أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نايل شامة - مصر: أصنام سقطت، وأصنام تأبى أن تسقط














المزيد.....


مصر: أصنام سقطت، وأصنام تأبى أن تسقط


نايل شامة

الحوار المتمدن-العدد: 3177 - 2010 / 11 / 6 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أكثر من نصف قرن، أعرب المفكر والروائي البريطاني جورج أورويل عن قلقه من أن الرقابة على الإنتاج الأدبي في انجلترا بات أغلبها ذاتياً وتطوعياً، وبذلك بقيت الكثير من الحقائق والأفكار غير الشعبية طي الكتمان، دونما الحاجة لأي تدخل حكومي مباشر.
ثمة مثالان حديثان من مصر يستدعيان إلى الذاكرة حديث أورويل، وقلقه.
يتعلق المثال الأول بقيام وزير الإعلام أنس الفقي بالتطوع بوقف برنامج "ظلال وأضواء" الذي يذاع على قناة النيل للرياضة، بسبب انتقاد مقدم البرنامج علاء صادق لوزير الداخلية على خلفية أحداث الشغب التي صاحبت لقاء الأهلي المصري والترجي التونسي في البطولة الإفريقية. كان صادق قد طلب من وزير الداخلية خلال البرنامج تقديم اعتذار رسمي لفرد الأمن المدني باستاد القاهرة الذي تعرض لاعتداء وحشي من جانب الجماهير التونسية.
الغريب أن عدداً من البرامج التي تُعرض في أوقات الذروة على القنوات الرئيسية للتليفزيون المصري قد تعرضت كثيراً بالنقد لأداء الوزارات والمؤسسات الحكومية والقائمين عليها. ووصلت حدود النقد في تلك البرامج أحياناً ذرأً عالية (من ذلك مطالبة وزير التعليم السابق يسري الجمل بالاستقالة في برنامج "مصر النهاردة")، دون أن يحرك وزير الإعلام ساكناً إزاء هذه الانتقادات، أو يتطوع لمعاقبة قائليها.
أما المثال الثاني فخرج من قلب أزمة جريدة الدستور. فعندما علم السيد البدوي، أحد ملاك الجريدة، بنية هيئة تحريرها نشر مقال للدكتور محمد البرادعي عن حرب أكتوبر، انتابه القلق وطلب الاطلاع عليه قبل النشر خشية أن يكون فيه ما يسىء للقوات المسلحة، واضعاً في اعتباره كما قال سيناريو طلعت السادات، الذي حكم عليه قبل أربعة أعوام بالسجن لمدة سنة بتهمة "إهانة القوات المسلحة".
وأغلب الظن أن مقال البرادعي لو كان قد تناول بالنقد الرئيس مبارك أو السيد جمال مبارك أو الحزب الوطني لما اهتم به البدوي، أو أعاره انتباهه، فبيت القصيد هو "القوات المسلحة" والحرص على تجنب مناقشة أوضاعها أو الخوض في شئونها بالسلب.
لقد امتلأ واقعنا السياسي والصحفي في الماضي بالكثير من الأصنام، كان الاقتراب منها غير مأمون العواقب، إلا أن معظم تلك الآلهة المتوهمة سقطت غير مأسوف عليها عبر موجتين رئيسيتين. ويحسب لعهد الرئيس مبارك أن فترة الثمانينات شهدت الموجة الأولى بمباركة شخصية منه، إذ شهدت توسعاً كبيراً في هامش حرية التعبير، فصار توجيه النقد للمسئولين بما فيهم الوزراء مسموحاً على صفحات الجرائد والمجلات بما فيها تلك المملوكة للدولة. ثم بدأ النقد شيئاً فشيئاً يطال حتى رئيس الوزراء (ولا ينسى في هذا الصدد كاريكاتور "فلاح كفر الهنادوة" الذي ظهر بانتظام في صحيفة قومية مغلفاً النقد بإطار ساخر وباسم)، كما سقط في هذه الأثناء أيضاً محظور آخر، ألا وهو انتقاد الأنظمة العربية، التي تربطها علاقات طيبة بالنظام المصري. بقيت مع ذلك بعض الخطوط الحمراء راسخة وعصية على الاختراق، أهمها رئيس الجمهورية وعائلته...والأجهزة الأمنية.
