أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - قصة :الجثمان الحي















المزيد.....

قصة :الجثمان الحي


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 3180 - 2010 / 11 / 9 - 17:43
المحور: الادب والفن
    


الى ذكرى الشهيد غسان كنفاني الذي اغتالته منظمة الموساد الارهابية بأوامر من قادة الكيان الصهيوني الارهابي اغتالته مع الطفلة لميس ابنة شقيقته التي كان يهديها مجموعاته القصصية ويكتب من اجلها

طمأنت صغارها ان لايقلقوا على اخيهم فهو سيعود بعد ان يهدأ القصف قليلا فقد غاب ليحضر لهم شيئا يأكلونه
القصف الجنوني لم يتوقف منذ اسبوع فأحدث الطائرات الحربية الامريكية اف 16 والفوسفور الابيض والدايم ودبابات الميركافا وكل الاسلحة الثقيلة تدك بيوتهم المتهالكة في المخيم وكأن قوات النخبة الاسرائيلية تقصف تحصينات عسكرية وجيوشا عاتية وليس لحما بشريا مكدسا من الاطفال والنساء والعجائز
في الليلة السابقة اصابت قذيفة مدفعية ابنها ذي الاربعة عشرة عاما ومذقته قطعا حدث هذا في الغرفة الجانبية فقد ذهب لاحضار بعض الماء ويبدو ان اجهزة الرصد والقنص الاسرائيلية الحديثة التقطت حركته فمزقته بقذيفة مدفع ثقيل وليس رصاصة قنص عادية
في الاسبوع الذي سبق ذلك فقدت زوجها الذي مازال تحت الردم والكثير من الجيران انتشرت جثثهم في الأزقة وسيارات الاسعاف ممنوعة من الوصول اليهم
عز عليها ان ترى جثة ابنها اشلاء حملتها قطعة قطعة :رأسه كان قد طار على الكنبة تحيط به بركة دم امتصتها الاغطية التي عليها
كان ينظر اليها بحب وحنان هكذا خيل لها كأنه حيا..
ساقيه كانت قطعا قلبه كان مرميا خلف الباب ودماغه تطل من رأسه ويديه كل منها في جهة..
لملمت هذاالجثمان الجميل لابنها قبلت رأسه الذي ينظر اليها وللحظة كأنها رأت دمعة تسقط من عينيه اقفلتهما فكان ذلك فوق طاقة تحملها..
هذا الجسد تحفظه جيدا كل قطعة منه كانت تفرح بها وبنموها وتتأمل ابنها بفخر لتباهي به بين الجيران
أيمن كان من المتفوقين والطموح يسكنه كيفما تحرك
اعدت ابرة كبيرة وخيوطا عادية وبدأت تجمع الرأس مع اجزاء جذعه خاطت الرأس مع الكتف الأيمن وغسلت يديها لتعود للصغار وتطمنأهم على ايمن فبكي احدهم على اخيه: فالى اين ذهب وهل سيعود حيا بعد هذا القصف المجنون ..
الصغيرة شذى بكت وقالت لامها انها لاتريد ان تموت
كانت الام ترى الرعب يرتسم على وجوه الثمانية كلما وصلت القذائف المدوية الى جوار حائط الغرقة الجنوبية من البيت فالجزء الامامي كان قد تحول الى ركام
انتظرت الام الى ان رقد ابناءها وناموا قليلا رغم انها كانت تراهم ينتفضون في نومهم وعند سماع دوي الاسلحة الامريكية والاسرائلية الجبارة وهي تتشاطر على أزقة المخيم و اطفاله كان هذا القصف يدل على جبن المحتل وخساسته فبدلا ان يتقدم وحتى وكل ما هو امامه خراب كان يدب به الرعب وهو يرى ان الركام ينتفض و تخرج منه اشباحا لا يعرف كيف لتقنص جنوده وترميهم بالقذائف الصاروخية فيعاود الهرب الى مواقعه الاولى ثم القصف و القصف و القصف
بعض الجنود الذين دخلوا البيوت المدمرة البعيدة عن تجمعات المخيمات كتبوا انهم مروا من هنا ووقعوا بجنسياتهم الاصلية احدهم من بروكلين امريكا وهو اكثرهم تطرفا وارهابا وتدينا وآخر فرنسي والاخر يهودي روسي وقعوا بجنسياتهم وبالعبرية بانهم مروا على ركام البيوت المنعزلة وانهم لم يتجرؤا ان يقتربوا من ركام المخيم فالأشباح تخرج من تحت الارض وفوقها لم يعرفوا من اين تأتي الرصاصة او القذيفة الصاروخية
عادت الأم الى كومة اللحم التي لملمتها لأجزاء ابنها وضمت الجزع الايسر الىالرأس والجزع الايمن انتابتها موجة بكاء صامت عندما رأت اشلاءه المتناثرة ولكنها كتمت مشاعرها وعقدت العزم على اخفاء الخبر عن صغارها فلم يكن ينقصهم خبر موت ايمن بعد ابيهم لكنها في كل مرة تعود الى ايمن تشعر به يتحرك في احشائها تسعة اشهر امضاها هذا العفريت اصر على ان يتم حملي به الى النهاية كانت ولادته عسيرة الا انه كان احب ابنائها تتذكر في ايامه الاولى كانت تقاطيعه اقرب الى ملامحها الى انه بعد عامه الأول تحولت ملامحه ليقول لها كل من رآه انه لم يعد يشبها بل الى ابيه اقرب
كان ما ان يشعر انه تمادى معها في العناد حتى يعود ليعتذر منها ويقبل يدها ويعدها انه لن يعذبها بعد هذا ولكن يكررها مرة ثانية وثالثة وبلا انقطاع كانت تغفر له فحين كان ينام تشتاق اليه وتقوم لتقبيله والاطمئنان عليه خوفا من ان تخسره
لعنة الله على هالغزاة من اين جاؤوا ما بتعرف قرعة ابو كل واحد منهم من اين
اغتصبوا ارضنا في عسقلان وهاهم يطاردوننا في مخيمات البؤس واللجوء
الله يعلن امريكا وابو اللي جابها
الله يلعن الحكام العرب وحسني مبارك وآل سعود اللي واقفين مع الغزاة اليهود وبتفرجوا علينا ومانعين عنا السلاح والطعام
انصب غضبها على كل من له علاقة بما جرى لايمن وبدأت تشتم بصوت مسموع وهي تحاول الوصل بين ثلاثة اجزاء للرجل اليسرى ويصعب عليها ذلك فهناك قطعا صغيرة مفتتة مما جعل شكل الرجل اقصر مما هي عليه
أيمن يرحل لن اراه بعد اليوم انهمرت الدموع من عينيها وحشرجة مكتومة تصدر من جسدها كان هذا الخاطر يعذبها فمن سيشاكسها في الصباح ويقبل يدها عند وصوله من مدرسته الاعدادية وهل سيغيب صوته وعنفوانه عنها الى الابد
مرت ايام ثلاثة وهي تسلي صغارها بعودة اخيهم ايمن حتى اطمأنوا ان غيابه عاديا
اصبح ايمن مكتمل الاعضاء وعاد حيا بنظر امه فحاولت ان تمسح الدم المتجمد على اطرافه وبدأت تهدهده كل يوم لينام بعد ان البسته اجمل ما لديه ثم تمر على اولادها لتتأكد انهم ناموا قبل اخيهم ايمن بعد اسبوع وصلت سيارة اسعاف سألت عن المصابين فقط لانها لاتستطيع ان تعود "فالحي ابقى من الميت" كما قال سائق سيارة الاسعاف فبكت الام فأيمن ابقى منها وتمنت لو انها ماتت بدلا منه.. اخبرت الام صغارها ان اخيهم شهيد حي عند ربه ويرزق وزغردت لتعبر عن فرحها بشرف استشهاد ابنها لكنها لم تستطع ان تمنع دمعة سقطت على خدها
جنود الاحتلال مازالوا يروون ان جثمانا هادئا كان يمر امامهم كل يوم خلال اكثر من شهر ورغم قصفهم الجنوني له لم يكن يرحل وانهم عندما اقتربوا من المخيم خرج عليهم شاهرا سلاحه الناري والار بي جي انه يقاتل بشراسة انه الشبح الذي مازال يزورهم في نومهم ودفع احدهم الى الانتحار اثناء رحلته الى الهند ولا احد يعلم ماذا سيجري لجنود النخبة بعد ذلك فالحرب لم تعد نزهة كما كان يحدث مع الجيوش العربية
.............................
لييج – بلجيكا
تشرين الثاني 2010



