أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - باسم الحاج - اليسار في اليمن.. (الاشتراكي نموذجاً). الحزب الاشتراكي من نقد التجربة إلى ابداع المستقبل















المزيد.....



اليسار في اليمن.. (الاشتراكي نموذجاً). الحزب الاشتراكي من نقد التجربة إلى ابداع المستقبل


باسم الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 958 - 2004 / 9 / 16 - 10:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


اليسار في اليمن ..... (الإشتراكي نموذجاً)
الحزب الإشتراكي اليمني من نقد التجربة إلى إبداع المستقبل

مـــــــــدخل:
أن موقف الحزب السياسي من أخطاءه هو وحدة من أهم و أصدق المعايير لتبيان مقاد الجد عن الحزب . وتنفيذه فى الواقع لإلتزامه أمام طبقته والجماهير الكادحة . إن علامات الحزب الجدي وتنفيذه لإتزاماته وتربية وتعليم الطبقة ثم الجماهير ، هي الإعتراف جهراً بالخطأ و الكشف عن علله وتحليل الظرف الذي أدى إلى إرتكابه والبحث باهتمام في وسائل إصلاح الخطأ.
لينين

لماذا إخترنا الحزب الإشتراكي نموذجاً لليسار ..؟
إخترنا لموضوعنا عن اليسار في اليمن الحزب الإشتراكي اليمن لجملة من الاسباب منها تمثيلاً لا حصراً أنه جاء نتيجة تحالف لثلاث فصائل يسارية من جنوب الوطن وخمس فصائل يساريه من شماله ، وقدم نوذجاً لتجربة ثورية فريدة ليس في جدنوب الوصن فحسب ، بل وعلى مستوى وطننا العربي وساهمته النضالية في ثورة سبتمبر شمال الوطن والدفاع عنها وإلى جانب إنجازه للإستقلال في الجنوب ومن خلال حكمه لهذا الشطر من الوطن كان شريكاً رئيسيأ في تحقيق وحدة 22 مايو 90 ورديفها الديمقراطي والتي إعتبرها مصالحة وتسوية وطنية تاريخية.
كما يعد إعلان قيام الحزب الإشتراكي على امتداد الوطن شماله وجنوبه حدثاً هاماً على صعيد اليسار في الجزيرة العربية ، بل وعلى مستوى حركات التحرر الوطني في الوطن العربي ، كما أنه كان لقيام وإستمرار هذا الحزب ثمن باهض من شهداء وتضحيات مقابل إنجازات وطنية وثورية ، وقد واجه الحزب منذ نشأته جملة من التحديات والمخاطر التي كادت أن تعصف به وتخرجه من الحياة السياسية والوطنية برمتها ليصبح في خبر كان أكثر من مرة لولا صلابة مناضليه وعدالة قضيته والحاجة الموضوعية التي شكلها وجوده لحياتنا الوطنية .. نعم لقد إستطاع بشجاعة نادرة وقوة معنوية إستثنائية أن يخرج دائماً منتصراً لبقاءه وحضوره متجاوزاً أخطاء في الممارسة الثورية لتجربة الدولة في الجنوب ومواجهاً لشتى أشكال التنكيل والقمع الشديد الضراوة في الشمال من قبل النظام القبلي العسكري المتواشج مع جماعات الإسلام السياسي المسلح بدعم واسع من الدوائر الإمبريالية.
وإجمالاً ، تجربة هذا الحزب ومغامراته التحديثة بإنتصاراتها وإخفاقاتها ، نجاحاتها وهزائمها ، قوتها وضعفها يظل أجمل مافي تجربة هذا الحزب شهداءه . ونقده لذاته . إستمراره المتجدد والمبدع هذا بالنسبة للأجمل أما الأهم أنه بعد أن غـدر به في حرب 94 الظالمة التي أخرجته من السلطة بالقوة العسكرية مستهدفة تصفية وجوده . لتخرجه مثخن الجراح منهك القوى ، وقبل أن تحط الحرب أوزارها إذا به يعود مجدداً مواصلاً المسيره ولكن هذه المرة من موقع المعارضة ، ويصبح طرف رئيسي في المعادلة السياسية ويقود تحرر وطني على طريق قيام كتلة وطنية عريضة معارضة تكافح سياسياً لتغيير ميزان القوى لصالح الإنتصار لمشروع الشعب التاريخي . بوطن ينعم بالعدالة والديمقراطية والتحيث والتقدم.
يستند في نضاله على تجربه جعل منها مدرسة يتعلم منها سر إستمراره وبقاءه أمام الضربات الموجعة بنقدها وكشف قوانين تطورها جاعلاً من الديمقراطية نهجاً داخلياً قبل أن تكون خياراً وطنياً تكفل له تصويب توجهاته وتصحيح مساره متخذاً من إشهار سلاح النقد الذاتي شكلاً دائم معياراً يعكس في جديته ومصداقيته وعزيمته النضالية للمثابرة ليأتي كل يوم بجماهيره أغني تجربة وأصوب نهجاً وأكثر نضجاً وبذلك يكتسب حضوراً إجتماعياً في العمق الشعبي والجماهيري ، فحزب بهذه المزايا يغدو جديراً بأن يكون خيار سياسي وفكري لأوسع فئات الشعب اليمني. كيف لايكون ذلك هو الحزب الذي إرتبط إسمه بشهداء أماجد . بالثورة والوحدة والديمقراطية و التحديث نصيراً للفقراء ومحرراً للمرأة مكن قيود التسلط الذكوري ، وهو المدرسة التي فجرت الكثير من الطاقات الفكرية والثقافية الحاملة لواء التبشير باليمن الآتي..
وإلى جانب ما أسلفنا ، تعدى الحزب الإشتراكي دوره حدود الوطن ليكون جزءً لا يتجزأ من العملية الثورية العالميةأثنا فترة الحرب الباردة ، أما اليوم ومن موقعه الجديد فيمارس دوره على هذا المستوى ضمن القوى المدنية الديمقراطية اليسارية في العالم لتغيير مسار العولمة المتوحشة بإتجاه عولمة أكثر إنسانية تصاغ وحدة حضارتها من تعدد وتنوع كل ثقافات العالم وتتقاسم خيرات العالم كل شعوب العالم ويحل السلاو والحق والقانون محل الحروب والعدوان والفوضى إمبراطورية الإمبريالية.

