احمد ثامر جهاد
الحوار المتمدن-العدد: 956 - 2004 / 9 / 14 - 10:03
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مفاهيم غريبة وجديدة أفرزتها أوضاع ما بعد الحرب في العراق . إرهاب يدعى مقاومة حفاظا على سلامة اللغة من زلل السياسة ، تهديم مجاني ونهب مؤسسات خدمية يلبس ثياب الوطنية الفضفاضة ، عمائم مزيفة تذبح وتقتل باسم الدين . تطرف قومي وعنصري ومذهبي يعشش في أوهام قديمة تقارع جيوش الغرب الجرارة بسيوف من خشب . تلك فوضى أخلاقية وقيمية لا سابق لها في تاريخ المنطقة تلقي بظلالها على المشهد العراقي ، وتعرقل سير أبنائه نحو حياة حرة آمنة .
حينما تضع مشهد حرق أنابيب النفط في مقدمة الصورة وهي تشير بمرارة إلى عصب الثروة المهدورة رديفا عن استهداف عمد لقوت الناس وثمرة كدحهم اليومي ، يتطلب الأمر منك محاولة أخرى لفهم حقيقة الجماعات التي تدعي معارضة السلطة وتقوم بتعذيب المواطنين غير آبهة بشاشات التلفاز ، ولأخرى تجعل من أجهزة الشرطة المحلية هدفا مشروعا لعملياتها المسلحة وتبتسم سرا لساديتها ، ولثالثة ترفع شعارات الإسلام والجهاد ضد المحتل ولا تفرق بين قتل جندي أو استهداف طفل في مدرسة أو امرأة في سوق أو شيخ في مسجد . وباشتقاق المسميات تحت ضغط المقتضيات والتمويهات تتكرر الصورة خالية من أية لمسة إبهار أو جمال أو إنسانية .
لحظة التباس مخيفة يمر بها العراقيون اليوم ، لكن آخر موضاتها تسمى تفجير أنابيب نقل النفط شمالا وجنوبا ، سعيا لإزالته من خارطة البلد ، وكيدا بالمحتل ومعاداة للأجنبي في الصميم . وربما كرها فطريا للمادة الخام ومشتقاتها .
أي منطق يسير هذه المعادلة المختلة من أساسها ؟ يا ترى كيف تقاس المسافة وبأي معيار ، بين إحراق صدام حسين لحقول النفط في معظم حروبه ، وما يجري اليوم باسم عمليات الجهاد الوطني ؟؟
إلى أين يسيل دم هذا النفط المحروق بعد أن يعمي دخانه أعين العراقيين ؟ ولصالح من تبدد هذه الثروة الغبية ؟ إلى متى يمكن لهذه العمليات أن تستمر ، وبماذا ستتذرع دفاعا عن خستها البارعة ؟ ثمة أجوبة شكوكة لأسئلة عراقية لحوحة ، ستطارد شبح عدو يتلبس وجوه الشيطان كلها .
قيل إنها عمليات مدبرة مدفوعة الثمن ، وان أطرافا عدة ، بعضها ظاهر وبعضها خفي ، تتشارك في منفعة إرهاق العراق بدوامة الأزمات والديون والصراعات ، حتى تزهق روحه كمدا . وقيل أيضا إنها عقود تخادم بين بعض جيران العراق لتهشيم بنيته التحتية خوفا من المارد النفطي العملاق إذا ما نهض معافى . قيل وقيل وقيل … ولكن ما لم يقال يعرفه أبناء الشعب المبتلى ، كلما فكروا بسؤال مفخخ مفاده : حرب من هذه ؟
#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