|
قصة غير واقعية:الخطيبة
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 17:33
المحور:
الادب والفن
من كان يصدق ان مثل هذا يمكن ان يحدث ..حتى في الخيال لم يصدق هذه الرواية كل من سمعها ولولا ان شخوص هذه الحكاية مازالوا على قيد الحياة ما كان لأحد ان يدور في خلده ان ثمة قسوة في الكون بمثل ما جرى لعبد الكريم اختلف عبد الكريم مع ابيه بشأن خطبة صبية تعرف عليها في لبنان اثناء اداءه لخدمة العلم هناك وطلب من ابيه ان يوافق على هذه الخطبة الاب: نحن من سنختار لك بنتا نعرفها ولا نقبل اي فتاة تتعرف عليها عبد الكريم : ولكن يا ابي البنت موافقة وطيبة وانا احبها الاب:ما زلت صغيرا وسنختار لك فتاة نعرفها ونعرف اهلها كانت تقاليد الحمايل المعروفة في شرق المتوسط تقوم على عادات صارمة في الزواج يتدخل فيها تاريخ العائلة وصلة القرابة والمكانة رغم ان احوال السياسة غيرت من انماط معيشة الجميع واغلبهم لم يعد في بحبوحة من العيش ولا ملاكا ويعيش مهمشا على حواف المدن الكبيرة ندم الاب بعد ذلك فلم يكن يعلم ماذا سيحدث وبدأت مشاعر عقدة الاثم تطارده اينما حل وعندما كان في الرمق الأخير من روحه كان يردد انه يرغب برؤية عبد كان في العائلة اكثر من عبد وعندما استدعوا ولديه عبد الرحيم وعبد الفتاح اعاد عباراته بلهجة حزينة وباكية :أريد ان ارى عبد الرحمن ولكن من سيعيد عبد الكريم ؟ عبد الكريم منذ عشرة اعوام مختف لا احد يعرف اين حل وفي اي سجن يقيم وفيما اذا كان على قيد الحياة او مات تحت التعذيب عند الخلاف العائلي بين عبد الكريم والاب اتفقا على تأجيل الموضوع قليلا حتى يعود عبد الكريم الى قطعته العسكرية في لبنان ويسلم اغراضه ويعود الى بلده ثم سيعودان لمناقشة الموضوع الذي بدى ان الاب لان بعض الشيء من تفاصيل رواها له عبد الكريم عن طيبة الفتاة ووقوفها الى جانبه .. عبد الكريم ذهب ليسلم اغراضه وليعد خطيبته المنتظرة بعودته قريبا لخطبتها.. كان فرحا ومسرورا ان حلمه الذي راوده طوال خدمته في تلك القطعة العسكرية سيتحقق.. وكانت الدنيا لاتسعه من الفرحة وهو الممتلئ بالعنفوان والرغبة بالحياة التي تعكسها رغبته بالزواج ممن احب فتش الاب طويلا عن عبد الكريم وكذلك فعلت العائلة كلها من الام الى الاخوة والاخوات بعد ان سمعوا عن ذلك الخيط الرفيع الذي يتركه النظام في ذلك البلد للجميع ان رجالا من الدولة اعتقلوه لامر ما.. الجميع لم يتركوا خارجا من السجن الا سألوه.. واحيانا كان يتطلب الامر السفر الى البلدان المجاورة لسؤال من تخرج من سجون بلادهم..مضت العشر سنوات الاولى حيث لم يكمل الاب عامه العاشر من سجن ابنه فقد اصابه ضيقا في الشرايين ومرضا غامضا في القلب وفارق الحياة حزنا على ابنه التي انقطعت اخباره وفقد الامل بالعثور عليه رغم انه كان يناديه قبل موته وكأنه حيا يرزق تابع الاهل مسيرة ابيهم وظلوا يسألون عن عبد الكريم بلا كلل ولا ملل الى ان كان يوما بعد ثمانية عشرة عاما من غياب عبد الكريم الغامض ان استلموا هدايا منه كانت على شكل محفظة جيب مصنوعة