مقدمات توحيد فصائل اليسار وقيام الحزب الإشتراكي اليمني

إن الخوض في الحديث عن خلفيات فصائل اليسار وقيام الحزب الإشتراكي اليمني في شمال الوطن وجنوبه إرتبط بجملة من الأسباب والظروف بحيث جاء إعلان الحزب إستجابة لجملة عوامل ذاتية وموضوعية أملتها حاجة وطنية حين ذاك وساعد ذلك ظروف وتحديات خارجية باعتبار الحزب جزء لا يتجزأ من العملية الثورية العالمية وارتباط الحزب بأهداف وطنية خاصة كالتحرر الوطني والتقدم الإجتماعي والوحدة ، هذه الأهداف ترتبط إرتباطاً وةثيقاً بالهدف العام لكل القوى التحررية الإشتراكية في العالم.
ومما لا شك فيه أن الخوض عميقاً والإسهاب طوبلاً في تتبع تفاصيل هذه التجربة الرائدة أمر غير ميسور في هذه العجالة.
- لقد كانت وحد القوى الثورية وإيجاد الأداة السياسية للثورة واحة من أبرز القضايا التي شغلت مكانة بارزة وهدفاً هاماً لفصائل اليسار ، خصوصاً بعد التحول الماركسي في الجبهة القومية وبعد أن اصبحت الإشتراكية العلمية الدليل النظري والمرشد الفكري في أدبيات وبرامج فصائل اليسار ويؤكد الشهيد عبد الفتاح إسماعيل مؤسس الحزب الإشتراكي في العديد من خطاباته قبل التأسيس أنه بدون وحدة فصائل العمل الوطني ذات الأفق التقدمي الإشتراكي المنبع والهدف يصعب الإنتصار في معركة الكفاح الوطني الديمقراطي في شمال الوطن وجنوبه ، ولعله من الحقائق الموضوعية التي رأها مؤسس الحزب حين ذاك وهو بطء عملية التمايز الطبقي في المجتمع يترك أثراً سلبياً على تطور الحركة السياسية مما يخلق مصاعب أمام القوى السياسية التي يقوم مفهومها للصراع على أساس طبقي وتشتت قوى اليسار يضاعف من مصاعبها وبالتالي كان هذا من ضمن الأسباب التي جعلت فصائل اليسار تتوصل لقناعة مفادها عدم قدرة فصيل بذاته قيادة الشعب في مواجهة الإستعمار وحلفاءه المحليين من سلاطين وبرجوازية كمبرادورية.
وبوعي بقوانين التطور الإجتماعي وتأكيداً للطابع المبدأي والإشتراكي لوحدة القوى الوطنية على أسس ديمقراطية دعا عبدالله باذيب رائد الفكر الإشتراكي في اليمن من موقعه كأمين عام لإتحاد الشعب الديمقراطي بعد الإستقلال إلى وحدة القوى الثورية في حزب واحد قائلاً ( ): (إن السير ببلادنا في طريق الثورة الوطنية الديمقراطية ونحو الإشتراكية يتطلب وحدة تلاحم جميع القوى والفصائل الثورية والتقدمية في البلاد داخل إطار تنظيمي واحد يسترشد بمبادئ الإشتراكية العلمية ومثل هذا التنظيم هو وحده القادر على قيادة الثورة إلى أهدافها الساطعة وهو الشل المناسب للديمقراطية في بلادنا).
لتتبلور هذه المقولات والإطروحات وحوارات إستمرت بشكل متواصل سبعة أعوام لتتوج بعقد مؤتمر توحيدي يضم ثلاث فصائل في الجنوب هي الجبهة القومية ، إتحاد الشعب الإشتراكي والطليعة الشعبية لتذوب في تنظيم واحد هو التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية وذلك في إكتوبر 1975 ثم إعلان الحزب الإشتراكي اليمني في إكتوبر 1978 ، أما الفصائل اليسارية في الشمال فقد إلتقت خمس فصائل هي الحزب الديمقراطي الثوري ، إتحاد الشعب ، الطليعة الشعبية ، المقاومين الثوريين ، وحزب العمل ليتمخض عن هذا المؤتمر في 5 مارس 1979م حزب الوحدة الشعبية كغطاء للحزب الإشتراكي فرع الشمال ، وفي 9 مارس تلتقي الثمان الفصائل في الشمال والجنوب تتويج للوحدة التنظيمية للحزب الإشتراكي اليمني في شمال الوطن وجنوبه ، لكن يظل في الشمال يعمل بإسم الوحدة الشعبية.
واقتربت كثير حيثيات ودواعي توحيد الفصائل اليسارية في الشمال والجنوب فكان من دواعي التوحيد في الشمال جسامة مهام الثورة التي يصعب مواجهتها من قبل فصيل بعينه وخطورة مخططات الإمبريالية وحلفاءها في الداخل ووجدو أرضية أيديولوجية مشتركة.
ويعتبر عبد الفتاح إسماعيل أن قيام الحزب الإشتراكي اليمني (يعتبر التحول البارز في العملية الثورية لليمن الديمقراطية وقيام الحزب بالنسبة لنا أوجدنا صمام أمان الثورة وقائد مسيرتها نحو الأفضل ... حقاً لقد إنتصرنا في تحقيق الوحدة الثورية للتنظيمات السياسية ، ولكن كان هذا بثمن، ويتطلب سنوات من النضال والتضحية ) ومضى في حديثه: (لقد كنا نرى أنه لا يمكن تأمين مسار الثورة بدون وجود الحزب الطليعي المتسلح بفكر الإشتراكية العلمية)( ).
ونحن نقرأ حيثيات ومبررات التأسيس والتوحيد عند باذيب وعبدالفتاح إسماعيل وغيرهم من قادة الفصائل نناقش أطروحاتهم في سياقها التاريخي ووفق مقتضيات وظروف مرحلتهم الزمنية ، وفي حدود مستوى فهمهم للديمقراطية حينذاك التي كان يغلب عليها البعد الإجتماعي ، عكس المعسكر الغربي الذي يغلب عليه البعد السياسي الليبرالي للديمقراطية ، إن حدود مفهوم الديمقراطية حينذاك هو وحدة طوعية ديمقراطية وقبادة جماعية وعدم الإنفراد وحسم القرارات حسب الأغلبية (الديمقراطية المركزية) وهو ما تطور لاحقاً ، فالحزب الإشتراكي خاض معركة داخلية من أجل تطوير تجربته الديمقراطية تمثل هذا التحول بأن يحافظ الحزب على المضمون الإجتماعي للديمقراطية مع الإقرار بالتعددية السياسية والفكرية على مستوى المجتمع وإعطاء حق الأقلية أن تعبر عن رأيها بعد حسم القرارات لصالح الأغلبية هذا على مستوى الحياة الحزبية الداخلية.
وحتى لا نقرأ التاريخ بأثر رجعي وبعيدأ عن التأويلات المتعسفة لحداثة التجربة ولحدود الخبرة في بلد غريب عليه التقاليد السياسية الحديثة.
من خلال ما سبق يتأكد لنا أن التوحيد إمتداد متطور للعلاقات الكفاحية في معركة التحرير الوطني لنيل الإستقلال ليتمخض عن هذا التوحيد الحزب الإشتراكي اليمن كوريث لأروع ما في تاريخ الحركة التقدمية عبر نضالها المجـــيد , كما أعتبر التوحيد السد المنيع في وجه المؤثرات الخارجية والآلية الأفضل لحشد الطاقات وتجميع القدرات لتصب جميعها في نهر تجربة الثورة الوطنية الديمقراطية.
ولا ننسى لرفاق عرب آثارهم ومساهماتهم في تجذير البعد الطبقي وتشجيع التحول الماركسي في فصائل اليسار على طريق وحدته ليتمخض عنها الحزب الإشتراكي اليمنى منهم على سبيل الذكر : جورج حبش ، كريم مرو ، نديم عبدالصمد ، وآخرين .. ناهيك عن تأثيرات ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى.