الموجة الثانية التي حطمت معظم ما تبقى من أصنام مقدسة بدأت في عامي 2004 و2005، بقيادة مجموعة من الصحفيين والمفكرين المصريين الذين لم يأبهوا بتلك المقدسات الواهية، وساعدهم في ذلك بشكل غير مباشر حملة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الدبلوماسية والإعلامية لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط. لم يتبق من قائمة المحظورات بعد هذه الموجة سوى الأجهزة الأمنية، التي يبرهن المثالان المذكوران آنفاً بشكل واضح على تغول سلطانها، وهو ما يثير عدة أسئلة مهمة:
أولاً، هل يوجد أحد في مصر فوق النقد؟ وإذا كان رئيس الجمهورية – وهو رأس السلطة التنفيذية – يتعرض للنقد بشكل يومي تقريباً في كل المطبوعات الحزبية والمستقلة، بل وأغلب الظن أنه لا يمانع أغلبه، فكيف يستقيم مع ذلك أن توجد جهة أو مؤسسة تعتبر نفسها (أو يتصورها الآخرون) فوق النقد أو المساءلة. وسواء تولد ذلك الانطباع بقوة القانون أو بسطوة السلطة أو بسيف الحياء، فإن هذا الخلل في التفكير وفي العمل لا يجب أن يستمر.
أما تعبير "الجهات السيادية" الذي يستخدم عادة عند الإشارة إلى تلك الجهات فهو تعبير غامض ومطاط يحتاج إلى ترجمة، توضح ماهية تلك السيادة، وتفسر ضوابطها وحدودها. فهل السيادة المزعومة تسود فوق الدستور الذي نصت المادة 47 فيه على أن "حرية الرأى مكفولة، ولكل انسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير" مضيفة أن "النقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني"؟
ثانياً، أي منطق أعوج يعتبر الرأي، وإن احتوى نقداً، إهانة تستوجب العقاب؟ ولماذا تُشَخصن المسائل الموضوعية، وتُحصر في نطاق إما الحب والمودة أو الكره والبغض؟
لكل المصريين مصلحة مباشرة في صلاح أحوال الوطن، بما في ذلك أجهزته الأمنية، وبسبب تلك المصلحة تصبح الإشارة إلى أماكن السلبيات ومواضع الإعوجاج واجباً لا حَقاً فحسب، ولا ينتقص ذلك أبداً من احترام تلك المؤسسات ودورها المهم في رفعة واستقرار الوطن.
وأخيراً فلنا في العالم المتقدم أسوة حسنة. فمنذ أسابيع قليلة صدر في فرنسا كتاب عنوانه "قانون الصمت داخل الشرطة" للفرنسية من أصل تونسي سهام سويد. أثار الكتاب جدلاً واسعاً، إذ فضحت فيه سويد الممارسات العنصرية لشرطة الحدود الفرنسية تجاه المهاجرين الأفارقة والعرب، والانتهاكات اللفظية والجسدية التي يتعرض لها كثير منهم. مؤلفة الكتاب، وهي شرطية بحرس الحدود عملت لأكثر من أربعة أعوام في مطار أورلي، وُصفت من قبل بعض الصحف الفرنسية "بالشرطية الشجاعة".
تُرى هل فكرت هذه "الشرطية الشجاعة" بمنطق أن هناك "جهات سيادية" لا ينبغي المساس بها أو حتى الوقوف على أحوالها؟ أم انصب تركيزها على مصلحة الوطن وحقوق كل البشر فيه، بصرف النظر عن دينهم ولونهم وديانتهم؟



#نايل_شامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في إيطاليا.. استبدل المواقع السياحية المكتظة بوجهات أخرى لا ...
- معجزة بحرائق لوس أنجلوس.. كيف نجت هذه المنازل في حين تفحّم ك ...
- شرارات تشبه زخات الثلج.. شبكة CNN تحصل على فيديوهات تُظهر ال ...
- برلمان أوكرانيا يؤيد تمديد حالة الطوارئ العسكرية لمدة 90 يوم ...
- معارض للسعودية ومؤيد لحزب الله .. من هو الإمام الشيعي المدعو ...
- -تيك توك- تخطط لإيقاف خدماتها في الولايات المتحدة بدءًا من ا ...
- هل نرى تحالفا تكتيكيا بين أردوغان ونتنياهو قريبا؟
- رئيس إفريقيا الوسطى يصل إلى موسكو في زيارة رسمية
- والد شاب مصري في سوريا يتبرأ منه بعد بثه فيديوهات تحريضية ضد ...
- عملية مرتقبة للجيش الإسرائيلي قرب حدود مصر مع غزة؟.. الإعلام ...


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نايل شامة - مصر: أصنام سقطت، وأصنام تأبى أن تسقط