أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - نسخ نظام الحكم المصري في السودان














المزيد.....

نسخ نظام الحكم المصري في السودان


بابكر عباس الأمين

الحوار المتمدن-العدد: 3171 - 2010 / 10 / 31 - 09:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



لقد ثبت خلال تجربة حكم التتار المريرة زيف الإدعاء الذي كان يرددونه بأن برنامجهم هو تطبيق شرع الله, بحيث أنهم كفوا عن ترديد هذا الشعار منذ حيناً من الدهر, كأنهم قد أدركوا أن هذه العبارة أصحبت تثير الغثيان لشعب السودان, بعد أن طبَّقوا فيه شريعة الطاغوت باسم شرع الله. كل مافي الأمر هو الحكم من أجل إشباع شهوة السلطة والتمتع بالإمتيازات والمخصصات وإحتكار ثروة الأمة, بحيث أن بعض الحركات الإسلامية, كحركة الأخوان المسلمين الأردنية, قد أبدت استياءها وسخطها منهم في تقرير منشور, عزت سبب فشلهم إلي إدمان السلطة.

أدرك المحافظون الجدد أن خير وسيلة للحفاظ علي عرش مملكتهم هو نسخ تجربة الحكم المصري في السودان, رغم أن هذا النبت لا يصلح غرسه في تلك الأرض, كما الشجرة الخبيثة. وأهم ما تم نقله من الحكم المصري هو الإمبراطورية الهائلة التي يرتكز عليها النظام المصري والتي تُسمي المخابرات, التي أسسها عبدالناصر ورسخها ووسعها خلفيه. وكرصيفتها المصرية, فقد أُنشِئت المخابرات السودانية بحيث خلقت طبقة جديدة تتمتع بمخصصات شتي, وتدرك أن زوال النظام يعني نهاية مصالحها, وبالتالي ستستميت في الدفاع عنه. كما تم إنشاء وحدة مشتركة بين مخابرات النظامين ترفع تقاريها الأمنية للقيادة مباشرة. وكانت هذه الوحدة هي التي مرَّرت من خلالها المخابرات المصرية معلومة أن صلاح قوش, مدير المخابرات السابق أصبح أمريكي الهوي, مما تسبب في إقالته من منصبه.

وقد تجاوزت أهمية امبراطورية الأمن والمخابرات السودانية رصيفتها المصرية من حيث أنها فاقت أهمية الجيش السوداني, ويضمن النظام ولاءها أكثر من الجيش, رغم التطهير والتصفية التي حدثت في القوات المسلحة. وقد تجلت هذه الحقيقة خلال هجوم حركة العدل والمساواة علي أم درمان عام 2008, حين اُوكِلت مهة صد الهجوم والدفاع عن العاصمة علي جهاز الأمن والمخابرات بدلاً عن الجيش. وقامت قيادة النظام بإبعاد الجيش عن هذه العملية لأنها كانت تخشي انشقاقه - في حالة توسع الهجوم ووصول إمدادات - مما قد يؤدي إلي نهاية مملكة المحافظين الجدد.

ولم يتم نقل نظام المخابرات المصرية كجهاز هيكلي فقط إنما نُقلت أيضاً ممارساته القمعية علي المواطن, بحيث أن الجيل الذي عاش جل سنيه في عهد التتار أصبح مكسوراً خائفاً يترقب. وغني عن البيان أن مهمة جهاز الأمن والمخابرات السوداني هي مراقبة المواطن والحفاظ علي النظام وأركانه, وليس لديها زراع مختص بالأمن القومي للبلاد. وهذا ما ثبت خلال هجوم حركة العدل والمساواة, لأن قواتها لم تصل العاصمة بطائرات لها مقدرة علي تشويش أجهزة الرادار, ولم تقطع الطريق من الغرب عبر منطقة تسودها الأحراش والأدغال. أجهزة تنصت بدائية تستطيع رصد مثل هذا التحرك.