قراءة نقدية لتجربة الثورة في الجنوب - وللأداء السياسي لحزب الوحدة الشعبية (الحزب الإشتراكي اليمني في الشمال)

أرتكزت مهام الحزب في الجنوب على تعزيز التجربة الثورية وإنجاز تحقيق المقدمات الضرورية على طريق التحول الإشتراكي ، وعلى هذا الطريق عمل على توحيد 22 سلطنة ومشيخة في كيان وطني واحد وإصدار تشريعات عصرية وبناء جيش وطني وجهاز وظيفي كفؤ ونزيه متحرر من الفساد والقضاء على الأمية ودمج المهمشين في المجتمع والنهوض بوضع المرأة وإيصال الصحة والتعليم المجاني لكل قرى وأطراف البلاد ووفر فرص العمل بصورة متساوية وانتقل بالمجتمع نقلات نوعية بإتجاه المدنية ، أما برنامج الحزب في الشمال فكان محوره إستعادة المضمون الثوري للثورة التي عاشت منذ قيامها في 62 في إحتراب امتد 7 سنوات ومثل إنقلاب 5 نوفمبر 67 إنتصار لقوى الثورة المضادة وتمكنت القوى التقليدية القبيلية من السيطرة على مقاليد الأمور مما جعل فصائل اليسار و الحزب الإشتراكي لاحقاً في مواجهة قمعية شديدة الضراوة شنتها السلطة القبلية العسكرية بتحالف مع جماعات الإسلام السياسي المسلح وبدعم غير محدود من أعداء الثورة في المنطقة غير محدود السائرة في فلك الإمبريالية.
باختصار إستراتيجية الحزب الإشتراكي تمثلت بتجذير الإشتراكية في تجربة الثورة الوطنية الديمقراطية جنوباً وتوفير الشروط الضرورية للتغيير الثوري في شمال الوطن تمهيدا لقيام وحدة الوطن بطريقةو سلمية وديمقراطية وبمضمون وطني ديمقراطي تقدمي ، وهي الإستراتيجية الأساسية التي كانت ترتكز عليها سياسة حزبنا تجاه وحدة الوطن.
أ-قراءة نقدية لتجربة الثورة في الجنوب:
لعله من أهم الملاحظات النقدية للتجربة هو التالي:
- أن واقع بلادنا المتخلف اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعدم تبلور بوضوح التركيبة الاجتماعية بطبقاتها وفئاتها الاجتماعية العصرية وثقل الموروث الثقافي وغياب تجربة ديمقراطية عريقة. كل هذا ألقى بظلاله السيئة على التجربة وظلت القوى المدنية التي تحملت مسئولية التغيير تحمل معها مؤثرات المجتمع وأمراضه وعلاقاته. وبالتالي حتى عندما أعلن الحزب الاشتراكي (الاشتراكية العلمية) كان أحياناً ما يأخذ هذا الأمر طابعاً شعاري وعاطفي لكنه غير عميق التأصل ولذلك سرعان ما تستنهض المشاعر والعلاقات القبيلية والعشائرية والمناطقية والاصطفافات الغير مبدئية للاستقواء على بعضها البعض.
ورغم أن الحزب قد استطاع أن يحقق نقلات نوعية في هذا المضمار من حيث تخليق قيم مدنية إلا أن ذلك كان بقوة الدولة ولم تتأسس القيم المدنية بعمقها ومضمونها الديمقراطي. وهذا يكشف لنا حقيقة أن تغيرات الدولة القوية تبقى سطحية سرعان ما تزول بزوال قوة الدولة.
- الفارق بين الأطروحات والتحديدات النظرية والممارسة الميدانية على صعيد الواقع:
- غياب الممارسة الديمقراطية وضعف المحاسبة والمساءلة في حياة الحزب الداخلية رغم أنه على صعيد الدولة اتسم النظام بالصرامة.
- عدم الانضباط والالتزام الصارم لمبدأ المركزية الديمقراطية والعمل القيادي الجماعي في حياة الحزب الداخلية كأسس تنظيمية ينبغي الاحتكام لهما في حال الخلاف والتباين عند مناقشة القضايا التي تحدد توجهات الحزب والدولة، ناهيك أنه تعلمنا في الحزب أن الاحتكام لمبدأ المركزية الديمقراطية أمر غير كافي في تجاوز الاحتقانات السياسية.
فعند اتخاذ القرارات بواسطة الأغلبية وفقاً لمبدأ المركزية الديمقراطية فإن الأقلية لا تجد الآلية المناسبة والقناة التي تسمح لها أن تعبر عن رأيها في أحكام النظام الداخلي وبالتالي فقدان الأقلية بعد اتخاذ القرار لقنوات تعبر بها عن رأيها أدى إلى كبت آرائها لتتحول قوة يصعب السيطرة عليها مما أدى إلى انفجارات كانت 13 يناير 1986م أبشعها.. وهو ما تجاوزه الحزب في أدبياته التنظيمية المقرة في مؤتمره الرابع والتي جسدت حق الأقلية لتعبر عن آرائها من خلال منابر وتيارات.
- ضعف التعامل المبدئي والثابت مع نظام الكوادر من حيث الإعداد والتأهيل والتوزيع ومن حيث تحديد الشروط وتطابقها مع الكادر الذي يتم اختياره للمناصب القيادية في الحزب والدولة وهذه الإشكالية يمكن اعتبارها محوراً أساسياً في كل الصراعات التي دارت داخل هيئات الحزب القيادية منذ ما بعد الاستقلال الوطني إلى كارثة يناير 1986م وحتى قيام دولة الوحدة.
نتيجة الصراعات والتي كانت تأخذ صورة دموية فقد دفع الحزب والتجربة ثمن باهض وسقطت قدرات وإمكانيات مادية في البلد يصعب تعويضها وما زال حزبنا يعيش آثارها المدمرة ونؤكد أنه لم تكن تلك الصراعات ذات صلة مباشرة بخيار حزبنا ونهجه الأيديولوجي.
وهناك سبب يكاد يكون قاسم مشترك لدى كثير من تجارب الاشتراكية خصوصاً في البلدان النامية وهو التعاطي الميكانيكي مع تجارب الحركة الثورية دون مراعاة القوانين الخاصة بالتجربة إلى جانب اتسام أساليب العمل بالرتابة والجمود إلى حد التشرنق في التعاطي الأيديولوجي. ويصدق المثال الميثولوجي اليوناني على هذا التعاطي القولبي الجامد وهو مثال بروكست الذي كان يمدد الرجل على السرير فإذا طالت أرجله على السرير قصها وإذا قصرت مطها... وهذا بالتأكيد يصطدم مع طموحات التغيير.
- غياب الواقعية السياسية في التطبيق ومفهوم الواقعية هو التراكم الكمي والتدرج والتمرحل مراعين انضاج الشروط الذاتية والموضوعية عند إنجاز التحولات الكبرى كصيغة كيفية طبيعية لهذا التراكم وخلق ملائمة بين النظرية الأيديولوجية مع خصوصية التجربة الوطنية مع أهمية عدم الفصل بين المهام المرحلية و الاستراتيجية وافتقار الربط بين المشروع السياسي وحاجته الضرورية للتحالفات التي تعد عامل مساعد لإنجاز الأهداف المرحلية والبعيدة.
هذا بعض ما شاب التجربة من ثغرات على الرغم من طموحات التجربة في تحقيق نقلات قوية وسريعة من التطور والنمو إلا أنها اصطدمت ببطء الحركة المحكومة بشحة الإمكانيات وضآلة الثروة إلى جانب ما أسلفنا ذكره من تخلف البنى الاقتصادية والتركيبة الاجتماعية وموروث ثقافي مما ساعد على محاصرة التجربة وخنقها إذ لم يكن حتفها.