من الخرز الملون نقش عليها اسماء اخوته واولاد اخيه الذي يكبره بأربع سنوات وكان متزوجا ولديه طفلة وطفل في الساعة الثالثة صباحا كانت سيارة تدور في الحي الفقير والمهمش وتذرعه من اوله الى آخره عرضا وطولا الى حين نزل منها شخصا مجهولا وقرب احد البيوت بدأ طرقا خفيفا على الباب.. واطلت امرأة من خلف الباب فسألها اذا كان هذا بيت عبد الفتاح فقالت له نعم فقال لها انه عبد فتعجبت من هذا العبد الى حين نادت على زوجها فسمعه يقول انه عبد الكريم لم يصدق الاخ ذلك فتعانقا لم يكن ذاك الشاب الوسيم المراهق بل كهلا اصلعا شاحبا الشيب يغمر ما تبقى من شعره وكأنه تعدى من العمر سبعين سنة هرعت زوجة الاخ الى ام عبد الكريم في الزقاق المجاور الذي ذهب الحزن بعينيها فلم تعد ترى شيئا واتصلت بباقي افراد العائلة الذين تطيروا من الاتصال في هذا الصباح المبكر الا انهم خرجوا ركضا وهم في حالة ذهول وتأثر لايصدق بكوا جميعا فها هم قد اجتمعوا بعد ثلاثين عاما من الفراق وعرفوا ان عبد الكريم امضى كل هذه الثلاثة عقود متنقلا بين سجون الدولة ولكنه لم يعرف تهمته لاسيما ان الجميع تحدث تماما كما هو اعترف ان لانشاطا سياسيا له وانه لم يعرف عنه اي شيء يدعو لاعتقاله .. كان عبد الكريم هادئا ومحبا للدنيا ومقبلا عليها ولا يقترب من السياسة وكان مثله المفضل :"امشي الحيط الحيط واقول يا رب السترة " اي ولا من اي شيء له صله بالسياسة وادارة شؤونه وشؤون الناس والبلد له علاقة بعبد الكريم لامن قريب ولا من بعيد وقد دخل السجن في عهد الرئيس الاب وغادره في عهد ابنه بعفو رئاسي عن شيء لم يعرف كنهه الى يومنا رغم ان العمر لم يمهله فقد كان مصابا بسرطان كان قد وصل الى عظامه قبل وفاته كان الناس يمرون امام عتبة غرفته ويرون شخصا ذاهلا ينظر الى اللاشيء وينتظر اللاشيء ولايعرف شيئا عما يجري حوله وامضى ثلاثين عاما من عمره بتهمة لاشيء .......................... لييج - بلجيكا تشرين الثاني - 2010
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة غير واقعية:الصورة
-
محاضرة جريئة قدمها الصحافي ابو بكر الجامعي في جامعة لييج الب
...
-
قصة غير اقعية: الكلب الجديد
-
قصيدة :صبية مطلية بالابداع
-
قصيدة: مقامات عناقكِ العسلي
-
قصيدة:متى ينتصر نهداكِ على عبيد الدولار؟
-
عرض فيلم -تأريخ الرمال- للمخرج داني ماريكا:الصحراء بنبضها وم
...
-
قصيدة:قهوتي المحمصة على نيرانكِ
-
عرض المسرحية في صالة المركز الثقافي العربي لبلد لييج:هل عكس
...
-
قصيدة:أنوثتكِ العابرة للقارات
-
زنقة ابن رشد وجائزته والحوار المتمدن
-
قصيدة: حديث الصبية الذهبية
-
قصيدة: دوائر الابتلاء المفرغة
-
عبد ربه: الوجه الآخر للمشروع الصهيوني
-
قصيدة: أفق
-
قصيدة:التحليق بين غاباتي استوائية
-
قصيدة: سفر
-
آن موريللي المؤرخة البلجيكية تفكك اليات التبرير الديني بالاس
...
-
قصيدة:كلام الحب عن حضارة عشقكِ
-
قصيدة:دمكَ الوردي ينتصر على مقاولات الارهاب الصهيوني
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|