|
( المسلمون يقتلون أبناءهم، الذين من صلبهم)!
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 3171 - 2010 / 10 / 31 - 15:17
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
( المسلمون يقتلون أولادهم ، الذين من صلبهم)! إلى ضحايا" جرائم الشرف" بمناسبة يومهن العالمي هذه العبارة وردت على لسان مواطن أمريكي لم يكن يعرف الإسلام قبل الحادي عشر من أيلول.. في بحث نشرته مجلة" التايم الأمريكية" في 30/8 2010 عندما طرحت موضوعها الرئيس " هل لدى الأمريكي إسلاموفويسا؟"، وذلك بعد أن أثارت قضية اعتزام الجالية المسلمة في أمريكا إنشاء " المركز الإسلامي 51" في المنطقة صفر الأقرب من مكان أحداث انهيار برجي " وورلد تريدسنتر" في الحادي عشر من أيلول 2001, حفيظة المجتمع الأمريكي. لست هنا بمعرض الدفاع عن السياسة الأمريكية الخارجية، ولا تحليل سياستها الداخلية، كما لا أطرح هذه العبارة كون رأي المجتمع الأمريكي هو الأهم بالنسبة لي، لكنها حركت لدي ساكناً ونحن نعبر اليوم العالمي لما اصطلح على تسميته ب" جرائم الشرف" ناهيك عما جاء من عبارات أخرى في البحث نفسه، أشد وطأة وألماً عند مجتمع متعدد الألوان والأعراق كالمجتمع الأمريكي، وحري بنا أن نطرحه كسؤال على أنفسنا ، هل حقاً يقتل المسلم أبناءه؟، أليس صحيحاً أننا نمارس قتل الأبناء بدم بارد؟! . عندما تمتد يد الأب أو الأخ لذبح الابنة كما تذبح الشاة..ويضحى بها إنقاذاً لما يعتبره " شرفاً أصيب بالعطب" وكي ينجو هذا الشرف من عاره وتعود له كرامته المهدورة يجب أن تقدم له أضحية..أوقرباناً ...ولا يقع الاختيار إلا على قربان أنثوي ... الابنة!... الزوجة أو الأخت..المهم الأنثى " التي عطبت الشرف وهدرت الكرامة!، وعندما يكون من اقترف إثم الشرف هذا، الابن أو الزوج أو الأب...فلن ينظر للأمر بنفس المنظار، وإنما تحاول الأسرة الكبيرة أو العشيرة أن تعتبر الأمر مجرد نزوة رجولة يجب أن يتم تلافيها بأي ثمن..لأن " الرجل لايُعاب" وهفواته أو غزواته مغفور لها ..ولا تهدر الكرامة أو تؤذي الشرف..حتى لو كانت الضحية ابنة العائلة نفسها..أي من محارمه..فالعقوبة تقع دائماً عليها، والاقتصاص لانقاذ الشرف ليس من الفاعل وإنما من ضحيته ..هي الجانية على نفسها..كونها...قبل كل شيء أنثى في عالم يصنفها في مرتبة دونية..لاتختلف عن مرتبة خروف العيد. تتلاشى أمام رايات الشرف كل معاني الأبوة، وتنهار كل علاقات الدم وروابط المحبة والأسرة..لايلوح أمام وجه القاتل سوى معنى واحد يتجه نحوه وكأنه الهدف المنشود والمنقذ له من عار سيتلظى بناره ويغوص في أوحاله مدى عمره...لايرى في سلوكه كقاتل أي ضير..تموت الأحاسيس الإنسانية وتستيقظ وتسيطر عليه رغبة واحدة، لأن رأسه محشوا بكل تخاريف التقليد الأعمى أو الدين المتلبس به كجلده ...فقط في مثل هذه الحالة، بينما يتخلى عنها ويجد لها كل المبررات في حالات أخرى تفوق في غرابتها وعصيانها للإله وحكمته..أو للآيات ونصوصها...وإصراره الايماني على تطبيقها ..فقط.. حين يتعلق الأمر بجسد أنثى..تخصه وتتبع أملاكه!. نعم ،علينا أن نعترف أمام العالم أجمع أننا قتلة أبناءنا...أننا أمة لاتعرف الفرق بين قتل عدو أو ابن..