ب - نقد الأداء السياسي لتجربة حزب الوحدة الشعبية (الحزب الاشتراكي فرع الشمال)
بعد توحيد فصائل اليسار في شمال الوطن في 5 مارس 1975م أعلن التوحيد عن انبثاق حزب الوحدة الشعبية كغطاء للإعلان عن الحزب الاشتراكي اليمني بينما يعتبر هذا الكيان هو فرع للحزب الاشتراكي في الشمال وانتخب الشهيد جار الله عمر سكرتيراً له وهو عضو المكتب السياسي بالحزب الذي تكون من الشمال والجنوب وحزب الوحدة الشعبية هو الوجه الثاني لأداة الثورة اليمنية وجاء توحيد هذه الفصائل استجابة لجملة من العوامل الذاتية والموضوعية فهو لم يأتي دفعة واحدة بل مرت عملية تطوره ونشوؤه بمراحل تاريخية عديدة تعكس مستوى التطورات الفكرية والتنظيمية ليتمخض عنها الحزب الاشتراكي كانعطاف نوعي هام في تاريخ الحركة التقدمية.
غير أن تجربة العمل التوحيدي وتبلورها والتي أتت في ظل ظروف تتسم بالتعقيد والصعوبة البالغة سواء على صعيد الحياة الداخلية للفصائل أو المناخ العام للواقع السياسي حينها.
ومع كل ذلك نسجل هنا بعض الملاحظات النقدية انطلاقاً من أهمية الاعتراف بالحقيقة على مرارتها كون ذلك مدخلاً صحيحاً لتعزيز أداء الحزب والتطور العامل الذاتي في طريق خلق مزيد من القفزات النوعية في أداءنا السياسي مؤكدين أن أي محاولة لاصطناع المبررات للأخطاء هو نزعة خيانية ومخادعة للنفس. ونورد هنا بعض هذه الملاحظات:-
- إن توحيد فصائل اليسار في الشمال يعد هدف كبير وانعطاف تاريخي نوعي في تاريخ فصائل اليسار والحركة التقدمية وحدثاً بمثل هذا المستوى من الأهمية كان ينبغي أن تسبق عملية توحيده إعدادات واسعة في إطار كل فصيل على حدة بحيث تشارك أكبر عدد من كوادر الفصائل لاستقطاب قناعاتهم وتفاعلهم ومساهمتهم في صياغة هذا التحول ولما سيتركه لاحقاً من حصانة لوحدة الكيان الجديد. فمهما كانت المصاعب كان لا بد من إيجاد القنوات لإسهام كل مناضلي الحزب حتى لا تكون منعطفات الحزب النوعية في مضمار البناء الحزبي قد فقدت الشيء الكثير من قيمتها وأهميتها لغياب مشاركة الرأي العام الحزبي.
- عدم وجود إحصاء حزبي دقيق وتقييم نقدي لكل فصيل على حدة قبل المؤتمر التوحيدي باعتبار أن التقييم النقدي والحصر الحزبي شرط تنظيمي أساسي يسبق أي مؤتمر هذا ناهيك عن حاجة الفصائل حينذاك بشكل ملح قبل التوحيد لإجراء تنقية وتطهير داخلي لبعض العناصر الانتهازية والمخترقة والمثرثرة والمضرة بالعلاقة مع الجماهير والمخلة بقواعد العمل السري.
- لم تأخذ المسألة التنظيمية حقها الكافي من النقاش لا في الحوارات بين قادة الفصائل ولا في أعمال المؤتمر التوحيدي لتحديد أسس الدمج التنظيمي وخطواته ومراحله العملية في منظمات الداخل والخارج.
وكان لغياب المناقشات التفصيلية في الشئون التنظيمية والإجراءات الاندماج الفوري أثر سلبي في تحقيق المستوى المطلوب من الانسجام المطلوب ناهيك أنه ترتب على عدم تنقية الكادر والتدرج البطيء في تحضيرات التوحيد والتجمعات الغير مبررة والدمج العفوي للمنظمات كشف للأمن رصد التحركات ليوجه لاحقاً ضرباته المؤلمة والموجعة.
- ظلت الوثائق الأساسية للتوحيد كمسودات مشاريع لفترة طويلة بعد الدمج وإقرارها بصيغتها النهائية في الهيئات المركزية.
كما ظلت التجربة فترة طويلة بدون تقييم نقدي كشرط ضروري يستند إليه في تحديد آفاق المستقبل. وحين أنجزت بعض الوثائق التقييمية والنقدية والتي حملت في طياتها تقييم هام لمسار التجربة بكل ما تضمنته من حيوية وتحليلات ترتبط بالمسار الكفاحي للتجربة وآفاقها اللاحقة وبما احتوته من استنتاجات ورسمته من معالم لتثبيت المسائل الاستراتيجية وتحديد التكامل الواقعي للأشكال النضالية وتعليل الخيارات التكتيكية باتجاه تعزيز وحدة الثورة اليمنية وأهدافها الاستراتيجية وأداتها الطليعية وتخليق الشروط الضرورية لإحداث دفعة قوية باتجاه مسار تطور العمل الثوري ومن هذه الوثائق(( ):
1- وثيقة حول القضية الوطنية اليمنية وتكتيكاتها أعدت في أبريل عام 1980م.
2- التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الاستثنائي للحزب عام 1980م.
3- وثيقة حول طبيعة وآفاق الصراع ومهامنا الراهنة وهي الوثيقة التي أعدها د/ الشهيد أحمد حسن سعيد وجرى تعديلها بعد استشهاده من قبل هيئات الحزب المركزية في مارس 1982م).
ومن المؤسف أن هذه الوثائق بأهمية وقيمة ما تحمله بقيت محصورة في نطاق ضيق وكأن التجربة لم تكن ملك كل مناضليها مما جعل مناضلي الحزب يعملون في القواعد بمعزل عن هذه الرؤية النقدية والتي تحمل العديد من العضات والدروس إلى جانب استمرار أداءها بأفق مشوش وغير واضح وبشيء من الإرباك.
إن تعامل الهيئات المركزية بهذا التجاهل مع القواعد والرأي العام الحزبي ترك أضراره على مستوى العمل الحزبي وتحديد مساره وتوجهاته.
- الترتيب العشوائي للكادر وتضخم الهيئات الحزبية بدون لزوم سوى مراعاة التوازن الفصائلي ووفقاً لاجتهادات غير فاحصة لمواصفات الكادر بحيث وظفت كادرية حزبية في غير موقعها ومكانها الطبيعي. وضعف تكنيكي في الاتصال والتواصل مما جعل صف كبير من الكادر خارج الوظائف الحزبية.
- استنزاف العمل العسكري الجهود على حساب العمل الحزبي والجماهيري.
وإلى جانب ما أسلفنا ذكره أن إنجاز التوحيد جاء في ظروف سياسية بالغة التعقيد فلقد انعقد المؤتمر التوحيدي والمعارك العسكرية كانت تدور رحاها بين الجبهة الوطنية والنظام في صنعاء ثم عقبها حرب بين الشطرين.
كما كان العديد من الكوادر القيادية للفصائل في السجون والأوضاع التنظيمية في المدن في أجواء سرية ومنفلشة وانتقال قيادات مركزية للفصائل إلى الجنوب مما جعل الكوادر الوسطية محدودي الخبرة والذين لم تصقل تجاربهم ولم يتمترسوا ويتسلحوا بتجربة تنظيمية متينة ، في ظروف صعبة تحملوا هؤلاء المسئولية كما ظل الحزبيون يعملون في وسط أجواء مفعمة بالقلق والغموض وفي ظل فقدان التواصل بين منظمات الحزب، مما زرع مصاعب ومضاعفات سلبية تحملتها قيادات بعد الدمج. وفي المحصلة لم يكن أمام من تحملوا المسؤولية إلا الإسهام الجاد بإنجاز قضية التوحيد.