الأمر الثاني الذي تم نقله بخذافيره من الشقيقة مصر هو مسرحية الانتخابات سيئة الإخراج, والتي يكاد نقلها أن يكون قد تم حتي بالنسبة المئوية التي يحصل عليها الرئيس في شمال الحدود. ولو قُدِر لنظام الخرطوم أن يستمر لعقود قادمة, فستكرر هذه المسرحية في السودان بنفس التكرار المصري السخيف الذي ظل يتواصل بنفس الموال منذ أن بدأ النظام المصري تجربة الإنتخابات. وحتي اسم الحزب الحاكم في الخرطوم تم اقتباسه من مثله الأعلي في شمال الوادي. والحقيقة أن المسألة ليست نقل تجربة نظام حكم فقط, بل تبعتها أيضاً الإمتثال لتعاليم النظام المصري بل والانبطاح له, كالتنازل عن سيادة حلايب وتسليمه إسلاميين مطلوبين من قِبله. وما أبشع الإنبطاح لنظام منبطح لإسرائيل بأكثر مما توقع الكيان الصهيوني, ببيع الغاز الطبيعي له بأقل من السعر العالمي, وبناء جدار رفح لإحكام الخناق علي فلسطينيي غزة.

كان يمكن نقل تجربة الأشقاء المصريين دون انبطاح, لأن هناك تجارب مماثلة في العالم فيها نقل تجارب حكم باستقلالية كالأحزاب الشيوعية التي كانت مستقلة من موسكو, وأحياناً بعداء كنظام حزب البعث في كل من سوريا والعراق. ولو كان هذا النظام منطلق من أيدلوجية إسلامية - كما يدعي - لأدان رفض النظام المصري لمرور الدواء والغذاء والكساء لغزة أثناء الحرب الأخيرة (عملية الرصاص المسكوب) عام 2009. ولو كان إسلامي لأدان بناء جدار رفح, لأن حكومة غزة لا تنطلق من نفس الأيدلوجية التي تنطلق منها الحركة الشعبية لتحرير السودان.

أمر مخزي آخر بدر من المحافظين الجدد لإرضاء النظام المصري هو التعاطي مع المجزرة التي ارتكبتها سلطات الأمن المصرية حيال السودانيين المعتصمين في القاهرة عام 2005, والتي قُتل فيها أكثر من عشرين منهم. تطوع حينها المستشار الرئاسي السوداني محجوب فضل, مباركاً لتلك المجزرة, قائلاً: (إن الحكومة المصرية كانت صاحبة حق في اعادة سيطرتها على المكان). وإن إتفقنا مع النظام للحظة في أنهم لاجيئن أو معارضين غير مرغوب فيهم, فقد كان من الحكمة الصمت بدلاً عن مباركة سفك الدماء. وبينما تبجَّح وزير الإعلام كمال عبيد قائلاً أن الجنوبيين لن يبيعوا ويشتروا أو يتعالجوا بعد الانفصال, فإن نظامه يسمح للمصريين بأكثر من ذلك وهو شراء أراضي مشروع الجزيرة, الذي أصبح جزءاً من القومية والهوية السودانية.

لقد كان تفاني المحافظين الجدد في نقل الرديء من حلفائهم المصريين وترك المفيد الذي ساهم في قبولهم نسبياً في الشارع المصري, وهو أن النظام المصري مازال يوفر خدمات اجتماعية مدعومة كالصحة والتعليم. وبينما تساهم الدولة المصرية في رفع المعاناة عن الفقراء من خلال توفير سلع إستهلاكية مدعومة من خلال نظام الجمعيات الإستهلاكية, فإن وزير مالية التتار قد بشَّر شعبه بمزيد من الجوع بعد الانفصال مطالبه بالعودة للعواسة وأكل الدخن .



#بابكر_عباس_الأمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستهداف الصهيوغربي للعراق
- تناقض تصريحات نائب الرئيس السوداني في واشنطن
- نزع حكومة السودان لأراضي شرق النيل
- (جحود وتطاول) السودان علي ليبيا
- عن فتوي رضاعة الكبير
- الحل لمِحنة مسلمي أوربا
- شعب عِملاق يتقدَّمه أقزام
- النفوذ السياسي للشركات متعددة الجنسيات
- نقد ثورة يوليو المصرية
- الصادق المهدي يكرر آراءه العنصرية
- الصادق المهدي يؤجج النعرات العنصرية والدينية في السودان
- عن إنسحاب مرشح الحزب الإتحادي لصالح مرشح الحزب الحاكم في الس ...
- غطرسة إسرائيلية مع غطاء أمريكي
- الرئيس السوداني يحمِّل الأحزاب مسؤولية تعطيل الديمقراطية 20 ...
- هيروشيما ونجازاكي
- الآثار الصحية الضارة لختان الإناث
- إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان
- التدخل الأمريكي في فيتنام 1954-1975
- تفادي القضية الفلسطينية في خطاب حالة الإتحاد لأُوباما
- دور أمريكا في نشأة طالبان والقاعدة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - نسخ نظام الحكم المصري في السودان