هناك قنبلة موقوته معلقة فوق رؤوسهم.

#جعفر_هادي_حسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات