|
أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى و لا أتحسر على سقوط أسرة محمد علي
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3182 - 2010 / 11 / 11 - 20:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يتصور البعض عن خطأ ، و يصور البعض عن خبث ، أن الإطراء الذي يظهر بين حين ، و أخر ، في كتابات كاتب هذه السطور ، للفترة التاريخية المصرية الممتدة من فبراير من عام 1923 ، و إلى ما قبل الثالث و العشرين من يوليو 1952 ، يعني محاولة الكاتب إسترجاع الشكل السياسي الذي كان يحكم تلك الحقبة ، و تحديدا : عودة أسرة محمد علي الكبير للحكم . سأترك الفريق الذي يصور ذلك عن خبث - لأن ذلك الفريق معلوم للقارئ الكريم من يقف ورائه ، و بالتالي لا يستحق إلا التجاهل - لأوجه حديثي للفريق الذي يتصور ذلك عن خطأ . أعتقد أن السبب الرئيسي الذي يقف وراء ذلك الخطأ الذي وقع فيه بعض القراء الكرام ، يعود لنجاح نظام آل مبارك الخبيث في توزيع مراحل التاريخ المصري ، أو حقبه التاريخية ، على شرائح معينة من الشعب المصري ، لتختص كل شريحة بحقبة ، لتنتفي ملكية المواطن المصري لمجمل التاريخ المصري . على سبيل المثال : المرحلة القبطية أصبحت ملك للمسيحي المصري ، لا يصح أن يعتبرها المسلم المصري جزء من تاريخه ، و كاد أن يكون من المحرم على المسلم المصري الحديث عنها بشكل إيجابي ، و الدولة الفاطمية هي ملك للشيعة المصريين فقط - هذا إن كان نظام آل مبارك يعترف بأن هناك شيعة مصريين - و بالتالي لا يصح أن يدافع عنها السني المصري ، أو أن يعتبرها جزء من تاريخه . المماليك ليسوا مصريين ، هكذا علم نظام عبد الناصر الشعب المصري ، و ورث ذلك التعليم نظام آل مبارك ، لهذا فإن الحقبة المملوكية ليست ملك لعموم المصريين ، بل ملك لذوي الأصول التركية ، و الشركسية . و الدولة البطلمية ، دولة إغريقية ، أو يونانية باللفظ الحديث ، و إن حكمت مصر قرابة ثلاثة قرون . و الذي يذكر إيجابيات مرحلة ما بين فبراير 1923 ، و إنقلاب يوليو 1952 ، أو يذكر أي إنجاز منذ مايو 1805 ، و إلى بداية الثالث و العشرين من يوليو 1952 ، هو نصير لأسرة محمد علي الكبير ، و يريد عودتها للحكم ، لأن تلك الحقبة ملك لتلك الأسرة . هذا هو منبع الخطأ الذي وقع فيه البعض عن حسن نية حين تصوروا أن كاتب هذه السطور يريد عودة الملكية ، أو إنه يتحسر على سقوطها . الحقبة الممتدة من فبراير 1923 ، و إلى بداية الثالث و العشرين من يوليو 1952 ، أو لنسميها إختصارا ، و بدون أي إخلال بالدقة التاريخية : الحقبة الديمقراطية الأولى ، هي مثل أي حقبة تاريخية عاشتها مصر ، ملك للشعب المصري ، لأنها أساسا من صنع الشعب المصري . لا أستطيع أن أنكر الإنجازات التي قامت بها أسرة محمد علي ، بخاصة في عهد مؤسسها العظيم ، و لكن الحقبة الديمقراطية المعنية بالحديث ، هي في الأساس من صنع الشعب المصري ، و دور أسرة محمد علي الإيجابي في تلك الحقبة يقف كالقزم بجوار إنجازات الشعب المصري . الحقبة الديمقراطية الأولى كانت نتاج نضج الشعب المصري سياسيا ، فهي لم تكن هبة من أحد ، أو تفضل من شخص ، أو اسرة ، أو دولة ، فبذرتها وضعت مع إندلاع ثورة 1919 ، و التطور السياسي الديمقراطي الإيجابي في تلك الحقبة لم يكن إلا نتيجة وعي الشعب المصري ، و إدراكه لحقوقه السياسية ، و لهذا لم تفلح المحاولات التي دأب القصر الملكي على القيام بها للقضاء على تلك الديمقراطية ، و يكفي في هذا المقام التذكير بنضال الشعب المصري ضد دستور عام 1930 . كذلك الإنجاز العلمي ، و الثقافي ، و التعليمي ، في الحقبة الديمقراطية الأولى - و الذي يشمخ على إنجازات عهد آل مبارك ، برغم تقارب العهدين في طول المدة - هو أيضا من إنجاز الشعب المصري ، الذي أراد منافسة أوروبا الغربية في العلوم ، و الثقافة ، و بقية ميادين الحضارة . كيف لي كمصري أن أتجاهل حقبة من أفضل الحقب التي مرت على الشعب المصري منذ سقوط دولة المماليك البحرية ، و ربما لأبعد من ذلك التاريخ ؟؟؟ كيف لي أن أتجاهل حقبة حديثة - و إن كانت غير مثالية - تتضاءل بجانبها حقبة معاصرة أعيشها ، و يعيشها الشعب المصري - و ربما ستمتد لثلاثة ، أو أربعة ، عقود أخرى ، فتتجرع مرها أجيال مصرية لم تولد بعد ، كما تجرعنا نحن - و تقع قرب قمة قائمة أسوء الحقب التي مرت على الشعب المصري في كل تاريخه ؟؟؟ إن من قرأ الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر ، و المنشورة تحت عنوان : هذا هو حزب كل مصر ، و المنشورة أيضا كتسجيل صوتي في يوتيوب بعنوان : حزب كل مصر ، سيدرك إننا - في حزب كل مصر - نقف مع كامل التاريخ المصري ، و نسترشد ، و نتعلم ، من كافة مراحله ، بل و أزيد على ذلك فأقول : إننا في حزب كل مصر نعتبر كامل التاريخ العالمي ، أو بمسمى أخر : تاريخ الإنسانية ، جزء من تاريخنا ، نتعلم منه ، و نسترشد ، لأن التعليم ليس له حدود ، و الحضارة ملك الإنسانية بأجمعها ، و كل هذا واضح بشكل جلي في الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر . إنني على وفائي لمبادئ حزب كل مصر ، لأنني أؤمن بها . أما أسرة محمد علي فقد إنتهى دورها السياسي كأسرة - مع بقاء حق أفرادها في ممارسة العمل السياسي - و الحقبة الديمقراطية الأولى لم تكن من صنعها - كما ذكرت عالية - و حتى إنجازات محمد علي الكبير ما كانت لتقوم لولا تضحيات الشعب المصري في ذلك العهد ، مع كامل تقديرنا لمحمد علي الكبير . إنني أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى ، و لا أتحسر على سقوط أسرة محمد علي الكبير ، لأسباب ذكرت بعضها أعلاه ، و أيضا لأنني كنت أتمنى أن تتطور تلك الحقبة الديمقراطية مثلما تطورت معظم الديمقراطيات في العالم . إننا في حزب كل مصر ، نفخر بالحقبة الديمقراطية الأولى ، دون أن نغفل عن سلبياتها ، و نتعلم من إيجابياتها ، و سلبياتها ، على السواء ، و لكن لا عودة للوراء ، و الحقبة الديمقراطية الثانية ، التي لم تر النور بعد ، يجب أن تكون أفضل من الأولى بأشواط كثيرة .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرس و تنمية الوعي الديمقراطي هدف هذه المرحلة
-
بدون عنف ، لكن لا يجب أن تمر في هدوء
-
دولة ولاية الفقيه لم تنفع متبعي الفقيه الجعفري
-
الإندماج كله فوائد و غير مكلف
-
عندها يجب محاكمة أبو جيمي و سيده
-
تذكر أن والدك كان لاجىء و أن جدك كان مطارد
-
علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها
-
حتى لا يرث جيمي مبارك نفس العقدة
-
د. بيار زلوعة و فكرة النقاء الجيني الذكري الفينيقي
-
هل ستغلق القلوب أيضا ؟
-
إنه قصور في الرؤية لدى حماس
-
هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
-
كان أفلح مع عرابي و عبد الناصر
-
برغم ذلك سنظل ندعم الاتحاد من أجل المتوسط
-
الغاز المصري أولى به المصنع المصري
-
بشار الأسد و جمجمة الناصرية
-
الميه يا ريس ، النيل يا ريس
-
أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
-
السفر بدون جواز سفر
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
المزيد.....
-
ماكرون يقبل استقالة الحكومة الفرنسية ويدعوها لتصريف الأعمال
...
-
ماذا تعني المشاركة في مسابقة للجمال في الصومال؟
-
وزير خارجية جنوب إفريقيا: حل النزاع في أوكرانيا دون مشاركة ر
...
-
بوروشينكو: سلطات كييف لا تتخذ أي إجراءات لاستعادة توليد الطا
...
-
مقتل 3 أطفال سوريين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
-
الخارجية الأمريكية: لا أحد في أوروبا يهدد روسيا
-
روسيا.. ابتكار مصدر بديل للطاقة من القش
-
لماذا أقر جيش إسرائيل بالنقص بدباباته؟
-
رصد انفجارات للصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية في أجواء الحدود
...
-
مصر.. إغلاق ضريح مسجد الحسين.. والأوقاف تنفي ارتباطه بذكرى ع
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|