|
ساتيركورن فليني 1970: رؤية لفليني عن أسطورة غير منتهية
بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 3181 - 2010 / 11 / 10 - 09:52
المحور:
الادب والفن
من روائع السينما العالمية ساتيركورن فليني 1970: رؤية لفليني عن أسطورة غير منتهية فيلم ساتيركورن فليني مبني على قصيدة أو أسطورة كتبت في روما على يد شخص يدعى ب(Petronius) خلال عهد الملك نيرو ولم تكتشف حتى القرن السابع عشر...القصيدة نفسها مبعثرة وغير منتهية وينتهي فيلم ساتيركورن فليني بجملة غير منتهية مثل الألواح الطينية التي اكتشفت عليها هذه الأسطورة بالضبط. الفيلم-إذا أردنا اختلاق حبكة له-هو أولا وأخيرا عن رحلة لصعلوك في عالم روما القديم قبل المسيحي يدعى ب(Encolpio ) قام بدوره(Martin Potter) وصديقه (Ascito) قام بالدور (Hiram Keller) اللذان يتنافسان مع بداية الفيلم على غلام كان قد باعه (Ascito) إلى ممثل مسرحي قذر وسينتصر (Ascito) في النهاية ويحصل على الغلام،ونتوقف هنا عن الرواية لأن رواية هذه الأسطورة تبدو غير ذات جدوى لأن الأحداث مبعثرة وغير منتهية لقصة أصلا غير واضحة وغير منتهية وحتى التسلسل في السرد الفيلمي يبدو غير مرتبا ويتنقل بين الماضي والحاضر بطريقة عصية على الفهم،فأحد شخصيات الفيلم شاعر كان على وشك أن يحرق في فرن ولكننا ومع أواخر الفيلم نجده يجلس على كرسي من ذهب. هذه الأسطورة صورها فليني بنوع من السرد التقليدي في تصوير وإبراز حياة المجتمع الروماني القديم...فهناك الشذوذ والسحاق والمخنثين والقتل بجميع أشكاله السادي والمازوشي وأكل لحوم البشر والانتحار والواقعية الشديدة في تصوير ذبح الحيوانات والنفاذ إلى أحشائها وليس من الغريب إذا أن يصف البعض هذا الفيلم بالمرعب والفاسد والأقرب إلى وصف الفيلم هو وصف فليني نفسه حين وصف الفيلم بأنه فيلم خيال علمي ولكن إلى الماضي وليس إلى المستقبل. الفيلم عبارة عن ميثولوجيا أدبية قد تكون ممتعة أحيانا ركزت على العادات والتقاليد السوداء للعالم الروماني القديم وهناك حكايات مكتملة وغير مكتملة في الفيلم... قصة عن ساحر أنتقم من ساحرة بأن جعل منها شعلة النار الوحيدة في الأرض،وقصة عن نبيل يحرر عبيده ثم ينتحر ومنظر لقطع أيدي أحد العبيد وعن شخص مات وأراد في وصيته أن يأكل لحمه بعد موته..قصص مفعمة بالروح الرومانية القديمة بمشاهد قاسية وصعبة ولكنها أكدت على العنصر الظلامي التي تعيش فيه روما القديمة. ولكن هناك حكاية أخرى...هناك رحلة داخل مخيلة فليني و لا وعيه، لأن الرحلة في روما التي لا تشبه أي روما أخرى وإذا أردنا المشاركة في هذا العالم سنتوه على غير هدى ولن نعرف أين سنقف أصلا،فمخلوقات هذا العالم غريبة أقزام كل شخص ذو علة،سحاق وشذوذ جنسي ومخنثين,نهم وانتحار وجرائم قتل ولصوص قبور...كل شيء في الفيلم يبدو منفصلا عن الواقع. الأزياء والديكور والصور تبدو منفصلة عن الواقع أو على الأقل منفصلة عن هذا الواقع القديم،وعلى نحو غامض نستطيع أن نفهم بأننا في روما،ولكنها روما بغروب شمس غريب وشاذ ممزوج بالأرجواني والأخضر،وربما تكون هذه الشمس لعالم آخر ومناخ آخر غير مناخ كرتنا الأرضية.