أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - غير قابل للتطور














المزيد.....

غير قابل للتطور


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3173 - 2010 / 11 / 2 - 17:34
المحور: كتابات ساخرة
    


في واحد صاحب محل عصير بعرفه من 15 سنه تقريبا ومحله ما زال كما رأيته أول مرة لم يتغير به أي شيء وصاحب المحل يدرك بفطرته السليمة بأن أي عملية تغيير على محله التجاري سوف تجعل الزبائن يهربون منه لذلك هو لا يقوم بتغيير أي شيء في محله , ولكن لا يعلم هذه المعلومة كل أصحاب المحلات التجارية فغالبيتهم يطورون محالهم التجارية احتراما لزبائنهم ورغبة منهم للظهور بمظهر جميل أمام الزبائن ولكن الخسارة وليس الكسب الزائد تكون هي النتيجة غير المتوقعة .
وما الذي سيحدث للسمك إذا أخرجناه من البحر ؟.

حتما سيموت.
وكذلك بعض الناس إذا خرجوا من موطنهم يموتون.

بعض أصحاب المحال التجارية لا يريدون إخراج السمك من البحر ولكنهم يريدون تطوير ديكورات محالهم التجارية بهدف خدمة الزبائن وراحتهم ولكنهم لا يعلمون بأنهم يخسرون زبائنهم في كل عملية تحديث أو تطوير بحيث يصبح تطويرها بالنسبة للزبائن خروجا للسمك من البحر فتموت المصلحة وصاحب المصلحة وينتهي كل شيء وينقرض.

وليست المحال التجارية وحدها التي تغلبُ عليها هذه الصفة فحتى النساء وطبيعتهن تكاد أن تغلب عليهن هذه الظاهرة, فبعض النساء يفقدن كثيرا من جمالهن إذا قمن بتطويرات شكلية على مظهرهن , وكذلك الكتاب والمبدعون الذين يغيرون من أفكارهم أو تخصصاتهم فتظهر كتاباتهم مشوهة وغير جميلة ورديئة, كالمطرب الشعبي إذا غنى مثلا (أوبرا عايده) فإنه حتما سيرجم بالبندورة وبالبيض وهو على خشبة المسرح, أو أن نحضر فنانا شعبيا من حفلات الأعراس ليقدم لنا عزفا منفردا لإحدى السمفونيات العالمية.

إن تغيير المظهر قاعدة عامة من قواعد التطوير والتحديث ولكن ليس كل شيء نقوم بتحديثه تكون نتائجه إيجابية فهنالك أشياء كثيرة تأتي على أصحابها بنتائج عكسية سلبية فهنالك أشياء تموت فور تحديثنا لها... إن كل شيء في هذا الزمان قابل للتطوير ما عدى بعض المحلات التي صفتها شعبية أو فلكلورية فهي على مر الزمان تصبح إحدى معالم البلد أو إحدى أهم مواقع التنزه الشعبية, مثل بعض المطاعم ,هذا المطعم الذي إذا ما قامَ أحدٌ بتطويره فإنه حتما سيفقد كثيرا من رواده وزبائنه, وهذه الظاهرة ليست في عمان وحدها بل في معظم أرجاء العالم بحيث توجد في أي مدينة بالعالم محال تجارية وخصوصا المطاعم التي يبدو أنها جميلة ومربحة على نفس الوضع الذي هي به وأي محاوله لتطويرها فإنها حتما ستتغير من الناحية الشكلية إلى الناحية الشكلية الأخرى الأكثر رونقا وجمالا ولكن المدهش في الموضوع أنها ستخسر كثيرا من قيمتها المعنوية ,وهنا سيبدو أن الناحية الشكلية القديمة هي الأكثر جمالا ,وهنالك مادة في قانون تنظيم المدن والقرى تنص على أن)القديم قائم على قِدَمِهِ وأن المخالفة لا تتكرر مرتين ودفع الضرر أفضل من جلب المصالح).

جيد جدا أن نرى الشوارع تتطور وتتسع وأن نرى القرى مدناً كبيرة والمدن الكبيرة مدنا صناعية والمخزن الصغير مصنعا كبيرا والمرفأ المتواضع مطارا كبيرا ومع كل هذا ومع دعوتنا للتطور وحبنا له غير أن هنالك أشياء إذا تطورت فإنها حتماً ستموت وتنقرض فهي لا تتطور إلا إلى الموت نفسه أو النسيان أو أن نكرهها بشكلها الجديد.