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة غير واقعية:الخطيبة
- قصة غير واقعية:الصورة
- محاضرة جريئة قدمها الصحافي ابو بكر الجامعي في جامعة لييج الب ...
- قصة غير اقعية: الكلب الجديد
- قصيدة :صبية مطلية بالابداع
- قصيدة: مقامات عناقكِ العسلي
- قصيدة:متى ينتصر نهداكِ على عبيد الدولار؟
- عرض فيلم -تأريخ الرمال- للمخرج داني ماريكا:الصحراء بنبضها وم ...
- قصيدة:قهوتي المحمصة على نيرانكِ
- عرض المسرحية في صالة المركز الثقافي العربي لبلد لييج:هل عكس ...
- قصيدة:أنوثتكِ العابرة للقارات
- زنقة ابن رشد وجائزته والحوار المتمدن
- قصيدة: حديث الصبية الذهبية
- قصيدة: دوائر الابتلاء المفرغة
- عبد ربه: الوجه الآخر للمشروع الصهيوني
- قصيدة: أفق
- قصيدة:التحليق بين غاباتي استوائية
- قصيدة: سفر
- آن موريللي المؤرخة البلجيكية تفكك اليات التبرير الديني بالاس ...
- قصيدة:كلام الحب عن حضارة عشقكِ


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - قصة :الجثمان الحي