لأن الابن ينتقل من خانة البنوة إلى خانة العداوة بلمحة البصر، في حالتين:ــ الأولى:ــ...حالة الأنثى التي تحمل وأدها منذ أن دبت على الأرض، وأنها ستسجل يوماً في خانة القتلى..هكذا سيختار لها مصير القتل على يد من غنى لها وحملها وحضنها، وتغنى بتدليلها..وابنتهج لنجاحها أو لجمالها..هذا نفسه من سينتقل أيضاً بلمحة البصر من خانة الأبوة أو الأخوة إلى خانة ..قاتل...لايشعر بطعم الحياة ولا بقيمتها..يعتقد أنه ينتصر على ضعفه لأن الأبوة والأخوة...تصبح ضعفاً...لأن المحبة ضعفاً....ولأن القتل في تراثه وثقافته...قوة ورجولة وشرفاً ..لاتصونه سوى دماء الضحايا... ينسى الصلوات الخمس، ينسى الأشهر الحرم ... يسهو عن مد اليد إلى جيوب اليتامى والمساكين...يسهو عن انصاف الضعيف...يكرم اللئيم ، ويعفو عمن يسطو على زرعه وضرعه وأرضه..ولا يحس أن كرامته تهان!!، يحني الرأس لمن سلب حقه في الحرية وحقه كإنسان في التعبير والاختيار...ولا يرى في هذا جرماً أو ظلماً أو هدراً لكرامته!...لاينتصر لنفسه ولا لجاره...ولا لأخيه في الوطن...لكن سكينه تُشحذ ونصلها يُسحب من غمده...ويغرزها عن عمد وقصد وسابق إصرار وتصميم...من أجل قتل روحٍ أحبها ..من أجل ابنة منحها اسماً...منحها كل ماتحمل من صفات .. الآن ينتصر....للقتل ...لمجرد أن يحمل صفة قاتل...قاتل أولاده!! يرسل بابنته إلى الموت...لأنها دخلت باباً حرام عليها...ممنوع أن تعرف ماوراءه ..ممنوع أن تكتشف مايخفيه ومايعنيه...لايحق لها أن تذهب وراء مايريده جسدها...لايحق لها أن تتصور أنه ملكها...إنها مسلوبة من كل الأملاك...موجودة ...مواطنة بشروط.. شروط عبودية القانون، وعبودية المجتمع الذكوري، وعبودية النص الديني...فأينما اتجهت ...ستجد الممنوعات تقف حائلا أمامها...إن تزوجت أم لم تتزوج ..ترسل إلى الجحيم في الحياة عندما يختارون لها إلى أي بيت تُباع..وأي الرجال عليها أن تطيع وفي محراب رضاه تتعبد ترسل إلى جحيم الموت لو خرقت نصوص الموانع المتعددة.....بعضها يتم تلقينه إليها صغيرة على يدي أم ممن سممت عقولهن ثقافة الموت والشرف!!! وبعضها الآخر في المدرسة وعلى يدي معلمة تمسك بالمقص لتقطع لسانها لو تفوهت بكلمة حب...أو اصطادت رسالة غرام في حقيبتها...فترسلها إلى جحيم الأب...أو جحيم المراقبة الدائمة، والمفضية في النهاية إما إلى محاولة الهرب من موت محدق...أو ترسل إليه بقدمي معلمة الأجيال ومربية المستقبل...مجرد شبهة يمكن أن تفضي للموت...وكم من ضحايا تحت اسم الشرف..قتلن وقتلت معهن أسرار الفاعل القاتل...لأن الثمن أرخص عندما يكون رأس أنثى! وفي الحالة الثانية:ــ عندما تقتنص المنابر والعنابر المعدة لغسل أدمغة أبناء الفقراء والمحرومين ، فتحبب لهم الموت...وتعدهم بجنات عدن وحواريها الحسان بانتظار قدومه ...فيسرع مهرولاً...نحو نَحر روحه...وتزغرد الأمهات...لأن الجنة لاتنتظر سوى من يحبون الموت!..نطلق عليهم تسمية شهداء!...لا أدري من هو الشهيد الحقيقي...كل الأوطان عندها شهداؤها...ولنا شهداؤنا ممن قضوا في سبيل التحرير بحروب ضد من استباح أرضاً وعرضاً....لكن تفجير الذات...في حافلة تنقل من يؤمن بالله ...وتفجير مساكن وبيوت آمنة ومدارس أطفال...