|
الخمرياتُ الأربع
كمال سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 956 - 2004 / 9 / 14 - 10:01
المحور:
الادب والفن
1 - قَعَديٌّ يُزيّنُ التَّحكيما..
سنةٌ أخرى مضتْ والأرضُ لم تُهْدَمْ ولم تأتِ القيامَةْ سنةٌ أخرى مضتْ يا حَسَبُ الشيخُ ولم تأتِ القيامَةْ ضَحِكَ الخمّارُ في الحانةِ من ظلٍّ على الكرسيِّ أهدانا سلامَهْ قعَديٌّ شاعرُ الخمرَةِ قالْ والندامَةْ والملامَةْ ببَّغاوانِ يُعيدانِ كلامَهْ وأمامَهْ كانت الخمرةُ تبكي كأسَهُ،قلتُ:مِزاجُ الكأسِ كافورٌ وإنْ شئتَ بلا لغوٍ وتأثيمٍ، وقلتُ: اللؤلؤُ المكنونُ:خمّارونَ غِلمانٌ، يطوفونَ علينا الآنَ.. حيّاني وقالْ: آجلٌ ، علمي به رجمٌ من الأخبارِ، أمّا عاجلٌ.. واقتطعَ الخمّارُ من قصَّتِنا ظلاًّ وكأساً يا لَها دهراً..ولم تأتِ القيامَةْ
*القعدية فرقة من الخوارج ترى الخروجَ وتأمرُ به وتقعدُ عنه. يقول أبو نؤاس عن نفسه أمامَ الخمر وكان قد عزفَ مرة عن شربها: كأنّي وما أحسِّنُ منها قَعَديٌ يزيّنُ التحكيما.. *في القصيدة استفادة من الآي القرآنيّ:(إنَّ الأبرارَ يشربونَ من كأسٍ كان مِزاجُها كافوراً)..سورة الدهر،و(يتنازعونَ فيها كأساً لالغوٌ فيها ولا تأثيم * ويطوفُ عليهم غِلمانٌ لهم كأنهم لؤلؤٌ مكنون).. سورة الطور. *ورأيتُ إيثاري اللذاذةَ والهوى وتعجّلي من طيب هذي الدارِ أحرى وأحزمَ من تنظّرِ آجلٍ علمي به رجمٌ من الأخبـارِ (أبو نؤاس)
2- في حُلتي جسمُ فتى ناحلٍ
طالَ هذا الليلُ بل طالَ السَّهَرْ أيها الأعمى، وما المهديُّ بالمهديِّ،ماذا فاعلٌ للموتِ زنديقاً وقد طال السَّهَرْ ؟ يفرحُ الناسُ بموتِ الماجنِ الأعمى غداً، والناسُ يا بشّارُ مهديّونَ قد أذّنَ سكرانَ ، يقولونَ.. وقد شبَّبَ في شعرٍ، يقولونَ.. وما المهديُّ يا بَصْريُّ نسّاءً وقد طالَ السَّهرْ وكأنَّ الهمَّ شخصٌ ماثلٌ وكأنَّ الهمَّ مهديٌّ وقد طالَ السَّهرْ يصرخُ الناسُ غداً: يامفسدُ عندما لا تَجِدُ أحَداً في الحيِّ يَهديكَ إلى الحانِ لكي تبكي زجاجةْ فقدَ الأعمى سُراجَهْ عندما لا تَجِدُ دونما المهديِّ عرّافاً وقد طالَ السَّهرْ
* العنوان من بيتٍ لبشار بن برد : في حلتي جسمُ فتى ناحلٍ لو هبّت الريحُ به طاحا *ثمة ثلاثُ إشاراتٍ لثلاثةِ أبيات من بشار أيضاً: طال هذا الليل بل طال السهر ولقد أعرف ليلي بالقِصرْ وكذلك من القصيدة ذاتها: وكأنَّ الهمَّ شخصٌ ماثلٌ كلما أبصرَهُ النوم نفـرْ وإلى قوله أيضاً: شربتُ زجاجةً وبكيتُ أخرى فراحوا منتشينَ وما انتشيتُ
3- ومَبيتي بلا ضَجيعٍ لدى القرِّ..