هذه ظاهرة التفتُ إليها اليوم حين دخلت مطعما شعبيا أحب أن اشتري منه طعاما سفرياً ,وإن كنتُ جائعا جداً فإنني لا أصبر على الطعام ألسفري لكي أصل البيت وآكله لذلك في مثل تلك الحالة فإنني أفضل أن آكل على إحدى الطاولات التي به واليوم بالذات دخلته لآكل به فلم أجد أزمة الناس التي اعتدتها وكأنهم قد هربوا منه إلى مكانٍ آخر ,ورأيت المطعم قد تطور به كل شيء إلى الأجمل وخصوصا الأرضية التي أصبحت نظيفة جدا بعد تغيير بلاطها القديم واستبداله بالسيراميك الناعم جدا والذي يلمع ,وكذلك استبدلَ صاحبه الطاولات القديمة بطاولات جديدة وفخرة وغالية الثمن احتراما لزبائنه ,وهذا في الحقيقة فضل يشكرُ عليه ولكن الناس لا تريده بشكله الجديد إنهم يريدونه كما كان وكما عرفوه على بساطته ,واستبدل صاحب المطعم مقاعد الخشب القديمة بمقاعد مُنجدة تنجيدا فاخرا بحيث أنني أستطع أن أسند ظهري للوراء وأن آكل وأنا مرتاح حتى الجدران والسقف عمل لها (فور سيلنق) وكل شيء جعله صاحب المطعم على سنقة عشره ,ولكن الزبائن هربوا جميعهم لأن الطعام في المطعم كان جميلا على ما هو عليه بطاولاته الخشبية الصغيرة ومقاعده الخشبية الصغيرة جدا وجدرانه المهترئة وسقفه العادي جدا الذي كان يخلو من أعمال الديكورات ,وكان جميلا بالأرضية المتسخة جدا والممتلئة بالزيت , إن هنالك أشياء في مجتمعاتنا جميلة جدا على طبعها وإذا مستها يدٌ تريد تطويرها فإنها تنقرض للأبد, وهي تشبه عملية خروج السمك من البحر.
وفي عمان مثلا دائما ما أذهب إلى وسط البلد بجانب إحدى دور النشر ومكتبة أبو علي حيث تقف الناس في الشارع يأكلون الكنافة وهم وقوف من غير أن يجلسوا وأنا فعلا أحب هذا المشهد وهذا النوع من الأكل وقلت مرة لصاحب المطعم: صدقني إذا قمتَ أنتَ بتوسيع المطعم فلن يدخله أي زبون ليأكلوا الكنافة وهم جلوس لأنهم وأنا واحد منهم أحببناها هكذا ونحن وقوف وأنت علم بارز من أعلام البلد ونجم من نجومه الاستعراضية فإذا قمت بتطوير المطعم فصدقني لن يدخل إليه أحد.
وكلنا يعرف في عمان مطعم هاشم , ذلك المطعم الذي إذا دخلته فإنك حتما ستواجه مقاعد خشبية قديمة وطاولات قديمة وهذا هو سر الجمال في المطعم ولو أقام له صاحبة مشروعا تطويريا فلن يدخله أحد لأن الناس اعتادت على جماله بهذه الصورة وعلى على أسس فاخرة من الديكورات .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستطيع الإرضاع
- يا ديّان
- أكلت نصيبي
- سرقوا نظارتي
- أنا المستفيد من تخلف المرأة
- هزي يا نواعم
- وسام الحمير من الدرجة الأولى
- أمي توصيني على الحكومه
- متى سنصبح مثل العالم والناس؟
- الحلم الوردي
- المرأة هي المجتمع المدني
- أول إنجيلٍ قرأته
- علي بابا والأربعين حرامي
- مشغول جدا
- ارضاع الكبير
- أحلمُ بالتغيير
- أدعية شرانية
- أطالب بعودة الاستعمار
- الحاكم والجلاد
- احتفظ بنصائحك لنفسك


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - غير قابل للتطور