لم أجد لها وجوداً في أي حديث أو آية ، فبأي خانة من خانات الشهداء يمكننا تسجيلهم؟ مَن أمر برجم سكينة أشتياني حتى الموت رغم سياط الجلد ، التي تعرضت لها ...لا أدري على أي قانون وتشريع استند ومن هم شهود الحق في الزنا المعد للايقاع بها؟ رتلوا وأطيلوا صلواتكم واهتموا جيداً بإلغاء المرايا من حجرات نومكم...كي لاترون جيداً أياديكم الملطخة بالدماء...وكي لاتشاهدوا وجه الضحية تقف خلفكم...اعتمدوا على أن " الله غفور رحيم" وأكثروا من الدعوات والحج والتبرك بكل الكائنات المحشوة بخصال الأنبياء نهاراً والمزروعة في كوابيسكم ليلاً...فقد تمكنت من انحرافكم...وتمكنت من سرقة مابقي لديكم من عقل يعمل دون بطاريات شمسية أو الكترونية أو ليزرية ، أفقدتكم كل قدراتكم الإنسانية..فأصبحتم أسرى وعبيداً لقوانين جهلة يدَّعون النبوة...يخطبون بكم وبأبنائكم...كي لاتعرفوا سوى دروب الموت..لأن المكافآت تنتظركم عندما تخطو أقدامكم نحو عتبة الموت...إما انتحاراً تفجيرياً..أو نحراً شرفياً!!. لم أعرف عبر التاريخ أمة تباهي بالجريمة كأمتنا، ولا شعوباً تقدس الموت كما نفعل، ولا قوانين تحمي القتلة وتبرر لهم جرائمهم كما هي الحال في قوانيننا المعمول بها في القرن الواحد والعشرين، وهذه هي النقطة الأهم، التي يجب أن نركز عليها ونعمل معاً رجالاً ونساء ضد الجريمة وضد قوانين عقوبات تحمي المجرم..هذه القوانين عبارة عن شِراك تقودنا لحماية أنظمة استبدادية لاهي بالعلمانية ولا بالدينية،وأي سياسة أو حزب يغفل حق المرأة في حياة كريمة..ولايقف معها في صراعها الحضاري ضد قتلها..وضد قوانين أحوال شخصية تحمي القتلة..وتزرع التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، في اعتقادي أنها ستبقى محدودة وبعيدة عن نصف المجتمع وأساس حياته واستمراره أي المرأة، كما علينا أن نركز على هيئات المجتمع المدني ونفعل دورها في حياة الانسان المواطن وتثقيفه ليحب الحياة له ولأهله ولوطنه، دون تمييز على أساس الجنس أو المذهب أو العرق ..بل على أساس المواطنة والمواطنة فقط. ـــ باريس31/10/2010.
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يقول الجيل الثاني في المنفى؟!
-
من حديقة - مارون الراس- إلى - حديقة إيران - دُر.
-
حرية الفرد( المواطن السوري)!.
-
قناديل طل الملوحي ومعاول البعض
-
الحكاية ، حكاية صراع وجود وبقاء
-
سيدا- آيدز- أو - نقص المناعة- الوطنية السورية
-
الحب = العهر = الموت !
-
الوجوه المتعددة لانتصارات الإسلام الاجتماعي والسياسي الجديد!
-
هل يمكن الغفران؟
-
اعتراف واعتراض موجه للمعارضةالسورية
-
حساسية
-
حجاب، نقاب، جلباب، تشادور، برقع، بوركة، قناع، ملاية...!
-
مَن سيدفع ثمن الحرب القادمة، وأين ستقع؟
-
ذئاب تشن حرباً على الكلام
-
جنتهم ونارنا!
-
حكاية المارستان والأسوياء الأحرار
-
الثالوث المقدس عند العرب، الذي يدفعهم لاستخدام العنف والقتل
...
-
لعبة الكشاتبين الثلاث في الشرق الأوسط ، كشتبان فارسي، كشتبان
...
-
لا ... ثم لا ياكويت لاتكوني سوريا ثانية
-
سياسة الوقاية أم سياسة العلاج المتأخر؟
المزيد.....
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|