استخلاص النقد الذاتي لتجربة الاشتراكي:
استمرار نقد الحزب لتجربته ضمان شرط استمراره المبدع للمستقبل.
إن تلازم تراكم الجهود المثابرة الصبورة طويلة الأمد وتشديد النضال وتجذير النهج الكفاحي للحزب مع تقييم نقدي لتجربة الحزب ومحطاته التاريخية النضالية الطويلة بهدف استخلاص الدروس والاهتداء بذلك في نضالنا اللاحق. شرط أن تتحرر قراءتنا النقدية من الارتهان الماضوي وضغوط أجواءها المشحونة بثقافة الخصومة وبالتالي نتجاوز نكئ الجراح أو التشفي أو الإدانة حتى لا نخلق المزيد من المصاعب وا لأشواك التي تزرع في طريقنا.
كما أنه ليس بالضرورة الخروج بمواقف تقييمية لكل تفاصيل التجربة خصوصاً في مرحلتنا الراهنة مثل الموقف من قحطان الشعبي وإقصائه تحت تهمة الرجعي اليميني وسالمين وإتهامه بالانتهازي اليساري وعلي ناصر ومسئولية أحداث يناير ومسئولية البيض في الإدارة الفاشلة للأزمة في الفترة الانتقالية وصولاً للإنفجار الدموي في 94م.
إن اشتراط البعض باتخاذ موقف قطعي وحاسم وفي وضعنا الراهن الصعب كشرط يسبق أي عمل قادم للحزب فيه نوع من المجازفة والبحث عن مصاعب أخرى نحن غنيين عنها. ولكن وكما حددت وثائق المؤتمر الرابع فتقييم هذه الأحداث يمكن مناقشتها بشكل هادئ وتأجيل الحسم حتى تستكمل نقاشها بصورة هادئة وعقلانية وبعد أن نكون قد أخذنا مساحة منها تضمن حيادية التعاطي معها ولا مانع من الإقرار بوجود رؤى متعددة في التقييم. وعلى طريق تجنب شخصنة الأزمات والأحداث الكبيرة أتخذ الحزب في مؤتمره الرابع قراره التاريخي بإلغاء كل العقوبات التي أتخذت بحق القيادات أثناء الصراعات السياسية منذ الإستقلال
لكنه في المحصلة هناك جملة من الأسباب التي أدت إلى دورات العنف والصراعات.
إن تحديد موقف من الماضي يخدم المستقبل يحتاج النأي والسمو بعملية التقييم عن شخصنة الأزمة والأحداث وتجنب تسطيح التأويلات لتفسير خلفية ودوافع التطورات المأساوية... فعندما يتحول الهدف هو الوصول لإدانة هذا الطرف أو ذاك يكون هذا النوع من التقييم لا يخدم المستقبل بل يعيد إنتاج ثقافة الخصومة والانتقام والثأر والتأريخ بأحداثه المأساوية لا نحتاج إليه.
(إن المصلحة تكمن في استقراء( ) العوامل والظروف الموضوعية التي تفسر الأحداث بعيداً الاستخدام الآني الضيق بغرض الحصول على المكاسب الضيقة. هنا يحتاج التقييم إلى موقف يقوم على الصرامة في التعاطي الأمين مع الوثائق والمعلومات وإعادة الأحداث إلى أسبابها الحقيقية دون إهمال لتأثير مستوى تطور البنية الاقتصادية والاجتماعية القائمة وطبيعة الوعي والثقافة السائدين وتأثير الموروثات التقليدية واختلال التأثير المتبادل للنفوذ بين القديم و الجديد باعتبار الديمقراطية تمر بأطوار صعبة من التشكل في المجتمع.