قد يُفسدُ الشرّاحُ بيتاً في القصيدةِ ياعليُّ ،فألعنُ الشرّاحَ والأدبَ المُدرَّسَ ، قد يقولُ الناسُ ما قالوا عن الشعراءِ قبلَكَ ،قد تصدّكَ مَرْأةٌ..لكنَّ قلبي يقرأ الأدبَ المشرَّدَ يا صديقي ،قلتَ لي:بغدادُ للأوغادِ، أعرفُ ، والنساءُ..وكلُّ ما يبغيهِ ليلٌ أو نهارٌ..أيها المهمومُ والمشؤومُ تلكَ معيشةٌ ضنْكٌ،وأنتَ تعافُكَ الأحلامُ حتى يا عليُّ ،وأنتَ وحدَكَ في الألمْ لا المالُ عندكَ لا النساءُ،وأنتَ وحدَكَ في النّدمْ بعمامةٍ للصّلعِ أو للشّيبِ، وحدَكَ يا عليُّ، ثلاثةٌ كانوا بنيكَ، وزوجةٌ: ماتوا وها أنَّ الوزيرَ بسُمِّهِ يسعى..وتسعى دولةٌ،بلْ قلتُ عَبْرَةْ حتى كأنَّ الأرضَ لم تَسْمعْكَ تبكي ذاتَ مرّةْ؟ لا تبتئسْ،ليكنَّ في الأحلامِ مثلَ زيارةٍ منحوسةٍ تقضي عليكَ بأجْرَةِ الحمّامِ وليسعَ الوزيرُ بسمِّهِ..لكنَّ قلبي يقرأُ الأدبَ المشرَّدَ يا صديقي..هذهِ خمريّتي ، كأسي سأرفعُها، فهاءَ كتابِيَهْ اِقرأْهُ، قد أوتيتُهُ بشِماليَ ،اِقرأهُ الصّباحَ وفي المساءِ ، بقوَّةٍ ، يَهلِكْ إذنْ سُلطانِيَهْ واقرأهُ واسألْ : منْ عذيري..كلَّ مرّةْ أَوَ قلتُ عَبْرَةْ ؟
*العنوان من بيت لعليٍّ بن الروميّ: ومبيتي بلا ضَجيعٍ لدى القرِّ وللوغدِ شـادنٌ مخضـوبُ ثمة استفادة من بيتٍ آخرَ في القصيدة ذاتها: من عذيري من دولةٍ يديَ المنكوحُ فيها ورجليَ المركوبُ ومن بيتين آخرين، في قصيدة أخرى :
ولقد مُنِعْتُ من المرافـقِ كلّـها حتى مُنِعْتُ مرافقَ الأحلامِ و: طردَ الكرى عني وراغ بحاجتي وقضى عليَّ بأجرةِ الحمـّام في القصيدة استفادةٌ من الآي القرآنيّ ،أيضاً : * (ومن أعرضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنْكاً).. من سورة طه. * (فأمّا من أوتيَ كتابه بيمينه فيقولُ هاؤمُ اقرءوا كتابِيَه) والآيات التي تليها من سورة الحاقة. *وها أنَّ الوزيرَ بسمّه يسعى، وتسعى دولة: عفوُ خاطرٍ يُذكّر، أيضاً بالآية في سورة طه : فألقاها فإذا هيَ حية تسعى. *كتب مرة رسالة إلى القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد الذي سيسمّه في ما بعد يقول (ترفع عن ظلمي إن كنت بريئاً، وتفضل بالعفو إن كنت مسيئاً، فوالله إني لأطالب عفو ذنب لم أجنه، وألتمس الاقالة مما لا أعرفه، لتزداد تطولاً وأزداد تذللاً، وأنا أعيذ حالي عندك بكرمك من واش يكيدها، وأحرسها بوفائك من باغ يحاول إفسادها..إلخ )
4- وأسْمَعَتْ كلماتي من بهِ صَمَمُ
أحمدُ المعصومُ كذّابٌ فلم يحتسِ خمراً غيرَ مرّةْ تحتَ حدِّ السَّيفِ ، مرّةْ أحمدُ المعصومُ منفوخٌ بأمرِ المُلكِ في الكوفةِ والشّامِ، وفي الفيّومِ كانَ الشّاعرُ المعصومُ أضحى لاعباً،لُغْزاً سياسيّاً، وفي مِصْرَ توسَّلْ: قلبُهُ قلبُ مُلوكٍ .. صاحبُ الحَظوَةِ قد قالَ: وإنْ كانَ لساني.. فلماذا الشّعراءْ سكتوا عنهُ على مَرِّ الزمانِ ؟ صاحبُ الحَظْوَةِ معصومٌ وأمّا الشّعراءْ شعراءْ
* العنوانُ صدرُ أحَدِ الأبيات المعروفة للمتنبي. ثمة إشارةٌ واضحة أخرى إلى بيتٍ شعريّ له: وفؤادي من الملوكِ وإنْ كانَ لساني يُرى من الشعراء.
حزيران 2004 هولندا
#كمال_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليقات سياسية
-
ذكرى الهرب من البلاد
-
عن الثقافة
-
رسالة إلى الأستاذ أحمد الجلبي
-
أين فقهاء العراق ؟
-
..إيران
-
يوسف القرضاوي وفتواهُ الجديدة
-
ثلاثاء الكتابة..حيرَةُ الثلاثاء
-
تعليق على قصيدة الطبيعةُ تلعبُ بي لسعدي يوسف
-
الشاعرُ وأصدقاؤه
-
الصَّوتُ الشِّعريّ
-
المَجْزَرَةْ
-
موتُ سبتي الشيخُ ابراهيم
-
خمريات.. 2- في حُلَّتي جسمُ فتىً ناحلٍ
-
كلمات إلى مقتدى الصدر
-
حتى يعرف أدونيس..
-
الطريق إلى الحرب.. والإعلام العربي
-
أخاف على شعبي من الإحتلال والمقاومة
-
أميريكا والبعث
-
تحية إلى الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الناصرية
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|