والأمر ينطبق أيضا على الشخصيات،المنقوعة بالوهم والحس الفنتازي،والرؤية الخيالية لفليني جعلت من هذا الفيلم تحفة وجعلت منه في نفس الوقت يرتبط باسمه(ساتيركورن فليني).فأشكال الشخصيات غريبة،بنية وخضراء وزهرية وزرقاء،وهي مجنونة..ليست كجنون كاليغولا،فالجنون لا ينطبق على السادية-أو أي شكل من أشكال القتل والتشويه المنتشر داخل الفيلم-فالقتل أمر منطقي بل مسلمة منطقية وصيغة معرفية أعتدنا على رؤيتها في الأفلام التي روت وتحدثت عن العالم الروماني القديم-بل هي غرائبية تعيش في عالم أسطوري ولكن فيها الكثير من الإنسان الذي يعامل الأمور بعدم منطقية وبطريقة غير محسوبة..أنها شخصيات أقرب إلى الوهم..أقرب إلى السريالية والأحلام تلك العوالم المغرم فليني بتصويرها. نلاحظ في أحد مشاهد الفيلم سفينة شراعية ضخمة،ولكن ماهي هذه الحضارة التي استطاعت بناء هذه السفينة الضخمة الحربية والتي يبدو بأنها تتحرك وفقا إلى قواعد ميكانيكية. إن فليني يقدم دعوة مفتوحة للدخول إلى عقله وعلى الرغم من أنه نجح في رواية بعض أجزاء هذه القصيدة فهو لم يحاول أن يكون فيلسوفا ويبدو بأنه كان أمينا جدا في نقل أحداث هذه الأسطورة(سرديا) كما كتبت على الألواح الطينية ولكن الجمال المشهدي للفيلم لم يكن مرسوما على أي حجر أو لوح أثري قديم. ساتيركورن هي رحلة قصدت أن تكون صورة للعصر ومن الواضح أنها لم تكن تقصد أن تكون حكاية أو رواية شعبية(هناك مشهد لاصطياد سمكة ضخمة جدا،ثم الإمبراطور الذي يقطع رأسه نتيجة لزوال عرشه والذي كان سيد السفينة سابقة الذكر). ومع تشظي الأحداث وكثرتها فالقدرة موجودة على فهمها كحدث (جزئي) أحيانا ينقصه الارتباط مع الأجزاء الأخرى ولكن الأمر الأصعب هو فهم الجدوى منها والجدوى من وجودها،والحل لذلك هو كما قلت بأن Petronius)) كتب ساتيركورن لتكون صورة لعصر عاش فيه وربما كانت هذه الرؤية لعصره تدور في أحلامه. تحفة بصرية نعم...مجتمع إباحي وقتل مفتوح نعم...نهم ولصوص وانتحار نعم...فصص منتهية وغير منتهية نعم،ولكننا لم نصل بعد إلى اللحظة الحاسمة في هذا الفيلم؟ اللحظة الحاسمة في هذا الفيلم هي زاوية الرؤية أو كيف نشاهد هذا الفيلم،زاوية الرؤية هي اللحظة الحاسمة وهي التي ستحدد إن كان الفيلم مرعبا وفاسدا كما رآه البعض أو تحفة كما رآه البعض الأخر. [email protected]
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روما فليني 1972:روما بعيون فليني
-
فيلم21غم:قصيدة ساحرة عن العبثية الحياتية وعن الموت
-
حسن ومرقص:فيلم أيديولوجي بدون رؤية أيديولوجية واضحة
-
فيتيزجالدو:1981/العظمة البصرية وتحقيق الأحلام البشرية
-
غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت
-
فيلم Gomorra/نجح في حصد أكبر الجوائز الأوروبية وفشل في الحصو
...
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|