الحزب الإشتراكي اليمنى وآفاق المستقبل

( يتعذر على حزب يزعم أنه حزب المستقبل كـ(الحزب الإشتراكي اليمني) أن يدلل على مصداقية طابعه التقدمي وقدرته عتلى البقاء والعمل ، وأداء رسالته التاريخية دون أن يرسم مهامه المستقبلية ، ويحدد معالم الطريق التي سيسير عليها ، وجملة الأهداف التي سيدعوا جموع المواطنين للنضال معه من أجل تحقيقها ، ولا يقل أهمية عن ذلك تحديد الأساليب والوسائل التي يعتمدها لإنجاز تلك الأهداف)( ).
إن تحقيق موقع متقدم للحزب الإشتراكي بين أحزاب القرن الحادي والعشرين يليق بتاريخه الكفاحي دون التوقف عند الدور التاريخي . لأن الأحزاب التي تعيش على رصيدها التاريخي سرعان ما يستنزف هذا التاريخ لتتلاشى شيئاً فشيئاً حتى تموت.
فالحزب الإشتراكي اليمني أدى رسالة وطنية ، ولكن رسالته لن تنتهي بعد ولن تستنفذ طاقتها ، بل مشروع تقدمي مستقبلي يحمل ضمن أهدافه الكثير من التطلعات التي تلبي حاجات الشعب.
لكن إحراز المستقبل لن يتأتى بالأحلام والأماني التي نسطرها في وثائقنا وأدبياتنا مع أهمية الحلم ، غير أنه ليس كافي فإحراز المستقبل مرهون بتجاوز جملة المعضلات وتوفير العديد من الشروط الموضوعية والذاتية ، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:-
ونحن على أعتاب إنعقاد المؤتمر العام الخامس للحزب والمقرر إنعقاده نهاية ديسمبر 2004م
– فإننا معنيين بتقديم قراءة نقدية جريئة لتجربة الحزب والعمل على صياغة وثائق وأدبيات لتستلهم من تجربته وتستوعب المتغيرات الوطنية والدولية والخروج بوثائق تتسم بوضوح ، محددة خياراتنا السياسية والفكرية و وسائلنا وأدواتنا الكفاحية القادرة على استقطاب الرأي العام الوطني.
– العمل على حشد أكبر قد ممكن من تأييد الأحزاب والمنظمات المدنية وجموع المواطنين لنضال سياسي يتمحور في إنجاز مصالحة وطنية شاملة كونها المدخل الطبيعي والمنطقي لتأهيل اليمن للألفية الثالثة . ويرتكز مفهوم المصالحة الوطنية على إستعادة المضمون الديمقراطي والسلمي لوحدة 22 مايو 1990م وتصحيح مسارها من آثار الحرب التي حطمت إمكانيات إندماج وطني كان قد بدأ يتحقق تاركة شروخ وتصدعات بالغة في جدار الوحدة اليمنية.
– معالجة كل آثار حرب صيف 94 وكل نتائج الصراعات السياسية المأساوية وإغلاق ملفاتها بتضميد جروحها ووضع حد يحول دون تكرار دورات العنف في المستقبل.
تحقيق إصلاح سياسي يأخذ ضمن أجندته مضامين وثيقة العهد والإتفاق (كوثيقة للإجماع الوطني) كمدخل رئيسي لبناء الدولة اليمنتية الحديثة . دولة النظام والقانون القائمة على المؤسسات واحترام حقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة وتعديل التشريعات القانونية بما يتوافق مع المواثيق الدولية على أن تحتل قضية تحرير المرأة من قيود التسلط المركب الذكوري والطبقي صدارة هذا النضال التشريعي والمجتمعي وتجفيف منابع الفساد وإنجاز مهام تنمنية إقتصادية إجتمتاعية تضع حد للتفاوت الطبقي المتزايد وتأمين حياة الناس المعيشية.
إن تحقيق هذه القضية المركزية تحتاج الكثير من الحكمة و الحصافة السياسية لخلق قواسمه المشتركة على أسس موضوعية مع القوى الأخرى على طريق التقدم والتحديث وتجربة اللقاء المشترك ينبغي تعزيزتها وصولاً إلى كتلة وطنية عريضة ممكن تشكل رقم صعب في المعادلة السياسية على المدى المتطور.
التحضير الجيد والمبكر للإنتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية وتجهيز كل الأوعية والأدوات والآلياتن التنضيمية والبحث الجاد للحصول على الإمكانية المادية الممكنة .. حتى تكون مشاركة الحزب فاعلة . خصوصاً وأن الحزب إتخذ قراراً في مؤتمره الرابع بحيث يحث الحزب على المشاركة في الإنتخابات وكل الفعاليات السياسية لما تحققه الإنتخابات من مكاسب سياسية بالغة . فالإنتخابات فرصة ينبغي استثمارها لتعميق الحضور الجماهيري للحزب وتقدم البرامج للناس خصوصاً وأن الإنتخابات حدث سياسي يجعل الكثير من جموع المواطنين المعزولة عن السياسة تشارك في هذا الحدث ، ناهيك عن أن الإنتخابات تقدم فرصة للحزب يكسر فيها طوق العزلة التي فرضتها حرب صيف 94 الضالمة ونتائجها المأساوية ، كما أن الإنتخابات إحدى الأدوات الكفاحية السلمية الفاعل التي بتراكم المشاركة الفاعلة فيها والمؤثرة فيها يستطيع العمل باتجاه تغيير موازين القوى شرط أن تتلازم المشاركة الإنتخابية مع نضال لا هوادة فيه لتعديل قانون الإنتخابات على أساس القائمة النسبية وتنقية سجلات القيد والمطالبة الحثيثة بالمشاركة المتكافئة في لجان الإنتخابات وسحب تأثير الحزب الحاكم عليها من خلال تحيق الفصل بين السلطات من جهة وبين الحزب الحاكم والدولة وإمكانياتها ككيان وطني من جهة أخرى.
