|
السلطة الاولى والخامسة في العراق تنجح بردع السلطة الثانية والثالثة
محيي المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 3180 - 2010 / 11 / 9 - 10:20
المحور:
المجتمع المدني
ان الواقع العراقي الراهن يشبه مقلاة ساخنة . والعراقيون منقسمون . بعضهم في داخل هذه المقلاة والبعض الاخر يتفرج على ما في داخلها , ونادرا ما تجد احدا يراقب النار التي تحت المقلاة ومصادرهذه النار والبيئة التي تحيطها فتؤثر فيها وتتأثر بها . هذه الحال دفعتني لتأمل مبادرة منظمات المجتمع المدني الاخيرة والمتضمنة رفع دعوى قضائية ضد البرلمان العراقي لانهاء الجلسة المفتوحة . المثير في هذه القضية ان منظمات المجتمع المدني كسبت الدعوة امام المحكمة الاتحادية , في ظل اجواء وظروف سياسية متأزمة . يقول عنها مراقبون للساحة العراقية ان لا فعل معها لغير القوى السياسية . هذه الحال تطرح علينا سؤالين تجدر بنا الاجابة عنهما , الاول هو : هل حقا ان لدينا – في العراق – منظمات مجتمع مدني فاعلة بهذه القوة التي لاتملكها مثيلاتها في دول عاشت الديمقراطية قبل العراق بعقود من الزمن !؟ انا شخصيا ولحد هذه الساعة مندهش من فعلة منظمات المجتمع المدني هذه, لاني ومنذ ثلاث سنوات اراقب هذه المنظمات فلم ار فيها سوى انها وسيلة تكسب للمال والجاه وطريقا للسلطة والتاثير على الاخيرة لتحقيق مصالح محدودة . ورأيت هذه المنظمات تتصارع فيما بينها من اجل الحصول على التبرعات والتخصيصات المالية من الداخل والخارج . هذا الانطباع ليس بمقدوري التخلص منه, مع انني رأيت وسمعت وعشت فعلة منظمات المجتمع المدني الاخيرة التي انهت بها جلسة البرلمان المفتوحة . وهي فعلة لم اقتنع بعد بكل التفسيرات التي حاولت ابعادها عن طريق تحقيق المصلحة العامة ووصف الفعلة بالمسيسة . لم اقتنع بانها مسيسة لاني واغلب العراقيين معي يرون انها حقيقت ارادة الشعب . وقلما تتفق المصالح السياسية المحدودة مع المصالح العامة . فالقائمة العراقية " مثلا" التي تحفظت على قرار المحكمة الاخير كانت تدعوا دائما الى الغاء الجلسة المفتوحة وتعمل بكل ثقلها من اجل ذلك والسبب "طبعا" تحقيق المصلحة العامة كما تعلن القائمة وهكذا الحال مع بقية الكتل السياسية , حتى "دولة القانون" التي كانت حينها تحتاج الوقت لكسب الحلفاء كانت تعلن وجوب انهاء الجلسة المفتوحة . من هنا كشف القرار صدق دعوى من يريد تحقيق المصلحة العامة وليس التستر وراءها وهذا بحد ذاته مصلحة عامة استطاعت منظمات المجتمع المدني تحقيقه . ما يعني - رغم كل التشكيكات المطروحة والتي لدي بعضها – انه توجد في العراق منظمات مجتمع مدني حقيقية قادرة على مراقبة العملية السياسية وتعديل مساراتها وهو فعل يدل على ان العراق دخل معترك الديمقراطية وفعّل حتى السلطة الخامسة "أي منظمات المجتمع المدني". اما الوجه الاخر والاهم في هذه القضية فهو استقلالية القضاء وقدرته على تجاوز التأثيرات والتدخلات السياسية خاصة وانه السلطة الاولى والعليا في النظام الديمقراطي . وقد لاحظنا القضاء في هذه القضية - على الاقل - عادلا وقويا وحازما اكثر من أي وقت مضى . ما يدحض الاتهامات الكثيرة التي وجهها السياسيون له جميعا وبمختلف مرجعياتهم . انني ارى هذه التجربة التي انهت الجلسة المفتوحة هي اهم من تشكيل الحكومة لان الفعل الاخير اي تشكيل الحكومة متحرك وملتوي ومؤقت " محدود بعمر زمني" اما المجتمع المدني والقضاء فهما قاعدة ثابتة تحكم المتحرك لصالح الشعب . الاولى تمثل الشعب نفسه والثانية منحها الشعب الصلاحيات المطلقة وجعلها فوق كل السلطات لكي تحافظ على حقوقه ونظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وسواه . وعليه اتمنى لمنظمات المجمع المدني العراقية ان تنجح بقضيتها الاخرى التي اعلنت عنها مؤخرا . وهي استرداد اموال الشعب من النواب بعد قرار المحكمة