أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت مهدي جبار - نص














المزيد.....

نص


حكمت مهدي جبار

الحوار المتمدن-العدد: 3176 - 2010 / 11 / 5 - 13:36
المحور: الادب والفن
    


حكمت مهدي جبار
عندما توجه الحسين الى ساحة المواجهة مع السلطة الحاكمة آنذاك كان منطلقا من ايمانه بضرورة تلك المواجهة وتحدي الظلم وطغيان السلطة . مثل الحسين (جسدا) بمواجهة الفناء وهو في رؤية (الفنان التشكيلي) (شكلا)
يسعى نحو اكتشاف (شكلانية) يروم فيه الوصول الى المطلق وهو بنفس الوقت وقف في صحراء كربلاء (جسدا) ( شكلا) (صوة) ليستخلص جوهر موقفه (كجسد) في ذلك الفضاء الممتد لايرى فيه المرء سوى آفاق متجردة من (الأشكال).
كان الحسين متيقنا ان الوصول الى الحقيقة (الله المطلق) لايتم الا بتحطيم حواجز معينة حجب مادية (الجسد) (الشكل) وكانت مقولته المشهورة ان كان دين محمد (سعي الانسان نحو الله ) لم يستقيم الا بقتلي (فناء الجسد) (الشكل) فيا سيوف خذيني.
المشهد الكربلائي المهيب مليء 0(بالأشكال والصور) وتحت ظرب السيوف وطعن الرماح وحز الرؤوس تزاح تلك (الاشكال) نحو الفناء فتحال الى (رموز) وكلما اشتد وطيس الحرب كلما تحولت تلك (الأشكال) الى (تجريدات) تعمل على ازاحة كل ما يمثل المادة التي هي في نظر الساعين الى الله قيودا للروح الحبيسة مابين ماديات الجسد . وهنا تتحول الصحراء الى (لوحة) ملحمية من عشرات (الرموز) تختلط فيها خيوط الدم الطاهر ورمال الصحراء وامتدادات الفضاء تسد فراغاتها الرؤوس المقطوعة والأسلحة المهشمة وأشلاء الأجساد التي حطمتها الأرواح النازعة الى عالم الكهنوت ..
تسامى الحسين وأصحابه على مكونات الغرائز المادية معتقدين ان الجسد ماهو الا مشروع تضحية . وهو (شكل) ممكن ازاحته اذا ما تطلب الأمر في تحرير الروح (المعنى) الحقيقي للوجود الأنساني .لذلك توهم الأمويون عندما اعتقدوا بأزاحتهم للحسين جسدا(شكلا) بأنهم الغوا وجوده. وهم بفعلتهم تلك انما تركو ا لروح الحسين وأصحابه ان تتجسد من جديد (شكلا آخر اكثر تجريدية) عندما خلد الحسين رمزا للسعي الى المطلق . رمزا باقيا على الأرض تمثل (بتكوينات معمارية) يقف امامها الفنان ذائبا في فضاءاتها وأمتداداتها الروحية.

حقق الحسين في شهادته المذهلة في (عين الفنان) (منجزا ابداعيا) اعجازيا تجاوز حدود الوعي وتسامى فوق الرؤى فوقف (الفنان) حائرا كيف يجسد جلال ذلك الموقف الرائع المدهش .ان (الصور) التقليدية التي انتشرت في العراق (صور اهل البيت) لم تعطي التجسيد الأمثل لعظمة استشهاد الحسين فهي لاتعدوا ان تكون محاكاة جامدة بأسلوب فني كلاسيكي على طريقة (الفن اليوناني القديم) حيث التأكيد على تمثل (الجسد) بدون (استخلاص) ما يوحيه (الجسد) من (علاماتية وترميز) للأبعاد المعنوية له
وهي بذلك تفرغ الملحمة الحسينية المذهلة من محتواها المقدس حيث تبقي على الحسين جسدا انسانيا عاديا لم تمنحنا فيه احساسا بعظمة موقفه. فالمشهد الحسيني (تشكيليا) انما هو صراع الألوان وعنف الأشكال وقساوة الخطوط كعناصر بناء اللوحة والتي لعظمة وقدسية الموقف تتعدى حدود الشكل الى ما خلف الشكل . فالحسين انتصر روحا عندما نال حريته بتقديمه جسده (الشكل)شرطا لخلوده . خلود لا يحده مكان ولا اطار .
اللوحة الحسينية المعاصرة لا تتمكن من التعبير عن جلال الموقف وبسالة التحدي بتقليدها للشكل وتمثلها للجسد. ذلك لأن جسد الحسين فني وأعدم. فالفنان التشكيلي الحاذق هو الذي يلج ذلك العالم المهيب المعمد بالدماء بحمرته القانية عبر ضرباة لفرشاة في مساحات معينة وأخرى ضربات خضراء وسوداء في محاولة لتجسيد المعنى اللاشكلي الفاني سعيا لتقديم رؤية قدسية لمعنى الحقيقة المطلقة التي رسم اليها الحسين طريقه .
امام اللوحة الحسينية يقف المتلقي بلا سؤال لعظمة ما يرى. وليس وقفة امام اجساد عادية توحي بأشكال تقليدية. فأمام الخلود يستغرق المشاهد في سرمدية تتسامى فوق الشكل المادي وذلك لايتحقق الا في الأشتغال خارج حدود الشكل الفاني..



#حكمت_مهدي_جبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة التناسبية الجمالية بين الأنسان والأشياء.
- العنصر الصوري (التخلي) في الإبداع الادبي و الفني
- التناص في الفنون التشكيلية (نصب الحرية أنموذجا)
- الفن التشكيلي المعاصر في العراق .تعدد المصادر وأختلاف الأسال ...
- ألأنسان والتجربة الجمالية.
- شخصية كلكامش ..


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت مهدي جبار - نص