ونؤكد على أن هذا الطريق شاق وطويل الأمد نتائجه المثمرة لن تتأتى إلا بعد عقود من النضال المتفاني.
المساهمة الفاعلة في إعادة بناء منظمات المجتمع المدني والنقابات مع الحفاظ على إستقلاليتها ومأسسة أطرها و تحديث آلياتها كونها تمثل نواة صلبة لتوطين الحياة المدنية ، كما أنها إحدى وسائل الضغط التي ترشد دور الدولة من جهة وتضغط باتجاه إستعادة المشاركة السياسية والمجتمعية المحتكرة واستعادة الوظيفة الإجتماعية للدولة.
تمكين القيم الديمقراطية وتقويتها من خلال تعزيز الشفافية ومأسسة الهيئات والمساءلة والمحاسبة في كافة الأعمال والإجراءات.
إتباع منهجية سياسية تنظيمية كادرية تتوافق ومتطلبات النضال المدني الراهن وتستوعب الكثير من الطاقات والقدرات النضالية المؤهلة والمجربة والتي تعيش اليوم خارج أطر وهيئات الحزب . لا بد من إتخاذ الخطط المدروسة والتدابير التي تعيد إستيعابهم.
تطوير وتمتين وحدة الحزب التنظيمية والفكرية من خلال التعدد والتنوع ، فالوحدة تضمن إستمراريتها وتكتسب حاجتها من خلا ضمان تعدد آراء أطرافها أو أعضاءها وأصحاب المصلحة في بقاءها . وإقرار الحزب الإشتراكي في مؤتمره الرابع بتعدد المنابر والتيارات ضمن خطه السياسي تعد قفزة نوعية في مسار العمل الحزبي الديمقراطي وتماسكه ، وعلينا أن لا نخاف من التباين والجدل مادام جذره ديمقراطي وأفقه وطني.
تجديد بنية الحزب التنظيمية من خلال ضخ دماء جديدة شابة من الفئتين ذكور وإناث بشكل متساوٍ في كافة هيئاته ومفاصله التنضيمية ، كون الشباب مصدر تجدد الحزب وحيويته وجسر عبور الحزب للمستقبل والحفاظ عليه من الشيخوخة التي أصابت العديد من الأحزاب ، والحزب في طريقه إلى مؤتمره الخامس عليه أن يعمل لإستيعاب هذه الفئة العمرية شرط تدريبها وتأهيلها وبناء قدراتها التقنية و التكتيكية ورفع مستوى مهاراتهم العلاقاتية وتصليب عودها وتنمية البعد الكفاحي في شخصيتها ومنهجة وعلمنة ثقافتها بضمون ديمقراطي ذا أفق إشتراكي و تمدين أساليبها النضالية وتدريبها على كل أشكال العمل السياسي السلمي والمدني ومنهجه الإجتماعي الاحتجاجي والمطلبي . حيث لا توجد تجربة في اليمن من هذا المضمار خصوصاً المحافظات الشمالية . مع أهمية مد صلاتهم وتجسير علاقاتهم الأممية بكافة المنظمات الشبابية والدفع بهم للإنخراط في منظمات المجتمع المني وحركة حقوق الإنسان.
إنتظام عقد مؤتمرات الحزب وإجتماعات هيئاته وتنفيذ قراراته . تأكيد لمصداقية الحزب في إعمال الخيار الديمقراطي بحياته الداخلية وتعبير عن الإنظباط والصرامة والجدية حتى نغدو حزباً إشتراكياً ديمقراطياً بإمتياز.
العمل على تكثيف وسائل الدعاية والإعلام من صحافة ونشر وغيرها من الوسائل التي توصل خطاب الحزب إلى الجماهير وتمكن من مواجهة الهجمة الشرسة التي لم تتوقف منذ حرب صيف 94.
العمل على إيجاز مراكز بحثية توفر قاعدة معلوماتية على أساسها يرسم الحزب سياسته.
تعزيز التواصل وتطوير آلياته مع القوى اليسارية الديمقراطية والمدنية في العالم وتشبيك العلاقات والمساهمة مع الأحزاب اليسارية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والتي غدت اليوم تشكل قوى ثالثة تناهض الحكومات القوية والشركات المتعددة الجنسيات، خصوصاً وأنه قد بدأ يبرز بشكل ملحوظ تظاهرات عالمية يرافقها تطور في آليات التواصل هادفة لتخليق بديل يؤنسن العولمة ويعيد صياغة وحدة حضارتها الإنسانية بما يستوعب الثقافات والخصوصيات القومية والدينية والثقافية والإنسانية المتعددة. حتماً سيفضي هذا النضال ليبلور إشتراكية المستقبل .
وعلى حزبنا أن يكون له إسهاماته في هذا المضمار الإنساني.