الاتحادية الاخير الذي ابطل الجلسة المفتوحة . ليس لقيمة هذه الاموال وحسب بل لاشعار السياسين العراقيين ان الشعب كرمهم بمنح ثقته لهم يبقى وراءهم يراقب عملهم ويحاسب المقصر منهم مهما كان منصبه . واتمنى على القضاء ان يحكم بنفس العدالة التي حكم فيها بقضية انهاء الجلسة المفتوحة . ولسنا هنا بصدد سبق القضاء في الحكم , ونطالب باسترداد الاموال بل نطالب القضاء بقول كلمته الفصل . واذا ما نجح القضاء العراقي بحسم قضية الاموال التي اخذها النواب سوف يصبح منارة عدل يفتخر بها العراقيون امام العالم اجمع وليس على محيطهم العربي وحسب وسوف يطمئن العراقيون الى ان العراق تحكمه الديمقراطية والقانون وان حقوقهم محفوظة وفي امان من السياسين وغير السياسين الفاسدين والمهملين . واتمنى على السلطة الرابعة "الاعلام" ان تظاهر السلطة الخامسة والاولى في هذه القضية . وان تنتقل مع هاتين السلطتين الى معالجة تجاوزات اخرى مهمة ارتكبتها السلطتان الثانية " البرلمان" والثالثة "الحكومة" ومنها خرق الدستور في اكثر من مفصل . اضافة للرواتب العالية والامتيازات والايفادات الكثيرة والتقاعد بدرجات وظيفية عالية التي سنها النواب لانفسهم ولمن دونهم في السلطتين " 2 و 3 " بغير موافقة الشعب . ومن يراقب ويحسب الاموال التي تذهب لهؤلاء سوف يجد انها اموالا طائلة اخذت بغير حق وهي ترهق الميزانية العراقية كلما تقادم الزمن . خاصة واننا ننتج بما معدله ستة الاف سياسي عراقي كل اربعة سنوات وعلينا ان ندفع لهم رواتب عالية وان ندفع لهم تقاعد عالي وامتيازات كثيرة وكبيرة كلها على حساب المال العام والشعب . وقد جرى اخيرا منح كل من عمل مع الامريكان ولو شهر واحد في المجالس المحلية راتبا تقاعديا كبيرا وبدرجة معاون مدير عام . وعلينا ان نتخيل كم عدد من عملوا في المجالس المحلية "الاحياء والحارات والازقة والقرى " وكيف اصبح من كان ياخذ حصة الاسد من الغاز والنفط ويتحكم بتوزيعه متقاعدا بدرجة معاون مدير عام دون اية مؤهلات او ضوابط . يبدو ان العراق شرع بالتعافي بعد ان نهشته المشاكل, وعلى الجميع العمل من اجل شفائه ونهوضه وتخليصه من كافة الامراض التي ابتلي بها منذ اربعة عقود وحتى اليوم وقد سجلت منظمات المجتمع المدني والقضاء قصب السبق في شفاء البلاد وتعافيها . نتمنى على السلطات المتبقية العمل في هذا الاتجاه لا محاربته .
#محيي_المسعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النهر والتوتة
-
كتاب -مراتب الحب عند العرب واشهر محبيهم - محاولة لم توغل في
...
-
امريكا ترد بوثائق - ويكيليكس - على لعبة ايرانية في العراق
-
ليبقى الحوار المتمدن, حوارا متمدنا, يرتقي بوعي الانسان وثقاف
...
-
فرصة العراقية في تحقيق ما تعلنه من اهداف وطنية
-
مقامرون سياسيون بمصير ومستقبل العراق !؟
-
أثرياء وشرفاء العراق القادمون .. لصوص .. فاسدون .. مجرمون ..
...
-
-رادار الاختراق الارضي- يدخل الكفل لحسم النزاع بين المزارات
...
-
لماذا المالكي وحده قادر على تشكيل الحكومة العراقية القادمة .
...
-
صفقة شراء خمسة آلاف سيارة جديدة في بابل تُثيرجدلا واسعا وانت
...
-
مقامات زمن ردئ ...
-
امّا ان نترك الصحافة ونعمل زبانية لهم , او ينزعون عنّا عراقي
...
-
ثلاث قراءات في رسالة باراك أوباما للسيستاني
-
الكفل تُثير صراعات جديدة بين المسلمين واليهود ,, واخرى بين م
...
-
الحرب على الأرهاب والطائفية في العراق من دفع الثمن .. ومن قط
...
-
إضاءة على هامش السياسة العراقية
-
سقط الحكم الدكتاتوري من العراق, وبقيت عقيدته تتحكم ...!
-
سمبوزيوم بابل الفني ... حلم ولد صدفة - وقبل ان يحبو - لقي حت
...
-
من وراء تظاهرات البصرة وما اهدافها ..!؟
-
أبغض الحلال ... المالكي رئيسا للوزراء - مرة اخرى –
المزيد.....
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|