خاتمة

إن إنجاز ما أسلفنا ذكره من شأنه أن تعميق دور الحزب وتوسيع نطاق المشاركين في معركة النضال السياسي . وهو كفيل بأن يجعل السلطة تتعاطى مع مبادراتها . لأن سلطة ما بعد الحرب لن تغادر سياسة الإستقواء والإستعلاء ونشوة الإنتصار في الحروب الأهلية . إلا بقوة سياسية تكون معادل موضوعي لها.
وفي الختام نسجل كل معاني العرفان لكل الرفاق الذين خاضوا معركة إعادة تأسيس الحزب للمرة الثانية ، ململمين أشلاء الحزب الذي تركته الحرب مبعثراً مثخن الجراح مجرد من ممتلكاته لتبقى إرادة مناضليه المكافحة وأسلحته المعنوية تسهر على تشييد منضماته مفككة طوق العزلة ومكسرة إجراءات الحضر والحصار الجائر ، مشيدين بنيان صرحهم الشامخ من جديد وبتفاني منقطع النظير . متمسكين بالحزب الإشتراكي كخيار سياسي لا بديل عنه .
كما نحيي كل الأقلام الشريفة والأصوات الشجاعة وكل الجماهير التي آزرت الحزب في محنته لتحيط بسياج آمن من التعاطف والتأييد اللامحدود.
فتضامن بهذا المستوى ساعد الحزب على أن يبقى قوة سياسية واجتماعية وثقافية ضاربة جذورها في الأعماق حاملة لواء التبشير حاملة لواء العقلانية والتحديث والتنوير، تواقة للمستقبل ، واقعية وكفاحية الأداء ...
وفي نهاية هذه الورقة أقول لست مبالغاً ولا متفائلاً ولا ساذجاً في المستقبل، إن الحزب الذي إجترح معجزة التحرير وقاد مغامرة التحرير في بناء الدولة الوطنية في الجنوب وكان شريكاً رئيسياً في صنع وحدة 22 مايو وتوأمها الديمقراطية . هو قادر أن ينتصر في معركة إصلاح مسار الوحدة والديمقراطية والتحديث والمواطنة المتساوية ، خصوصاً أنه تعلم من تجربته العريقة فنون التجديد . والرغبة في التغيير والإنفتاح والإقدام بجراءة لنقد الذات كإحدى نقاط القوى التي تعكس العزيمة النضالية لأحزاب اليسار ، وما دام الإشتراكي يؤسس وجوده في المستقبل على معرفة بالشروط الموضوعية والذاتيه . يكون ليس مجرد صاحب أماني وأحلام رومانسية ، بل جدير بالمستقبل والمستقبل جدير به.



#باسم_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - باسم الحاج - اليسار في اليمن.. (الاشتراكي نموذجاً). الحزب الاشتراكي من نقد التجربة إلى ابداع المستقبل